لا زال قرار المستشار القضائي للحكومة افيخاي مندلبليت بتقديم لائحة اتهام ضد رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتنياهو بتهم تلقي الرشاوى والفساد قبيل الانتخابات بشهر وايام، تثير ردود فعل وتساؤلات عديدة بين الأوساط السياسية المختلفة وعلى مستوى الجمهور الإسرائيلي أيضا، تمحورت جميعها حول ما اذا كانت هذه العاصفة ستفقد الجمهور الإسرائيلي ثقته بنتنياهو ويمتنع من التصويت له ام ستزيده إصرارا على دعمه ومساندته خصوصا في اعقاب حديث الأخيرة حول حياكة مؤامرة ضده لإخراجه من الحلبة الانتخابية.

الرابح الأكبر هو نتنياهو!

الناشط السياسي والاجتماعي ايهاب جبارين عقب على الامر قائلا: الرابح الأكبر من لائحة الاتهام ضد نتنياهو، ولسخرية القدر هو نتنياهو نفسه. الطابع اليميني هو المسيطر على الشارع الإسرائيلي، وهو الشأن الذي تترجمه أغلب استطلاعات الرأي، اليمين اثبت للرأي العام المتوسط في الشارع الإسرائيلي نجاعته وهيمنته وسيطرته على كثير من المناحي. ويمكن ترجمة ذلك عبر نسبة التصويت العالية نسبيا التي كانت في الانتخابات التمهيدية لليكود من جهة. ومن جهة أخرى ممكن رؤية الجبهة التي فتحها بينت على نتنياهو وتسويقه لصفقة القرن، وهي حرب داخلية على اصوات اليمين، تحديدا تلك التي لائحة اتهام كهذه ممكن أن تعيد الترتيب الداخلي لأصوات هذا المعسكر. فوضع اي شخص ذو منصب في موضع ضعف أو ظلم (فالتوقيت من جهة مؤيديه مجحف) يكسبه الكثير من التعاطف الغير ارادي.

وتابع: أضف أن الرأي الاسرائيلي المتوسط لا يرى بقضية الهدايا والرشاوي الإعلامية، كتلك التي تستحق كل هذه الضجة، تحديدا لتواضعها نسبة لقضايا سابقيه، من وجهة نظر الشارع المتوسط. ويمكن أن نرى بلائحة الاتهام الاي قدمت ضد درعي في 99 وعلى إثرها استطاع شاس أن يتجاوز ضعف كراسيه في انتخابات ذاك العام كمثال، تحديدا وأن نهج الانتخاب لدى الحزبين وجمهور الهدف شبيه جدا. لذلك أن ننظر ونتعامل وكأن عهد نتنياهو قد ولى، ليس الا سابق لأوانه، غالبا سيشكل حكومته في10.4 بدعم أقوى. ولكنها حتما ستكون ولايته الأخيرة والقصيرة، ومن بعدها يمكننا أن نرى انقلاب متواضع في الموازين.

لا اعتقد انه سيفلت من فكي النظام القضائي الذي يطبق عليه

وقال بدوره محمد دراوشة القيادي والسياسي لـ "بكرا": لوائح الاتهام التي قُدمت ضد رئيس الحكومة أخطر بكثير مما تسرب سابقاً، وتحتوي على تفاصيل خطيرة تؤكد الرشاوى والفساد بشكل مقنع، لأي قبل التأويل. هذا يحرج رئيس الحكومة قانونياً وسياسياً. قانونياً، يبدو انه في طريقه الى السحب بتهم تلقي الرشاوى وخيانة الأمانة. وبالرغم من انه سيحاول كل استعمال الألاعيب الممكنة واستئجار خدمات خيرة المحامين والمستشارين، لا اعتقد انه سيفلت من فكي النظام القضائي الذي يطبق عليه.

وتابع: سياسياً، نحن نعرف ان نتنياهو أفضل ثعلب سياسي مكّار في اسرائيل، وسيعمل على البقاء في منصبه حتى في أحلك الظروف. سيعمل اولاً على استيعاب الصدمة وتنظيم القاعدة التي يستند اليها داخل الليكود حتى لا ينتفضوا عليه ولا يعتبروه عالة انتخابية. وثانياً سيتشبث بالقاعدة اليمينية وسيثير قضية حكم اليمين في خطر لضمان دعم ائتلافه له في هذه الفترة الحالكة.

وقال مشيرا: ولكن القرار سيكون للشعب، وبدأنا نشهد انسحاب جزء مما يسمى اليمين-الوسطي من دائرة الدعم وتوجههم لدعم بيني جانتس الذي يتموضع ايضاً في اليمين-الوسطي. قوة هذا الانسحاب ستتأثر بعوامل كثيره. فإذا تزايد، فسنرى نهاية نتنياهو، ولكن إذا استطاع لجم هذه الظاهرة فسيسترد عافيته السياسية، وسيربح الانتخابات.

واختتم قائلا: نحن امام ايام ستكون مليئة بالأحداث المثيرة، بطلها نتنياهو بأدوار مختلفة، دور الفاسد المتشبث بالحكم، دور الضحية الملاحق، دور المراوغ السياسي، ودور الدكتاتور في كتلة اليمين.

هذه التوصيات ستستغل لرفع نسبة التصويت لليمين

وقال المحامي والناشط السياسي باسل دراوشة: قرار المستشار القضائي للحكومة بتقديم لوائح اتهام ضد رئيس الوزراء بيبي نتنياهو بملفات المعروفة برقم 1000،3000، 4000 وكلها تتعلق بقضايا فساد ورشوه هو قرار متوقع ولكنه جاء بتوقيت متأخر. هذا التوقيت جعل نتنياهو يحول القضية الجنائية والرشاوي الى قضية سياسية وقضية يمين مقابل اليسار. نتنياهو يعرف جيدا كيف يحرك الشارع اليميني لصالحه وبالتالي لن يذخر جهدا من الاستمرار بالتحريض على اليسار وعلى الأحزاب العربية وحتى منافسه بيني جانتس ولبيد سيحاول تحويل القضايا الى محاولة الوصول إلى الحكم بمساعدة المستشار القضائي للحكومة وأحزاب اليسار. هذا الأمر ضهر واضحا من خلال تعقيب نتنياهو على قرار المستشار القضائي للحكومة فحاول اظهار نفسه كضحية مستهدفة هو وزوجته وابنه، هذه المحاولات التي تجد اذان صاغية لدى اليمين الإسرائيلي وبالتالي ستتمركز الحملة الانتخابية لليكود بهذا الموضوع.

وتابع: موعد اعلان المستشار القضائي للحكومة بتقديم لوائح اتهام ضد نتنياهو جاء ليخدم مصلحة نتنياهو وحزب الليكود، وقد يكون الأمر بشكل عفوي وغير مخطط، ولكن بالنهاية استفاد منه نتنياهو وسيستمر باستغلال القضية حتى الانتخابات وهو يحسن البكاء وإظهار نفسه كضحية اليسار.

ونوه قائلا: لا شك أن هذه التوصيات ستستغل لرفع نسبة التصويت لليمين وسيعمل نتنياهو لإخراجهم للتصويت لحزبه اولا أو لأحزاب اليمين الأخرى بشتى الوسائل وتشمل التحريض على الأحزاب والجماهير العربية لإخافة اليمين من إمكانية تغيير الحكم في اسرائيل.

واختتم: في نهاية المطاف وحتى لو نجح نتنياهو بتشكيل حكومة جديدة فإن الأمر لن يستمر طويلا فخلال فترة أقصاها سنة سيتم تقديم لوائح اتهام ضد نتنياهو. وبالتالي لن يستمر في رئاسة الوزراء وسنكون أمام انتخابات جديدة أو توصيات بتشكيل حكومة جديدة، وستكون المنافسة جدية وكبيرة بين من سيخلف نتنياهو من قيادات الليكود.

وأشار لـ "بكرا": الاستطلاعات تعطي جانتس أكبر عدد من المقاعد حوالي 36 مقعد وبالتالي هو الأقرب لتشكيل الحكومة الجديدة ولكن هذا الأمر يرتبط بعدد المقاعد التي ستحصل عليها الاحزاب العربية ومعسكر المركز واليسار، فإذا حصلوا جميعا على 61 مقعدا سنكون أمام انقلاب بالحكم، وإذا كان عكس ذلك فيتقدم لائحة الاتهام ضد نتنياهو وهو رئيس وزراء. المثير للنظر أن متهم بقضايا رشوة وفساد يسمح له بالترشح للكنيست ورئاسة الحكومة بينما من ارتكب مخالفة سير لم يسمح له بالترشح للرئاسة بلدية!!

واختتم: للأسف الفساد المالي والأخلاقي والرشاوى في اعلى المستويات السياسية في الدولة ما زال مستمرا وهو يطال مرة أخرى رئيس الوزراء وعائلته كما كان من قبل اولمرت وكتساف وفؤاد بن اليعيز حتى نقابة المحامين والجهاز القضائي كان له حصة في الفساد والملفات الجنائية وكل هذه مؤشرات تدل على تراجع القيم والأخلاق لدى المجتمع الإسرائيلي.

لا أعتقد أن قرار المستشار القضائي سيؤثر على أنماط التصويت

جعفر فرح ناشط سياسي قال معقبا: تكرر حالات الفساد في القيادة السياسية الاسرائيلية من كتساب الى اولمرت ودرعي ونتنياهو تؤكد عمق الازمة الاخلاقية في إسرائيل. هناك معركة بين شرعية السرقة والكذب وبين الاخلاق في اسرائيل. ولشرعية الفساد امتداد للنكبة وسرقة وطن شعب بحجة الوعد الالهي.

وأضاف: منذ عام 1977 هناك أنماط تصويت طائفية بإسرائيل ومعاداة لليسار الأشكنازي داخل الأغلبية اليهودية. ولا أعتقد أن قرار المستشار القضائي سيؤثر على أنماط التصويت، وأزمة اليسار عميقة وترتبط بغياب مشروع اجتماعي وسياسي ينهي الاحتلال ويبني سلام حقيقي ويحقق العدالة الاجتماعية المطلوبة ويحترم التنوع الثقافي داخل اليهود وعند العرب.

وتابع: اثبتت حلول اليسار ان "الانفصال" عن الشعب الفلسطيني فشل. وانه لا يمكن تحقيق العدالة الاجتماعية بدون إنهاء الاحتلال والعنصرية والاستغلال الذي يمارس من قبل الشركات الكبيرة تجاه الناس. تحتاج القوى التقدمية العربية واليهودية إلى رؤيا جديدة تقنع الفلسطيني واليهودي. مشروع اليمين العنصري واضح المعالم ويحصل على دعم الأغلبية اليهودية على الرغم من الفساد.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]