أظهرت نتائج الانتخابات المحلية في ولاية إسطنبول حصول مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض، أكرم إمام أوغلو على 4 ملايين و169 ألفا و765 صوتاً مقابل حصول مرشح حزب العدالة والتنمية بن علي يلدريم على 4 ملايين و156 ألفا و36 صوتاً ما يعني خسارة الحزب الحاكم لإسطنبول وولايات أُخرى في تركيّا.

وأقلقت هذه النتائج، قطاع واسع من مؤيدي "العدالة والتنمية" الذين يروا بسياسة "الشعب الجمهوري"، سياسة معارضة ومناقضة للسياسة التي اعتادوا عليها.



وقال الصحفي التركي عمر عادل غل لـبكرا:"سيحاول حزب الشعب الجمهوري جاهدا أن يحسن صورته وأن يبرز النموذج الأفضل للشعب التركي كونها التجربة الأولى له وسيعمل على جذب الشعب والظهور بمظهر المحب المتسامح والعادل الذي يتقبل كل أطياف المجتمع مع التركيز على الجانب الإسلامي الذي حاول إمام أوغلو اللعب على وتره عندما نشر مقاطعا يتلو فيها القرآن الكريم ضمن حملته الانتخابية كما سيعمل على التواصل مع المجلس البلدي ذي الأغلبية الحزبية التابعة للعدالة والتنمية ولن يخلو ذلك من بعض الخلافات والصراعات بينما سيعمل حزب العدالة والتنمية على التقد الذاتي ليستكشف أسباب إخفاقة في الوصول إلى البلدية الكبرى".


وحول صعود امام اوغلو للحكم وقلب الموازين، تحدّث:" من المبكر جدا الحديث عن هذا الأمر فالعهد مازال في بدايته ونهج إمام أوغلو هو ما سيرسم خارطة الطريق القادمة فسياسته إما أن تقلب الموازين وتزيد من شعبيته وشعبية جزبه وإما أن تنفر أعضاء حزبه وتنقلب عليه الدائرة".

وتطرّق الى مشروع قناة قناة اسطنبول وإمكانية ايقافه قائلا:" مشروع قناة اسطنبول مشروع حكومة ودولة وما يتعلق من شقه ببلدية اسطنبول هو التنفيذ وفي حال رفض إمام أوغلو تنفيذ المشروع ربما تقوم الحكومة بتنفيذه على حسابها الشخصي أو اعتباره مشروعا استثماريا هذا في حال تشبث إمام أوغلو برفض المشروع ناهيكم عن المجلس البلدي الذي من المفترض أن تكون له كلمته المسموع في قرارات إمام أوغلو وناهيكم أيضا عن المناورات السياسية التي تدور بين الأحزاب في الدولة".

لا علاقة

وعرّج غل الى تعامل الإمام اوغلو مع قضيّة ملفّ اللاجئين السوريين قائلا:" لا علاقة لرئيس بلدية اسطنبول بالعديد من أمور اللاجئين فالعلاج المجاني مرجعيته وزارة الصحة والمدارس تعود لوزارة التعليم كما أن أمور التجنيس والإقامات تابعة لدائرة الهجرة ويبقى المجال الوحيد لتحكم البلدية هو تراخيص افتتاح المحال والشركات وهذا لا يؤثر سلبا على الملف السوري بل يؤثر على عائدات البلدية فالشركات والمصانع والمحال السورية والأجنبية هي مصادر وارد للبلديات .
كما أنه من الخطأ الربط بين العداوة مع السوريين وحزب الشعب الجمهوري فهناك العديد من المحافظات التركية التابعة لحزب الشعب الجمهوري يعيش فيها نسبة كبيرة من السوريين دون أي عوائق منذ زمن طويل مثل ولاية هاتاي".


الميل للشيخوخة


وشرح غل أسباب خسارة العدالة والتنمية لإسطنبول ومدن مركزيّة أُخرى بالقول:" اعتبر المؤرخون غزوة أحد هزيمة للمسلمين مع أن الهزيمة تعني مقتل القائد أو إبادة الجيش أو احتلال الأرض ولم يحصل من هذا شيء لكنها كانت هزيمة بالمقارنة مع تاريخ الانتصارات الحافل وهذا ما حل بحزب العدالة والتنمية لم يخسر ولم يهزم وأصواته كانت أعلى وبلدياته أكثر عددا لكنه بالمقارنة مع نتائج الانتخابات السابقة لا يعتبر نجاحه فوزا . ومرجع هذا لأسباب كثيرة أهمها أن الحزب بدأ يميل للشيخوخة وهو بحاجة إلى إعادة إحياء بالإضافة لبعض الفاسدين الذين ذاع صيتهم من المنتسبين للعدالة والتنمية وانتشرت فضائحهم . كما أن الدعاية الانتخابية التي ركزت على الملف السوري واستغلت من قبل المعارضة كان لها بعض الأثر".


وتحدّث غل عن اخفاق الحزب واختراقه قائلا:"
لا بد من وجود الأخطاء ولا معصوم غير الأنبياء نعم أخفق الحزب في اختيار بعض من يمثله وأخفق في الدعاية الانتخابية وأخفق في استمالة المصوتين و نعم . بعض أعضاء الحزب ممن كانوا على رؤوس السلطة تبين أنهم يتبعون تنظيم فتح الله غولن إذا الحزب مخترق ومن مستويات عليا . ولا بد من كشف الفاسدين والمندسين وتنحيتهم عن الحزب ليستعيد ازدهاره وقوته، علينا ان ننتقد أنفسنا نقد بناء ونسمع للمنتقدين وحتى من داخل حزب العدالة والتنمية، وسيشهد الحزب تغيرات داخلية وعليها أن تقوم بذلك".

وقدّم الصحفي التركي نصائح للحزب ليستعيد قوّته قائلا:" عليه أولا أن يبقي أبوابه مشرعة أمام كل من يشكو الفاسدين ويفضح المتآمرين كما أن عليه أن ينصت لكل المجتهدين ويصغي لكل الاقتراحات والأصوات الشابة . حزب العدالة والتنمية سيهرم إن بقي معتمدا على الجيل الأول المؤسس ؛ عليه أن يفسح الطريق أمام الشباب ليبدعوا ويغيروا ويفتحوا آفاقا جديدة لهم".


ويجيب عمر غل عن سؤال مراسلنا فيما اذا يعتبر هذا مؤشر الى خسارة العدالة والتنمية للانتخابات الرئاسة لو جرت الآن:" لا وجود لانتخابات رئاسية الآن مهما كانت الأسباب لوجود نائب للرئيس ولو افترضنا جدلا حدوث انتخابات مثل هذه فمن المستحيل خسارة العدالة والتنمية . نعم بعض الشعب استاء من تصرفات بعض مسؤولي العدالة والتنمية والمشاكل الاقتصادية الحاصلة في البلاد لكن الشعب التركي الذي عانى الويلات للوصول إلى هذه المرحلة أذكى بكثير من أن يسلم دولته لرجل لا بعرف خيره من شره . إمام أوغلو هو شخص غامض مجهول بالنسبة للشعب التركي والأتراك ينظرون له بعين المتابع الناقد ومن المستحيل أن يمنحوه الثقة بين ليلة وضحاها خصوصا في رئاسة البلاد التي كانت على شفا حفرة من انقلاب عسكري يهدد أمنها واستقرارها . ربما قام البعض بانتخاب إمام أوغلو على تعبير العامة بفركة أذن للعدالة والتنمية لكنهم من المستحيل أن يسلموا رئاسة البلاد وفقا لبعض المشاعر الشخصية".

وختم كلامه حول امكانيّة اعادة الانتخابات بالقول:
الموضوع يتعلق بالقضاء والقضاء في تركيا لا يتأثر بأحد بل يبني قراراته وفقا للأدلة والبراهين وفيما لو تحقق للمحكمة أن هناك ضرورة لإعادة الانتخابات فإنها ستعاد".

يذكر انّ اللجنة العليا والمركزية للانتخابات هي من أعلنت عن هذه النتائج وهي هيئة قضائيّة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]