منيب طربيه

حرصت القوى الوطنية في الداخل على مدار سنوات أن تحافظ على الثوابت في تصريحاتها ونهجها، حرصا منها على قضية فلسطينيي الداخل وحقوقهم وانتزاعها بشموخ وكبرياء، بعيدا عن سياسة المقايضة والانبطاح.

ليس خفي على أحد أن هناك خلافات حادة ونقاشات مستفيضة لا تتوقف ولن تتوقف قبل وبعد كل محفل وكل مناسبة، لأننا شعب متنوع وحيوي فيه ما يكفي من عوائق أمام كل مشروع وحدوي مرجو، كما أنه ليس من الطبيعي أن تولد الوحدة إلا بعملية قيصرية.

رغم كل الخلافات والصراعات التي تعاني منها أطياف شعبنا، إلا أن شعبنا يصبو إلى الوحدة، لأنه لا خيار عنها في هذه المرحلة على وجه الخصوص، في ظل تعنت أبواق وأذرع السلطة وبلطجيتها وانفرادها في اتخاذ القرارات، والتي بنهاية المطاف تستثني أبناء شعبنا بشكل انتقائي عنصري بغيض.

في وضعنا كفلسطينيين في هذه البلاد لا يصح إلا أن تكون فاعلا في مواجهة كل أعداء شعبنا، وليس من الأخلاق أن تتبنى حتى سياسة الحياد في هذه الحالة، وسيحاسب شعبنا كل من يتبع سياسة الحياد وحرصوا على شق وحدة الصف ومحاولة إجهاض الوحدة ومحاولة تحييد السهام الموجهة ضد السلطة وأذرعها وتوجيهها إلى شركاء الأمس.

إننا في هذه البلاد نعي جيدا ما هي الأزمة الحقيقية التي يعاني منها شعبنا، كما نعي جيدا حيثيات السياسة الكيدية التي ينتهجها رئيس حكومة المؤسسة الإسرائيلية لتأجيج نار الفتنة ولكي يفرغ سموم مؤيديه من اليمين واليمين المتطرف.

نحن لسنا ضد اتباع سياسة تحصيل الحقوق والنهج الاجتماعي الذي تتبعه الجنوبية، ولا محاولة التميز عن باقي المركبات بنهج جديد أو اتباع سياسة طوق النجاة من مستنقع المؤسسة الإسرائيلية، ولكننا لن نسمح ولا بأي شكل من الأشكال محاولة التغرير بشعبنا واستغلال أزماته لتسويق أجندة مشبوهة عنوانها الانبطاح غير المسبوق وغير المبرر، هذا ناهيك عن الانزلاق والتمادي على رموز شعبنا ممن دفعوا الغالي والنفيس من وراء القضبان ومحاولة تلميع مقلاة عفنة لطبخة دنيئة على مائدة اللئام.

من يساند من يعتبر فلسطينيي البلاد طابورا خامسا لا يستحق الثقة، ووجب عليه الاعتذار ممن أعطوه الثقة عندما غرر بهم بشعارات رنانة بدعايته الانتخابية، وجهر بالعلن أن دعايته الانتخابية كانت مجرد شعارات لاستقطاب أصوات الشرفاء من أبناء شعبنا وانتهج نهجا انبطاحيا في أحضان اليمين، عليه الاعتذار والذهاب إلى محافل أخرى علّه يجد بها تأييدا يستحقه.

البناؤون العرب ممن بنوا البلاد بسواعدهم ورسموا معالمه في محافل النضال والمواجهات وفي المعتقلات، يروونا شموخا وعزة وكرامة، وهم أكثر من غيرهم ممن تحاول تسويقهم، يستحقون أن نضعهم تيجان على رؤوسنا وقلادات نزين بها صدورنا العارية.

من الطبيعي أن يعتذر كل من تمادى على رموز شعبنا ويحاول بانبطاحه أن يتمرمغ على قبور الأوصياء، ولكن على ما يبدو أن الانبطاح الذي وصلوا إليه أعماهم عن طريق الحق.

من انشق عن الإجماع ويحاول بطريقة أو بأخرى تلميع صورة نتنياهو والتنصل من الأسرى وميادين النضال، يجب إرساله ببرقية مستعجلة إلى قيسارية حيث سيده نتنياهو، بعيدا عن تشويه هوية فلسطينيي البلاد ومشروعهم.

 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]