نشرت صحيفة "غلوبس" الاقتصادية تقريراً تضمّن ربطاً بين ظواهر العنف والجريمة في المجتمع العربي – من جهة – وقروض الإسكان التي يحتاج اليها المواطنون العرب – من جهة أخرى .

ونظراً لأهمية هذا التقرير – وخطورته – ننشر مقاطع مما ورد فيه، من أجل التأمل والتمعّن في مضامينه، ومن أجل تعريف المتصفحين بجوانب ربما تكون خافية عليهم وعلى بيئتهم الاجتماعية التي تعيش حياة ينخر في عظامها كمّ هائل من الفقر والعنف، على حد سواء ...

عندما تُصبح "عصابات الخاوة" بديلاً للبنك! 

"يبدو أن إحدى البلدات العربية الأشد فقراً – حسب المعطيات الرسمية للفقر في إسرائيل – قد سجلت رقماً قياسياً "غير مرغوب"، يتمثل بعدد كبير من المصابين في أطرافهم السفلى، بسبب تعرّضهم لاطلاق الرصاص او للضرب بالعصي والهراوات!

"هنالك علاقة مباشرة بين الفقر والجريمة في هذه البلدة – وبين إصابات المواطنين: فمن أجل الصمود اقتصادياً ومادياً، يضطر السكان هنا للحصول على قروض من السوق السوداء، التي تُسيطر عليها غالباً عصابات الجريمة، وعندما يواجهون صعوبة في تسديد الديون، التي يستدينونها بفوائد باهظة جداً، يبدأ المقرضون بالتحرك. في البداية يوجهون التهديدات، ثم يوجهون التحذير والانذار عن طريق إطلاق الرصاص على المنزل او المصلحة التجارية، وفي مرحلة لاحقة لا يتورعون حتى عن إطلاق الرصاص على الارجل، أو عن وضع عبوة ناسفة في السيارة، فيلجأ المقترض الى الاعتماد على الحمولة لتساعده في تسديد الديون.

العرب يشكلون 2% فقط من الحاصلين على قروض الإسكان

ويشير مصدر أمني كبير – وهو على علم ودراية بهذه الظاهرة – الى أن حوادث العنف المتعلقة بقروض الإسكان ("المشكنتا") في المجتمع العربي تشكل جزءاً لا يستهان به من الاحصائيات العامة، حيث أصبح هذا "العمل المربح" واحداً من المجالات الرئيسية لأنشطة عصابات الجريمة في المجتمع العربي داخل إسرائيل.

"ان نجاح هذه العصابات في منح "القروض السوداء" نابع، بقدر كبير، من الإشكاليات العويصة التي يواجهها المواطنون العرب في الحصول على قرض للإسكان، طويل المدى، بالوسائل المتبعة – أي عن طريق البنك. ولقد أظهرت نتائج بحث نشرها قبل عامين بنك إسرائيل المركزي، ان المجتمع العربي يشكل 2% فقط من مجمل قروض الإسكان الممنوحة للمواطنين الإسرائيليين، بينما يشكل العرب نسبة تزيد عن 20% من مجمل السكان في إسرائيل، مع الإشارة الى ان المواطنين العرب في المدن المختلطة يشكلون 4% من مجمل الحاصلين على قروض الإسكان، ورغم ذلك تبقى هذه النسبة منخفضة بكل المقاييس، لا سيما وأنهم يشكلون 24% من سكان تلك المدن .

أين المشكلة؟

"فلماذا يواجه المواطنون العرب صعوبات في الحصول على قروض الإسكان؟ 

"يشير بنك إسرائيل الى ان السبب الرئيسي يعود الى الإشكاليات والصعوبات في تسجيل العقارات والأملاك في البلدات العربية، من أجل الاعتماد عليها كضمانات للقروض، بالشكل القانوني المتبع، مع الإشارة الى ان عدداً كبيراً من المنازل قائم بدون تراخيص، بسبب انعدام الخرائط الهيكلية، الأمر الذي يجعل هذه المنازل غير مستحقة من ناحية الحصول على قروض الإسكان.

"كما ان احدى أبرز المشاكل والمعضلات في الحصول على القروض وفي تسديد الأقساط – تتمثل بأنماط المعيشة والسكن حيث يتشارك أفراد الأسرة أو الحمولة في ملكية بناية أو عمارة، وعندما يعجز المقترض عن التسديد، تنشأ مشكلة محاسبته ومحاسبة شركائه بالملك – ناهيك عن الإشكاليات في التحديد الدقيق لرواتب ومصادر عيش المواطنين العرب، بسبب النطاق الواسع "للاقتصاد الأسود" – أو العشوائي!

ما العمل؟ 

يبدو أن مكافحة العنف في المجتمع العربي، هي مسألة مركبة ومعقدة ومتعددة الأبعاد. ومن ناحية الجرائم الاقتصادية وعصابات الجريمة التي تسيطر على السوق السوداء، فان هذه المسألة (المكافحة) تبدو أصعب وأصعب : ذلك أن المجتمع العربي فاقد للثقة بالشرطة ، وحتى عندما تتلقى شكاوى، فان هذا لا يعني توفير وضمان الحماية الكافية للمواطنين من سطوة العصابات المتغلغلة في مختلف جوانب حياتهم.

"وتبدو المسألة أسهل قليلاً في مجال البناء، حيث من الممكن تسريع وتسهيل حل مشكلة الخرائط الهيكلية وتراخيص البناء، وبذلك يصبح بإمكان المزيد من المواطنين العرب الحصول على قروض الإسكان. وفي هذه الاثناء يمكن النظر في مسألة منح البنوك ضمانات من الدولة، من اجل تشجيعها على منح القروض للمواطنين، الأمر الذي من شأنه وضع حد للجوئهم الى العصابات، والاعتماد عليها في الحصول على الأموال والقروض".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]