كشفت دراسة جديدة أجريت في الولايات المتحدة عن أن استخدام أحد عقاقير تمييع الدم يمكن أن يحسّن معدّلات البقاء على قيد الحياة لدى بعض مرضى السرطان، عن طريق الحدّ من خطر حدوث الجلطات في الدم. وتُعتبر الجلطات الدموية السبب الرئيس الثاني لوفاة مرضى السرطان بعد السرطان نفسه، إذ يصاب واحد من كل خمسة من مرضى السرطان بجلطة دموية في مرحلة ما أثناء المرض.

وتوصّلت الأبحاث التي أجراها وقادها مستشفى كليفلاند كلينك إلى أن دواء "ريفاروكسابان" المميّع للدم يقلّل كثيراً من الإصابة بالجلطات الدموية الوريدية وحالات الوفاة المرتبطة بها لدى المرضى المراجعين المصابين بسرطان عالي الخطورة أثناء تناولهم للعقار المضاد لتخثر الدم والذي يؤخذ عن طريق الفم.

وشملت نتائج الدراسة التي قادها الدكتور ألوك كورانا، الباحث في كليفلاند كلينك، ونُشرت في مجلة نيو إنغلند الطبية، 841 مريضاً تم اختيارهم بصورة عشوائية وقُسموا إلى مجموعتين متساويتين تناول المرضى في إحداهما جرعة قدرها 10 ملغ مرة واحدة يوميا من العقار "ريفاروكسابان"، فيما أعطي المرضى في القسم الآخر علاجاً وهمياً، وذلك لمدة 180 يوماً، جرى خلالها التحقق من حدوث جلطات لدى جميع المرضى.

وقد حدثت جلطات دموية في 2.6 بالمئة من المرضى خلال فترة التجربة أثناء تلقيهم عقار "ريفاروكسابان"، مقارنة بنسبة 6.4 بالمئة من مرضى المجموعة الثانية. خلال فترة الدراسة الكاملة، التي شملت متابعة حالة المرضى حتى 180 يوماً حتى لو تم إيقاف الدواء في وقت مبكر، ضاقت الفجوة بين المجموعتين بحدوث جلطات دموية في 6 بالمئة من المرضى في مجموعة "ريفاروكسابان"، مقارنة بما نسبته 8.8 بالمئة في المجموعة الثانية.

كذلك تبيَّن من النتائج أن المرضى ممن تناولوا العقار كانوا أقلّ عُرضة لحدوث الوفاة، بنسبة 23.1 بالمئة مقارنة بـ 29.5 بالمئة في مجموعة العقار الوهمي. وقد حدث نزف دموي كبير، وهو أحد الآثار الجانبية الخطرة لمضادات التخثر، في أقل من اثنين بالمئة من المرضى، بما يتماشى مع ما يمكن توقعه عند المنع الوقائي لتخثر الدم لدى مرضى السرطان.

وقال الدكتور ألوك كورانا، الذي يتقاضى أتعاباً من شركتي "جانسن" و"باير" الممولتين للدراسة، إن هذه النتائج توضح أن العقار "ريفاروكسابان" "يمنع بفعالية" جلطات الدم في مرضى السرطان المعرضين للخطر خلال فترة العلاج، وأضاف: "لا يزال خطر الإصابة بالجلطات الوريدية مستمراً بعد العلاج، مع حدوث ثلث الوفيات الناجمة عن الجلطات أو المرتبطة بها بعد التوقف عن تناول العقار".

هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها اختبار تدخّلات العيادات الخارجية العلاجية المطوّلة والخاصة بمنع تجلّط الدم في أوساط مرضى بالسرطان معرضين للخطر، وباستخدام مضادات التخثر التي يتم تناولها عن طريق الفم. وجرى تحديد خطر إصابة المريض بجلطات دموية في وقت بدء العلاج الكيميائي بمقياس كورانا، الذي كان صممه الدكتور كورانا وزملاؤه. ويتنبأ النتيجة التي يحصل عليها المقياس بتخثر الدم بناءً على مجموعة من المتغيرات البسيطة، تشمل نوع السرطان ومؤشر كتلة الجسم ومقدار الصفائح الدموية والكريات البيضاء والهيموغلوبين في الدم. ويُعتبر مرضى السرطان الحاصلون على درجة 2 أو أكثر على مقياس كورانا معرضين لخطر الإصابة بجلطات الدم، وهؤلاء تمّ تضمينهم في التجربة.

وأوضح الدكتور كورانا إمكانية حدوث مضاعفات لدى مرضى السرطان، مثل جلطات الدم، ناجمة عن السرطان نفسه أو عن علاج السرطان، مشيراً إلى أن هذه المضاعفات "مؤلمة للمرضى وقد تؤخّر العلاج وتزيد الزيارات إلى أقسام الطوارئ والمستشفيات، ما قد يؤثر في الانتفاع من الرعاية الصحية ويرفع تكاليفها".

ويتمّ إعطاء مرضى السرطان مميعات الدم في كثير من الأحيان لمنع إصابتهم بتجلّط الدم عند إقامتهم في المستشفى. ولكن نظراً لأن علاج السرطان يتمّ عادة في العيادات الخارجية، فإن معظم جلطات الدم المرتبطة بالسرطان تحدث خارج المستشفى. وتتمثل الخيارات الوقائية الحالية المتاحة أمام هؤلاء المرضى المعرضين لخطر جلطات الدم، والتي خضعت لدراسات تجارب سريرية سابقة، في عقار "هيبارينز" منخفض الوزن الجزيئي، الذي يتمّ إعطاؤه للمريض يومياً عن طريق الحَقن.

تجدر الإشارة إلى حدّ النهاية الرئيس للدراسة التي تمّت عبر مراكز متعددة وشملت مجموعتين اختير المرضى فيهما عشوائياً وجرى فيها استخدام عقار وهمي بالتوازي مع العقار الفعال، تمثل في الوفاة بالجلطة الدموية الوريدية أو بسبب مرتبط بها.

ومن المتوقع أن تثبت نتائج هذه الدراسة التوصيات المستقبلية المتعلقة بالوقاية من جلطات الدم لدى مرضى السرطان المعرضين للخطر ممن يخضعون للعلاج في العيادات الخارجية. وبالمثل، ركّزت دراسة ثانية في العدد نفسه من مجلة "نيو إنغلند الطبية، على الوقاية من تجلّط الدم لدى المرضى الذين حصلوا على درجة 2 أو أعلى على مقياس كورانا، وأظهرت أيضاً انخفاضاً كبيراً في خطر الإصابة بالجلطات الدموية الوريدية عبر تناول مضادات التخثر الفموية المباشرة. ووصفت مقالة افتتاحية للبروفيسور جيانكارلو أغنيلي المعطيات بأنها "مُقنعة تماماً" مؤكدة أنه عند النظر في الدراستين معاً "نجد أنهما تظهران فائدة ملموسة لمضادات التخثّر الفموية المباشرة من أجل الوقاية من الجلطات الدموية الوريدية" في مرضى السرطان الحاصلين على درجة 2 أو أعلى على مقياس كورانا.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]