"الكرد، القاسم، الجاعوني، واسكافي".. عائلات مقدسية تعيش حالة من الخوف والترقب الشديدين في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، مع اقتراب موعد إخلائهم وتهجيرهم قسريًا من منازلهم في الثاني من أيار/ مايو المقبل، لصالح المستوطنين.

ورغم تخوف تلك العائلات المقدسية من "طرد وشيك"، إلا أنها مصممة على عدم ترك منازلها للمستوطنين مهما كلفها من ثمن، وأنها ستدافع عن أرض أجدادها وآبائها، الذين عاشوا فيها منذ العام 1956، لآخر لحظة.

ومنذ العام 1972، يواجه أهالي الشيخ جراح مخططًا إسرائيليًا لتهجيرهم وبناء مستوطنة على أنقاض بيوتهم، بزعم أن الأرض التي بُنيت عليها منازلهم من طرف الحكومة الأردنيّة كانت مؤجرة في السّابق لعائلات يهودية.

وتواصل العائلات المهددة صمودها ومعركتها القانونية في سبيل مواجهة أوامر الإخلاء من منازلها وأراضيها التي تملكوها بناءً على اتفاق تم في عام 1965، ما بين الحكومة الأردنية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".

وفي الآونة الأخيرة، رفضت محكمة الاحتلال المركزية الاستئنافات التي تقدم فيها طاقم الدفاع عن عائلات الشيخ جراح.

ومنحت محاكم الاحتلال عائلات "الكرد، القاسم، الجاعوني، واسكافي"، التي يبلغ عددها سبع أسر وتضم 30 فردا منهم 10 أطفال مهلة للإخلاء حتى بداية أيار/ مايو المقبل، وعائلات "الداوودي، الدجاني، وحماد" حتى مطلع آب/ أغسطس، وعددها 7 أسر وتضم 25 فردًا بينهم 8 أطفال.

ويتهدد خطر التهجير 500 مقدسي يقطنون في 28 منزلًا بالحي على أيدي جمعيات استيطانية بعد سنوات من التواطؤ مع محاكم الاحتلال، والتي أصدرت مؤخرًا قرارًا بحق العائلات السبعة المذكورة، رغم أن سكان الحي المالكين الفعلين والقانونين للأرض.

وتقول جماعات استيطانية إنها "امتلكت الأرض التي أقيمت عليها المنازل الفلسطينية، ما قبل العام 1948"، وهو ادعاء يدحضه السكان.

قلق شديد

الناشط المقدسي صالح دياب-أحد أصحاب المنازل المهددة بالإخلاء-يقول لوكالة "صفا" إن عائلات الحي تعيش قلقًا شديدًا ووضعًا سيئًا مع اقتراب انتهاء مهلة الإخلاء التي حددتها محكمة الاحتلال في الثاني من مايو المقبل، وتنتظر رد المحكمة بشأن القضية.

ويضيف "الهجمة الإسرائيلية الشرسة على الحي تزايدت بشكل كبير، ووصلت وقاحة الاحتلال بزيارة وزير إسرائيلي بالأمس للحي للتضامن مع مستوطنين استولوا على أحد المنازل في المنطقة، فهم لا يريدون الاستيلاء فقط على 28 منزلًا، بل على القدس بأكملها".

"قرار إخلائنا من منازلنا ظالم وتعسفي، هذه أرضنا منذ عشرات السنين، ووفقًا لاتفاقية ما بين أونروا والحكومة الأردنية، لا نعترف بوجود أي ملكية للمستوطنين فيها"، يتابع أبو دياب

ويوضح أن بداية التهجير ستكون من حي الشيخ جراح وصولًا إلى حي البستان لإقامة ما يسمى "الحوض المقدس"، ولإحاطة القدس والمسجد الأقصى المبارك بالمستوطنات.

"منذ 50 عامًا، ونحن نطالب محكمة الاحتلال بإثبات ملكية الأرض للمستوطنين، لكن دون جدوى"، كما يشير دياب، "فهذه سياسة عنصرية قائمة على تزوير الأوراق الثبوتية الخاصة بالفلسطينيين لإثبات أي أحقية للعائلات اليهودية بوجودهم في المدينة المقدسة".

وفي الثاني من مايو ستعقد محكمة الاحتلال العليا غربي القدس جلسة للنظر في قرار إخلاء أربع عائلات من منازلها بالحي.



ويقول دياب:" نحن لا نعول كثيرًا على الاحتلال ومحاكمه، التي تعد جزءًا لا تتجزأ من منظومة القضاء الإسرائيلي العنصري، والتي شرعت باسم القانون الإسرائيلي سرقة وهدم منازل وأراضي الفلسطينيين بالقدس".

ويضيف "ما نعول عليهم هم شباب القدس الذين هبوا لمواجهة إجراءات الاحتلال في منطقة باب العامود، وباب الأسباط والرحمة وغيرها".

دعوات للتضامن

وتسعى العائلات المقدسية اليوم إلى مساءلة الاحتلال أمام المحكمة الجنائية الدولية، كما يقول الناشط المقدسي: إذ "قدمنا عبر 191 منظمة حقوقية أممية طلبًا للمحكمة الجنائية للتحقيق في سياسة التهجير القسري الوشيك للحي، باعتبارها جريمة لا إنسانية تستهدف حيًا مقدسيًا كاملًا".

ويؤكد استمرار الفعاليات والتظاهرات الأسبوعية في الشيخ جراح، احتجاجًا على سياسة إخلاء المنازل وهدمها، والاستيطان في الحي.

ويطالب الحكومة الأردنية والأمم المتحدة بالضغط الجدي على حكومة الاحتلال لإيقاف التطهير العرقي لسكان الشيخ جراح، مشيرًا إلى أن الاتحاد الأوروبي وعد السكان بعد زيارته للحي، بالضغط على الاحتلال لوقف عملية الإخلاء.

وأطلق ناشطون مقدسيون دعوات شبابية لنصرة أهالي الشيخ جراح المهددين بالتهجير القسري، مطالبين بضرورة المشاركة في أداء صلاة العشاء والتراويح يوم الأربعاء، في الحي، لدعم صمود سكانه وتضامنًا معهم.

ويناشد أهالي الشيخ جراح وسائل الإعلام والشباب المقدسي بالتواجد على الأرض للدفاع عن الحي، ولجم المستوطنين.
 

المصدر: وكالة صفا

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]