بالرغم من الهبة الشعبية والخطوات الاحتجاجية التي شهدتها البلاد مؤخرا من قبل المجتمع العربي ضد الجريمة وانتشار السلاح كان اخرها قافلة سيارات توجهت للقدس عبر شارع رقم 6 العابر لإسرائيل بمشاركة واسعة من المحتجين ساهمت في لفت انتباه الرأي العام ووضع القضية على اجندة الوزارات المختلفة الا ان المجتمع العربي يصحو اليوم على حادثتين مأساويتين أحداهما إطلاق رصاص على شخصية معروفة وهو يقبع الان في المستشفى بحالة مستقرة والأخرى قتل شاب من مدينة عارة.

الخطوات الاحتجاجية مستمرة، الا ان ذلك لا يعتبر رادعا للجريمة اذ تخللت الخطوات مطالبات واسعة بأن تأخذ الشرطة دورها بمعاقبة المجرمين وجمع الأسلحة، ما حاول ايصاله قبل أيام نواب المشتركة حينما التقوا مع وزير الامن الداخلي جلعاد اردان الذين اكد بانه سيتم إضافة وتوظيف اكثر من 600 عنصر شرطة إضافي في البلدات العربية مع صلاحيات كاملة ما اثار سخط واستياء الكثيرين لحساسية وجود الشرطة في البلدات العربية والتخوف من مساهمتها في قمع المواطنين العرب مشيرين الى ان الامر ليس عبثي والمقصود منه ليس حماية العرب وانما تأجيج الوضع اكثر.

عسكرة قرانا وتدججيها بأفراد شرطة بشكل عبثي قد يأجج الوضع بدل من تهدئته

المحامية والحقوقية عبير بكر قالت لـ "بكرا": ادخال شرطيين من دون خطة عمل شاملة وموجهة قد يجعل ظاهريا الناس تشعر بأمان او حماية للمدى القريب فقط. محاربة العنف لا تقتصر على حملات لم السلاح. التجربة بدول اخرى اشارت انه جمع كميات أسلحة لم يسهم في التقليل من نسبة الجريمة وحرب العصابات. يجب العمل حسب سلم اوليات تبدأ بتوجيه ضربة قاضية لفئات معينة من أجل اضعافها وبالمقابل العمل على تقوية وسائل حماية مجتمعية اخرى مثل مكاتب الخدمات الاجتماعية النوادي وأجهزة التعليم. علينا التفكير بالمدى البعيد. بالطفل الذي ترعرع ببيت فقد فيه أباه او أمه وبالحاجة لرعايته ومنعه من الانحراف نحو عالم الجنح كما الحال في العديد من العائلات التي فقدت فردا من افرادها نتيجة حرب العصابات او حتى نتيجة حادث قتل على خلفية نزاع عائلي. عسكرة قرانا وتدججيها بأفراد شرطة بشكل عبثي قد يأجج الوضع بدل من تهدئته.

خطوة من عدة خطوات!

الناشط الاجتماعي هاني نجم قال: لو كانت هذه الخطوة هي الوحيدة وليست واحدة من مجموعة خطوات تراكميه تساعد جميعها على تخفيض نسب العنف فستشمل الاجابة الكثير من التشكيك بالقصد والتخنيق على المواطن، لكن على ما يبدو هي خطوة من تعامل تصاعدي مع الموضوع من طرف الدولة لذلك يجب ان نستمر في النضال والتواجد في الميادين للمطالبة بتكريس جهود أكثر لمواجهة السلاح والتهديد، ومما لا بد التأكيد عليه ان القضية تحتاج الى جهود خاصه منا كمجتمع من اجل تعزيز ثقافة الحوار والتجسير والاخلاق.

ادخال 600 شرطي للبلدات العربية لن يمحو هذه الآفة جذريا

المحامي قيس ناصر الذي يعنى في قضايا الهدم رأى بان ادخال هذا العدد من عناصر الشرطة لن يحل المشكلة وقال: قضية العنف والجريمة في المجتمع العربي معقدة ومركبة جدا على ان ادخال 600 شرطي للبلدات العربية لن يمحو هذه الآفة جذريا بل هو في نظري مسكن جزئي لمرض خبيث مزمن. لآفة العنف والجريمة في المجتمع العربي جوانب تتعلق اولا وقبل كل شيء بدخول السلاح أصلا للمجتمع العربي ومن مؤسسة رسمية مثل الجيش ومن صفقات تهريب بإمكان الدولة ايقافها. وهناك جوانب تتعلق بانعدام اي شعور بالخوف والرادع لدى المجرمين وازدياد سيطرة عائلات ومنظمات الإجرام أمام عيون الشرطة وعلى دراية تامة للشرطة وعلى نحو يثير الشك ان كانت الشرطة ستتصرف بهذا النهج ذاته لو كان شلال الدم في البلدات اليهودية وليس العربية. انا اؤيد مطلب إقامة لجنة تحقيق رسمية شرط ان تلتئم هذه اللجنة وان تنهي جلساتها وتعطي توصياتها في أسرع وقت ممكن، واشعر ان رفض هذا المطلب من قبل الحكومة يؤكد مخاوف الحكومة والشرطة وجهات أخرى من ان يكشَفَ تورطها في تعزيز العنف والجريمة في البلدات العربية او ان يكشف المسؤولون عن إهمال علاج هذه الآفة وتركها تستفحل وتتفاقم في المجتمع العربي.

على الشرطة ان تبني بينها وبين المجتمع العربي ثقة قبل اعلان اي حل للمشكلة الراهنة

المحامية والناشطة الاجتماعية لنا ورور رأت بانه على الشرطة ان تبني بينها وبين المجتمع العربي ثقة قبل اعلان اي حل للمشكلة الراهنة. بناء الثقة لا يعني بالضرورة تواجد قوات شرطة لان تواجدها في المدن والقرى العربية من الممكن ان يزيد حدة المشاكل. بناء الثقة يتم بدراسة الوضع ووضع خطة مشتركة تناسب المجتمع في وضعه الراهن.

الشرطة بقيادتها وعناصرها الموجودة حاليا تستطيع وبإمكانها جمع كل السلاح

المحامي احمد دهامشة من مؤسسة ميزان رأى بان الشرطة لن تفلح بحل الأمور من خلال عناصر جديدة وقال: بالتأكيد لا، الشرطة بقيادتها وعناصرها الموجودة حاليا تستطيع وبإمكانها جمع كل السلاح الموجود في الوسط العربي وليست بحاجة لعناصر اضافية ولا لميزانيات ايضا انما عليها وضع خطة عمل وتفعيلها بشكل جدي وباعتقادي لديها القدرة على معرفة الغالبية العظمى من حملة السلاح وجمعه. ثانيًا، الاعلام عليه ان لا يتناقل مثل هذه التصريحات التي فيها مغالطات كبيرة وبيع كلام من أجل إسكات مجتمعنا وتضميد جرحه النازف، وأنها ستمنح صلاحيات تامة لرجال الشرطة، نتساءل هل من قبل ذلك لم يكن لرجال الشرطة صلاحيات.

وأضاف: لو تطرقنا لوحدات التحقيق التي تحقق في ملفات العنف والقتل فأننا نعيش اليوم حالة تروي فيها الشرطة في حالات معينه روايتهم الكاذبة البعيدة كل البعد عن الحقيقة بانها لم تستطيع التوصل للجاني لعدم وجود ادلة كافية، بينما يجدون الآذان الصاغية لروايتهم عندما تخص الجريمة المجتمع اليهودي فنجد نفس وحدات التحقيق قد توصلت بين ليلة وضحاها للجاني. وعليه نتوصل الى نتيجة ان الشرطة ليست بحاجة لزيادة ميزانيات ورجال شرطة بل هي بحاجة لتفعيل عناصرها بشكل سليم.

علينا ان نأخذ الامور مأخذ الجدية وطرح خطه شامله يأخذ فيها دور الحكومة والسلطات المحلية

المحامي عادل بدير ناشط سياسي واجتماعي عقب قائلا بدوره: الخطوات التي تمت في الأيام الاخيرة لها أثر كبير وفاعل على المجتمعين العربي واليهودي وايضا على المستوى الرسمي واول مره يظهر المجتمع العربي بشكل لائق ومنظم ويتكلم بصراحه وحرقه منقطعة النظير على امل ان تستمر هذه الخطوات حتى تحقيق الأهداف المرجوة على مستوى تحرك وزاري وحكومي يرتقي للمستوى المطلوب من أجل ذلك كان لا بد من إشراك المتابعة ورئيسها في كل الخطوات اذ لا يعقل أن من دعا إلى المظاهرات يتغيب عن اللقاء الحاسم مع وزير الأمن الداخلي يجب الاستمرار والابتعاد عن الخطوات الفردية او الانفراد باي قرار لأننا ما زلنا باول الطريق وعلينا مهمه صعبه قياده وشعبا لا يعقل أن يكون الحل بإضافة عدد من الشرطيين كي يكون انطباع ان هنالك تحرك.

وأضاف: المشكلة عميقه جدا وتحتاج إلى حلول استثنائية وجذريه على كل الأصعدة الحل الشرطي هو بمثابة ابرة تخدير مؤقته علينا ان نأخذ الامور مأخذ الجدية وطرح خطه شامله يأخذ فيها دور الحكومة والسلطات المحلية والقيادات العربية الرسمية وغير الرسمية، نرى فيها أفق وبداية حل وعلى رأسها محاربه تجمعات الإجرام من أجل تجفيف المصدر الاول لسفك الدماء وكذلك مقاطعه شعبيه واسعه للمرابين الذين يحرقون الأخضر واليابس ودعم الشباب الواعد للحد من مظاهر العنف الصغيرة والكبيرة ووأدها في مهدها اذا لم تكن استمرارية وخطة مدروسة وجماعيه سنبقى نعد الضحايا والأيتام هذه فرصة ذهبيه للعمل المشترك لحل شامل ومتكامل

ادخال 600 شرطي لن يكون سببا كافيا في القضاء على الجريمة

المحامي شادي الصح أشار بدوره لـ "بكرا": ان كان الحديث فقط عن ادخال 600 شرطي الى البلدان العربية للتقليل من نسبة الجريمة والعنف المستشري في مجتمعنا العربي فأني أرى ودون ادنى شك بأن ادخال 600 شرطي لن يكون سببا كافيا في القضاء على الجريمة واني ارى بهذه الخطوة لإسكات الهبة الجماهيرية الأخيرة من مظاهرات وقوافل السيارات وإغلاق شوارع اساسية وتعطيل حركة السير في الدولة، اضافة الى ادخال عناصر الشرطة يجب ان يتبعها اجراءات اخرى مهمة وهي اعتبار السلاح المنتشر "ضربة للدولة" وعلى المحاكم في جميع درجاتها التعامل مع آفة السلاح كضربة للدولة تماما مثلما يتم التعامل مع قضايا البناء الغير مرخص، يجب تشديد العقوبات وانزال اشد العقوبات بحق حاملي السلاح هذا من شأنه ان يساعد في التقليل شيئا فشيئا من نسبة الجريمة في مجتمعنا العربي الذي يأن ويتألم لما آلت اليه الظروف.

محاربة عصابات الأجرام هو دور الشرطة وهي غير جادة في هذا وبالعكس

المحامي ونائب رئيس بلدية طمرة نضال عثمان قال: اولا علينا التأكيد انه فقط حين نكون منظمين كمجتمع ولدينا برنامج للعمل امام مؤسسات الدولة ممكن أن تحدث التغيير. الاستثمار الحكومي ل 600 شرطي جديد مهم وهو نتيجة نضال وضغط الجماهير العربية ولكن من المهم التأكيد أن زيادة عدد الشرطيين ليس كفيل بالتغيير والمهم أن يكون هناك برنامج عمل لدى الشرطة لمحاربة الجريمة والسلاح والجرائم التي تسبب جرائم القتل واستعمال السلاح.

وتابع: محاربة عصابات الأجرام هو دور الشرطة وهي غير جادة في هذا وبالعكس ممارساتها تشجع مجموعات الاجرام على الاستمرار. مطلبنا يجب أن يكون عرض برنامج عمل مع غايات واضحة تعرض على قيادات الجماهير العربية وبضمنها ضمان حماية الناس لتكون مستعدة للمواجهة وعدم الخوف. بغياب خطة وبرنامج عمل مفصل يبقى الإعلان عن زيادة عدد أفراد الشرطة في البلدات العربية غير ناجع ولربما يأتي بنتائج عكسية.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]