أفادت ستاتوسات كثيرة نشرها أصحابها في صفحات الفيسبوك الرحيبة إلى أنهم سوف يقاطعون الإنتخابات البرلمانية القريبة، وقد فاض ما نشره هؤلاء الإخوة بالغضب على ما واجهته القائمة المشتركة في الفترة الماضية السابقة من مشاكل في إعادة تشكيل نفسها للإنتخابات القريبة في التاسع من نيسان القريب.
بعض هذه الستاتوسات أعلن غضبه الواضح ومن ثم مقاطعته للإنتخابات بسبب رضوخ القائمة المشتركة لطلب عضو الكنيست الدكتور أحمد الطيبي وإقامتها تحالفًا مجددًا معه بعد أن رفع راية العصيان وأعلن عن نيته خوض الإنتخابات في قائمة خاصة، وبعض آخر منها رأى في تفسخ القائمة المشتركة وإنهيار تركيبتها الأولى بمعنى عدم مواصلة الوحدة بين مركبات القائمة المشتركة سببًا آخر للإعلان عن نيتهم عدم التوجه إلى صناديق الإقتراع للإنتخابات البرلمانية الوشيكة.
رغم أنني أحترم الرأي المختلف وأرى ضرورة توفره وإعطائه مجال التعبير واسعًا، فإنني أُسجل هنا بعض الملاحظات التي شعرت أنها غابت عن الكثيرين من الإخوة الذين أعلنوا أنهم سيقاطعون هذه الإنتخابات وبينهم شخصيات تمثيلية لا يستهان بها وبموقعها السياسي والإجتماعي.
فيما يتعلق برضوخ القائمة المشتركة للنائب الطيبي، وكلمة رضوخ ليست من عندياتي، أعتقد أن عددًا من الإخوة المعلنين عن مقاطعتهم للإنتخابات قد تسرعوا في قراءتهم لواقعنا السياسي والإجتماعي، فغاب عنهم أننا بعد فترة إنتخابية، المقصود السابقة، إتسمت بالصخب، قد دخلنا في أوضاع مستجدة تختلف كل الإختلاف عن تلك التي تشكلت فيها القائمة في صيغتها الأولى، وأننا بعد الإنتخابات الثانية للمشتركة إنما نقف أمام واقع جديد فرض تشكيلًا آخر غير ذاك الذي كان وأسس بالتالي لواقع هو إفراز لفترة من العمل البرلماني اليومي وما تضمنه من نشاط وفعاليات لهذا النائب أو ذاك، بمعنى أن العمل ونتائجه فرض واقعًا متجددًا كان لا بد للتعامل معه وأخذ حيثياته بنظر الإعتبار في إعادة تشكيل القائمة المشتركة لنفسها في فترتها الإنتخابية الثانية.
بناءً على هذا أرى أن كلا من أطراف القائمة قد تحملوا المسؤولية التامة تجاه النشاط البرلماني المطلوب من أجل الوجود والعيش بكرامة، أولًا، ومن أجل ألا تقف قوتنا الإجتماعية السياسية جانبًا مكتفية بموقف المتفرج الذي لا يعنيه ما يحدث حوله وأمام عينيه، هنا أتقدم بكل التقدير إلى أصحاب العقول النيرة من طرفي التحالف الجديد وأقصد بهما الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والحركة العربية للتغيير، فقد تحمل هذان الطرفان المسؤولية التاريخية وكان تنازل أحد طرفيهما عن تصلبه في موقفه وإعطائه الطرف الآخر بعضًا مما طلبه إنما هو قراءة واعية للواقع المستجد أولًا وتحمل للمسؤولية التاريخية تجاه الأبناء والأحفاد ثانيًا وثالثًا ورابعًا وقبل كل شيء.


إستطلاعات الرأي
أمر آخر أُود التحدث عنه ويتعلق بمقاطعة الإنتخابات هو إستطلاع رأي أجراه أحد المواقع الإلكترونية وأفاد أن هناك 42% من جمهورنا العربي في البلاد سيقاطعون الإنتخابات البرلمانية القريبة بمعنى أن هناك إرتفاعًا ملموسًا في بورصة المقاطعة للإنتخابات القريبة وهو ما يعني بالتالي أن هناك محاولة لتعبئة المترددين ضد المشاركة في الإنتخابات من ناحية وإرضاء للمعلنين عن مقاطعتهم من ناحية ثانية.
مع إحترامي الشديد لكل من يجتهد ويُجهد نفسه في إجراء إستطلاعات الرأي، فإنني أُشير إلى أن الكثير منها أثبت في الماضي ولا أعتقد أنه لن يثبت في المستقبل، عدم دقته، ومجانية ما يقدمه من أرقام، ولا أعتمد في رأيي هذا على الإنتقاص من قدرة العلم على التنبؤ بمعرفة ما قد يحدث غدًا، وإنما أعتمد على منطق آخر هو أننا إنما نعيش في عالم متغير كل شيء فيه قابل للتحول من حال إلى حال وإن ما كان يحق في الأمس قد لا يحق في الغد.
لهذا أُنبه أولئك الإخوة الذين يتأثرون بهذه الإستطلاعات إلى أنهم يُفترض ألا ينساقوا ورائها ووراء معطياتها التي قد تتغير بين لحظة وأُخرى، أضف إلى هذا وأنا هنا لا أتهم أحدًا أن التجارب السابقة مع الإستطلاعات في بلادنا وفي بلدان أُخرى بعيدة عنا ومعروفة بمستوياتها العلمية الرفيعة أُثبتت أن الأقوى أو صاحب القصد هو من يضع نتائج كل شيء بما فيها نتائج الإستطلاعات، وأُذكر الإخوة ممن يسلمون بكل ما يستمعون إليه عن إستطلاعات الرأي وتوابعها من إستمزاجات الرأي وكأنما هي أُمور منزلة ولا يمكن التشكيك فيها، أُذكرهم بأمرين إحداهما أن الشك هو مفتاح الحقيقة كما أثبتت الفلسفة الحديثة والآخر أنه يُطلب من الواحد منا أن يستمع إلى كل الآراء بما فيها إستطلاعات الرأي وإستمزاجاتها وأن يرجع إلى رأيه وضميره.
الموقف المسؤول
صفوة الرأي...يقتضي الموقف الوطني المسؤول أن يؤدي كل منا واجبه نحو أبناء الأجيال الطالعة والقادمة وأن يتحلى برؤية مستقبلية تبتعد عن الشخصي والشخص أيًا كان ومن كان، فنحن لا نصوت من أجل هذا الشخص أو ذاك أو لحزب أو لآخر وإنما نصوت كي نكون وكي لا تأكلنا الضباع كما تردد في السنوات الأخيرة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]