اجمع عدد من الناشطين السياسيين الى ان خسارة ترامب وفوز بايدن لن يغير الكثير من السياسات الأمريكية الخارجية وخاصة بكل ما يتعلق بالملف والقضية الفلسطينية مؤكدين الى ان جو بايدن الرئيس الجديد بالرغم من عدم قبول سياسات ترامب واسلوبه مع عدم قلب الادارة الجديدة سياساته كليا. وذلك لعدة عوامل منها انشغال الادارة بأزمة الكورونا وتبعياتها الاقتصادية الى جانب وجود اولويات اخرى على الساحة الدولية وضعف الجانب الفلسطيني تحديدا والعربي بشكل عام

ذهب ترامب ولكن تجذرت الترامبية وما زالت قائمة

المحامي والناشط السياسي والكاتب علي حيدر قال معقبا: بلا شك فإن هزيمة وخسارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية، خطوة مهمة تُشعر الإنسان العاقل بالراحة والفرح، بسبب كل ما مثله ترامب من عنصرية واستعلاء، واستبداد ونرجسية وفساد وابتزاز، وانتهازية وعدم مسؤولية، وتطرف وأصولية وعدم أخلاق وظلم وعنف وكذب وشعبوية. الخ. ومع ذلك، فإن تصويت أكثر من 70 مليون ناخب أمريكي لصالحه أمر خطير ومقلق جدا ويوجب أن يُدَق ناقوس الخطر لكل إنسان يؤمن بالديموقراطية وحقوق الإنسان والقيم. فقد ذهب ترامب ولكن تجذرت الترامبية وما زالت قائمة

ونوه: لا يمكن التعويل على السياسات الخارجية الأمريكية في كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية. وبالرغم من الاختلافات والتباين بين مواقف كل من الحزبين الجمهوري والديموقراطي في قضايا عينيه فيما يخص القضية الفلسطينية (حل الدولتين والاستيطان)، إلا أنه لا يوجد خلاف جوهري بين الحزبين. لم ننس بأن الرئيس أوباما، كان قد أعلن إبان انتخابه بأن الدولة الفلسطينية ستقام خلال سنة من ولايته الأولى إلا أننا رأينا عدم حدوث أي تغيير جوهري فيما يخص حقوق الشعب الفلسطيني خلال فترتين متواليتين من رئاسته ونيابة بايدن، بل على العكس، تعمق الاستيطان، وقُدم الدعم الأمريكي المادي والعسكري غير المسبوق للحكومة الإسرائيلية.

وتابع: لقد وقف الشعب الفلسطيني وحيدا في مواجهة ترامب، وسياساته ومخططاته المعادية للشعب الفلسطيني ومنها: صفقة القرن، نقل السفارة الأمريكية الى القدس والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ووقف تمويل الاونروا والمستشفيات الفلسطينية في القدس، وطرد السفير الفلسطيني في واشنطن وإغلاق مكاتب م.ت.ف الولايات المتحدة كما عمل بجهد على الالتفاف وتجاوز الشعب الفلسطيني وقيادته من أجل دعم وتسهيل التطبيع والتتبيع.

أضف الى ذلك، فقد اعترف ترامب، بكل من الجولان المحتل والمستوطنات الفلسطينية كجزء من إسرائيل وقد شجع ودعم الاستيطان بحيوية. وقد وقعت الولايات المتحدة مع الحكومة الإسرائيلية مؤخرا في جامعة أرئيل الاستيطانية على اتفاق بالتعاون العلمي، والاعتراف في القدس كموقع ولادة للأمريكان في جواز السفر. وقد كان ترامب، بمثابة دمية مطيعة يلعب بها نتنياهو كما يشاء.

وأضاف: من الطبيعي أن بايدن أكثر خبرة وتجربة، وأكثر هدوء ولباقة وحكمة وحساسية وأخلاقية، ولكن لا يمكن للشعب الفلسطيني التعويل إلا على نفسه. وعلى الجانب الفلسطيني عدم إعادة ارتكاب أخطاء الماضي، فلا يمكن الاكتفاء بالمفاوضات المكررة والرثة والباردة. وإذا لم يكن الشعب الفلسطيني وقيادته موحدين ويحملون رؤية واضحة وموحدة وإستراتيجيات نضال فعالة وناجعة فسيبقى الوضع على ما هو عليه إن لم يزداد سوءا .

من الأشياء التي تبعث الأمل في هذه الانتخابات: ازدياد عدد الشباب الذين دعموا وأيدوا بايدن، والشعارات التي حملها معسكر برني سندرس في الحزب الديموقراطي والتي تعتبر أكثر جرأة وأخلاقية. وبعض التعهدات التي أدلت بها نائبة الرئيس المنتخبة كاميلا هاريس لعرب أمريكا وخصوصا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية (بالرغم من أنها ليست كافية). بالإضافة الى تعهد الحزب الديموقراطي بإنصاف الأفارقة-الأمريكان واللاتينيين والأقليات، وتغيير الخطاب العام وازدياد التمثيل الفلسطيني في مجلس النواب.

الحزب الجمهوري الأميركي كانت ولا تزال له استراتيجية عنيفة تجاه عدد من الدول العربية


الصحفي والإعلامي محمد بكرية بدوره عقب قائلا: من يقول بأنّ الرئيس الأمريكي الجديد ابن الثامنة والسبعين " جو بايدن" الديمقراطي ودونالد ترامب " الجمهوري" هما وجهان لعُملة واحدة، فقد وقعَ في خطأ مردّه الإحباط الشديد من سياسة الإدارات الأمريكية المتلاحقة، وفقدان الأمل في حدوث تحوّل في هذه السياسة، تحوّل مرضٍ للشعوب المقهورة، الحقيقة تختلف وإن كان هذا الاختلاف ليس جذريًا، فالسياسات الأمريكية لها خطوطها الحمراء والتي لا يتجاوزها الحزب الديمقراطي ولا الجمهوري، فكيف ذلك إذا؟

وتابع: العالم شهد في العقود السابقة وتحديدًا في التسعينيات من القرن الماضي وكذلك في العقد الأول من القرن الخالي حروبًا مدمرة طالت دولا عربية بحجج واهية، قد ثبُتَ بطلانها وزيفها لاحقا، مثل حرب العراق الأولى والثانية، وهي أكبر دليل على استبداد الإدارة الأمريكية بقيادة جورج بوش الأب ثم الابن، وهما رئيسان أمريكيان جمهوريان، آثرا عداء الشعوب العربية وقياداتها لأغراض وأهداف نحن لسنا بصددها في هذه المدوّنة المتواضعة،

ولخص قائلا: إن الحزب الجمهوري الأميركي كانت ولا تزال له استراتيجية عنيفة تجاه عدد من الدول العربية ودول العالم الثالث، وعلى سبيل المثال لا الحصر ، شهدنا سياسة ترامب النَزِقة، السطحية، البوليسية ، الترهيبية المستمدة من أيديولوجيات الحزب الجمهوري والذي زادها تطرفا ونَزَقا شخصية ترامب " الكاو بوي" ، المهرّج ،مقامر المصارعات الحرة، هذه الشخصية كانت خلال أربع سنوات مثيرة للجدل، من حيث السلوك السياسي الداخلي والخارجي، فعلى الصعيد الخارجي أقحم نفسه وشعبه في إشكاليات تاريخية وسمح لنفسه باتخاذ قرارات واهية غير مسؤولة مثل ، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الاميركية إليها، الاعتراف بسيادة إسرائيل على مناطق الأغوار وهضبة الجولان، إغلاق سفارة فلسطين في واشنطن وكذلك مكتب منظمة التحرير ، ألتنصل من الاتفاق النووي مع إيران والذي أقره ووقع عليه سلفه الديمقراطي " براك أوباما" السماح لإسرائيل باستباحة سماء سوريا ،فقد شهدنا الغارات المتكررة على منشآت سورية عسكرية ومدنية والخ.

ونوه: عليه فقد كانت فترة حكم ترامب عاصفة نتيجة السياسة البعيدة عن الدبلوماسية والحكمة، لأنه شخص متهور، تنقصه الخبرة والحنكة السياسية كذلك كونه ممثلا للحزب الجمهوري صاحب التاريخ القاتم في تعاطيه مع الشعوب العربية، ليس مستهجنا أن يفر معاونوه وكبار المسؤولين في فترة حكمه من البيت الأبيض على خلفية الأسباب التي سقناها.

وختاما تابع: بالمقابل، فإن الرئيس الجديد وهو جو بايدن مشهود له بتجربته السياسية وسلوكه الثقافي والحضاري، وخير دليل تاريخه في البيت الأبيض وتصريحاته الأخيرة التي تشير إلى عهد أقل جنونا وصخبا وعنفا، كما أن تصريحات نائبته " كاملا هاريس" عقلانية وحكيمة تبعث على الهدوء النسبي.

أنا لا أقول عنا بأن حو بايدن سيكون مخلّصا حديدا، لا، فالسياسة الأمريكية وإن اختلفت الإدارات لا تراهن على خطوطها الرئيسية مثل دعمها المطلق لإسرائيل، لكني أتوقع أن تكون أكثر اتزانا بوجود بايدن وكمالا هاريس، المسيّرين من قبل الحزب الديمقراطي، حتما ستهدأ ارتدادات العواصف التي أحدثها "ترامب" وتستكين مياه المحيط ويخفّ جنون الريح، لنهنّأ بعيش أكثر أمنا وعدلًا

ايديولوجيات واراء ترامب الرأسمالية بأساسها كانت تمثل تهديدا ليس فقط للمجتمع الأمريكي انما للعالم كله

رامز عيد الباحث والمحاضر والناشط قال ل "بكرا": هناك شعور بفرحة شعبية عالمية لخسارة ترامب للانتخابات الامريكية، وهذه الفرحة تشمل كل من لا يؤمن بالعنصرية كوسيلة لبناء العلاقات في المجتمع او بين الدول. وهنا يجب الإشارة الى التدهور الأخلاقي الذي يمثله ترامب والحزب الجمهوري الأمريكي: فمنذ ان تقلد السلطة تم تعطيل عمليات فحص الاتهامات المختلفة الموجهة الى ترامب من اعتداء جنسي، الى تهرب ضريبي كبير، الى التعاون مع روسيا بوتين في بث اشاعات واكاذيب على مواقع التواصل الاجتماعي والتي ساعدته على ربح الانتخابات قبل 4 سنين، وغيرها من تصرفات غير قانونية او على اقل لا تليق برئيس دولة، وكل ذلك بموافقة شبه كاملة من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين. اعتقد هناك جانب مهم يجب تذكره والتعلم منه، الا وهو نكران ترامب للمعلومات والحقائق العلمية المختلفة، ومهاجمة العلماء في أمريكا وحول العالم، حتى يبرر امام جمهوره اليميني سياسات غير منطقية، على عكس ما يقوله العلم.

والجانب الأهم هنا هو نكرانه لتقارير علماء البيئة حول ازدياد الاحتباس الحراري في العالم، وان الولايات المتحدة هي من اكثر الدول تلويثا للبيئة بسبب اعتمادها على النفط في اقتصادها. تعمد ترامب تدمير كل الإنجازات البيئية التي صنعها أوباما خلال 8 سنوات حكمه، لا بل انه عين أشخاصا يحملون نفس أيديولوجياته كمسؤولين في منظمات بيئية حكومية. وقام مؤخرا بالانسحاب من الاتفاق العالمي لحماية البيئة. يمكن تلخيص القول ان ايديولوجيات واراء ترامب الرأسمالية بأساسها كانت تمثل تهديدا ليس فقط للمجتمع الأمريكي انما للعالم كله، كونها كانت مصدرا للأكاذيب التي يصدقها ملايين الناس من محبيه حول العالم، والتي قد تؤدي الى الاستمرار في التدهور البيئي بصورة لا يمكن تفاديها.

خسارة ترامب وفوز بايدن لن يغير الكثير من السياسات الأمريكية الخارجية وخاصة بكل ما يتعلق بالملف والقضية الفلسطينية

وصرح الناشط السياسي سامر عثامنه أن خسارة الرئيس دونالد ترامب بالانتخابات تعد هزيمة شخصية له لعدم نيله وفوزه بالرئاسة لدورة ثانية ولكن الظاهرة الترامبية وكل ما تمثل من نهج عنصري واستعلائي وفوقية العرق الأبيض على غيرة واضطهاد الأقليات وخاصة المسلمة لم تهزم ولم تمت ودليل على ذلك صوت لها أكثر من سبعين مليون أمريكي وهنا يكمن الخطر بذاته. ولكن بدون أي أدنى شك خسارته هي لحظة مهمة وتبعث الفرح لكل انسان بالعالم يمقت كل ما مثل من انتهازية وعنجهية وفوقية واستعلائية.

وأوضح عثامنه الى ان خسارة ترامب وفوز بايدن لن يغير الكثير من السياسات الأمريكية الخارجية وخاصة بكل ما يتعلق بالملف والقضية الفلسطينية وعملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية. وتابع: فرغم اختلافات ترامب وبايدن الشخصية والإيديولوجية والاختلافات بين الحزب الديموقراطي والجمهوري ستبقى الإدارة الأمريكية منحازة للطرف الإسرائيلي وعلينا ان لا ننسى ان بايدن اشغل منصب نائب الرئيس لدورتين متتاليتين بفترة اوباما وكانت له عشرات الجولات والزيارات لمنطقة الشرق الأوسط عموما واسرائيل والسلطة الفلسطينية تحديدا ولم يستطع تحقيق أي إنجاز ملموس سوى تكملة إدارة الصراع ومحاولة الوصول لطاولة المفاوضات والتي فشلت أيضا بعدم تجاوب نتنياهو مع أي مبادرة لهم. من هنا لا يمكن التعويل عليه كثيرا ولكن من ناحية ثانية ممكن ان يكون اختياره رئيسا للولايات المتحدة متنفسا للسلطة الفلسطينية التي عانت الويلات والأمَرين بفترة ترامب ووقفت وحيدة دون مساند ومساعد لها أمامه فهناك احتمال لإرجاع فتح مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية بواشنطن التي اغلقت واعادة مساعدات الأونروا والمساعدات المالية المباشرة للسلطة التي اوقفت. الولايات المتحدة لم تلعب يوما دور الحياد بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني وستبقى إسرائيل حليفتها الأولى بالشرق الأوسط وستحافظ دائما على علوها وتفوقها العسكري ولا يهم هوية الرئيس.

ونوه: في حالة ان بايدن حاول التغيير بما لا يتناسب مع إرادة نتنياهو وحكومته سيجد الأخير له بالمرصاد ويجب التذكير كيف تحدى نتنياهو الإدارة الأمريكية وعلى رأسها اوباما من خلال تصريحاته المختلفة وبالأخص حول الك، ملف النووي الإيراني والذي وصل ذروته لخطاب معادي لسياسات اوباما بهذا السياق بالكونغرس الأمريكي.

وقال مختتما لـ "بكرا": مع كل ما ذكر اعلاه فوز بايدن فيه بصيص من الأمل للتغيير بعد اربعة سنوات صعبة بعهد دونالد ترامب ويجب ان لا ننسى انه حاز على دعم ساندرس اليساري من حزبه صاحب المواقف الداعمة للقضية الفلسطينية والذي كان له منافسا في الانتخابات التمهيدية للرئاسة بالحزب الديموقراطي واختياره امرأة لأول مرة لمنصب نائبة الرئيس (كاميلا هاريس) من اصول مهاجرة وازدياد عدد الممثلين من اصول فلسطينية في مجلس النواب. كل تلك الأمور سوف يكون لها تأثير على الرئيس بايدن وسياساته بدون أدنى شك.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]