في مبادرة نوعيّة ومجتمعيّة وتعد الأولى في البلاد، يدشن يوم الأحد، الـ24 من تشرين ثاني 2019، البيت المُوازن الأول للصحة النفسيّة في المجتمع العربيّ، في قرية السواعد الحميرة بالقرب من شفاعمرو.
ويأتي البيت المُوازن، الذي تأسس على يد عدد من المبادرين بالشراكة مع صندوق المرضى "مؤحيدت" ومفتوح للجمهور العام، لسد احتياج كبير في مجال الصحة النفسيّة للمجتمع العربيّ، حيث يُأسس هذا البيت، بصورة حساسة ثقافيًا لمجتمعنا العربيّ والذي يعاني من نقص في الخدمات النفسيّة، علمًا أنّ هنالك 7 بيوت مشابه قطريًا إلا أنها في الوسط اليهودي فقط.
ويرتكز البيت المُوازن، والذي يشكل بديلا عن المكوث في المستشفى للصحة النفسيّة لأفراد يعانون من أزمات نفسيّة، على المفهوم أن المكوث في مستشفى يقلل احتمالات الشفاء، حيث اظهرت الأبحاث إلى أنّ 53% من متعالجي الصحة النفسيّة يعاودون الرجوع إلى المستشفى، كما وأظهرت أنّ المكوث في المستشفى يُشّكل صدمة، ثقافيّة وصحيّة، إلى البعض قد تقود إلى تأزم حالتهم عوضًا عن مساعدتهم في العلاج.
ويشار في السياق إلى أنّ موضوع الصحة النفسيّة لا يلقى اهتمامًا مؤسساتيا في مجتمعنا العربي، حيث يحصل على أقل اهتمام باعتباره "رفاهية صحيّة وجسدية" دون الأخذ بعين الاعتبار إلى كونه حالة تؤثر وبشكل كبير على الفرد في كافة المجالات.
وأشارت الأبحاث مؤخرًا إلى إزياد ملحوظ في مستوى الأزمات النفسية للأفراد في المجتمع العربي والتي تظهر من خلال عدة عوامل منها؛ الإحباط، الرهاب، عدم الرضى، غياب الأمل، شعور دائم بالضغط النفسي، وحدة وحتى حالات من الضياع.
كما ويُشار إلى أنه ومقابل هذه الأبحاث، هنالك عدم اكتراث مؤسساتي، قد يعود سببها إلى مفهوم المرض لدى المجتمع العربيّ غير المتقبل له، أو إلى أسباب بيروقراطية أخرى، وفي كل الأحوال فقط 7% من عيادات الصحة النفسيّة التابعة لصناديق المرضى موجودة في مجتمعنا العربيّ، و3% من العيادات المُعترف بها لتدرب للأطباء في المجال موجودة في مجتمعنا العربيّ، كما أنّ 1.9% من أطباء الصحة النفسية هم عرب و- 5.5% من المعالجين النفسيين هم عرب!
وفي تعقيب له على المعطيات واهميّة المبادرة، قال د. عراد كودش، طبيب مختص بالصحة النفسية ورئيس قسم الصحة النفسية في صندوق المرضى "مؤحيدت" على أنّ: "مؤحيدت" كانت السباقة والأولى في دعم مبادرة مشابهة، علما أنها تقدّم خدمات مميّزة للمجتمع العربي. لـ "مؤحيدت" هنالك تجربة ناجحة مع مبادرات مشابهة، منها "بيت علما" والذي ينشط منذ عامين بالتعاون مع "حيرام". هذه المبادرة تهدف إلى تقديم خدمات إلى المتعالجين للشفاء في بيئة اجتماعيّة، قريبة من ثقافتهم وخارج البيت.
وفي توضيح عن رؤيا المُبادرة، قالت العاملة الاجتماعيّة ياسمين حسن- المديرة المهنية لـ "مساحة": يحمل البيت رؤيا خاصةً، مبنيّة على المفهوم والفرضيّة أنّ الإنسان الذي يعاني من أزمة نفسيّة بحاجة إلى أوسع وأعلى اهتمام من أجل مواجهة الأزمة، بدءً من بناء حيز آمن له، والملائم لاحتياجاته الشخصيّة والثقافية، وحتى الحصول على علاج طبي قادر على مساعدته في الاندماج مجددًا في الحياة اليوميّة.
وأضافت: نؤمن أنه ولمواجهة الأزمة النفسيّة علينا أنّ نبني حيّزًا الذي يمنح المريض علاجًا يأخذ بعين الاعتبار علاقاته الأسرية، طبيعة تصرفاته اليوميّة، أنماط تفكيره وتفكير البيئة المحيطة به، التوقعات المُجتمعيّة، وخصائص عائلته ولغته، وعليه اسسنا مساحتنا.
وأوضحت: اسس العلاج في مساحة مبنية على الايمان بالقوة الكامنة بالفرد للتغلب على المرض والأزمات، كما وانها تشمل نشاطات يومية تحافظ على حراك دائم وفعال للمتعالجين، منها حوار مجموعات، علاج بالفن، جولات في الطبيعة، إلى ذلك نؤمن في "مساحة" أنّ الحفاظ على تواصل مع العائلة ومحيط المُتعالج سيسهم في شكل كبير بمرحله شفائه وتبلور هويته.
بدوره، قال المبادر نوعم هوروفيتش: هذه المبادرة طلائعية، ومؤشر على دعم المجتمع المدني داخل المجتمع العربي، نحن على أمل أن نقوم بتطوير مبادرات أخرى ابتكارية في مجال الصحة والتي تساعد افرادًا لتخطي ازمات نفسيّة.
وعن اختيار موقع السواعد الحميرة، قال أمين سواعد، المدير التنفيذي: الموقع اختير لتميزه، فالحديث عن قرية صغيرة، نائية، هادئة، متواصلة مع البيئة إلى حد كبير، الأمر الذي يضمن هدوئا نفسيًا للمُتعالجين كمان ويمنحهم الخصوصيّة.
وأختتم بالقول: الحديث عن بيت، لكن إلى جانبه مساحات واسعة سيتم فيها تنظيم الفعاليات المختلفة، كما وأنّ هنالك حديقة علاجيّة مساحتها 100 دونمًا.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]