سنويا يرفض عشرات الشبان والشابات اليهود التجنيد في صفوف الجيش الإسرائيلي لأسباب سياسية وايديولوجية تتعلق بالأساس في السياسة الإسرائيلية التي تحتل عددا من الأراضي الغير تابعة لسيادتها مثل الجولان والضفة الغربية وتخرق القوانين الدولية، حيث يرفض هؤلاء الشبان ضميريا التواجد في جيش يحتل أراضي أخرى، هناك رافضين يعلنون بكل صراحة عن رفضهم مباشرة لأسباب سياسية وبالتالي يحاكمون قانونيا ويتم سجنهم لفترة تتراوح بين 90-150 يوما واخرون يتبعون طرق ملتوية وغير مباشرة من خلال الحصول على تصريحات طبية او وثائق تثبت عدم قدرتهم على القيام بالواجب العسكري الملقى على عاتق كل يهودي في إسرائيل بيد ان الأسباب الحقيقية في نهاية المطاف تكون نفسها سياسية أيديولوجية ويفضلون اصدار اعفاء من الخدمة العسكرية على الذهاب الى السجن.

ردود فعل عائلات هؤلاء الشبان والبيئة المحيطة بهم تتراوح بين الداعم لاختياراتهم وبين الرافض، ظاهرة الرفض اليهودية هذه للخدمة العسكرية كانت موجودة طيلة الوقت منذ حرب لبنان ولكن الرفض أيضا يختلف من حالة الى أخرى رغم انه في النهاية يصب في ذات النهر وهو رفض مبدأ الاحتلال، هناك رفض بسبب احتلال إسرائيل لمناطق في الضفة الغربية ومحاولة توسيع المساحة الاستيطانية وتوطين المستوطنين بينما هناك رفض عام التواجد في الجيش الاسرائيل لمفهوم الخدمة نفسها. "بكرا" تحدث الى عدد من الرافضين..

أؤمن ان كل البشر متساوون والخدمة العسكرية ضد هذا المبدأ

هلل جرمي ابن ال20 عاما يسكن في كيبوتس، قبل عام بالتحديد رفض الخنوع للخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي احتجاجا ورفضا للاحتلال الموجود لبعض مناطق الضفة الغربية والحصار على قطاع غزة، يقول: بدأت أؤمن ان كل البشر متساوون من الناحية الأخلاقية والخدمة العسكرية ودعم سياسة إسرائيل في المناطق المحتلة ضد هذا المبدأ، وانا نظرت الى أصدقائي الذين يمضون ثلاثة سنوات من عمرهم في المناطق المحتلة ويساهمون بمعاناة الالاف من الفلسطينيين. لذلك قررت ان لا اتبع طرق ملتوية أعلن رفضي من خلالها بل التصرف كمواطن متمسك بمبادئه وأتحدى أصحاب القرار والاحتلال الموجود في هذه المناطق.

اول مرة دخل السجن كان يبلغ 19 عاما حيث قضى فيه 107 ايام يتابع ل "بكرا": ما قررته لم يفاجئ أحدا من البيئة المحيطة بي، الأصدقاء والعائلة وقد واجهت الدعم وأيضا الرفض في آن واحد، الأيام التي قضيتها في السجن تم تقسيمها على سبع فترات اعتقال متقاربة، وبالطبع خلال هذه الفترة كانوا يطلقون سراحي ويرسلونني مجددا الى معسكر الجيش في محاولة للضغط علي من جديد ولكنني ارفض فيقومون بحبسي مجددا.

يتراوح عدد رافضي التجنيد سنويا لأسباب مبدئية بين 5-10

عموما، الرافض للخدمة العسكرية يتلقى معاملة مختلفة عن الخادم في الجيش ولكن في نهاية الامر يتعلق ذلك بكونك يهوديا او تحمل قومية مختلفة حيث ان العديد من البدو لم يجدوا ما توقعوه بعد انهاءهم الخدمة العسكرية بل وواجهوا خلال تأديتها معاملة سيئة من رفاقه والمسؤولين عنه، حول ذلك قال هلل: حتى اللحظة لم اجد مكان عمل ثابت ولم يتم قبولي فعليا في أي مؤسسة اكاديمية حاولت الالتحاق بها ولكن اعتقد ان رفضي أداء الخدمة العسكرية لن يهم أحدا لأنني انوي القيام بالخدمة المدنية، نظرة الدولة الى اليهود الذين يرفضون الخدمة تختلف من سنة الى أخرى ومن رافض الى اخر، يجب التنويه الى ان هناك عدد من اليهود يرفضون الخدمة ولكن بصورة غير مباشرة حيث يذهبون الى طبيب نفسي ويحضرون تصريح يعفيهم من الخدمة.

يتراوح عدد رافضي التجنيد سنويا لأسباب مبدئية بين 5-10 حيث يعلنون ذلك أيضا. في اللحظة التي يقول بها الرافض انه لن يتجند لأسباب سياسية يتم وضعه في السجن العسكري لمدة معينة ومن ثم يحررنه الى الجيش ويستمرون كذلك حتى اما ان يقضي مدته في السجن او يخضع ويوافق على أداء الخدمة العسكرية، الرافض يدخل السجن العسكري حيث يحاول المسؤولين اطلاق سراحهم مجددا بين 30-7 يوما ويعيدونهم الى مقر الجيش، واذا رفضوا مجددا أداء الخدمة تتم اعادتهم الى السجن.

الخدمة في الجيش الإسرائيلي او أي جيش في منطقة الشرق الأوسط تناقض القيم الأخلاقية!

عن نظرته الى العربي الذي يخدم في الجيش علما انه هو اليهودي رفض ذلك قال: المجتمع الإسرائيلي مركب جدا، لم اتلق دعما كبيرا لقراري ولكنني لا اشعر انني منبوذ اجتماعيا بسبب رفضي التجنيد، معظم ردود الفعل كانت اما انني مجنون او لا اعي الواقع حولي، عائلتي حاولت اقناعي حينها القيام بالخدمة حيث خافوا بان ينبذني المجتمع الإسرائيلي ويكون من الصعب إيجاد أصدقاء والتأقلم مع الوضع الذي خلفه الرفض.
واختتم: اعتقد ان الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي او أي جيش موجود في منطقة الشرق الأوسط هو امر يناقض ويخرق المبادئ الإنسانية والقيم الاخلاقية جميعها بصرف النظر يهودي او عربي، بالمقابل فان عائلتي واصدقائي خدموا ويخدمون في الجيش الإسرائيلي وانا أحاول ان افصل بين ارائي السياسية وبين حياتي الشخصية، وانا انظر الى العرب الذين يخدمون بصفوف الجيش الإسرائيلي بنفس الطريقة، اعتقد ان ما يقومون به هو مناقض للأخلاق ولكنني لا احكم عليهم كبشر وعموما انا اعتقد ان الخدمة العسكرية لا يجب ان تؤثر على وضع الفرد في المجتمع الاسرائيلي سواء رفض الخدمة او أداها.

ارفض مبدأ الاحتلال، معظم الأطفال اليهود لا يحبون الجيش!

مايا براند بيجنباوم رفض هي الأخرى تأدية الواجب العسكري والانضمام الى صفوف الجيش الإسرائيلي حيث من المتوقع ان تتم محاكمتها بعد أسبوعين ووضعها في السجن العسكري قالت، أهلها ينشطون في حركات يسارية تدعوا الى السلام وترعرعت في بيئة ترفض الاحتلال: منذ ان كنت طفلة لم أرى نفسي كجندية، اعتقد ان معظم الأطفال اليهود لا يريدون التواجد في الجيش الإسرائيلي ولكن يتم تلقينهم عن الجيش واهمية أداء الخدمة في الجيش، ويصورون لهم الجيش على انه مكان جميل ومهم، بالمقابل انا كبرت في أحضان عائلة تنظر الى الأمور بشكل آخر، اهلي ينشطون في حركات ترمي وتدعو الى السلام.

وأضافت: ترعرعت على الفكرة الحقيقية الوحيدة بان الوضع السيء الموجودون به اليوم هو نتيجة الاحتلال المستمر منذ عقود وانا اعتقد ان معرفتي الحقيقية بالفلسطينيين في الداخل وفي الضفة اثرت إيجابيا على قراري برفض الخدمة العسكرية في الجيش، حيث اشعر انني بهذه الطريقة احتج على المعاناة التي تعرض اليها الفلسطينيين وامامي هذه الفرصة ان أكون جزءا من رفض الجيش الذي يعلم الاحتلال واشرح السبب حتى يكون هذا الموضوع على جدول الرأي العام في الدولة خصوصا ان الفكرة المأخوذة عن الجيش الإسرائيلي بانه مكان جيد يحمي الدولة وهذا غير صحيح.

وتابعت: التحدي الأكبر هو مواجهة البيئة المحيطة بي، مدرستي واصدقائي عندما اتحدث إليهم يتهمونني بالكسل والخوف، وهناك من يرون بأنني عندما ارفض الخدمة العسكرية فإنني ضد الدولة وانا فقط ارفض مبدأ الاحتلال، ويسألونني كيف سيكون لما دولة اذا انا وغيري لم نتجند لهذه الأسباب عندها انا اطرح عليهم بانه يجب الوصول الى تسوية وان يكون هناك دولة للفلسطينيين وان نخرج من الضفة الغربية وانه يجب ان يكون هناك مساواة بين الفلسطينيين واليهود.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]