شغلت العديد من القضايا الجدلية المتعلقة بالفتوى، الرأى العام المصرى خلال الآونة الأخيرة، والتى حسمت دار الإفتاء المصرية الجدل فيها، بإصدار فتاوى واضحة، ساهمت فى تقليص الجدل الدائر حولها.


النقاب

وتعد قضية النقاب من القضايا الأكثر جدلا خلال السنوات الماضية، حيث يميل الفكر السلفى وغيره من أنصار الفكر المتشدد إلى التأكيد على أن النقاب فرض، الأمر الذى دفع دار الإفتاء إلى الرد على مثل تلك الأفكار والفتاوى الشاذة، عبر فتاوى رسمية، حيث أكد المفتى فى فتوى له، أن النقاب عادة وليس فرضًا، مؤكدًا أن أمر اللباس والهيئات الشخصية من العادات التى ينبغى أن ينزل المرء فيها على استحسان البيئة، ومن درجت بيئته على استحسان شىء منها، كان عليه أن يساير بيئته.


سفر المرأة من دون محرم

من القضايا التى عكف عليها فضيلة مفتى الجمهورية من أجل نشر سماحة الإسلام أيضًا، إصدار فتوى رسمية، تؤكد أن سفر المرأة وحدها فى هذا الزمن عبر وسائل السفر المأمونة وطرقه المأهولة ومنافذه العامرة، جائزٌ، ولا حرجَ فيه، سواء أكان سفرًا واجبًا، أو مندوبًا، أو مباحًا، مشددا على أن الأحاديث التى تنهى عن السفر بغير محرم محمولةٌ على حالة انعدام الأمن التى كانت ملازمةً لسفر المرأة وحدها فى السابق، فإذا توفر الأمن ارتفع النهى.



تحديد وتنظيم النسل

قال مفتى الديار المصرية الدكتور شوقى علام، إن تحديد النسل جائز شرعا، وإنه يجوز للزوجين أن يلتمسا وسيلة من الوسائل المشروعة لتنظيم عملية الإنجاب بصورة تناسب ظروفهما، ولا ينطبق على هذه الوسائل التحذير من قتل الأولاد خشية الإملاق، لأنهم لم يتكونوا بعد.

وتابع: رأى الدين يدعو دائمًا للتوازن بين عدد السكان وتحقيق التنمية، حتى لا تؤدى كثرة السكان إلى الفقر، كما استنبط الإمام الشافعى ذلك من قوله عز وجل: "فإن خفتم ألا تعدلوا".

وأضاف المفتى أن دار الإفتاء استقرت فى فتواها على أن تنظيم الأسرة من الأمور المشروعة والجائزة شرعًا، وهذه المنظومة التى نسير عليها متسقة مع منظومة التشريعات المصرية، كما أن الإسلام يدعو للغنى وليس الفقر، ويدعو للارتقاء بالمجتمع والأسرة.


الختان

كما حاربت دار الإفتاء بعض العادات السيئة، منها قضية الختان، بالتأكيد على أنها ليست من قبيل الشرع ولا تمت للشريعة بصلة، فأكدت الدار بأن الختان مخالف للشرع والقانون، مشددة على أن قضية ختان الإناث ليست قضية دينية تعبدية فى أصلها، ولكنها قضية ترجع إلى العادات والتقاليد والموروثات الشعبية، خصوصًا أن موضوع الختان قد تغير، وأصبحت له مضار كثيرة جسدية ونفسية، ما يستوجب معه القول بحرمته والاتفاق على ذلك، دون تفرق للكلمة واختلافٍ لا مبرر له.

دار الإفتاء
وحذَّرت دار الإفتاء من الانجرار وراء تلك الدعوات التى تصدر من غير المتخصصين لا شرعيًّا ولا طبيًّا، والتى تدعو إلى الختان وتجعله فرضًا تعبديًّا، مؤكدة أن تحريم ختان الإناث فى هذا العصر هو القول الصواب الذى يتفق مع مقاصد الشرع ومصالح الخلق، وبالتالى فإن محاربة هذه العادة هو تطبيق أمين لمراد الله تعالى فى خلقه، وبالإضافة إلى أن ممارسة هذه العادة مخالفة للشريعة الإسلامية فهى مخالفة كذلك للقانون، والسعى فى القضاء عليها نوع من الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.

قضايا شائكة حسمها المفتى

وأكد الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتى الجمهورية، والأمين العام للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، أن دار الإفتاء كان لها باع فى حسم عدد من القضايا الهامة التى أصدر بشأنها المفتى، الدكتور شوقى علام، فتاوى قاطعه يأتى على رأسها قضية الطلاق الشفوى، حيث أكد المفتى أن عقد الزواج يتم بيقين وبحضور الأهل والمأذون والشهود والناس، وأن هذا العقد لا يُرفع إلا بيقين بمعنى أنه يجب أن نتيقن أن هذا الزوج قد تلفظ بالطلاق، قاصدًا إنهاء العلاقة الزوجية بلفظ ونيه صريحة.

الزواج والطلاق

وأوضح نجم أن المفتى ذهب فى هذا الأمر إلى أن الطلاق هو حل عقدة النكاح أو الزواج، الذى تم بناؤه على الألفاظ، وأن التوثيق ما هو إلا توثيق للألفاظ، ولذلك فإن الأصل فى الزواج هو الصيغة اللفظية التى تقع بين الزوج وولى الزوجة، حيث أكد أن حل عقدة الزواج الذى تم بالكلام يكون أيضًا بالألفاظ، كما أن الأصل فى الزواج والطلاق هو الألفاظ الشفهية، ولهذا فإن الدار لا تصدر حكمًا بوقوع طلاق الرجل لزوجته، إلا بعد التحقيق مع الزوج بواسطة نحو عشرة علماء، حفاظًا على الأسرة، وإذا ما تحققت اللجنة الشفهية من الزوج، تفتى له بالطلاق حتى قبل أن يوثّق، وهذا التوثيق لإثبات الحقوق ولا دخل له بالحلال والحرام.



قضية التسويق الشبكى

كذلك حسم المفتى قضية التسويق الشبكى، مشددًا على أنها قضية متطورة، تختلف يومًا عن يوم، ولا بد من الوقوف على كل صورة على حده، حيث سبق لدار الإفتاء منع هذا التعامل فى صورة معينة وردت إليها، وحسم مفتى الجمهورية الأمر مؤكدًا أن الجهالة تكتنف هذا العقد ولا يوجد نظام قانونى يضبط هذه المسألة، لذلك رأى المنع فى هذا الوقت.



عملة "البتكوين"

وعلى صعيد آخر، ألمح نجم إلى فتوى الدكتور شوقى علام بشأن عملة "البتكوين"، وذلك بعدم جواز التعامل بها شرعًا لعدمِ اعتبارِها كوسيطٍ مقبولٍ للتبادلِ من الجهاتِ المخُتصَّةِ، ولِمَا تشتمل عليه من الضررِ الناشئ عن الغررِ والجهالةِ والغشِّ فى مَصْرِفها ومِعْيارها وقِيمتها، فضلًا عما تؤدى إليه ممارستُها من مخاطرَ عاليةٍ على الأفراد والدول، إلى جانب كونها عمله افتراضية غيرُ مغطَّاةٍ بأصولٍ ملموسةٍ، ولا تحتاج فى إصدارها إلى أى شروطٍ أو ضوابطَ، وليس لها اعتمادٌ مالى لدى أى نظامٍ اقتصادى مركزى، ولا تخضعُ لسلطات الجهات الرقابية والهيئات المالية، لأنها تعتمدُ على التداول عبر الشبكة العنكبوتية الدولية "الإنترنت" بلا سيطرة ولا رقابة.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]