يبدوا أن طلاب المدارس لن يحظوا بعد بداية شهر نيسان القريب بخدمات الصحة التي كانت تقدم لهم من خلال الممرضات والأطباء الذين اهتموا بهم حتى اليوم.

هذا بناء على أن الاتفاقية بين الدولة وبين الشركة التي قامت بتقديم هذه الخدمات قد انتهى مفعولها، ولم يتم حتى اليوم إرساء العطاء الجديد على أي شركة أخرى. كما أن التحضيرات لبدء عمل أي مزود جديد في هذا المجال ستستغرق شهرين على الأقل من يوم فوزه بالمناقصة. ومعنى ذلك، بأنه حتى لو تم اليوم تحديد الشركة الفائزة بالمناقصة، فإنها لن تستطيع تجهيز طاقمها الذي من المفترض أن يقدم هذه الخدمات خلال الفترة المتبقية حتى خروج الشركة الحالية نهاية شهر آذار.

700 طبيب وممرضة، إلى سوق البطالة...

والنتيجة الحتمية لهذا الوضع هي أن الطلاب في البلاد لن يتلقوا الخدمات الصحية في المدارس حتى نهاية العام الدراسي الحالي، لا تطعيمات ولا فحوص دورية ولا غيرها. هذا نظرا لأن أي مشغل للخدمات الصحية لن يستطيع تجهيز نفسه وطاقمه الذي من المفترض أن يشمل مئات الأطباء والممرضات قبل نهاية العام الدراسي الحالي.

من جهة أخرى، ومع انتهاء الاتفاقية يوم 31 من آذار القادم، سيتم فصل 700 طبيب وممرضة من الشركة التي كانت تقدم الخدمات حتى اليوم، نظرا لأن الشركة تلقت إخطارا رسميا من الدولة مفاده أنها لم تفز بالمناقصة الجديدة.

يقول مدير الشركة المنتهية اتفاقيتها بأن شركته تقوم بجمع المعطيات حول عدم فوزها بالمناقصة، وفي حال توفر ما يكفي من المعلومات فإنهم سيتوجون للقضاء. ويؤكد أن الطلاب بكل الحالات لن يحظوا بخدمات الصحة بدءاً من بداية نيسان إلا إذا طلبت الدولة منهم الاستمرار بتقديم هذه الخدمات. ويضيف إن هذا الوضع جاء في وقت حرج جدا، بحيث تشير المعطيات إلى عودة انتشار مرض النكاف المعدي، وفي حال عدم توفر الخدمات الصحية في المدارس فإن العدوى ستنتشر بين الطلاب بشكل قد يجعل السيطرة على المرض شبه مستحيلة.

خدمات الصحة المدرسية، ما بين الخصخصة والتأميم

وتطرق تقرير مراقب الدولة الأخير لهذا الأمر مشيرا إلى الكثير من الخروق في تقديم هذه الخدمات من خلال مؤسسات خاصة وليس بواسطة أجهزة الدولة، مؤكدا أن هذه "الخصخصة" لم توفر في الميزانيات، بل إنها رفعت التكاليف على الدولة بشكل ملحوظ، خصوصا وأن "الخصخصة" الأولى حصلت في منتصف عام دراسي سابق، بينما لم تستوعب الدولة الدرس من الفشل الأول وتنوي إعادة تغيير مزود الخدمات الصحية خلال فترة السنة الدراسية وفي منتصفها.

من جهته أكد نائب وزير الصحة أنه مقتنع تماما بضرورة أن تكون خدمات الصحة المدرسية بيد مؤسسات الدولة وليس مؤسسات خاصة. إلا أنه قال أيضا بأن إيقاف المناقصة الحالية بات أمرا مستحيلا، وبأنه ينوي فحص إمكانية تقصير مدة الاتفاقية إلى أقل من ثلاث سنوات.

في هذه الأثناء توقف تقديم الخدمات الصحية في عشرات المدارس في البلاد، بل إن بعض المدارس لم يزرها طبيب أو ممرض خلال العام الدراسي الحالي إطلاقا. وهذا، نظرا لأن المصلحة الاقتصادية للشركة المزودة لهذه الخدمات تتضارب مع تقديم كل ما هو مطلوب منها، وتغلب رغبة الربح المادي على الحاجة لإعطاء الخدمة كما يجب، مما يخلق وضعا تدفع فيه الدولة مبالغ أكبر مقابل خدمات منقوصة. وعليه فإن الحل الأمثل يكمن في إعادة هذه الخدمات إلى يد الدولة، وهو ما يعتبر جزءاً من واجب الدولة الوطني والأخلاقي تجاه مواطنيها.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]