يحيي أبناء شعبنا الفلسطيني وأهالي مدينة كفر قاسم اليوم الذكرى الـ64 لمجزرة كفر قاسم التي راح ضحيتها 49 فلسطينيا من سكان البلدة أعدمتهم قوات "حرس الحدود" الإسرائيلية.

المجزرة وقعت مساء يوم الاثنين 29-10-1956 وقُتل فيها هذا العدد من المدنيين العزل على أيدي جنود الجيش الإسرائيلي حين أعلن نظام منع التجول، وكان الناس حينها في أماكن عملهم خارج القرية، حيث أُقيمت الحواجز العسكرية على مداخل القرية، وانتشرت الدوريات في شوارعها، وتم توقيف كل إنسان عائد في ذلك اليوم إلى بيته وقتله بدم بارد.

وقد كشف النقاب فيما بعد عن خطة لترحيل العرب من منطقة المثلث أطلق عليها اسم "الخلد".

وفي هذا التاريخ من كل عام يحيي أبناء البلدة ذكرى المجزرة وأصبح هذا اليوم عطلة رسمية ويوم حداد على الشهداء.

يذكر أنه تمّ تقديم بعض المسؤولين عن المذبحة للمحاكمة وتمّت تبرئتهم جميعًا إلا واحد يدعى شدمي، فقد غُرّم بقرش واحد فقط لمشاركته في المجزرة.


وتلقب كفر قاسم بـ"مدينة الشهداء"، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى مؤسسها الأول "الشيخ قاسم" وهو أحد سكّان قرية مسحة المجاورة، ويبلغ عدد سكانها اليوم، ما يقارب 22 ألف نسمة.

الجرح ما زال ينزف

ورغم مرور 64 عامًا على هذه المجزرة إلّا أن الجرح الفلسطيني ما زال ينزف وما زالت الانتهاكات الإسرائيلية تحصل بشكل يومي ضد شعبنا الفلسطيني في غزة والضفة .

 

وكتب الشاعر والقائد توفيق زياد قصيدة عن مجزرة كفر قاسم، بعد وقوعها، قال فيها: 

ألا هل أتاك حديث الملاحم
وذبح الأناسي ذبح البهائم
وقصة شعب تسمى :
حصاد الجماجم
ومسرحها …
قرية ..
اسمها :
كفر قاسم .. ؟؟

حديث أفاق عليه الجميع
فظنوه أضغاث حلم مريع
ولكن ..
تقضى هزيع .. وجاء هزيع
وجمد أعيننا الحالمة
وصك مسامعنا الواهمة
صراخ الثكالى
صراخ الصبايا .. صراخ الحبالى
طغى وتعالى
صراخ الشباب الذبيح
ترد صدورهم العارية
وأيديهم الخشنة القاسية
بصاق الرصاص الجموح
صراخ تفجر في أمتي

براكين بالحقد وبالنقمة
وباللعنة المرة
صراخ يهز ضمير البشر
ويفلق قلب الحجر
وينقض متل القدر
يزمجر كالرعد حين يجن
فأصداؤه في النواحي ترن
كأصداء أسطورة من عصور سحيقة
ولكنها ..
رغم ذاك ..
حقيقة .. !!

2

لقد كان ذلك ذات أصيل
وفي الأفق يلهث ضوء عليل
وفي مدخل القرية الوجمة
وجوم القبور
على جانبيه ، وبين الصخور
أقام الجنود متاريسهم
على أهبة للقتال
لسحق ( العدو اللعين )
كأن بهم لوثة من جنون

* * * *

وسارت إلى الفخ تلك الضحايا
وما حسبت أن سوة المنايا
ترصدها في الطريق الرهيب
لت*** زهر الحبيب

مشت بعد كدح النهار
محملة بالطعام لبعض الصغار
ومثقلة بالهموم الكثار
وأجسام أطفالها العارية
وأكتاف بأثقاله حانية
وأغنية ،
عذبة ،
باكية ..
المتمادي في الظلم المتمادي بعسفه
وجاسوسه المستبد بسيفه
ومختاره وسمساره ،
وكل بني عاره
يلصون خيراتها الغالية
وما رفعت كفها الصلبة البانية
وكدح السنين المخبأة الآتية تفكر في من وراء الحدود
يجوب الدروب شقيّا طريد
وهل هو حيّ ؟؟
وهل سيعود .. ؟؟
وكيف ستبصره من جديد
فتأخذه بين تلك الزنود
تشم جوارحه لهفة
وتغرقه في حنان سعيد .. ؟
وتموض في فكرها المرهق
أمان رطاب

ومستقبل باسم ريف
وبالغد كالزهر المورق
يضيء بخير غني كثيف
وعمر هني وريف
وثوب جديد نظيف
وبيت وسيع منيف
وإذ بالرصاص
يشق الفضاء
يحيل الضياء
بأعينهم ظلمة وفناء
ويبصق … يبصق مدفع قاتل
ليحصد أجسامهم كالسنابل
ومدى الردى للضحايا ذراعا
لي*** خمسين روحًا تباعا
فتسقط فوق الثرى الأسمر
لتسقيه خمر الدم الأحمر

3

وخيم صمت ثقيل مديد
على حلبة المجزرة
وتقطعه قهقهات الجنود
لنصر بمعركة ظاهرة
ويصرخ ضابطهم صرخة آمرة
يشير لكوم الضحايا
” كفى ! إنهم سقطو كالنشارة .. ”
” كفى !
فالرصاصة
فيهم ،
خسارة .. !! ”
ويمشي الجنود بكل إباء
مشي الاوزة الخيلاء
فتغطس أقدامهم في الدماء
سراعا إلى جثث الأبرياء
تقلبها دون أي حياء
وتخطف ساعتها في خيال
وما حلمت من ثمين وغال
ويأتي الجنود إلى جثة
لانسانة .. في الثلاثين .. حبلى
وفي شهرها الثامن
بوادر مجد الأمومة
برغم الردى تتجلى
على وجهها الواهن
فيزرع ضابطهم طلقة
ببطن
تبقت به
نطفة
من حياة !!

* * * *

لها الويل رجعية تستبد
تحكم سيف الردى في الرقاب
وتدفن أحلامنا في التراب
وتجبله بالدماء الرطاب
وتفرض في أرضنا بالحراب

شريعة ..
غاب ،
وظفر ،
وناب !!

4

أخي ،
ان في الأفق صوتا يمور
هتاف الضحايا يشق القبور
هتاف يهز الفضاء الكبير
” هو الشعب يذبحه المجرمون ألا اتحدو أيها الكادحون
ألا اتحدوا أيها المخلصون
وضموا الصفوف وشدوا العزائم
لمحو نظام على الظلم قائم
نظام ..
الخناق ،
والدماء ، والجرائم .. ! ”
دمى هو ذاك وذاك هو دمك
وقد شربوا منه حتى ارتووا
فيا ويلهم
عندما يطلع الصبح …
مما أتوا .. !!
يقولون الدعيون والغاصبون
بأنا أقلية سوف تجلى
وإلا ستفنى اضطهادًا وذلاً
ولكن .. أقلية نحن ؟
كلا …

ومليون ، كلا !!
فنحن هنا الأكثرية
نسير شعوبًا تخوض المنون
وتبني سعادتها الأبدية
ففي مصر نحرق جيش الطغاة
ونغرقه في مياه القناة
وفي كل شبر بأرض الجزائر
تدور بأعداء شعبي الدوائر
وتلتهب الأرض ذات السرائر
وتنطق بالنصر أحلى البشائر
ونكتب تاريخنا في العراق
بسيل دم للحياة مراق
ونمضي : صدورا
تحدث رصاصا ونارا
وفي هذه الرقعة الساحرة
هنا .. في الجليل الأبي وفي الناصرة
لنا وطن أثخنته الجراح
وروع طيره ذات صباح
وصار كسيرًا مهيض الجناح

لنا وطن راسف في القيود
وشعب تشرد عبر الحدود
ولكن ..
سنمضي بعزم شديد
لنرجع حقًا
أبى أن يعيد
سنرجعه

سنرجعه رغم أنف اللظى والحديد
ونجعله جنة من حديد

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]