بعد أسبوع من التحريض على المواطن الفلسطيني محمود قطوسة، المشبوه باغتصاب طفلة يهودية (7 سنوات) من احدى مستوطنات الضفة الغربية، ودعوة نتنياهو إلى إنزال العقوبة القصوى به، وإصرار وزير الأمن الداخلي غلعاد إردان على التحقيق في ملابسات الحادث على أنها جريمة ارتكبت على خلفية تطرف قومي وتحريضه على السلطة الفلسطينية واتهامها بتغذية الكراهية والتحريض الذي قاد إلى الاغتصاب، على حد زعمه، وبعد توضيح مصادر مطلعة على مجريات التحقيق انه لا توجد أدلة على ان عملية الاغتصاب ارتكبت بدوافع قومية، ووجود صعوبة في الملف بسبب تقديم الشكوى إلى الشرطة بعد شهر من الحادث، أعلنت الشرطة الإسرائيلية والجيش الاسرائيلي، أمس الثلاثاء أنه يصعب "إثبات الملف" وأن هناك حاجة إلى استكمال التحقيق، فيما تبين أنه لم يتم العثور في المبنى التي ادعت الطفلة اغتصابها فيه، على حمض نووي يثبت الادعاء. كما تبين من شهادة أحد المستوطنين، أن المعتقل كان يعمل لديه في اليوم والساعة المحددين على أنهما "موعد ارتكاب الجريمة"، وفي أعقاب ذلك غيرت الشرطة ادعاءاتها بشأن الموعد.

وكتبت صحيفة "هآرتس" في هذا الشأن أنه من المتوقع أن يركز الجزء الرئيسي من التحقيق على محاولة تحديد مكان أصدقاء المدعى عليهم الذين تزعم عائلة الطفلة أنهم أمسكوا بها أثناء الاغتصاب. وقالت إنه سيُطلب من جهاز الأمن العام (الشاباك) الانضمام إلى التحقيق الذي تجريه الشرطة والنائب العام العسكري، اللواء شارون أفيك، وسيتعين على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والمستشار القانوني، أفيحاي مندلبليت الموافقة على تدخل الشاباك في التحقيق. وتدعي الشرطة والجيش الإسرائيلي، أن التحقيق مطلوب بسبب المعلومات الجديدة التي وردت في الملف بعد نشره، والتي تفيد بأن المتهم محمود قطوسة متورط في قضية أخرى.

ولا يزال قطوسة قيد الاعتقال وستجري، اليوم، جلسة استماع في الملف، فيما أعلن محاميه ناشف درويش، عقب إعلان الشرطة، أنه يعتزم تقديم طلب عاجل للإفراج عن موكله فورًا.

وذكرت الشرطة ومكتب المدعي العام العسكري أنه "من أجل استنفاد التحقيق في الشبهات حول ضلوع أشخاص آخرين في الجريمة، وفي ضوء المعلومات الجديدة التي وردت بعد نشر القضية، فقد تقرر تكليف الوحدة المركزية في شرطة لواء شاي بإجراء مزيد من التحقيق".

وأضافت الشرطة والجيش الإسرائيلي أن القرار اتخذ بعد مشاورات بين رئيس شعبة التحقيقات في الشرطة، غادي سيسو، واللواء أفيك. كما جاء انه "في ضوء حساسية الأمر، شارك النائب العام شاي نيتسان، وغيره من كبار المسؤولين في مكتب المدعي العام في المشاورات".

وتكتب الصحيفة أن التقييم الذي تم التوصل إليه في الاجتماع بين سيسو وافيك ونيتسان هو أن الملف "يصعب إثباته" في الوقت الحالي - وبدون إجراء تحقيق ملموس، سيُطلب من الأطراف مناقشة استمراره. وطُلب من جهات في مكتب المدعي العام ووزارة القضاء التوصية باتخاذ إجراءات لتعزيز التحقيق وفحص معلومات إضافية.

وعلمت "هآرتس" أن محققة الأطفال التي سجلت شكوى الطفلة قررت أن الشهادة "ضعيفة ومنقوصة" ولم تتمكن من تحديد موثوقية كلمات الطفلة. ووفقًا لمواد التحقيق، فقد توصلت المحققة إلى ذلك، في نهاية أحد تحقيقاتها الرئيسية، علمًا أنها حققت أربع مرات مع الطفلة. وقالت المحققة إنه يمكن تفسير ذلك بسبب صغر سن الطفلة، إلى جانب "صراعات أخرى شائعة بين الأطفال الصغار الذين تعرضوا للإيذاء الجنسي".

بالإضافة إلى ذلك، أكد مصدر مشارك في التحقيق في محادثة مع "هآرتس" أنه لم يتم فحص الطفلة من قبل طبيب قانوني، على الرغم من أن هذا الفحص يمكن أن يحدد ما إذا كانت قد تعرضت للاغتصاب. فقد تم فحص الفتاة فقط من قبل طبيب في صندوق المرضى، بعد خمسة أيام من إبلاغها لوالديها بأنها تعرضت للاغتصاب، ولم يعثر الطبيب خلال الفحص على نتائج راسخة تشير إلى الاعتداء الجنسي. وأشار المصدر المطلع على التحقيق إلى أنه في حالات مماثلة، يقوم الأطباء القانونيون بإجراء الاختبارات حتى لو مرت بضعة أيام أو بضعة أسابيع على الاغتصاب. وأوضح المصدر أنه حتى خلال هذه الفترة يمكن العثور على نتائج تشير إلى الاغتصاب، مثل الشعر.

مستوطن: "الشرطة غيرت ادعاءاتها بعد أن أكدت حجة المتهم"


وتكشف "هآرتس" في تقرير آخر حول الموضوع، أنه أثناء التحقيق، غيرت الشرطة ادعاءاتها فيما يتعلق بالمكان الذي تم فيه اغتصاب الطفلة بعد التحقق من حجة المدعى عليه، على حد قول مستوطن من سكان المستوطنة نفسها. ووفقا للمستوطن (م) فقد تحقق بنفسه من حجة المدعى عليه وأبلغ المحققين بذلك. وقال مصدر مطلع على تفاصيل التحقيق إن مزاعم الشرطة حول الوقت الذي ارتكبت فيه عملية الاغتصاب قد تغيرت في ضوء تأكيد المستوطن لحجة المتهم.

وفقا لمصدر مطلع على الملف، فإنه خلال جلسة الاستماع لبيان النيابة العسكرية في بداية الشهر، ادعت الشرطة أن الاغتصاب وقع يوم الجمعة بعد ساعات الدوام المدرسي وأشارت إلى ساعة محددة. كما ادعت أن قطوسة أخذ الطفلة البالغة إلى منزله في دير قديس، واغتصبها هناك. لكن قطوسة ادعى خلال الجلسة أنه في ذلك اليوم والساعة المحددة كان يعمل في ترميم منزل في مكان آخر، وطلب من (م) التحقق من حجته. وقد تحقق (م) فعلًا من حجة قطوسة بعد الاتصال بأصحاب المنزل الذي كان يعمل فيه قطوسة، وأبلغ الشرطة بذلك. وقال (م) لصحيفة "هآرتس": "بدلاً من أن تتحقق الشرطة من الحجة، فعلت أنا ذلك". وفي وقت لاحق فقط، تأكدت الشرطة من الحجة بنفسها.

وفقًا لأقوال (م)، المقيم في المستوطنة التي يُزعم حدوث الاغتصاب فيها، فقد قامت الشرطة بعد تأكيد حجة المدعى عليه، بتغيير روايتها بشأن المكان الذي وقع فيه الاغتصاب - من منزل قطوسة إلى شقة تبعد بضع مئات من الأمتار عن المدرسة. ووفقًا لمصدر مطلع على القضية، فإنه بعد تأكيد الحجة، ادعى المحققون أمام قطوسة أن الاغتصاب وقع في تاريخ آخر، ليس لديه أي حجة بشأنه. ولا تحدد لائحة الاتهام التاريخ أو الوقت المحدد ليوم وقوع الاغتصاب، بل تتحدث عن موعد ما بين فبراير وأبريل.

وتشير الصحيفة إلى أن الشقة التي تدعي الشرطة وقوع الاغتصاب فيها، تقع على بعد 10 دقائق سيرًا على الأقدام من المدرسة، ويمر الطريق المؤدي إليها عبر الطرق الرئيسية المزدحمة في المستوطنة الحريدية. ووفقا للشرطة، تمكن قطوسة من الوصول إلى الشقة لأنه كان يرممها. وأشار محامي قطوسة، درويش ناشف، إلى هذا الادعاء، أمس، قائلاً: "يوجد هنا عدم منطق كامل. كيف يمكن لشاب عربي يتواجد في وسط مستوطنة حريدية جر طفلة تبلغ من العمر سبع سنوات من مدرستها إلى منزل آخر يقع على مسافة 20 دقيقة سيرًا على الأقدام، دون أن يلاحظ أحد ذلك؟ عربي مع طفلة عمرها سبع سنوات في وسط مستوطنة حريدية - يبدو مسألة مهووسة".

وقال المستوطن ى(م) عن قطوسة إنه "شخص معروف في المدينة، ويعمل هنا لمدة ثماني أو تسع سنوات ... شخص مخلص لعمله في المدرسة ويأتي أيضًا بعد ساعات العمل إذا كانت هناك حاجة إلى إصلاح مصباح أو شيء ما. لقد القوا القبض على الشخص الخطأ وأنا أصرخ بذلك. توجد هنا مليون علامة استفهام، شخص لديه ثلاثة أطفال يدرسون في الأكاديمية، ومستقر اقتصاديًا كان حين يرى عاملا عربيا يرتكب خطأ يصرخ عليه بأنه سيفقد مصدر رزقه. هذا يعني أنه يفهم القانون جيدًا، فهل تريد القول لي إن هذا الرجل جر طفلة تبلغ من العمر سبع سنوات طوال 20 دقيقة إلى شقة في الطابق الثاني واغتصبتها مع عدد قليل من العرب؟ ليس لدي أي علاقة به، وإذا كان هو الذي فعل ذلك، فيجب معاقبته، لكن ليس هو الذي فعل ذلك".

الشرطة لم تعثر على حمض نووي للطفلة في الشقة


وفي تقرير ثالث حول الموضوع، تكتب "هآرتس" أن الشرطة لم تعثر على حمض نووي للطفلة في الشقة التي تدعي أنه تم اغتصابها فيها. وحتى الآن لم يتم العثور على نتائج إباحية تربط المدعى عليه بالطفلة. ولم يتمكن المحققون من العثور على بصمات لقطوسة أو غيره من الذين يجري الادعاء بأنهم تواجدوا في الشقة. وصرح مسؤول كبير سابق في إدارة التحقيقات لصحيفة هآرتس بأن فرص عدم القدرة على إيجاد أدلة في مسرح الجريمة ليست كبيرة.

وكانت مصادر مشاركة في التحقيق قد أبلغت "هآرتس" في البداية، أنه تم العثور على اللباس الداخلي للطفلة بالقرب من الشقة وأنه لم يتم إرساله لإجراء فحص للحمض النووي لأنه تم تقديم الشكوى "بعد أكثر من أسبوع على الحادث". ومع ذلك، أخبر مسؤول كبير في قسم التحقيق بالشرطة صحيفة هآرتس أنه من المعتاد إرسال جميع المواد والأدلة المتعلقة بالجرائم الجنسية إلى الفحص، حتى عندما تكون هناك فرصة ضئيلة للعثور على نتائج. وبعد النشر عن الموضوع، غيرت الشرطة روايتها وقالت إنها لا تملك اللباس الداخلي على الإطلاق، ومن المحتمل أنه حدث سوء فهم.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]