نحن امام مرحلة هامة في حياتنا السياسية في البلاد. علاقة المجتمع العربي مع الحكومة الجديدة، في حال تمت اقامتها الفعلية، ستكون علاقة مركبة، ويجب ان نتحضر لها جيداً.

لا شك انه ستكون في هذه الحكومة مركبات يمينية سيئة، متعودة على معاداة المجتمع العربي. وسيكون لهذه المركبات مصلحة بمحاولة اقتناص فرص للاساءة الينا لكي تحسن من صورتها امام قاعدة مصوتيها اليمينيين. ولكن قد تُحرج هذه الاحزاب بعض الشيء بسبب شركائها في التحالف من الأحزاب اليسارية والقائمة الموحدة، وكذلك لحاجتها من حين الى حين للتوجه للقائمة المشتركة لضمان تمرير بعض القوانين والقرارات في الهيئة العامة للكنيست، او في لجانها. لذلك، ستعتمد احزاب اليمين استراتيجية اخفاء عداءها العلني، وتستعيض عنه بعداءٍ مبطن من خلال قرارات مجحفة من طرف وزراء اليمين فيها.

من ناحية أخرى بدأت احزاب اليسار تُذَوِّت فكرة اعتمادها على اعضاء الكنيست العرب في التركيبة الائتلافية، ولذلك ستسعى جاهدة الى تحسين ادائها وسياساتها الايجابية، وبسرعة البرق خوفاً من سقوط الحكومة بعد فترةٍ قصيرة. هي بحاجة لانجازات كبيرة امام المجتمع العربي لانها تطمع بإعادة المصوتين العرب الى صناديق الاقتراع، لان الامر يصب في نهاية المطاف بمصلحة كتلة المركز يسار، ان كان ذلك بالتصويت لهذه الاحزاب مباشرة، او التصويت الداعم للكتلة من خلال التصويت للاحزاب العربية.

أمام القائمة الموحدة فرصة لتحقيق انجازات كبيرة وهامة لمجتمعنا العربي. فاذا امتحناهم من خلال النتيجة فإن دخولهم في الحكومة يرفع سقف المشاركة السياسية العربية، ويشرعن الدور العربي في دائرة اتخاذ القرار. ولكن لا نلغي الاصوات التي رفضت طريق الدخول للحكومة التي عبرت في ساحة الليكود واليمين المتطرف وشرعنته. الا ان الدور الملقى على عاتق الموحدة اليوم هو دور كبير، ولا شك ان مصلحة المجتمع العربي، هي تحقيق اتفاقيات الموحدة مع الحكومة، ويجب خلق آليات لمساعدتها على ذلك في هذه المرحلة.

سيكون امام القائمة المشتركة عدة فرص للتاثير على هذه الحكومة الضيقة، التي ستضطر ان تطرق باب المشتركة لتصوت معها في الكنيست لضمان تمرير الميزانية، والقوانين المختلفة. هذا الدور لا يقل اهمية عن دور الموحدة، إذ ستكون فرص لصفقات هامة، غير موجودة حالياً في اتفاقية الائتلاف، وقد يكون لها مردود رائع لمجتمعنا. عليهم البقاء يقظين لهذه الفرص، وعليهم برأيي تخفيف حدة المناكفة مع الموحدة ومركبات المركز-يسار في الحكومة المتشكلة لضمان شرعية دورهم في هذا المضمار.

القضايا التي نحتاجها واضحة وضوح الشمس. أولاً محاربة الجريمة، واقامة الاطر اللازمة وتخصيص الميزانية المطلوبة للقضاء على هذا المارد الذي يقوِّض مجتمعنا. ثانياً، إعادة هيكلة الاقتصاد العربي المهزوز بعد آفة الكورونا، والتركيز على خلق اماكن عمل نوعية في داخل البلدات العربية. وثالثاً علاج قضايا الارض والمسكن، سعياً لمضاعفة مساحات الخرائط الهيكلية المصادقة، والاسراع في اقرار الخرائط التفصيلية لاخراج آلاف البيوت العربية خارج قائمة البيوت المهددة بالهدم. رابعاً، تحسين التعليم بشكل جوهري ليتماشى مع متطلبات سوق العمل، ومنع استمرار ظاهرة التسرب من المدارس، والانتظار الطويل لدخول الجامعات وسوق العمل. خامساً، محاولة ابطال ما يمكن ابطاله من القوانين العنصرية التي اقرتها حكومات بنيامين نتنياهو في ال-١٢ من الحكم التي همشت مواطنتنا وجعلتها مشروطة، وعمقت التنافر بين المجتمعين العربي واليهودي، وخاصةً قانون القومية العنصري. وسادساً، دعم المفاوضات مع الشرعية الفلسطينية، لاخراجها من حالة الجمود، الذي لا يعطي بريقاً من الأمل لشعبنا الرازح تحت الاحتلال.

الفرصة متاحة، واستغلالها بحنكة وذكاء هو المطلوب، وعلى كل المؤسسات العربية في البلاد التجند للعمل معاً لمصلحتنا العامة بدل المصالح الفئوية.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]