جرّاء احتوائه على مشاهد حميمية جريئة وألفاظ نابية خارجة عن المألوف، إلى جانب تناوله المواضيع الجنسية وكأنها مسألة عادية، موجةٌ من التنمّر والانتقادات الواسعة نالها المسلسل الأردني "جنّ" ممثلاً بكافة ممثليه وطاقم العمل.

ويبدو أن تناول الجنس في الدراما قد بلغ مستواه المرتفع، ووصل حدّ الإشباع والغرق، ما جعل موجةً من الآراء تُشعل منصات التواصل الاجتماعي، إما كمُندِّدة بتلك الأعمال ورافضة لها ولغيرها بالمطلق، أو مقتنعة بها لكونها ضرورة للتعبير عن واقع المجتمعات التي باتت سلوكياتها واضحة للجميع، ولم يعد أحد يستطيع إخفاءها.

ظاهرة إقحام الجنس دراميًا

عن هذه الظاهرة، يشير المتخصّص في الدراسات الاجتماعية الدكتور فارس العمارات إلى أن بعض الدراميين الجريئين باتوا يعتقدون أن "تحررهم" يكمُن بطرح أعمال جريئة تحمل في طياتها نوعًا من الفن الحديث، وليست نوعًا من التعبير عما يدور في عقولهم.

ورغم اعتقادهم أيضًا بأن الجنس حاجة جسدية يجب أن يتم منحها للنفس، ومنها جاء التأكيد على حق أي شخص في الحصول عليه، إلا أن ما يحدث في الدراما الحالية هو تقليد واضح للمجتمعات الغربية للحصول على تلك الحاجة، وإن كان لا يتناسب إطلاقًا مع المجتمعات العربية وقيَمها.

ولأن تلك المشاهد الجنسية تصبّ في صالح المنتجين والممثلين، يظل من مصلحتهم أن لا يترددوا في تضمين المشاهد الجنسية ضمن أعمالهم، لاعتبارها حاجة وحقًّا لكل شخص، عدا عن قناعتهم بعدم نجاح العمل وشهرته طالما يخلو من الإثارة والجرأة.

وبرأي العمارات، فإن انتقاد هذا النوع من الجرأة والتعدي الصارخ على قيم المجتمع ومشاعر الأفراد، يعدّ منطقيًا، خاصة وأنها تؤثر في غرائزهم، وتنعكس سلبًا عليهم، وربما يقومون بتنفيذها في أول فرصة تُسنح لهم، وصولاً إلى تجاوز حدود الجنس المتفق عليه، أي اقتراف الجريمة من أجل القيام به.

الجنس في مفهوم الدراما والمجتمع

في مفهوم الدراما ورقابتها، العمارات يوضّح مدى اختلاف وجهات النظر بين الأشخاص، بحيث أصبحت الحرية في مشاهدة أو متابعة أو انتقاد أي عمل يتضمن مشاهد جنسية هي "سيّدة الموقف"، أما رفضها فيُفسَّر على أنه تمرّد على عناصر التفكير التي تعيق التقدم الجنسي، وتحجيم لحرية الاطلاع عليه واكتساب الثقافة فيه.

ولم تنتهِ المسألة عند هذا الحد، فهناك من يعتبرون بعض الأدوار التي ربما يتخللها بعض القبُلات كما ورد في مسلسل "جنّ" ليست سوى نوعًا من السعي نحو تثقيف المجتمع وإيجاد ما يسمى بالتنوع الاجتماعي في الأدوار والعلاقات، وليست خروجًا عن القيَم والأعراف التي ينتمي لها المجتمع.

وعن الجنس في مفهوم المجتمع، فلا يمكن أن يكون هناك قبولٌ لأي دور جنسي في الدراما أو الأعمال الفنية من باب أنها من المحرّمات، وبالتالي مرفوضة مجتمعيًا، لأنها وإنْ تم إدراجها تحت مسميات الجرأة، هي في الواقع تحمل في طيّاتها معاني التهور والفضول ودخول المجهول، كما يرى العمارات.

وانتهى المتخصص في الدراسات الاجتماعية إلى أن الدراما اليوم وضعت المشاهدين أمام مفاهيم غير مقبولة، وإن تقصّدت طرح قضايا باتت منتشرة تكنولوجيًا و "بكبسة زرٍّ"، لكنها تبقى مرفوضة في قواميس المجتمع الذي تربى على الفضيلة، وإن غرّد البعض خارج السرب وقبِلَ تلك الأدوار الفنية التي تتخللها مشاهد جنسية.

المصدر: فوشيا 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]