مجلس رؤ ساء الكنائس الكاثوليكية
في الأرض المقدسة
بيان20/5/2019

البِرُّ وَالسَّلَامُ تَعَانَقَا
"إنِّي أَسمَعُ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ الله. لِأَنَّ الله يَتَكَلَّمُ بِالسَّلَامِ بِالسَّلَامِ لِشَعبِهِ وَلِأَصفِيَائِهِ وَالَّذِينَ يَرجِعُونَ إِلَيهِ بِكُلِّ قُلُوبِهِم. قَرِيبٌ خَلَاصُهُ مِمَّنْ يَتَّقُونَهُ لِيَحِلَّ المـَجدُ فِي أرضِنَا. الرَّحمَةُ وَالحَقُّ تَلَاقَيَا. البِرُّ وَالسَّلَامُ تَعَانَقَا. مِنَ الأرضِ نَبَتَ الحَقُّ وَمِنَ السَّمَاءِ تَطَلَّعَ البِرُّ" (مزمور 85: 8- 11).

الوضع الراهن الذي وصلنا إليه في فلسطين وإسرائيل، والتطورات الأخيرة فيها، واستمرار الموت وإراقة الدماء، وفقدان الأمل في التوصل إلى حل دائم لهذا الوضع، ومن جهة أخرى، فشل الأسرة الدولية في تطبيق القانون الدولي، لتخلص شعوب هذه الأرض من مزيد من الصراع واليأس، - كل ذلك بلغ بنا مرحلة نشهد فيها المزيد من التطرف والتفرقة. حتى الذين قالوا يومًا إنهم حماة للديموقراطية ووسطاء لصنع السلام، أصبحوا قوة منحازة وطرفًا في الصراع.

كل هذا أدى بالكثيرين إلى التساؤل هل كانت المساعي الدولية منذ البدء، ومسيرة السلام كلُّها، مبنيةً حقًّا على أسس العدل وعلى نية سليمة. يشعر الكثيرون في فلسطين وإسرائيل أن حياتهم، بعد مسيرة السلام، صارت أسوأ من ذي قبل، بل أصبحت لا تطاق. لذلك هاجر الكثيرون، وغيرهم أيضا يفكر مثلهم في الهجرة. ولجأ البعض إلى العنف. ومات البعض، وفقد غيرهم الإيمان والأمل.

عندما ننظر إلى الماضي، إلى عشرات السنوات التي انقضت والتي وُعِدْنا فيها بالسلام والمصالحة، ثم لقينا، بدل ذلك، المزيد من الكراهية والظلم، والفساد والشعوبية، نقول إنه آن الأوان للكنائس وللرؤساء الروحيين أن يدلوا على طريق آخر، وأن يؤكدوا أن الجميع، إسرائيليين وفلسطينيين، إنما هم إخوة وأخوات في الإنسانية. حان لنا أن نقول إننا قادرون على أن نحب بعضنا بعضًا، وأن نعيش معا في احترام متبادل ومساواة في الحقوق والواجبات، في الأرض الواحدة. ليس هذا حُلمًا. إنما هذه هي الرؤية التي ألهمت أجدادنا الأنبياء.

السلام المؤسس على الكرامة، وعلى الاحترام المتبادل والمساواة في الإنسانية، هو وحده الذي يقدر أن يخلصنا ويتيح لنا أن نبقى ونعيش في هذه الأرض التي قدستها شهادة أجدادنا، الآباء والأنبياء، والتي نستمر نحن بتقديسها بسعينا إلى العدل، وبعطشنا إلى السلام والمحبة المتبادلة.

نحن في حاجة إلى توجُّه جديد، وتربية جديدة، ورؤية جديدة لهذه الأرض وللشعبين اللذين يعيشان فيها.

نحن رؤساء الكنائس الكاثوليكية في الأرض المقدسة نقف إلى جانب كل الذين يعيشون في هذه الأرض، ونرى فيهم أولا وقبل كل شيء الإنسان وكرامة الإنسان. وبناء عليه، نريد أن ندل على طريق للخروج من وضع الحرب الدائمة، والكراهية، والموت. نريد أن ندل على طريق حياة جديدة في هذه الأرض، مبنية على المساواة والمحبة. ونؤكد أن كل حل يجب أن يكون هدفه خير جميع الذين يعيشون في هذه الأرض من دون تمييز.

إننا ندعو جميع المسيحيين في فلسطين وإسرائيل، مع جميع سكان هذه الأرض، اليهود والمسلمين والدروز، الذين يشاركون في هذه الرؤية، أي رؤية المجتمع المبني على أساس المساواة والخير لجميع أعضائه،- إننا ندعو الجميع إلى بناء الجسور، جسور الاحترام المتبادل والمحبة. يبدو أن حل الدولتين بات غير ممكن، ولو ما زال البعض يذكره على غير طائل. في الواقع، كل الحلول السياسية تبدو مستحيلة في الوضع الراهن. ولهذا نقدم هذه الرؤية التي تتيح لكل واحد في هذه الأرض المقدسة، أن ينعم بالمساواة، التي منحنا إياها الله إذ خلقنا جميعًا على صورته ومثاله. إننا نؤمن أن المساواة هي القاعدة الأساسية لسلام عادل ودائم، مهما كانت الحلول السياسية المقترحة.

عشنا معا في الماضي في هذه الأرض، فلماذا لا نعيش معا في المستقبل؟
هذه هي رؤيتنا للقدس ولكل الأرض المقدسة، فلسطين وإسرائيل، بين نهر الأردن والبحر المتوسط.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]