ديانا الاعسم، شابة في مقتبل العمر ابنه الثمانية عشر ربيعا، تحولت الى رقم جديد يضاف الى جدول الضرب، ضرب المرأة تعنيفها وقتلها، مما لا شك فيه ان كل امرأة قد سلبت حقها في الحياة لها قصة ورواية الا ان الاعسم تميزت برواية خاصة جدا، فهي التي قتلت قبل أيام من زفها لعريسها وبعد أيام من حفلة الحناء الخاصة بها، وهي التي لحقت بأمها التي قتلت أيضا قبل سنوات، وهي التي قتلت في آذار المرأة والأمل، ولكنها تشابهت مع الاخريات بانها قتلت لأنها رفضت ان تخضع وابت الا ان تتمسك بحقها بالحياة واختيار الحياة التي تقتنع بها والشريك الذي تراه مناسبا، كما تشابهت بانها لجأت للشرطة لحمايتها ولم تقم الأخيرة بالمهمة الوحيدة الملقاة على عاتقها، ومع الأسف امتدت يد الغدر لتقتلع ربيعها وتذكرنا بمجتمع غادر يتحكم به الذكر بالأنثى ويمنعها من انتقاء الحياة التي تريدها بدعم وعرابة من الشرطة الإسرائيلية التي اعادت ديانا لأهلها بعد ان هربت منهم ولجأت للشرطة لحمايتها.

الشرطة لا تستخلص العبر من تجارب الماضي، ولا تعطي الحماية المطلوبة لهؤلاء الفتيات

الناشطة النسائية مها النقيب من اللد نسائية قالت ل "بكرا" في هذا الصدد: للأسف هنالك غضب كبير ضد جريمة القتل في اللد، ونفس الحكاية تعود على نفسها، والشرطة تتعامل باستخفاف مع هذه القضايا للأسف هناك غضب واحباط يستولي على كل ناشطة وناشط يناضلون من اجل حق النساء بالحياة الكريمة، بعد جريمة القتل البشعة لفتاة بمقتبل العم، الشرطة لا تستخلص العبر من تجارب الماضي، ولا تعطي الحماية المطلوبة لهؤلاء الفتيات، كيف تتركت هذه الفتاة دون تدخل عاملة اجتماعية؟
وتابعت: نكرر دائما انه لا حل لآفة العنف دون ان يأخذ القانون مجراه في معاقبة المجرمين، هذه اول خطوة لخلق رادع، الخطوة الثانية هي دمج برامج تربوية جندرية، في إطار البرامج التعليمية في المدارس الاعدادية والثانوية. وطبعا كما هو في حالة القتل هذه، عمل الشرطة مع عامله اجتماعية من المجتمع العربي بشكل متواصل بكل ما يخص العنف داخل العائلة

تقاعس الشرطة لا يعفينا من مسؤوليتنا في النهوض في مجتمعنا نحو مستقبل أفضل

النائبة نيفين ابو رحمون قالت بدورها معقبة ل "بكرا": نتحدّث عن حالة قتل أخرى لامرأة عربيّة، وقد علمت الشرطة مسبقاً عن أنها في حالة خطر ولم يمنعوا القتل. الشرطة متقاعسة عن اداء عملها عندما يكون الحديث عن امرأة عربية. الحالات والملفات لا يتم معالجتها ولا يتم تقديم لوائح اتهام والنساء لم تتلقى أي حماية.

وتابعت: نحن في حالة طوارئ مستمرة، وهذا يتطلب نضال كامل ووضع قضيّة مناهضة العنف والقتل ضد النساء على أجندة القيادة وعملها. ليس فقط من أجل مناهضة العنف على خلفيّة جندريّة، ولكن ايضا لإحداث تغيير جذري في معالجة القضية. آن الأوان أن نمنع عملية القتل القادمة، وأن يكون المجتمع بمثابة حصانة حقيقية لنسائنا وهذا يتطلب منا أيضا عملاً تربوياً وقيمياً هاماً الى جانب تعميم حالة وعي حول الحريات الشخصية والمساواة الجندرية. تقاعس الشرطة لا يعفينا من مسؤوليتنا في النهوض في مجتمعنا نحو مستقبل أفضل.

80% من قتلة النساء العربيات يعيشون ويمرحون في الارض ولا يحاسبون

الناشطة السياسية والنسائية سمر سمارة قالت بدورها: الحدث مؤلم جداً، ديانا ابنة ال 18 عاما قررت الهروب من البيئة البشعة التي تعيش فيها والتي تشكل خطر على حياتها فهي نفس البيئة التي قتلت امها منذ سبعة سنوات، قضية ديانا لا تختلف كثيراً عن قضايا النساء اللواتي قتلن من قبلها فقصصهن متشابهة وحتى احلامهن متشابهة ولا تختلف عن احلام كثير من الفتيات بجيلها يعشن ببيئة نظيفة خاليه من الشوائب.

وتابعت: أكثر ما يقلقنا ويخيفنا بقضية ديانا هو هؤلاء الذكور او البشر ان كانوا من البشر الذين يقررون يختارون ويخططون ما يرونه مناسب او غير مناسب لهؤلاء الفتيات وحتى يتحكمون باختيارهن لشريك حياتهن. ديانا اختارت شريك حياتها ولكن هنا من لم يعجبه هذا الشريك فقرر قتلها والغريب بالأمر ان المرأة تكون الضحية بكلتا الحالتين، الحالة الاولى رفض اهلها لهذه العلاقة واختيارها الارتباط بشخص معين، اما الثانية عندما يرفض اهل الشخص اختياره لهذه الشريكة، فديانا عندما قررت الهرب لتبدأ حياه جديدة آمنه عثرت الشرطة عليها واعادتها للجلاد بالرغم من ان الشرطة تعرف تماماً خطورة البيئة على حياتها وان تسليمها لهم يعني تسليمها للقاتل وهنا الشرطة تتحمل المسؤولية ويجب محاسبة من قام بتسليمها وعقد اتفاقيات لحمايتها مع احد افراد عائلتها. فلا يمكن ان نصمت ونجلس مكتوفي الايدي امام هذه القرارات التي اتخذتها الشرطة واحد افراد العائلة الذي بدوره اخذ على عاتقه حمايتها.

ونوهت سمارة لـ "بكرا": وهنا نوجه إصبع الاتهام الى الشرطة، والى هؤلاء الرجال الذين قرروا انهاء علاقتها والاعتراض على اختيارها ومن ثم انهاء حياتها برصاصة، الذي وقع على استلام ديانا من الشرطة يجب ان يحاسب ويحاكم فلا يعقل ان نعيش في قانون الغاب والقاضي والحامي والجلاد بقضايا النساء يكون شخص واحد وبيئة واحدة ومجتمع ظالم بشع.

واختتمت قائلة: الذي قتل ام ديانا قبل سنوات هو طليق وحر، و80% من قتلة النساء العربيات يعيشون ويمرحون في الارض ولا يحاسبون، الكلمات والشجب والبيانات كلها انتهت، ويجب على الحكومة ان تضع في سلم أولوياتها مكافحة قتل النساء والجريمة وان تتخذ خطوات جدية لمحاسبة الشرطة على تقاعسها، لأنه للأسف الجريمة القادمة باتت قريبة.

الشرطة شريكة في الجريمة!

الناشطة النسائية ميسم جلجولي رئيسة نعمت المثلث الجنوبي قالت بدورها ل "بكرا": مجددا تقتل فتاة عربية، ديانا الأعصم ابنة ال 18 ربيعاً قتلت بدم بارد وبمساعدة الشرطة، بل أن الشرطة هي التي ساقتها الى قاتلها!! وهي شريكة بهذه الجريمة مثلها مثل القاتل!! هذه الجريمة كانت مكتوبة على الحائط، الفتاة المسكينة لجأت للشرطة علها تجد بعض الامان ولكن الشرطة ومرة اخرى وبواسطة "رجال الصلح" أعادتها الى عائلتها!! بدلا من توفير لها مأوى يحميها من مصيرها المحتوم، الشرطة وكل من ساعم في اعادة ديانا الى عائلتها هو المجرم الحقيقي وعلينا محاسبتهم.

وتابعت: علينا كمجتمع أن نخرج عن صمتنا وخاصة ونحن على أبواب الانتخابات، علينا مساءلة المرشحين حول برامجهم في مكافحة العنف ضد النساء، الى متى سيظل دم المرأة مباحاً والى متى سيستمر البعض بتبرير اعمال القتل والعنف!!

واختتمت: انا أتهم كل من تسول له نفسه أن يساهم في إعادة إمرأة او فتاة مهددة الى عائلتها، وانا اوجه حديثي الى لجان الصلح والوجهاء الذين يهرولون لإعادة النساء الى بؤر العنف وأقول لهم كفى!! اقول بأن مساعيهم يجب أن تصب في معاقبة المجرمين وليس اعادة الضحايا إليهم

شرطة اسرائيل يرون بِنَا ملكاً خالصا لرجال من عائلاتنا

الناشطة النسائية ومدير جمعية نعم النسائية سماح سلايمة قالت معقبة: اعتقد ان جريمة اليوم تدل على مستوى اداء الشرطة المخزي. وتكاثر الرجال المجرمين في ظل الاهمال الواضح، فهذه الفتاة كانت بحماية الشرطة قبل ايّام عديدة، ورجال من العائلة "اتفقوا" مع الشرطة على إرجاعها، هذا التعامل الذكوري الرجعي والخارق للقانون من قبل عناصر الشرطة يجب التحقيق به ومحاسبة المخطئين.

وقالت: لو ان نفس الشرطة القت القبض على قتلة اسمهان وعبير ابو قطيفان لما حدث ما حدث. نحن كنساء نتعامل مع رجال عنيفين وقانعين في كل مكان، بداية بذكور اقرباء يحاولون السيطرة على حياتنا ورجال مثلهم في شرطة اسرائيل يرون بِنَا ملكاً خالصا لرجال من عائلاتنا.

وتابعت: في اليوم الذي قدمت به الشرطة لوائح اتهام بحق مشتبهين بقتل سمر خطيب وهناك ايضا لجأت الضحية للشرطة وبلغت عن التهديد بالقتل والشرطة لم تفعل شيئا القت القبض لاحقا على الأشخاص التي أعطت سمر اسماءهم قبل وفاتها. علينا نحن النساء قبل القتل ان نحضر للشرطة كل الأدلة والتقارير وتسليمها لعلهم يفعلون شيئا بعد الجنازة. هذه حالنا كنساء عربيّات في هذه الدولة.

قتل المرأة يعكس الجانب الإنحرافي المهدد للبنية الاجتماعية

الناشطة النسائية سماح جلجولي عقبت قائلة: تعد ظاهرة العنف ضد المرأة من أخطر الآفات الاجتماعية التي تجتاح مجتمعنا العربي وتعكس الجانب الإنحرافي المهدد للبنية الاجتماعية، مع اننا نلاحظ تزايد المهتمين مع اختلاف تخصصاتهم في تقديم الحلول والاقتراحات المناسبة كخطوة أساسية وجدية لتقليل نسبة العنف الا انه حتى الان لم تتخذ الشرطة الخطوات اللازمة فعلا، فوجود الحلول الجذرية لظاهرة العنف لا ينحصر بتواجد سيارات الشرطة في البلدات العربية وإنما العمل اليومي والجدي لمنع الجريمة القادمة.

واردفت قائلة: إن أهم التحديات التي تواجه المرأة من العنف وتهدّدها هو الفرق بين ما يقال وما يمارس، فهناك كلام كثير يقال عن المرأة، لكن ما يمارس يختلف ويناقض ما يقال، فمن المهم ان يتطابق القول والممارسة في معاملة المرأة. ومن المهم أيضا ان نأخذ على عاتقنا كمجتمع الجزء الأكبر من المسؤولية وهذا يبدأ في مدارسنا وبيوتنا فعندما تتحول التربية الى ساعات تعليميه فقط في الرياضيات، واللغات وتصبح ساعات التربية حصص فراغ لا يستفيد منها اطفالنا لتنميه شخصيتهم وتعزيز ثقتهم بنفسهم واهميه لغة الحوار بالتالي سوف تكون النتائج بالمقابل عكسية تؤدي الى تنميه العنف. نحن بمرحله لم تعد المظاهرات والاستنكارات تكفي وإنما خطط عمل مهنيه تبدأ بالمدارس، السلطات المحلية الجمعيات المدنية وغيرها وبالمقابل على الشرطة تغيير سيرورة عملها التي أخفقت تماما في التصدي الجريمة.

واختتمت قائلة: لا يمكن ان تفصل الشرطة بين طريقه تعاملها مع الجريمة في المجتمع العربي وبين تعاملها مع الجريمة في المجتمعات الأخرى.

تعقيب الشرطة: الشرطة طورت نموذجا فريدا لتحديد النساء المهددات في المجتمع العربي

"بكرا" بدوره توجه للشرطة الإسرائيلية حيث صلنا منها التعقيب على النحو التالي: لا زال التحقيق في مراحله الاولى، ونحن بطبيعة الحال لا نتطرق ونتوسع في التحقيقات الجارية، ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن التحقيقات في قضايا القتل تتم بطريقة شاملة ومهنية، بينما نسعى إلى الوصول إلى الحقيقة وتقديم القتلة إلى العدالة. تعلق قوة الشرطة الإسرائيلية أهمية كبيرة على حماية الحياة البشرية، وقد طورت نموذجًا فريدًا لعلاج النساء المهددات في الوسط العربي بهدف تحديد الحالات التي تكون فيها المرأة معرضة للخطر، سواء في أعقاب تقديم شكوى أو في حالة تلقي معلومات عن نية إلحاق الأذى بها. أثبت هذا النموذج نفسه عندما كان هناك اتفاق كامل من جانب النساء على قبول المساعدة المقدمة لهن. من المهم أن نلاحظ أنه بدون إدانة واضحة للظاهرة ومرتكبيها من قبل قيادة المجتمع العربي وبدون كسر مدونة صمت أقارب النساء اللائي يعرفن في كثير من الحالات عن مدى التهديدات ولا يبلغن السلطات، سيكون من الصعب منع القتل داخل العائلة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]