خصومات ومناكفات سياسية علنية بين اقطاب الحكومة الإسرائيلية تكشف النقاب عن أرضية غير مستقرة ستكون عواقبها وخيمة تبدأ بانتخابات رابعة وربما لن تكون الأخيرة، فما هو مصير الحلم العربي بالوحدة وأين ستكون المشتركة بعد ان رجح البعض انها ستفقد قوتها بفعل التلكؤ في اتخاذ القرارات والتخبط والخلافات.

المحلل السياسي والناشط عبد اللطيف حصري انه ستكون محطة اقرار الميزانية المحطة الأفضل لنتنياهو من اجل حل الحكومة والذهاب الى انتخابات رابعة، رغم ما يبدو من تراجع بشعبيته وشعبية الليكود في تصوري باتت ملفات فساده ضاغطة، بنفس القدر الذي اصبحت شراكته مع غانتس مستحيلة في ظل ازمه اقتصادية وصحية غير مسبوقة.

وتابع: في دولة طبيعية، كان ممكن لمثل هذه الأزمة الاقتصادية والصحية التي تعيشها إسرائيل، ليس فقط ان تطيح بالحكومة، بل تطيح بالنيو ليبرالية والرأسمالية المتوحشة ابيضا. لكن ما يحدث في إسرائيل مخالف تماما لقوانين حركة المجتمعات، فمع اشتداد التقاطب الاجتماعي وسحق الشرائح الوسطي، يترنح اليسار الصهيوني على حافة الانقراض وانزياح المجتمع الى التطرف القومي والعنصرية بشكل حاد، لا سيما ما كان يسمى المركز، فنرى صعودا غير مسبوق للصهيونية الدينية والاستيطانية بنسختها الشرسة ممثلة بحزب يمينا. ولن يشكل هذا الانزياح عائقا أمام نتنياهو لتشكيل حكومة بشراكة وتناوب مع من يبدو كـ "منافس" بالمرحلة الحالية، زعيم حزب يمينا بينيت، فنتنياهو أبرع من يمثل مصالح اليمين الفاشي ومصالح النيو لبرالية المنفلتة.

انتخابات رابعة ستفرز خارطة سياسية مغايرة

وتابع: نتنياهو لم ينسحب من صفقة القرن والضم، وكل ما بالأمر انه لمح فرصة استثمار الضغط الامريكي على أنظمة الخليج لتحقيق انتصارات وهمية، وتقديم صفقات البيزنس والتحالف الاستخباري مع هذه الأنظمة كمصلحة إسرائيلية عليا لتخفف من اضرار فشله الاقتصادي وانسداد الأفق السياسي امام حكومته، وبعكس ما ذهب اليه المحللون، سيكون نتنياهو بحاجة الى بينيت لاستكمال سياسة الضم والاستيطان من جهة، ومن جهة أخرى لاستكمال تحييد المؤسسة التشريعية والمؤسسة القضائية لمصلحة السلطة التنفيذية بعد احكام اليمين الفاشي على مفاصلها. ولن تكون مسالة تمرير القانون الفرنسي وقانون الحد من امكانية تدخل المحكمة العليا بقرارات الكنيست عائقا امام ائتلاف يميني فاشي، ان لم يكن هاجسا وبرنامجا مشتركا.

ونوه مختتما: انتخابات رابعة ستفرز خارطة سياسية مغايرة، قوامها تعاظم وتحالف اليمين واليمين الفاشي وانزياح الوسط نحو اليمين وذوبان اليسار الصهيوني بشكل كبير، فلن تتوفر كثير من الخيارات أمام المشتركة، وقد يكون خيار التوصية على أحد اعضاء المشتركة لتركيب الحكومة، أفضل مقولة لنزع الثقة عما يسمى باليسار الصهيوني.

انتخابات وشيكة والمشتركة تفقد قوتها

الإعلامي والسياسي محمد السيد قال في ذات السياق لـ "بكرا": عندما لم يفلح نتنياهو في تشكيل حكومته تمكن من تفكيك حزب ازرق ابيض وشكل الحكومة مع غانتس الذي وقع في الشرك سعياً لكرسي رئاسة الوزراء خلفاً لنتنياهو لكن الأخير يبدو أنه لن يسلم غانتس بسهولة وهذا سيقود اسرائيل لانتخابات مبكرة ستعيد نتنياهو من جديد لقيادة الدولة وهذه المرة مع شركائه التقليديين من اليمين الذين تزداد قوتهم بشكل كبير في حين يتراجع المركز واليسار والقائمة المشتركة التي أكدت بممارساتها ضعف حضورها السياسي ان لم نقل انعدامه.

وتابع: كل الحراك الذي تشهده اسرائيل ضد نتنياهو والمظاهرات شبه اليومية يحركها معارضوه وهذا أمر طبيعي ولا يغير كثيراً في المعادلة ان لم يزيد من قوة نتنياهو حيث يقف مؤيدوه نداً لهم ويلتفون حوله اكثر، كما ان استطلاعات الرأي زادت من قوة اليمين المتشدد وهذا يصب بطبيعة الحال لصالح نتنياهو الذي قد يبرم اتفاقية تناوب مع زعيم اليمين نفتالي بنيت كما فعل مع غانتس.

وتطرق الى المشتركة وقال: المشتركة ولأول مرة تتعالى أصوات الاحتجاج عليها وتفقد من قوتها بفعل التلكؤ في اتخاذ القرارات والتخبط والخلافات بين مركباتها، وقد يزداد ضعفها كثيراً مع بقاء نفس الوجوه والبرامج حيث بات يشعر المواطن العربي انه يوفر بصوته مواقع لشخوص همهم تلميع ذاتهم نحن في حزب كرامة ومساواة مثل معظم أهلنا تنازلنا عن الترشح وقررنا دعم المشتركة مع حلفائنا في القومي العربي ونقول اليوم لأول مرة ان الاتفاق معهم لم يحترم منه بند واحد. نحن نواصل عملنا مع الناس وسيكون لنا موقف من الانتخابات القادمة خاصةً وان هناك إرهاصات لتحالفات جديدة.

انتخابات بالأفق

المحلل السياسي والخبير في الشؤون الإسرائيلية راني حسن قال لـ "بكرا": لا شك ان التطورات الاخيرة والتجاذبات القائمة بين مركبات الائتلاف الحكومي توحي بان الانتخابات باتت أمرا محسوما ووشيكا خاصة بعد تصريحات غانتس الاخيرة، اعتقد ان الانتخابات ان حصلت ستزيد من قوة اليمين وعلى رأسها الليكود وحزب يمينا برئاسة نفتالي بينيت، نتائجها لن تكون لصالح معسكر اليسار وبالتأكيد سيكون لها تأثيرا سلبيا على قوة وفاعلية المعارضة مستقبلا والتي ستضعف بشكل كبير حال تشكلت حكومة يمينية بمشاركة اليمين المتطرف.

وتابع: القائمة المشتركة بالتأكيد ستضعف وسيكون موقفها اصعب بإقناع الناس للذهاب لصناديق الاقتراع سيما وانها قدمت اداء سيئا وبعيدا جدا عن وعودها وتطلعات من دعمها وايدها بناء على الشعارات التي اطلقها قياديها قبيل الانتخابات، يضاف لذلك الموقف الاخير المتمثل بالتقصير المسيء جدا للطلاب العرب بعدم تصويت بعض اعضائها على مقترح تخفيض رسوم التعليم ،لذلك اعتقد ان المجتمع العربي لن يقوم بدافعية نحو التصويت للأحزاب العربية وقد نجد تحول كبير بخيارات الناخب العربي، اليوم المشتركة متمثلة ب 15 عضو المؤكد ان الناس ستحاسبهم على العديد من المواقف خلال الحقبة الاخيرة ، لذا اتوقع هبوط بقوة وتمثيلها اذا تمت الانتخابات، كل من يعول على الذاكرة القصيرة لمجتمعنا سيتفاجأ وحتى وان لم يكن بديلا للمشتركة الناس ستفضل عدم التمثيل على التمثيل العدمي.

سيناريو انتخابات رابعة لم يغب!

القيادي في العربية للتغيير غسان عبد الله قال بدوره ان سيناريو الانتخابات الرابعة اصلا لم يغب عن الساحة الحزبية والسياسية منذ اللحظة الاولى لظهور نتائج انتخابات الكنيست مارس/اذار الماضي اذ بدأ الحديث عن انتخابات رابعة مشيرا الى ان امكانية تشكيل حكومة سواء برئاسة نتنياهو من "الليكود" او غانتس من "كحول لبان" كانت ضئيلة، ولكن وبعد انتشار جائحة الكورونا استغل نتنياهو هذا الظرف كورقة ضغط وقام بتشكيل حكومة انقاذ وطني او ما تسمى حكومة طوارئ برئاسته ، وهي بطبيعة الحال كانت بمثابة حكومة انقاذ لنفسه ليتفادى زجه في السجن ، حيث كان الاتفاق بين الليكود وكحول لبان عدم تقديم مشروع يمنع المتهم بقضايا فساد وخيانة الامانة من تشكيل حكومة.

ونوه: لكن هذا التحالف لم يكن مبنيا على اسس واضحة وان الشكوك والمراوغة والكذب طغت على هذا التحالف، فكان التهديد والوعيد من الاحزاب المختلفة داخل الائتلاف يطفو على السطح في شارده ووارده وايضا الاختلاف والتصدع الذي حصل حول قضايا كثيره وخاصة في موضوع الضم وموضوع المصادقة على الميزانية وتلويح غانتس بالذهاب الى انتخابات رابعه في حال لم يصادق على طلباته. وعليه كان الائتلاف ضعيفا وهشا وفي كل مراحله كان قاب قوسين او أدنى من التفكك والانهيار. ناهيك من ان حكومة الطوارئ هذه شكلت من اجل السيطرة ومحاصرة جائحة الكورونا بل هي اصلا التي دفعت من اجل تشكيلها وقد فشلت فشلا ذريعا بهذه المهمة.

وتابع: بالرغم من عقد صفقات السلام بين هذا الحكومة سواء مع دولة الامارات او مع الوشيكة للسلام معها فان كل ذلك لم يسعفه من اجل تثبيت وترسيخ حكومته. اما بخصوص الاقتراح الذي تقدم به يائير لبيد " يش عتيد" فلا اعتقد ان بإمكانه ان ينجح بإقامة حكومة ضيقه وخاصة ان الخلافات بين الاحزاب كبيره والفجوات واسعه والافكار والآراء متضاربة.

حل الكنيست القائمة والذهاب الى انتخابات في شهر مارس المقبل

وأشار: عليه فاني ارى هذه الحكومة مترنحه ومتأرجحه وايله للسقوط في كل لحظة، وبات السيناريو الاكثر واقعيه والاقرب هو الذهاب الى انتخابات رابعة، وقد يكون تحديد الموعد مباشرة بعد الثالث من نوفمبر اي بعد الانتخابات الامريكية. والارجح ستكون في اذار القادم. " ترامب" في هذه الانتخابات من اجل رفع رصيده الانتخابي وبالتالي الوصول الى كرسي الحكومة مرة اخرى ليتابع سياسته الفاشية والكولونيا ليه واستئنافه للمضي بصفقة القرن، وهذا ما لا نتمناه نحن الجماهير العربية في هذه البلاد وستبقى القائمة المشتركة شوكة بحلوقهم فمهما طال الزمن تبقى عشرات السنين في عمر الشعوب قصيره.

وتطرق الى وضع المشتركة وقال: فأقولها بكل ثقة ان القائمة المشتركة هي مشروع الجماهير العربية في هذه البلاد ولن نتنازل عنه ولن نتخلى عن هذا الانجاز التاريخي، القائمة المشتركة كانت وما زالت تعبر عن امال والام هذا الشعب، قد يكون نقاش معها وهذا حق وشرعي ولكن لا نقبل تشويه الحقائق، الاجدر والاولى ان نصحح المسار اذا كان بحاجه لذلك ولا لجلد الذات فلا تزر وازرة وزر اخرى، الواجب الوطني والاخلاقي يملي علينا ان نعزز قوة القائمة المشتركة ولا نقبل الدوس على كرامتنا. وتبقى المشتركة هي بوصلة الجماهير العربية.

المحامي الناشط السياسي والاجتماعي نايف ابو صويص عقب قائلا: بدون ادنى شك وفي اعقاب الخصومات بين مركبات الائتلاف الحكومي وخاصة ازرق ابيض والكود وبقدم الموعد القانوني على المصادقة على ميزانية الدولة، لا ارى اي توافق وعلية سيتم حل الكنيست القائمة والذهاب الى انتخابات في شهر مارس المقبل، بخصوص المشتركة وبدون ادنى شك هناك غضب صارم عن الجماهير العربية وذلك لعدم القيام بواجبها واكاد ان اجزم انها تنقسم الى قسمين، مما ستكون منافسة قوية ومن المتوقع ان تكون ايضا قائمة عربية تتنافس في الانتخابات البرلمانية المقبلة وخاصة من شريحة شخصيات غير حزبية.

النواب العرب خارج الهامش

الخبير السياسي اليف صباغ كان له رأيا مغايرا بعض الشيء حيث رأى انه لن يكون اي تصورا واقعيا قبل صدور نتائج الانتخابات الامريكية. وتابع: اليوم يتطور التوتر على خلفيه اقرار الميزانية وفشل الحكومة فر معالجه ازمه كورونا ولكن سيكون لنتائج الانتخابات الامريكية تأثير مباشر. وقوي على الخارطة الحزبية السياسية في إسرائيل. بعدها ستتأثر الاحزاب بموعد ومضمون محاكمة نتانياهو. لذلك لا ارى قرارا بالذهاب الى انتخابات قبل شهر من اليوم.

وأضاف: اما بالنسبة للقائمة المشتركة فهي تعني أصحابها والمساهمين فيها...ولا تعنيني.. انا انظر الى اهميه اعاده بناء لجنه المتابعة العليا على اسس جديدة على ان تحمل المشروع الوطني الغائب مند سنوات.. ولا بد من التذكير ان التصويت الاخير في الكنيست على اتفاق العار مع الامارات. اثبت ان النواب العرب. عندما يتعلق الامر بقرارات إسرائيلية مصيريه. يكونون خارج الهامش.

باب انتخابات قريبة ومرتقبة بدولة إسرائيل بات مفتوحا على مصراعيه

وصرح الناشط السياسي السيد سامر عثامنه أن باب انتخابات قريبة ومرتقبة بدولة إسرائيل بات مفتوحا على مصراعيه. ليس سرا ولا يخفى على أحد ان دولة إسرائيل تعاني من عدم الثبات السلطوي والحكومة الحالية تواجه من الداخل الصعاب والمشاكل الكثيرة وأزمة ثقة بين أعضائها ومركباتها السياسية المختلفة ومن الخارج بينها وبين الجمهور الذي منذ أشهر متواجد بالميادين والمفترقات محتجا على الأوضاع الاقتصادية المتردية وسياسات الحكومة بهذا الشأن. بدون أي أدنى شك فشل الحكومة بالتعاطي الملائم والمهني مع جائحة الكورونا وتخبطها بالقرارات وتردي الأوضاع الاقتصادية عند الناس وزيادة البطالة أثر كثيرا على مجريات الأمور السياسية الشيء الذي أدى إلى انخفاض بشعبية رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. وارتفاع شعبية منافسين له من اليمين كالنائب نفتالي بينت.

وتابع: كما أن عدم الانسجام بين الحزبين الرئيسين بالائتلاف الحكومي (الليكود وكاحول لافان) وتغريدة بيني غانتس بالأسبوع الأخير انه لا يستبعد دعم نفتالي بنت هي مؤشر واضح على هشاشة هذا الائتلاف واحتمالية بعثرة الأوراق والتوجه لانتخابات جديدة بشهر أذار 2021 بالرغم من أن رئيس كاحول لافان وحزبه ليسوا معنيين بها لاحتمال خسارة نصف مقاعدهم. كما انه بحسب رأيي المتواضع نتائج الانتخابات الأمريكية بشهر نوفمبر لها تأثير كبير على المجريات السياسية بالبلاد. بحالة فوز الرئيس ترامب بفترة رئاسية ثانية المعروف بالداعم القوي لرئيس الحكومة نتنياهو والتوصل لاتفاقيات سلام مع دول عربية جديدة كالسودان ودول اخرى من الخليج ممكن ان تسرع وتدفع نتنياهو لانتخابات جديدة وعرض نفسه كالمنقذ لدولة إسرائيل وكزعيم قوي الذي جلب السلام للدولة دون تقديم تنازلات وبذلك يزيد من احتمالات انتخابه مجددا وضرب منافسيه وتأجيل جلسات محاكمته لفترة أخرى.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]