اغلاق يتلوه اخر، دون نور في اخر النفق يوحي بنهاية سعيدة إيجابية، المعظم مسجون داخل بيته كأنه في زنزانة وفترات غير محسوبة من الزمن تسبب أزمات عميقة على كافة الأصعدة اقتصادية ونفسية واجتماعية.

لا أحد ينجو بمفرده

دكتور مصطفى قصقصي، اختصاصيّ نفسيّ عياديّ، قسم الصحّة النفسيّة ومركز "معنى" في مستشفى الناصرة- الإنجليزي قال ل "بكرا" في هذا الصدد: من الضروريّ النظر إلى أزمة الوباء في سياقها الأوسع والأكثر واقعيّةً، أي الوعي بالمخاطر المرتبطة بها من جهة وبإمكانيات التعامل معها من خلال الالتزام بالإجراءات الوقائية، اي باستخدام منضبط وجماعي وتعاونيّ للكمّامات والمعقّمات والمسافات الاجتماعية الآمنة، والتذكّر أنّه في حالة الإصابة نسبة نجاح الشفاء عالية جداً. بالإضافة إلى ذلك يجب الاهتمام بالصيانة النفسيّة الدائمة من خلال القيام بأنشطة روتينية وترفيهيّة وتفريغيه وحركيّة، والحفاظ على التوازن بين المساحات الشخصية والاجتماعية، اي تجنّب الوحدة وبنفس الوقت تكريس بعض الوقت للنفس وللتواصل مع الذات. هنا حاجة ماسةّ للتحلّي بالصبر وبالمسئوليّة الفرديّة التي اصبحت حاسمة في الانتصار على الوباء خاصّةً إذا ما اقترنت بالمسئوليّة تجاه الآخرين وبالتكافل المجتمعيّ، لأن لا أحد ينجو بمفرده. من الضروري ايضاً اللجوء للعلاج النفسيّ إذا ما اشتدّ الإحساس بالضائقة وتراجع الأداء العامّ للأفراد"

استثارة متواصلة لجهاز الاعصاب ويضعف المناعة


يعاد غنادري حكيم اخصائية نفسية علاجية، ورئيسة رابطة السيكولوجيين العرب في البلاد قالت ل "بكرا": في ظل جائحة كورونا نتعامل جميعنا مع واقع جديد من الناحية الجسدية والمادية والنفسية، واقع لم نعتاد سابقا ويتطلب منا تغييرا في سلوكياتنا وردود فعلنا. ورغم صعوبة الامر الا انه مشتركا للبشرية جميعها ولا يخصنا وحدنا بل معرفة ان من حولنا ايضا يشعرون بالخوف والقلق ذاته مثلنا قد يساعد في التهدئة. لنذكر ان ردود فعلنا هي طبيعية لواقع غير طبيعي، وان الانسان ككائن حي قادر في بضعة ايام التأقلم وتطوير استجابة تكيفية مع ظروف قاسية للغاية. مع ذلك الضغط المتواصل دون امداد الجسم بطاقة ايجابية قد يسبب استثارة متواصلة لجهاز الاعصاب ويضعف المناعة. في ظروف الحجر الحالية لنحاول ايجاد نظام يومي مع مهمات لتنفيذها، لنبقى على تواصل اجتماعي مع من نحب بالقدر الاكبر الممكن رغم التباعد الجسدي، لنعطي جسمنا حقه في الراحة والاكل السليم والنوم وايضا في الحركة وعدم الانغماس في كسل ولا حول، لنحاول تخصيص بضع دقائق للهدوء وللتنفس العميق.

وتابعت مقدمة بعض النصائح لعبور هذه الازمة: لنجرب الاستفادة من امكانيات تعلمية او محاضرات او لقاءات فتحها هذا الواقع امامنا من خلال الانترنت. والاهم ان القيام باي امر يجلب لنا السعادة كأن نلعب مثلا، او نشاهد فلما كوميديا او نتبادل النكات مع الاصدقاء او نقرا كتابا ان نقضي الوقت مع الاسرة وغيرها كلها امور ستساعدنا على تخطي الفترة هذه. لا شيء يبقى على حاله وهذه الجائحة مؤقتة وعابرة وبالطبع بمقدورنا كأفراد وكمجتمع تجاوزها. بالسلامة للجميع.

ننظر بإيجابيه ونستثمر الوقت

عبد الهادي خروب - مستشار تنظيمي وخبير في علم النفس والمجتمع رأى بدوره انه لا بد من التعامل مع الاغلاق بحكمة وعلى انه امر مؤقت ونبدأ بالتعايش مع كل شروط الاغلاق. وتابع: لا شك ان مجرد فكرة الاغلاق تدخلنا بدوامة توتر وضغط شديد ولا سيما ان عدم الخروج للعمل او البطالة تزيد من حدة دوامة التوتر والضغط النفسي وحتى الى الاكتئاب ويمكن ان يصل البعض الى شعور الوحدة والانغلاق الذاتي النفسي.

ونوه: من اجل ان نتجنب هذا التورنادو او الاعصار من عوارض ضغط الاغلاق يتوجب علينا كأفراد ان ننظر بإيجابيه وان نستثمر الوقت فمثلا ممكن القيام بتنظيف الحديقة في المنزل، استغلال الوقت بترتيب المخازن او المستندات. تنظيم الوقت واستثماره بشكل سليم ولا سيما اننا دائما نقول لأنفسنا في روتين الحياة اليومية اننا لا نملك الوقت للكثير من الامور. الوقت للجلوس مع الابناء والاسرة المصغرة وسرعان ما تكتشف كم من الامور لا نعرفها ولا نعيها عن بناتنا وابنائنا. كما ان هنالك مسؤولية مجتمعية ومؤسساتية لكل الجمعيات والمجالس المحلية ان تقوم بنشاطات توعوية، توزيع مؤن طبية وغذائية لمن هم بحاجة، تبني مبادرات لعلها تساعد بالتأقلم مع الاغلاق. اخيرا لا بد ان نفكر بإيجابيه وان نتكاتف كمجتمع وكأفراد وكقيادة فالمسؤولية تقع علينا جميعا في مواجهة الوباء بكل تبعاته الاجتماعية الاقتصادية والنفسية.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]