يصادف تاريخ اليوم الثامن من اذار يوم المرأة العالمي، حيث خص "بكرا" هذا اليوم بطرح قضايا المرأة والتعقيدات والصعوبات التي تمر بها خاصة المرأة العربية في البلاد، التحديات والعقبات التي تواجهها على خلفيات مختلفة منها جندرية ومنها قومية والتمييز الذي تواجهه المرأة بشكل عام والمرأة العربية خاصة وبالتحديد التمييز الاقتصادي ضدها فقط لكونها امرأة، بالإضافة الى محاولتها بتحصيل حقوقها ومطالبتها بالمساواة بالرجل عالاقل في أماكن العمل، توجه "بكرا" الى المحامية مريم كبها المفوضة القطرية لشؤون المساواة في فرص العمل في وزارة الاقتصاد والصناعة حيث تعتبر كبها من النساء العربيات اللواتي تطلعن قدما وتحدين جميع العقبات حتى وصلن الى مرتبه رفيعة في الحكومة.

قبول 550 طالب عربي لمعهد التخنيون، 60% منهم نساء

تطرقت كبها في حديثها "بكرا" الى وضع المرأة في البلاد والتمييز الاقتصادي ضدها في اماكن العمل حيث قالت بالحقيقة أنّ المرأة في البلاد، بما في ذلك المرأة العربيّة، نجحت في اختراق السّقف الزجاجي وتجاوز الكثير من الحواجز والعقبات التي كانت في السابق تحول دون بروزها في الميادين المختلفة، واليوم نراها تتقلّد مواقع قياديّة في كافة المجالات. المرأة العربيّة في البلاد، على وجه الخصوص، حقّقت قفزة نوعيّة في المجالين الأكاديمي والمهني، ومن المهم الاشادة بذلك، والتطرّق إلى بعض المعطيات المهمّة في هذا السياق، فعلى سبيل المثال، في هذه السنة الدراسيّة 2016-2017 تمّ قبول 550 طالب عربي لمعهد التخنيون، 60% منهم نساء، ونسبة الطالبات العربيّات اللواتي قبلن لمعهد التخنيون خلال السنة الدراسيّة الحاليّة من مجمل عدد الطالبات تصل إلى 35% وهذا انجاز لا يستهان به، إلى جانب ذلك فانّ نسبة النساء العربيّات من مجمل الطلاب العرب في اللقب الأوّل تجاوزت ال-67%، وفي اللقب الثاني تجاوزت النسبة ال-70%، وفي اللقب الثالث بلغت 57.5%. هذه المعطيات هي في غاية الأهميّة ومن شأنها التأثير بشكل كبير على سوق العمل في السّنوات القريبة. لكن، مع كل ذلك، لا تزال المرأة في البلاد عامةً والمرأة العربيّة خاصةً تعاني من التمييز وعدم المساواة في العمل في كافة مراحل التشغيل، بدءًا من القبول للعمل، وأيضًا من حيث الأجر وشروط العمل وحتّى امكانيّات الترقية والتقدّم في مكان العمل. من المهم أن أتطرّق أيضًا إلى ظاهرة خطيرة وحتى غير أخلاقيّة نشهدها في سوق العمل وهي تشغيل النساء العربيّات بظروف عمل مجحفة ومهينة جدّا بحيث يتمّ اعطاؤهنّ أجرًا دون الحد الأدنى الذي ينصّ عليه القانون ويتم حرمانهنّ من الحقوق الاجتماعيّة التي يكفلها القانون كأيّام الاجازة السنويّة وغيرها. هذه الظاهرة يجب استئصالها وتكثيف كافة الجهود في سبيل ذلك. من الجدير التنويه أيضًا إلى أنّ المرأة تعاني من التمييز في مجال التشغيل كذلك في كل ما يتعلق بقضايا الحمل والولادة وعلاجات الخصوبة.

سبب التمييز الأكثر شيوعًا في أوساط النساء هو الحمل

وتابعت: وهنالك أيضًا مسألة التحرّشات الجنسيّة التي تواجهها المرأة في أماكن العمل. وفقط للتذكير خلال العام 2016 تمّ تسجيل ارتفاع حاد في عدد التوجهات لمفوضيّة تكافؤ الفرص في العمل المتعلقة بالتمييز على الخلفيّة الجندريّة (137.1%) مقارنةً بالعام الذي سبقه، وثُمن التوجهات على هذه الخلفيّة كانت بسبب الفجوة في الأجر. كما بيّن التقرير التلخيصي لعمل المفوضيّة الذي نشرناه مؤخرًا أنّ سبب التمييز الأكثر شيوعًا في أوساط النساء هو الحمل، وأكثر من ربع التوجهات (27.3%) للمفوضيّة خلال العام 2016 كانت على خلفيّة الحمل، وتشير المعطيات كذلك إلى وجود ارتفاع حاد في التوجهات على خلفيّة التحرّشات الجنسيّة، أكثر بثمانيّة أضعاف مقارنةً مع العام 2015. هذه المعطيات تعكس فقط جزءًا من صورة الوضع المركبة وبالغة التعقيد. من المهم لي الاشارة أيضًا إلى المبادرة الأولى من نوعها التي أطلقناها مؤخرًا تحت عنوان "مؤشّر التنوّع في العمل" وهو مؤشّر ينشر بشكل سنوي ويفحص التمثيل النسبي ومستويات الأجر لدى خمس شرائح سكانيّة، والتي تضم النساء والعرب والحريديم والقادمين من أثيوبيا وأبناء جيل 45 فما فوق، في 20 مجال اقتصادي رئيسي، وقد تمّ تطوير هذا المؤشر بمشاركة طاقم باحثات من مفوضيّة تكافؤ الفرص في العمل، ودائرة الاحصاء المركزية وقسم علوم الاجتماع والانثروبولوجيا في جامعة تل أبيب. المؤشّر يبيّن أنّ هنالك شرائح سكانيّة كاملة مهمشة من مجالات العمل ذات الأجور المرتفعة، فيما يتم دمج هذه الشرائح بشكل أكبر ضمن المجالات الشاقة ذات الأجور المتدنية. كما يشير إلى أنّ النساء يعانين من فروق كبيرة في الأجور في سوق العمل. لا شكّ أنّ الصورة معقّدة جدًّا وتستوجب اتّخاذ خطوات جريئة وتطبيق خطّة شاملة من أجل تحقيق المساواة في مجال التشغيل، ونحن في مفوضيّة تكافؤ الفرص في العمل نعمل وفق برنامج عمل متكامل وبمشاركة كافة الجهات ذات الصلة، من أجل تحقيق أهدافنا، وتغيير صورة الوضع بشكل جذري نحو بناء سوق عمل أكثر تنوعًا وعدلا ومساواة.

المفوضية تعمل على حملة توعية بما يتعلق بالتمييز ضد العرب في أماكن العمل

كما ذكرت كبها في حديثها لـ "بكرا" طريقة عمل المفوضيّة على حل ودعم مكانة المرأة اقتصاديا في البلاد وخاصة المرأة العربية حيث قالت: مفوضيّة تكافؤ الفرص في العمل تمتلك أدوات عديدة ومتنوعة والتي تساهم في تحقيق المساواة في سوق العمل، وبالتالي دعم كافة الشرائح السكانيّة التي تتعرّض للتمييز، ومن بينها النساء عامةً والنساء العربيّات على وجه الخصوص. معالجة قضيّة التمييز الشائكة وايجاد الحلول المناسبة لها، لا شكّ أنّها تعزّز وترفع من مكانة وشأن المرأة، كما بقيّة الشرائح المهمّشة. نحن في المفوضيّة نعمل على عدّة أصعدة، بما في ذلك البحث وكشف المعطيات عن صورة الوضع في سوق العمل، والتوعية بخصوص الحقوق في مجال العمل ومعالجة قضايا التمييز بالمسارين الجماهيري والقضائي، كما نعمل على المستوى الاعلامي وغيره. ذكرت سابقًا مؤشر التنوع في العمل، الذي بادرنا إليه بالتعاون مع جامعة تل أبيب ودائرة الاحصاء المركزية. هذا المؤشر هو الأكثر شموليّة في هذا المجال، وتكمن أهميته في أنّه يتيح لنا تعقّب التطورات في سوق العمّل من سنة إلى سنة في كل ما يتعلق بتطبيق معايير المساواة، الأمر الذي يساعدنا في المفوضيّة وفي المؤسّسات الحكوميّة المختلفة في اتّخاذ خطوات عمليّة وبناء خطّة عمل أكثر نجاعة. إلى جانب هذا، كنت قد بادرت قبل نحو عامين إلى تأسيس منتدى لتعزيز المساواة في العمل لخدمة المجتمع العربي، وهو يضم مؤسّسات شريكة عديدة تعمل في هذا المجال، ويتيح تضافر الجهود والتعاون الكامل بهدف زيادة الوعي لدى أبناء المجتمع العربي عامةً والنساء العربيّات خاصةً فيما يتعلق بحقوقهم التي تنص عليها قوانين العمل وسبل تحصيلها. إلى جانب ذلك، قريبًا جدًّا سيكون هنالك حملة اعلاميّة ضخمة لم يسبق لها مثيل، موجّهة للمجتمع العربي لزيادة الوعي بخصوص حقوقهم في العمل، فمعرفة الحقوق هي شرط أساسي للمطالبة بها، كما تحث الحملة كل شخص يتعرّض للتمييز في مكان العمل بالتوجه الينا أي إلى مفوضيّة تكافؤ الفرص في العمل، وسنقدّم له الاستشارة القانونيّة مجانًّا، كما سنتابع قضيته حتى انصافه وحتى لو تطلب الأمر مقاضاة المشغّل. من المهم التذكير أنّ المفوضيّة أقيمت بناءً على قانون تكافؤ الفرص في العمل الذي سنّ عام 1988 والذي يحظر التمييز في العمل على خلفيات مختلفة، مثل الجنس، الجيل، القوميّة، الوضع الاجتماعي، مكان الإقامة، الحمل وغيرها، بحيث أنّ عدم القبول للعمل أو الفصل أو الإساءة بشروط العمل على إحدى هذه الخلفيات يعد تمييزًا غير مشروع. المفوضية هي مورد عام وتقدّم خدماتها مجانًا، وهي العنوان الأوّل للعاملات والعمال في حالة التعرض للتمييز في مكان العمل لكونها المؤسّسة الرسميّة المركزيّة التي تقدّم الاستشارة القانونيّة والمساعدة في هذا المجال.

المرأة نصيرة نفسها ويكفي ان تؤمن بقدراتها

وبنهاية حديثها وجهت كبها نصيحة للمرأة بمناسبة يوم المرأة العالمي في كيفية مواجهة العقبات والتعامل مع تحديات العمل عبر "بكرا" قائلة: انا أؤمن أنّ المرأة هي نصيرة نفسها أولا وآخرًا، ويكفي أن تؤمن بذاتها وبقدراتها لتنجح بتحقيق كل ما تصبو اليه في المجال المهني وكل مجال آخر. كل شيء يبدأ من الوعي والمعرفة، معرفة ذاتها وحقوقها، ثم رسم حاضرها ومستقبلها، ليس بناءً على ما يمليه عليها المحيط والمجتمع وليس بناءً على توقعات الغير، وانّما بناءً على مشيئتها وطموحها وادراكها لمكامن قوتها وقدراتها. الايمان بالذات والسعي وراء تحقيق طموحها هما المفتاح الوحيد بيد المرأة للتغلب على كافة العقبات والتحدّيات وتحقيق النجاح والتميّز. انا أقول ذلك ليس من باب الوعظ ولكن هذا نابع عن تجربتي الشخصيّة، انا ممتنّة أنّ زوجي وعائلتي كانوا ولا يزالون داعمين لي في كل مسيرتي المهنيّة، لكنّي أؤكد أنّ ما وصلت له ينبع بالأساس من ايماني بذاتي، وادراكي لما اردت تحقيقه، فحين بدأت العمل في المفوضيّة قبل نحو سبع سنوات كنت على يقين أنّني سأكون يومًا المفوضة الرئيسيّة لتحقيق رسالتي ورؤيتي فيما يتعلق بالمساواة في مجال التشغيل. وهذا لم يكن أمرًا سهلا أبدًا، فبطبيعة الحال واجهتني تحدّيات هائلة، فهذا المنصب يتطلب العمل لساعات طويلة والسفر والابتعاد عن البيت وغيرها، لكن الارادة القويّة كفيلة بتجاوز أي عقبة تعترض طريقنا. باختصار نصيحتي لكل امرأة، آمني بنفسك واسعي من أجل تحقيق طموحك. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]