د. رنا زهر، محاضرة جامعية وناشطة سياسية ونسوية. شغلت منصب عضو بلدية الناصرة سابقا عن جبهة الناصرة الديمقراطية. من خلال فترة مكوثي في هذا المنصب، وما بعد انتهاء الدورة ايضا، ساهمت وما زلت أساهم برفع الوعي لأهمية مشاركة النساء في الحياة السياسية المحلية والقطرية كناخبات وكمنتخبات جمهور ايضا. سنوياً اشارك في عشرات الندوات تطوعا لحث النساء على أخذ دور فعال في الحيز العام والمجتمع والسياسة وأشاركهن تجربتي التي من خلالها أفند الكثير من الأفكار المسبقة عن النساء السياسيات وأشجع النساء على خوض التجربة. ولك أكاديميا من خلال كتاباتي وابحاثي والمؤتمرات التي اشارك بها اتناول موضوع النساء والسياسة من ابوابه السوسيولوجيا واللغوية، مساهمة مني في سد الفجوة في الادبيات البحثية حول النساء العربيات الفلسطينيات في السياسة الإسرائيلية.

د. زهر قالت ل "بكرا" حول التصويت: دخلنا المرحلة الحاسمة من انتخابات تبدو الأهدأ منذ الانتخابات الأولى، وقد مرت الناس بانتخابات بلدية فبرلمانية، ثم برلمانية ثانية بغضون أشهر، ولكن الأهم أن الجمهور الواسع لا يشعر بالفرق الجوهري السياسي والاجتماعي بين الحزبيْن الأكبرين، وأما المواطنون العرب فيريدون التصويت وفرض المكانة والتأثير ولكن الإقصاء الرسمي المثابر أعيى شرائح واسعة. وآب يفرض ملله، والناس بين العيد والعطلة والتحضير للمدارس.. كلها عوامل تجعل الانتخابات رتيبة بين العرب واليهود، كما لم تكن يومًا. النقاش حول المشاركة والمقاطعة هو نقاش أيديولوجي تشارك به مجموعات مؤلدجة ومحزّبة، والناس ليست شريكة به! القائمة المشتركة يجب أن تركّز اهتمامها ليس بالمقاطعين أيدلوجيًا، وإنما بالمحبطين وغير المكترثين. ولربما من بين هؤلاء، الاقل اكتراثا أو إحباطاً وبالتالي تصويتا هم الشباب والنساء.

الانتخابات ليست فقط حق، إنما حق منتزع بالنسبة لنا كأقلية عربية فلسطينية في هذه البلاد

وتابعت: الانتخابات ليست فقط حق، إنما حق منتزع بالنسبة لنا كأقلية عربية فلسطينية في هذه البلاد، وكنساء بشكل خاص. هو حق دفع أهلنا ثمنه غاليا. وهناك شعوب بذلت دماء عشرات الآلاف من أبناء شعبها، كنضال السود في جنوب إفريقيا بقيادة ال ANC من أجل حق One man, One vote. ودفعت العديد من النساء في العالم حياتها من اجل هذا الحق أيضا وما زلن يناضلن ويدفعن اثمانا باهظة من اجل الحصول عليه في بعض الاماكن. في حالتنا، يُصبح هذا الحق واجبًا أخلاقيًا. والتفريط بهذا الحق يعني عدم وفاء للحركة النسوية (التي احتفلت في العام المنصرم بمئوية حصول النساء على حق الاقتراع بالعالم لأول مرة في ١٩١٨ في بريطانيا) وللمئات من نسويات شعبنا اللواتي نعتز بهن ممن ناضلن منذ ال 48 لنحظى نحن بهذه الأداة لتحسين ظروف معيشتنا، وما زلن يناضلن من اجل مساواة جوهرية وتامة في المشاركة في الحياة والتمثيل السياسي. التفريط بهذا الحق يعني الرجوع الى المربع الأول، وهو استخفاف بالكثير مما حققناه كنساء ورجال من إنجازات عامة ونسوية كأقلية عربية فلسطينية في البلاد.

وأضافت: على النساء العربيات بشكل خاص- بما ان نسبة مشاركتهن بالتصويت اقل من الرجال بحسب الاحصائيات- أن يعين بأن معظم مشاكلنا كنساء (بطالة، فقر، محدودية فرص العمل، ضعف المواصلات في بلداتنا العربية، قلة وجود حضانات أطفال للأمهات العاملات، وعنف غير ملجوم ضدهن وغيرها) هي في جوهرها مشاكل سياسية وإن ظهرت كمشاكل اقتصادية أو اجتماعية. فكلها مرتبطة ارتباطا وثيقا بسياسات الحكومات واولوياتها. وكل ما يعانيه أبناء شعبنا من ويلات جلبتها علينا حكومات نتانياهو المتعاقبة من شيطنة، وتهميش وتضييق خناق ومصادرة أراضي وهدم بيوت وغيرها، تشعر به النساء العربيات على اجلادهن اضعاف الاضعاف، فهن الحلقة الأضعف اقتصاديا واجتماعيا. فكيف لنا في ظروفنا هذه كنساء ان نقف جانبا ولا نشارك في المحاولة لإسقاط حكومة نتانياهو الكارثية وفي تحسين ظروف معيشتنا على الاقل؟ ولمن سنتجه نحن النساء للمطالبة بأبسط حقوقنا في التعليم، والثقافة والعمل وغيرها؟ لميري ريجيف؟ لشاكيد؟ لسموتريتش؟ وماذا نتوقع منهم؟ نحن بحاجة الى أعضاء برلمان من نساء (ورجال شعبنا أيضا) ممن يعشن تجربتنا ومعانتنا ويستطعن رفع صوتنا في البرلمان والحفاظ على مصالحنا. نحن بحاجة لعايدة توما، وهبة يزبك، وسندس صالح وايمان خطيب وغيرهن. هن صوت النساء العربيات الفلسطينيات في البلاد على مختلف اطيافهن.

معركتنا الاهم الان هو على وعي جمهورنا من المصوتين والمصوتات تحديدا

ونوهت: يلوح الكثيرون بادعاء عبثية التمثيل السياسي للعرب في البرلمان الإسرائيلي وخاصة بما يتعلق بالنساء ونضالاتهن. يمكن تفنيد هذا الادعاء بالحقائق البسيطة. وسأذكر فقط غيض من فيض من قوانين ومسارات حققوها نوابنا العرب وخاصة النائبة عايدة توما لصالح النساء في البلاد بشكل عام والنساء العربيات بشكل خاص: تحصيل ميزانيات لملاجئ للنساء المعنفات ولمنع اغلاق بيت النعمة الذي يخدم العديد من النساء والعائلات، وضع خطة لدمج النساء العربيات البدويات في النقب في سوق العمل، الحصول على تصاريح دخول وخروج لعشرات النساء الغزيات مرضى السرطان, وساهمت في ضمان حقوق العاملات والعمال الاجتماعيين وغيرها الكثير، وكل هذا رغما عن الأجواء التحريضية التي يعملون بها. فما بالكم وبالكن عندما تعمل الى جانب عايدة كل من المرشحات الأخريات؟ كم سيعود هذا الزخم النسائي بالفائدة على شعبنا ونسائه؟

المعركة من اجل المواطنة والمساواة والمشاركة الندية، ومن اجل امننا ورفاهيتنا كنساء لا تتم بالضربة القاضية (Knockout)انما هي معركة تراكمية، ولكن معركتنا الاهم الان هو على وعي جمهورنا من المصوتين والمصوتات تحديدا. تشكيل القائمة المشتركة ودمج النساء بها بشكل أكبر وان كان غير كاف واصرارها على زيادة قوتها وتأثيره هي خطوة نوعية في الطريق التراكمي، فلندعمها بقوة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]