فوت صهر ومستشار الرئيس الأميركي، جاريد كوشنير فرصة إمتاع حضور استعراض المنامة، بالمفاجأة التي كان يعدها، عندما صرح قبل أيام من الاستعراض جوهر السياسة الاقتصادية التي تتضمنها "صفقة القرن" الأمر الذي أدى إلى إفشال الاحتفال الاستعراضي على مسرح المنامة الهزلي، ولم يكن أمام صغار المستثمرين ورجال الأعمال إلاّ انتظار نهاية الكلمات الاحتفالية مع تصفيق يعبر عن الملل أكثر من كونه دليلاً على الحماسة والتأييد.
لكنه ـ كوشنير ـ ضرب ضربته القاصمة، وأيضاً قبل الاحتفال الاستعراضي، عندما أعلن، ومن جانب واحد، عن عدم صلاحية المبادرة العربية للسلام التي أقرتها قمة بيروت عام 2002، مشيراً ومخادعاً إلى أن أية تسوية يجب أن تتم في موقع بين المبادرة العربية والموقف الإسرائيلي، كان من المفترض أن تشكل هذه الضربة الموجهة إلى الأنظمة العربية المشاركة في الورشة سبباً إضافياً ومبرراً موضوعياً للانسحاب في الساعات الأخيرة قبل استعراض المنامة، إلاّ أن ذلك لم يحدث لأن كوشنير كان يعرف ماذا يفعل، بعدما نجح في جر هذه الأنظمة إلى الاستعراض على الرغم من تحفظاتها واستعادة مقولتها التي لم تعد لها معنى: نقبل ما يقبل به الفلسطينيون، وباتت هذه العبارة المنمّقة أكثر انسجاماً مع الطابع الهزلي لاستعراض المنامة، والمذهل في هذا السياق، ان أحداً من قادة العرب الذين يتبنون المبادرة العربية، رأى في ذلك إذلالاً وامتهاناً لكراماتهم الشخصية والوطنية والقومية، وكأن تحول هذه الممالك والإمارات والأنظمة إلى مجرد محميات تخضع لإرادة البيت الأبيض الذي ترى فيه الضمانة لاستمرار وجودها، كفيل بمقايضة الكرامة بالاستسلام إلى المشيئة الأميركية ـ الإسرائيلية.
إن عدم مشاركة فلسطين، والجهات الفاعلة الأساسية، وممثلي الدول المانحة، ليس فقط ما يؤرق كوشنير، ذلك أن هذا المستوى المتدني من المشاركة في استعراض المنامة، يعود بدرجة أساسية، إلى الموقف الفلسطيني الرافض لكل قنوات "صفقة القرن" بما فيها "ورشة البحرين"، هذا الموقف، كان بالضد من المساعي الأميركية المحمومة من أجل جر العديد من الشركاء المهمين إلى هذا الاستعراض، ومع ذلك أخفق كوشنير في هذا المسعى، ونجح الفلسطينيون في إفشال هذا الاستعراض ومخرجاته مقارنة بالأهداف المعلنة، ومن شأن ذلك أن يشجع الجانب الفلسطيني على الاستمرار في موقف المواجهة التي باتت ممكنة أكثر من اي وقت مضى بعد هذا الإخفاق الذي واجهه كوشنير وأطقم البيت الأبيض، أما المشاركون العرب، فحسابهم عند شعوبهم التي لا يمكن لها أن تقايض كرامتها بإذعان الأنظمة!

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]