يرى مختصان في الشأن الإسرائيلي أن مستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بات يواجه تهديدًا وخطرًا حقيقيًا، كما أن وجوده على رأس حزب "الليكود" أصبح يشكل خسارة لليمين الإسرائيلي، بعد قرار المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية أفيحاي مندلبليت توجيه لوائح اتهام ضده بالفساد.

ويشير المختصان في حديث لوكالة "صفا" إلى أن توجيه لوائح اتهام ضد نتنياهو شكل صدمة وصاعقة كبيرة عليه، كونها قد تتسبب بخسارته في الانتخابات الإسرائيلية المقبلة، والتي ستجري الشهر المقبل، خاصة في ظل التحديات الصعبة التي تواجهه بعد تصدر تحالف حزبي بيني غانتس ويائير لبيد، استطلاعات الرأي متقدمًا على "الليكود".

وأعلن المستشار القضائي أفيحاي مندلبليت توجيه لائحة اتهام ضد نتنياهو في قضايا تلقي رشوة والاحتيال وخيانة الأمانة ريثما تعقد جلسة استماع.

وقال مندلبليت إنه أبلغ محامي نتنياهو قراره بتوجيه "عدة تهم جنائية ارتكبت خلال فترة توليه منصب رئيس الوزراء ومنصب وزير الاتصالات، في الملفات المعروفة باسم ملف 1000 وملف 2000 وملف 4000"، مبينًا أن القرار النهائي حول تقديم نتنياهو للمحاكمة سيتم اتخاذه في أعقاب جلسة مسائلة ستعقد بوجوده قريبًا.

لكن نتنياهو اعتبر الاتهام الموجه ضده بالفساد والرشوة وخيانة الأمانة العامة مدبر من قبل "اليسار" للتأثير على الانتخابات المقبلة، قائلًا إن "التهم الموجهة إليه هي مؤامرات سخيفة ستتلاشى، وإن الإعلام واليسار والقضاء في إسرائيل ضغطوا من أجل تقديم لائحة اتهام ضدي قبل الانتخابات".

وترى أوساط سياسية وحزبية إسرائيلية أن توقيت الإعلان سيكون له تأثير كبير على مستقبل الانتخابات الإسرائيلية.

وسبق لنتنياهو أن طالب بتأجيل جلسة المساءلة وتقديم لائحة الاتهام إلى ما بعد الانتخابات، إلا أن مقربين من المستشار القضائي كشفوا عن نيته الإعلان عن محاكمة نتنياهو وتقديم لائحة اتهام قبيل موعد الانتخابات.

صاعقة كبيرة

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية عدنان أبو عامر أن توجيه لائحة اتهام ضد نتنياهو شكل صاعقة عليه خصوصًا، حيث أبدى معسكر اليمين خشيته من هذا التطور القضائي، لأنه قد يتسبب بخسارة الانتخابات المقبلة.

ويقول إن "شركاء نتنياهو في الائتلاف الحكومي أبدوا اعتقادهم أنه لا يزال بريئًا كأي إسرائيلي، وأن الجهة الوحيدة المخولة بتحديد إذا كان متهمًا أو بريئًا هي المحكمة، لأن تقديم لائحة الاتهام ليس حكمًا، وبالتالي يمكنه التنافس على رئاسة الحكومة كأي مرشح آخر".

ووفق أبو عامر، فإن "نتنياهو بات حاليًا أمام عدة خيارات فإما الاستقالة أو الإقالة أو أن يبقى يُصارع البقاء حتى النهاية، فهناك أسباب كثيرة لبقائه بالاستعانة بالمحاميين وإمكانية استكمال الإجراءات القانونية بحق لوائح الاتهام الموجهة ضده".

وبعد الإعلان عن توجيه لوائح اتهام ضد نتنياهو، أظهر أحدث استطلاع رأي للشارع الإسرائيلي نشر الليلة الماضية أن نتنياهو وللمرة الأولى لن يستطيع تشكيل ائتلاف حكومي.

ويستدل من الاستطلاع الذي أجرته قناة (كان11) الإخبارية أن حزب "كاحول لفان" سيحصل على 37 مقعدًا، فيمًا يحصد "الليكود" على 29 مقعدًا، في حين تحصل أحزاب "هيمين هحداش"، و"يهدوت هتوراة" وتحالف الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والعربية للتغيير كل منها على سبعة مقاعد.

وهنا يوضح أبو عامر أن استطلاعات الرأي الإسرائيلية بدأت تقيس مزاج الجمهور، فجاءت النتائج بما لا يهواها نتنياهو، حيث أبدت أغلبية تعادل 55% من الإسرائيليين اعتقادها بأنه فاسد.

فيما حقق تحالف "أزرق-أبيض" قفزة في استطلاعات الرأي بحصوله على 37 مقعدًا من إجمالي 120 في الكنيست، مقابل 25 مقعدًا فقط لحزب "الليكود".

ويضيف أبو عامر "لذلك فإن نتنياهو بات يصارع فعليًا على البقاء، خاصة بعد أن باتت أحزاب خصومه تشكل تهديدًا جديًا لمقعده رئيسًا للحكومة لأربع ولايات رئاسية، لأنه وقع في شر أعماله من الفساد الذي يهدم الدول ويهز الكيانات ويهدم الحصون من داخلها، ولم يكن نتنياهو بمعزل عن تحقق هذه القاعدة التاريخية السياسية".

ورغم قرار توجيه لوائح اتهام ضدّه، إلا أن أحزاب يمينية إسرائيلية جديدة، أعلنت تأييدها لنتنياهو، حيث نقلت وسائل اعلام عبرية عن حزبي "شاس" و"يهدوت هتوراة" المُتدينان، دعمهما لنتنياهو، بالإضافة إلى وزير الجيش السابق أفيغدور ليبرمان الذي يتزعم حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني المتطرف.

وتوقع مراقبون إسرائيليون أن تمهد لوائح اتهام نتنياهو إلى عدم تمكن الأحزاب الإسرائيلية من تشكيل حكومة بعد الانتخابات.

وبحسب هؤلاء المراقبين، فإن سيناريو الرعب الذي يخشاه نتنياهو يتمثل في عدم تمكنه من تشكيل الحكومة القادمة حتى في حال حصلت أحزاب اليمين على الأغلبية المطلقة من مقاعد الكنيست.

صراع داخلي

ويرى المختص في الشؤون الإسرائيلية ناجي البطة أن توجيه لوائح الاتهام قد تقود إلى صراع داخل تكتل حزب "الليكود" على أحقية أن يبقى نتنياهو أو يدخل منافس آخر لزعامة الحزب.

ويضيف البطة في حديثه لوكالة "صفا" أن نشر الاتهامات ضد نتنياهو سوف تؤدي إلى تأجيج الصراع داخل "الليكود"، ومن الممكن أن يؤدي هذا الصراع إلى رفع أسهم منافسه جدعون ساعر على حساب مؤيديه إسرائيل كاتس، وغلعاد أردان.

ويشير إلى أن كل استطلاعات الرأي التي أعقبت تقديم لوائح الاتهام تشير إلى تراجع تكتل "الليكود" بشكل خاص واليمين المتطرف بشكل عام.

ولذلك، يعتقد البطة أن نتنياهو لن يستطيع أن يشكل ائتلافًا حكوميًا، وهذا من الممكن أن يدفع تحالف غانتس ولبيد إلى تشكيل الحكومة في المرحلة القادمة بالتعاون مع أحزاب يهودية أخرى.

ويرى أن وجود نتنياهو على رأس "الليكود" سيستنزف الحزب، وسيكون وجوده خاسر لليمين الإسرائيلي، كونه أصبح ورقة خاسرة في الحزب، لذلك أعتقد أن مستقبل نتنياهو السياسي قد انتهى.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]