بقلم: فادي نادر أبو تامر

1. كَان يَا مَكَان مَلِكٌ طَيِّبٌ، شَعْبُهُ يُحِبُّهُ وَيُقَدِّمُ لَهُ ٱلْهَدَايَا للتَّعْبِيرِ عَنْ حُبِّهِمْ لَهُ. فِي أَحَدِ ٱلأَيَّامِ شَعَرَ ٱلْمَلِكُ بِأَلَمٍ فِي قَلْبِهِ فَطَلَبَ مِنِ اِبْنِهِ ٱلأَمِيرِ أَنْ يُنَادِيَ الطَّبِيبَ لِفَحْصِهِ.

2. فَحَصَهُ الطَّبِيبُ وَقَالَ لِلأَمِيرِ: يَا بُنَِيَّ إِنَّ أَبَاكَ مَرِيضٌ جِدًّا، وَلَنْ تَسْتَطِيعَ إِنقَاذَهُ إِلاَّ إِذَا نَفَّذْتَ مَا أَطْلُبُهُ مِنْكَ...

3.تَعَجَّبَ ٱلأَمِيرُ وَسَأَلَ عَلَى الْفَوْرِ: مَاذَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَفْعَلَ لأُنقَذَ أَبِي؟
أَجَابَ الطَّبِيبُ: لِكَيْ يُشْفَى أَبُوكَ فِي غُضُونِ أَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ... عَلَيْكَ إِحْضَارُ قَلْبِ سَمَكَةٍ ذَهَبِيَّةٍ...
وَلأَنَّهُ لاَ تُوجَدُ إِلا سَمَكَةٌ ذَهَبِيَّةٌ وَاحِدَةٌ فِي الْمَمْلَكَةِ الْكَبِيرَةِ، تَعِيشُ فِي بُحَيْرةٍ بَعِيدَةٍ، قَرَّرَ ٱلأَمِيرُ أَنْ يُسَافِرَ إِلَى هُنَاكَ.

4. حَمَلَ ٱلأَمِيرُ الصِّنَّارَةَ وَسَارَ بِاتِّجَاهِ ٱلْبُحَِيْرَةِ النَّائِِيَةِ.
كَانَ النَّاسُ فِي ٱلْمَمْلَكَةِ يَقُولُونَ إِنَّ السَّمَكَةَ الذَّهَبِيَّةَ تَظْهَرُ فِي النَّهارِ وَتَخْتَفِي مَعَ غُرُوبِ الشَّمْسِ..
ذَهَبَ ٱلأَمِير وَهُوَ يُفَكِّرُ كَيْفَ سَيَصْطَادُ هذه السَمَكَةَ.

5. فِي الطَّرِيقِ قَابَلَ ٱلأَمِيرُ عَجُوزًا أَعْمَى فَطَلَبَ ٱلْعَجْوزُ مِنَ ٱلأَمِيرِ أَنْ يُسَاعِدَهُ فِي حَمْلِ أَغْرَاضِهِ الثَّقِيلَةِ.
عِنْدَمَا رَفَعَ ٱلأَمِيرُ كِيسًا عَنِ الأَرْضِ سَقَطَ مِنْهُ تَاجٌ ذَهَبِيٌّ فَأَعَادَهُ إِلَى مَكَانِهِ، ثُمَّ حَمَلَ الْكِيسَ وأَمْسَكَ بِيَدِ ٱلْعَجُوزِ فَسَأَلَهُ ٱلْعَجُوزُ: لِمَاذَا أَنْتَ حَزِينٌ يَا بُنَيَّ؟

6.  سَألَهُ ٱلأَمِيرُ مُتَعَجِّبًا: كَيْفَ عَلِمْتَ أَنِّي حَزِينٌ أَيُّهَا الشَّيْخُ وَأَنْتَ أَعْمَى؟
أَجَابَ وَهُوَ يَبْتَسِمُ: لاَ تَنْسَ أَنَّ ٱلأَعْمَى يَمْتَلِكُ صِفَاتٍ خَاصَّةً.. مَا بِكَ، كَلِّمْنِي؟
أَجَابَ ٱلأَمِيرُ: أَنَا ابْنُ أََكْثَرِ شَخَصٍ مَحْبُوبٍ فِي ٱلْمَمَلكَةِ. أَبِي عَلَى وَشَكِ ٱلْمَوْتِ، وَٱلْحَلُّ لِِشِِفَائِهِ هُوَ إِحْضَارُ سَمَكَةٍ ذَهَبِيَّةٍ، وَأَنَا فِي طَرِيقِي لاصْطِيَادِهَا، وَٱلْمُشْكِلَةُ أَنِّي لاَ أَعْرِفُ كَيْفَ أُمْسِكُ بِالصِّنَّارَةِ..!!! أَجَابَ ٱلْعَجُوزُ: لاَ تَقْلَقْ يَا بُنَيَّ، فَأَنَا سَأُسَاعِدُكَ كَمَا سَاعَدْتَنِي.

7. أَوْصَلَ ٱلأَمِيرُ ٱلْعَجُوزَ إِلَى ٱلْبُحَِيْرَةِ وَأَعْطَاهُ الصِّنَّارَةَ.. فتَمْتَمَ ٱلْعَجُوزُ بِصَوْتٍ مُنْخَفِضٍ وَٱلأَمِيرُ يَِنْظُرُ إِلَيْهِ مُتَعَجِّبًا لاَ ِيُصَدِّقُ عَيْنَيْهِ... رَمَى ٱلْعَجُوزُ الصِّنَّارَةَ فَسَقَطَتْ إِلَى ٱلْمَاءِ وَبدأَ ٱلْعَجُوزُ يَهُزُّ ِالصِّنَّارَةَ فَصَارَتْ تَتَلاَعَبُ مِثْلَ ٱلأَفْعَى إِلَى أََنْ لَفَتَ نَظَرَ ٱلأَمِيرِ شَِيْءٌ ِيَلْمَعُ فِي ٱلْمَاءِ يَتَّجِهُ نَََحْوَ الصِّنَّارَةِ فَنَبَّهَ ٱلْعَجُوزَ إِلَى ذَلِكَ.
رَدَّ عَلَيْهِ ٱلْعَجُوزُ قَائِلاً: مَبْروكٌ يَا بُنَِيَّ..

8.سَحَبَ ٱلْعَجُوزُ الصِّنَّارَةَ مِنَ ٱلْمَاءِ وَطَارَتْ سَمَكَةٌ ذَهَبِيَّةُ اللَّوْنِ فِي ٱلْهَواءِ عَلِقَتْ بِهَا فَسَحَبَهَا ٱلْعَجُوزُ نَحْوَ الضِّفَّةِ، وَإِذْ بِالسَّمَكَةِ تَتَكَلَّمْ َوَتَقُولُ: أَرْجُوكُمْ... أَرْجِعُونِي إِلَى ٱلْمَاءِ وَسَأُلَبِّي لَكُمْ طَلَبَيْن. أَرْجُوكُمْ..!!
تَعَجَّبَ ٱلأَمِيرُ وَسَأَلَهَا كَيْفَ تَتَكَلمِينَ أَيَّتُهَا السَّمَكَةُ، فَٱلأَسْمَاكُ ٱلَّتِي أَعْرِفُهَا لاَ تَتَكَلَّمُ؟ فَأَجَابَتْهُ: أَنَا سَمَكَةٌ غَيْرُ عَادِيَّةٍ أَعْطَانِي ٱللهُ قُدْرَةَ ٱلْكَلاَمِ.. أَرْجُوكَ أَنْ تُعِيدَنِي إِلَى ٱلْمَاءِ!!
ارْتَبَكَ ٱلأَمِيرُ لأنّه يُرِيدُ إِنْقَاذَ أَبِيهِ ٱلْمَلِكِ، لَكِنَّهُ لا يُرِيدُ أَنْ يَقْسُوَ عَلَى السَّمَكَةِ ٱلْمِسْكِينَةِ وَالْجَمِيلَةِ.
وَأَخْبَرَهَا أَنَّهُ قَرَّرَ إِرْجَاعَهَا إِلَى ٱلْمَاءِِ إِذَا لَبَّتْ طَلَبَيْهِ...
فَرِحَتِ السَّمَكَةُ وَشَكَرَتْهُ ثُمَّ قَالَتْ لَهُ: أَنْتَ إِنْسَانٌ طَيِّبٌ.. هَيَّا اُطْلُبْ طَلَبَيْنِ، وَسَأُحَقِّقُهُمَا لَكَ..


9.قَالَ ٱلأَمِيرُ: شُكْرًا لَكِ.. أَوَّلاً أُرِيدُ أَنْ ِيُشْفَى أََبِي ٱلْمَلِكُ مِنَ ٱلْمَرَضِ ٱلْخَطِيرِ ٱلَّذِي أَصَابَهُ، وَأَنْ يُكْمِلَ حَِياتَهُ بِصِحَّةٍ وَعَافِيَةٍ لأَنَّنِي أُحِبُّهُ وَالشَّعْبُ يُحِبُّهُ...

10. أَغْمَضَتِ السَّمَكَةُ عَِينَِيْهَا وَهَزَّتْ ذَيْلَهَا وَقَالَتْ لَهُ: لَبَّيْتُ ٱلأُمْنِيَةَ ٱلأُولَى... لَقَدِ اسْتَعَادَ أَبُوكَ ٱلْمَلِكُ ٱلْمَحْبُوبُ صِحَّتَهُ..
أَلأُمْنِيَةُ الثَّانِيَةُ هِيَ أَنْ تُعِيدِي النَّظَرَ إِلَى هَذَا ٱلْعَجُوزِ ٱلأَعْمَى الطَّيِّبِ فَِيَرَى مُجَدَّدًا. قَالَ ٱلأَمِيرُ.
أَخَذَتِ السَّمَكَةُ الذَّهَبِيَّةُ نَفَسًا عَمِيقًا وَهَزَّتْ ذَيْلَهَا وَحَاوَلَتْ أَنْ تُلَبِّيَ ٱلأُمْنِيَةَ الثَّانِيَةَ لَكِنَّهَا فَشِلَتْ فِي ٱلْمُهِمَّةِ...
نَظَرَتْ إِلَى ٱلأَمِيرِ وَقَالَتْ لَهُ: أَنَا لاَ أَسْتَطِيعُ أَنْ أُعِيدَ النَّظَرَ إِلَى الرَّجُلِ ٱلأَعْمَى.
دُهِشَ ٱلأَمِيرُ وَسَأَلَهَا: كَيْفَ لاَ تَسْتَطِيعِينَ أَيَّتُهَا السَّمَكَةُ الذَّهَبِيَّةُ وَأَنْتِ تَمْلُكِينَ قُوَّةً خَارقَةً؟ إِذَنْ، لَنْ أُعِيدَكِ إِلَى ٱلْمَاءِ.

11.عِنْدَهَا، اقْتَرَبَ الرَّجُلُ ٱلأَعْمَى مِنَ ٱلأَمِيرِ وَخَلَعَ قِنَاعًا عَنْ وَجْهِهِ، وَقَالَ لَهُِ: إِنَّهَا لاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُعِيدَ إِلَيَّ النَّظَرَ، لأَنَّنِي أَرَى بِعَيْنَيَّ، فَأَنَا أَبُوكَ ٱلْمَلِكُ...
دُهِشَ ٱلأَمِيرُ وَسَأَلَهُ وَهُوَ يُعَانِقُهُ بَعْدَ أَنْ أَعَادَ السَّمَكَةَ إِلَى ٱلْمَاءِ: لِمَاذَا فَعَلْتَ هَذَا يَا أَبِي ٱلْحَبِيبَ؟
أَجَابَ ٱلْمَلِكُ: لَقَدِ اِخْتَبَرْتُكَ فَنَجَحْتَ بِٱلاخْتِبَارِ.
ثُمَّ فَتَحَ ٱلْمَلِكُ كِيسًا مِنَ ٱلأَكْيَاسِ ٱلَّتِي مَعَهُ، وَأَخْرَجَ مِنْهُ التَّاجَ الذَّهَبِيَّ وَوَضَعَهُ عَلَى رَأْسِ ٱلأَمِيرِ، وَقَالَ لَهُ:
يَا بُنَيَّ ٱلْحَبِيبَ، مِنَ ٱلْيَوْمِ أَنَتَ سَتَكُونُ مَلِكَ ٱلْبِلاَدِ...
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]