نقاش حاد يدور هذه الأيام عبر مواقع التواصل الاجتماعي وصل الى حد الهجوم في اعقاب تصريحات المهندس منصور دهامشة السكرتير العام للجبهة بخصوص قضية المثليّة الجنسية لأحد الصحفيين مشيرًا من خلالها الى انّ الجبهة "تعتبر هذه الظاهرة غير طبيعية"، مما دفع سهيل دياب، أحد أعضاء الجبهة والحزب الشيوعي الى مهاجمته أيضا عبر صفحات الفيسبوك حيث قال "تصريحات منصور دهامشة لقناة وازكام حول موقف الحزب الشيوعي من المثليين لا يمثل موقف الحزب الشيوعي اطلاقا".

وتابع دياب: ما ادلى به سكرتير عام الجبهة هو تصريح شعبوي انتخابي لا يمت للمبادئ بصلة، ارضاء لكمال الخطيب، وسائر الاصوليين، ويضر بمصلحة الحزب الحقيقية، وفيه الكثير من التزييف والتحريف لمواقف الحزب التاريخية.

وطالب دياب دهامشة بالاستقالة حيث قال: على منصور دهامشة اما الاعتذار للشيوعيين، او الاستقالة فورًا وعلى قيادة الحزب اجراء بحث شامل وتقديم الموقف المتكامل، المطلوب من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي تقديم موقف متكامل من الموضوع...هل مواقف عوفر كسيف وعايدة توما هو موقف الحزب؟؟، ام موقف منصور دهامشة.

انتهاك اضافي لكل ما يمثله الإيمان بالحريات

هذا النقاش لم يتوقف هنا بل اثار ردود أفعال حادة ومتباينة لدى أعضاء من الجبهة والحزب الشيوعي من مؤيد لموقف دهامشة في إشارة الى ان تصريحاته تمثله وتمثل الجبهة ومنهم من عارض وبشدة حيث أصدرت جمعية نساء ضد العنف بيانا جاء فيه "نحن في نساء ضد العنف نرى بتصريحات سكرتير الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة السيد منصور دهامشة في مقابلته مع الصحفي يزيد دهامشة، انتهاكا واضحا وصريحا للحريات. لا يُعقَل ان يستعمل مصطلح "غير طبيعي" ومن بعدها التباهي "بالإيمان بالحرية الشخصية لكل انسان" ونرى استعراض طرح موضوع المثلية كظاهرة سلبية و"اتهام" الجبهة ك "شيء" يعارون به، انتهاك اضافي لكل ما يمثله الإيمان بالحريات! فمن يؤمن بالحريات الشخصية لا يمكنه النظر لاي شخص على انه ادنى منه ويُذم به!! نحن جمعية نساء ضد العنف نؤمن، نصرح ونمارس: "نحن ضد التعذيب وضد انتهاك الحريات الشخصية ولا نهاب الضجر الاعلامي، المجتمع الكويري جزء من نسيج مجتمعنا".

كسيف يرد على دهامشة، وقسم من الحزب يرد: كسيف ليس الأب الشرعي لقيمنا

كما رد النائب عن الجبهة عوفر كسيف على تصريحات دهامشة قائلا "الانتماء الجنسي والميول الجنسية لاي شخص، هي جزء اساسي من ماهية الشخص ويحتم احترام انتماؤه وميوله الجنسية، دون وصفه بغير طبيعي شاذ او مريض"، ما دفع بعض الأعضاء أيضا بمهاجمة دياب بعد نشره لستاتوس كسيف مشيرين الى ان عوفر كسيف الاب الشرعي للجبهة والحزب وليس الاب الشرعي لقيم واخلاق الأعضاء، وواصفين ما بحصل ب "الاستعباط والاستهبال" والنقاش لم يتوقف حتى اللحظة ما كشف عن انقسام واضح في المواقف واختلاف في الآراء.

المتحول ومخول

انقسام المواقف واختلاف الآراء لم يبرز الان ومن خلال هذا النقاش، وليست المرة الأولى التي يخرج خلالها نقاش حزبي للعلن حول قضية عينية وخصوصا حساسة، فمؤخرا هاجم عصام مخول وهو احد قياديي الحزب العريقين الدكتور القيادي في الحزب أيضا ثابت أبو راس على اثر تصريحات به في مقابلة متلفزة قال فيه بان "هناك مساواة بالحقوق بين العرب واليهود في البلاد".

وقال مخول في المنشور الذي كتبه على صفحته تحت عنوان الـ "ثابت" والمتحول": د. ثابت ابو راس مدير "יוזמות אברהם" يعتز في التلفزيون الاسرائيلي بنعمة "المساواة التامة مع اليهود".. ودليله أنه أصبح يرى لأول مرة جنود "جيش الدفاع الاسرائيلي" في شوارع بلداتنا العربية. ليساعدوا في مواجهة الكورونا. من شأن الـ "ثابت" ان يتحول ولكن ليس بصفته "ابن الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة " كما تم تعريفه في المقابلة.. فالجبهة ترفض ان تنسب اليها هذه الثقافة السياسية المائعة. ومن حقه ان "يتمتع" بمشهد جنود جيش الـ " الدفاع في بلداتنا ". ولكن ليس بادعائه " أن هذا ما يراه المواطن العربي العادي". فالمواطن العادي أكثر وعيا وانتماءً مما يتوقعه بعضهم. في الحقيقة إن هذا الخطاب هو بعض مما يحاول بعض الأكاديميين وقادة بعض الجمعيات الممولة من صناديق اليسار الصهيوني والحزب الديمقراطي الامريكي أن يسربوه الى ثقافتنا السياسية. هذا الخطاب خطير في مرحلة خطيرة. وأتمنى ان يكون ما حدث هو زلة لسان او زلة موقف يتم التراجع عنها.

قيادات تحصل على معاش ولا تتحرك

هذا المنشور من قبل مخول قيادي بارز ومدعوم في الجبهة اثار زوبعة من ردود الفعل في صفوف الحزب الا ان القيادات العليا لم تعقب على هذا الخلاف الداخلي الذي خرج الى العلن وبوضوح، بدوره د. أبو راس رد على مخول قائلا: لم ارغب في هذا السجال هنا يا عصام. لكن ما دمت قد فتحته فليكن. انا من اكثر من يحارب التجنيد في الجيش وسكوت الاحزاب على هذا الامر هو العيب بنفسه. تواصلت في السابق مع سكرتاريا المتابعة حول هذا الامر ولكن لا حياة لمن تنادي. اترك ثابت ابو راس على جنب وقل لي، ما دمت انت في القيادة، ماذا ستفعل ازاء التجنيد المتزايد في بلداتنا؟

الخلاف في الجبهة قضى شخصيا ووصف بحقد دفين!

وتابع: انا احذر من استغلال "الجبهة الداخلية" ونشاطها في قرانا واستعمال طرق ايجابية لتحسين صورة الجيش وادعوا الى اليقظة. ولكن النية السيئة والخلاف الشخصي والحقد الدفين موجود عندك من قبل الكورونا ومن ايام "الانقلاب". تعال نكشف الاوراق كلها عن اليسار الامريكي وعن الجمعيات ومن المستفيد. انا جاهز. كنت اتوقع من قيادات مثلك بدل الهجوم على ثابت ابو راس التركيز على الدفاع عن رفيقتك عايدة توما بعد ما جرى في قلنسوة. لكن هيهات. فاقد الشيء لا يعطيه.

واكد أبو راس لـ "بكرا": ان كلامه قد فهم بشكل خاطئ وأضاف ان الخلاف في الجبهة قضى شخصيا في محاولة للقضاء عليه وقال: انا اكثر من يعمل ضد التجنيد في النقب وارسلت رسالة لمحمد بركة رئيس لجنة المتابعة قبل اشهر الذي لم يعطي اذنا ولم يهتم لا هو ولا سكرتارية المتابعة وتوجهت قبل سنوات الى نواب ولم يهتموا أيضا، وقد طالبت ان يكون هناك بحث للانعكاسات الأمنية للكورونا على المواطنين العربي ولم يهتم احد بالأمر لذلك ارفض اتهامي بانني ادعو الى التجنيد وادعم الجيش الإسرائيلي.

متصيدون 

وأوضح: فُهم من حديثي بالقناة 11 كأنني أؤيد تواجد الجيش بقرانا ومدننا. ولكنني أرى أن مكان الجيش بالدولة الطبيعية هو على الحدود وليس بالتجمعات السكانية. أما بحالتنا فنحن نعرف من هو الجيش الاسرائيلي الذي يكرس الاحتلال والذي خاض الحروب العدوانية ضد شعبنا الفلسطيني وشعوبنا العربية. اعمل منذ فترة واحاول اثارة الموضوع في هيئاتنا. واضح انه لا للتطبيع بين أبناء شعبنا والجيش. حديثي فُهم خارج السياق الذي تحدثت عنه بأكثر من نصف ساعة. كنت أعتقد أن نشاطي الوطني طيلة خمسين عاما يُعطني حصانة أمام الكثير من ابناء شعبي. ولكن يبدو ان على ان أوضح لأقطع الطريق امام المتصيدين القلائل لحاجة في نفس يعقوب

فيما أعلن الصحفي المتحزب الجبهوي برهوم جرايسي موقفا مشابها لمخول على الملأ عبر صفحات التواصل الاجتماعي وقال: هذا موقف استمراري لمن يدير "جمعية" تريد صلحة بين عربنا وبوليس اسرائيل، وترى بنشر مراكز البوليس في بلداتنا العربية اداة لمحاربة الجريمة التي استفحلت بالذات في البلدات التي فيها مراكز بوليس. الجبهة الديمقراطية بريئة كليا من تصريحات تعارض موقفها الصلب. لا يمكن لاحد ان يرقص في عدة اعراس في آن واحد.

عادل عامر يعقب: هذه ليست انقساما انما خلافات بوجهات النظر كنا نفضل ان تبقى داخلية

جميع هذه النقاشات الحادة باتت وكأنها طبيعية على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي الا انها بطريقة او بأخرى تكشف عن فجوة كبيرة وانقساما واضحا في صفوف الجبهة الديمقراطية والحزب الشيوعي يفضل ان يسميه معظم قيادات الحزب في الصف الأول اختلاف في وجهات النظر آثرين الصمت على كل الهجوم المتبادل بين أعضاء المركب الواحد. فيما عقب عادل عامر امين عام الحزب الشيوعي وقيادي مؤثر في الحزب وقال لـ "بكرا" معقبا على كل ما يحصل: أولا هذه ليست انقساما انما خلافات بوجهات النظر قد تتفاوت في حدتها ولكنها بالنهاية تبقى نقاشات من المفضل لنا ان تكون داخلية ولكن بحكم التطور التكنولوجي ووسائل التواصل الاجتماعي تخرج الى العلن ونحن نفضل ان تبقى ضمن النقاش الداخلي ولكن يبقى الامر الأساس اننا نسعى للحفاظ على النهج الكفاحي والنضالي ليس فقط لحزبنا وجبهتنا وانما كنهج تبنته الجماهير العربية على مدى 70 سنة الماضية واثبت جدواه الوطنية.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]