*كيف تجري إدامة وتثبيت واقع اللامساواة بين طلاب المدارس في إسرائيل؟ "شومريم" – المركز للاعلام والديمقراطية، بالتعاون مع صحيفة "كلكليست" يكشفان من خلال مشروع خاص، حجم استثمارات السلطات المحلية في مجال التربية والتعليم، حيث يتبين ان المجتمع العربي قابع في أسفل التدريج، وتتجلى النتائج السلبية بشكل واضح في إنجازات وتحصيلات الطلاب، وفيما يلي ملخص لهذا المشروع من اعداد موقع "بكرا"

*****
خاص بموقع "بكرا"

القسوم، دير الأسد، جسر الزرقاء، طرعان، عرعرة، نحف، اللقية، حورة، راهط – هذه البلدات التسع جميعها تحتل اسفل التدريج الخاص باستثمارات السلطات المحلية في طلاب مدارسها، والذي ينشره هذا الأسبوع مركز "شومريم" للإعلام والديمقراطية، سويةً مع صحيفة "كلكليست"، حيث يتبين أنها، جميعها، سلطات محلية عربية، بينما تحتل المرتبة العاشرة السفلى سلطة محلية يهودية هي "رخسيم"، التي تضم سكاناً من اليهود المتدينين (الحريديم). وعموماً – فمن أصل الخمسين سلطة محلية التي تستثمر أقل المبالغ في كل طالب – هنالك (46) سلطة محلية عربية، بينما السلطلة المحلية الأخيرة في القائمة (الرابعة من الأسفل ضمن جميع السلطات المحلية، العربية واليهودية في إسرائيل) هي بلدة "اللقية" العربية البدوية في النقب، والتي يبلغ معدل الاستثمار في الطالب الواحد قرابة (450) شيكل. وعلى الرغم من ان وزارة التربية والتعليم تخصص لكل طالب في اللقية (21) ألفاً و (200) شيكل سنوياً – أي ما يزيد عما تخصصه لكل طالب في بلدة "روش بينا" اليهودية، مثلاً، بنسبة 5% - إلا ان السلطة المحلية في هذه البلدة اليهودية تضيف على ما تخصصه وزارة التربية والتعليم لكل طالب مبلغ (15) الف شيكل من خزينة سلطتها المحلية، وبذلك يصبح الاستثمار الإجمالي في كل طالب في "روش بينا" اكثر من الاستثمار للطالب في "اللقية" بنسبة 63%.

(ناقص) 442 شيكل!

واذا كان يبدو انه من المستحيل ان نرى واقعاً أسوأ من هذا – فها هو نموذج المجلس الإقليمي "البطوف" في منطقة الجليل، حيث يبلغ معدل استثمار المجلس في كل طالب (ناقص – مينوس) (442) شيكل سنوياً. أجل – ناقص. ومعنى ذلك ان المجلس يستثمر في كل طالب مبلغاً يقل عمّا تخصصه له وزارة التربية والتعليم بواقع (442) شيكل. وبالنسبة لأية زيادة لكل طالب من قبل السلطة المحلية – فحدّث ولا حرج. ووفقاً لمعطيات دائرة الإحصاء المركزية، فان مجلس "البطوف" الإقليمي، الذي يبلغ مجمل عدد الطلاب في مدارس بلداته الأربع (رمانة، العزير، عرب الهيب، ووادي الحمام) قرابة (2300) طالب – يحصل من وزارة التربية والتعليم على ميزانية قدرها (28) مليون شيكل للتعليم لكن المجلس ينفق من هذا المبلغ على المدارس والتعليم (27) مليون شيكل. وتعقيباً على ذلك صرّح رئيس المجلس، عاهد رحال، في حديث معنا، بأنه "من المحزن والمفاجئ ان نعلم بأننا في المراتب المتأخرة. توقعت ان نكون في المرتبة الخمسين من الأسفل بعد بلدات في الجنوب، ولا أقبل بأن نكون في المرتبة الأخيرة. عندنا هنا بلدات سقط مواطنون منها في الحروب، ولا تستحق العائلات الثكلى ان تحتل المرتبة الأخيرة . لا اريد ان نكون مثل "غديرا" او "الخضيرة"، لكن على الأقل ليس في المرتبة الأخيرة".

ويضيف رحال: "نحن مجلس إقليمي ضعيف جداً، ويواجه خطة إشفاء ولدينا محاسب مرافق، ولا تتوفر للمجلس مصادر دخل كالمصالح التجارية والورش الصناعية والمعامل، لكن التربية والتعليم بالنسبة لي هما بمثابة خط أحمر. لن أسكت حيال هذا الامر، وفي حال حصولنا على المعطيات الدقيقة، سأوجه رسالة الى وزير التربية والتعليم".

الاستثمار في "ورش بينا" يزيد عن الاستثمار في اللقية بحوالي (35) ضِعفاً!

وفي تدريج المدن الأكبر أيضاً يبدو وضع المجتمع العربي في غاية السوء، إذ تندرج مدينة راهط في المرتبة الأخيرة في إسرائيل من حيث الزيادة التي تضيفها لكل طالب في مدارسها، فوق الميزانية المخصصة لها من وزارة التربية والتعليم – بواقع يقل عن مئة شيكل للطالب سنوياً، ويقل بنسبة 1% عما تضيفه بلدية "كريات بيالك" مثلاً. وفي هذه الحالة أيضاً، فان المجتمع العربي "ينافس" المجتمع اليهودي المتدين (الحريديم) فقط: ففي المرتبتين الثالثة والرابعة من الأسفل تندرج مستوطنتا "بيتار عيليت" باستثمار قدره (765) شيكل في كل طالب، و "موديعين عيليت" باستثمار قدره (780) شيكل – بينما يبلغ الاستثمار في مدينة اللد، مثلاً، ما معدله (2100) شيكل.

وبنظرة الى طليعة التدريج المنشور في "شومريم" و "كلكليست" – يظهر واقع مختلف تماماً، اذ يتبين ان تل ابيب هي المدينة الكبرى التي تتصدر معدل الاستثمار في التربية والتعليم، بواقع (8650) شيكل سنوياً لكل طالب، أي اكثر من معدل الاستثمار في بلدية القدس بثلاثة اضعاف، البالغ ثلاثة آلاف شيكل فقط. أما السلطة المحلية التي تنفق المبلغ الأكبر على طلابها فهي المجلس الإقليمي "تمار" في غور الأردن، بقيمة خيالية تقارب (54) ألف شيكل سنوياً للطالب الواحد، أي ما يزيد عن (14) ضعفاً من ناحية المبلغ المخصص لسلطة محلية بواقع (3800) شيكل.

أما المجلس المحلي الذي يستثمر أمولاً في كل طالب اكثر من أي مجلس آخر – فهو مجلس "روش بينا" بواقع (15) ألفاً و (200) شيكل ، أي (35) ضعفاً مما يستثمره مجلس اللقية المحلي الذي يحتل المرتبة الأخيرة، حيث تبلغ قمة الاستثمار(450)شيكل لكل طالب. ومن ضمن المدن المتوسطة والصغرى – فان بلدية "كريات بايلك" تستثمر في كل طالب المبلغ الأكبر بواقع (11) الف شيكل سنوياُ، وهذا المبلغ اكثر من مضاعف مقارنة ببلدية "كريات يام" المجاورة، حيث يبلغ حجم الاستثمار (4700) شيكل فقط، بينما يبلغ الاستثمار في "كريات بيالك" ثمانية اضعاف المبلغ الذي تستثمره بلدية شفاعمرو القريبة، بواقع (1300) شيكل فقط.

54% من الطلاب العرب يواجهون صعوبة، مقابل 12% فقط لدى اليهود

ويتبين من المشروع الذي نشره الصحفي شاحر ايلان، ان احد النقاشات الأوسع حول تخصيص الميزانيات لجهاز التعليم، يتعلق بمدى الضرر الناجم عن الضخ الإضافي للميزانيات من قبل السلطات المحلية في اطار الجهد الوطني من اجل المساواة في التربية والتعليم. وأظهر تحليل المعطيات ان استثمار السلطات المحلية يكاد يشلّ جهود وزارة التربية والتعليم الهادفة في السنوات الأخيرة الى التفضيل المصحّح (التمييز الإيجابي) – بينما يجدر بالذكر انه لولا تلك الجهود لكان الوضع أشد سوءاً.

ويشار الى ان المجموعات (العناقيد) التي تتلقى من وزارة التربية والتعليم الميزانيات الأكبر هي مجموعات الطبقة الوسطى. ففي المجموعات (4) و (6) يحثل كل طالب من الوزارة على مبلغ بمعدل (25500) شيكل، وفي المجموعة (5) يحصل على مبلغ اكبر بواقع (26600) شيكل. وتحصل المجموعة الخامسة على 33%، أي اكثر من المجموعة الثانية بمعدل الثلث. وتندرج في اطار المجموعة الخامسة المدن الثلاث: بات يام، بئر السبع، والعفولة، وهي لا تعتبر بلدات قوية بشكل استثنائي، لكنها ليست بالبلدات الأضعف قطعاً. هذا الوضع الغريب يعكس تفضيلاً واضحاً بالميزانيات لصالح الطبقة الوسطى في المجتمع اليهودي. ويبدو واضحاً ان المشكلة لا تقتصر فقط على ضخ الميزانيات لهذه السلطة المحلية او تلك. وخلافاً لما يُشاع، فان المجموعات الدنيا لا تحصل من وزارة التربية والتعليم ايضاً على تفضيل مصحّح.

وماذا يعني كل ذلك بالنسبة لتحصيلات وانجازات الطلاب؟ في اطار نتائج اختبارات PISA ("بيزا") التي تجري لتقييم مستوى طلاب الصفوف التواسع في دول منظمة التعاون والتطوير الاقتصادي (OECD) – سُجّل تراجع في إنجازات التعليم العربي في إسرائيل وقد سُجل التراجع في مجالات الاختبار الثلاثة (الرياضيات، لغة الأم، والعلوم)، كما دلّ على فجوات فائقة بين الطلاب اليهود والعرب، حيث تم تصنيف 54% من الطلاب العرب على انهم يواجهون صعوبة في المجالات الثلاثة سواء بسواء، مقابل 12% فقط لدى الطلاب اليهود.

ومن هنا نتحول الى الميزانيات: إذ يبلغ معدل الميزانية المخصصة من قبل وزارة التربية والتعليم للطالب العربي (23) ألفاً و (800) شيكل، أي اكثر بنسبة 4% فقط من المعدل المخصص للطالب اليهودي، البالغ(22) ألفاً و(700) شيكل. ولعل غياب التفضيل المصحح (التمييز الإيجابي) يصبح تمييزاً سلبياً حين يُضاف الى ميزانيات وزارة التربية والتعليم الاستثمار الوارد من السلطة المحلية، وهو ما ورد تفصيله آنفاً، فنتوصل الى الانفاق العام المشترك.

يبلغ معدل الميزانية التي تخصصها السلطة المحلية اليهودية لكل طالب (4300) شيكل، أي ما يوازي أربعة اضعاف الاستثمار في الطالب العربي، البالغ (1100) شيكل. والنتيجة: على العكس تماماً من الحاجة الى التفضيل المصحح، فان الصرف العام المشترك على الطالب المقيم في مدينة يهودية يوازي (27) ألفاً و (100) شيكل، أي اكثر بنسبة 9% من الطالب المقيم في بلدة عربية، الذي يحصل من وزارة التربية والتعليم والسلطة المحلية، معاً، على (24) ألفاً و (900) شيكل فقط.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]