بالقرب من مدينة ديمونا في النقب، تقع قرية أم رتام، وهي قرية بدوية غير معترف بها، تقع جنوبي بلدة عرعرة النقب شمالي شارع 25، يتراوح عدد سكان القرية ما بين 2500-3000 نسمة، وهي قرية تاريخية أسست قبل قيام الدولة، تعود تسميتها الى شجرة الرتم، والتي كانت تساعد أهل القرية بإشعال النار، كما تحتوي على بعض الاثار التي تدلل على عروبتها واحقية سكانها بأرضها كآبار المياه والخرابات القديمة.

حال أم رتام كحال باقي القرى مسلوبة الاعتراف في النقب، حيث لا تتوفر في القرية أي خدمات صحية أو تعليمية، على سبيل المثال لتلقي خدمة طبية عاجلة يضطر سكان القرية للسفر إلى مدينة ديمونا التي تبعد 20 دقيقة سفر، كما لا يوجد في القرية مدارس مما يضطر طلابها للسفر إلى بلدات اخرى قد تكون المسافة مع أقربها حوالي 20 كيلومترا.

شرب الماء..

ولشرب الماء أيضا حكاية مريرة مع الاهالي، حيث يضطر سكان أم رتام للدفع من مالهم الشخصي لمد أنابيب مياه مع شبكة مياه موجودة في شارع 25 كي يوصلوا المياه الى بيوتهم ، تدفق المياه الذي يصل إلى القرية ضعيف ويضطر السكان تصليح أي انفجارات قد تحصل في الأنابيب الموصولة من مالهم الشخصي ايضا، كما أن القرية غير موصولة مع شركة الكهرباء القطرية على الرغم من عبور خط كهرباء من فوق بيوتها، ومن أجل توليد الكهرباء يقتني السكان الألواح الشمسية باهظة الثمن، كما لا توجد شوارع معبدة في أم رتام، ويصلح السكان الطرق بأنفسهم، بالإضافة لوجود وادي في القرية والذي يفيض على بيوتها في الشتاء مما يمنع خروج أهالي القرية منها ويمنع وصول الأطفال الى مدارسهم.

ليست هذه اخر مشكلات أم رتام، بل على العكس تماما، فكل ما ذكر يعتبر طبيعيا لقرية عربية مسلوبة الاعتراف، إلا أن فصلا جديدا من التهجير والعنصرية يكتب الان ضد أهالي هذه القرية، هذا الفصل يتمثل في شارع يقسم القرية الى نصفين تماما، حجة انشائه أنه ياتي لمة مدينة ديمونا المجاورة، ولكن سكان المدينة وضعوا شرطا أساسيا للسير على هذا الطريق، "ممنوع على السكان العرب استخدام هذا الشارع"!!! ، رغم أنه يمر اصلا من وسط البيوت والاراضي العربية!

عن الشارع 

يقول السيد عطوة المحذي أحد سكان ام رتام واصفا الطريق المقصود:" هذه الطريق او ما تسمى بشارع رقم 5 ستكون عبارة عن مدخل إضافي من الشمال لمدينة ديمونا، وهي مخطط تهجير لا اكثر، تقسم قريتنا إلى قسمين، الامر الذي سيؤدي الى هدم بيوت وتهجير مواطنين من اراضيهم، تقدمنا باعتراض للمحكمة ضد هذه الطريق ونتأمل أن يتم قبوله، يجب إلغاء هذه الطريق لأن هنالك إمكانيات لمداخل أخرى لديمونا من خلال شارع رقم 6 المقرر، وبالتالي بالامكان تفادي عملية التهجير التي ستحدث في قريتنا، لا شك ان هذه الطريق هي مظهر جديد من مظاهر العنصرية ضد العرب، ستلتهم الطريق العشرات من الدونمات، هي بطةل خمسة كيلومترات، ولكم من المخطط لها أن يكون هنالك أشجار ومسار للدراجات وغيرها، وبالتالي ستلتهم مساحة شاسعة من الارض، واضح ان القصة ليست طريق او خدمة لسكان ديمونا، انما الهدف هو تهجير السكان العرب من ارضهم من خلال الضغط بهذا الاسلوب عليهم، قريتنا فيها حوالي 2500-3000نسمة، ولا يوجد فيها اي نوع من الخدمات، على سبيل المثال فيما يتعلق بالتعليم نحن نضطر يوميا لنقل حوالي 450-500طالب الى عرعرة النقب بواسطة السفريات، السلطات تخطط على اساس ان لا سكان في أم رتام وهذا غير صحيح".

ويتابع عطوة المحذي حول مخططات الترحيل والتي تتعرض لها القرية منذ فترة من الزمن ويقول:" نحن حاولنا ان نكون حارة من ديمونا او قرية بحد ذاتها معترف بها في مكانها، الا ان سلطة توطين البدو ودائرة الاراضي تضغط علينا للخروج بحجة ان هنالك مخططات يجب تنفيذها على ارض القرية، هنالك اوامر هدم وتهجير كثيرة لبيوت القرية، قُدمت لنا عروضات بشكل غير رسمي بالانتقال اما الى عرعرة النقب او اي مكان اخر ولكننا نرفض ونريد البقاء والاعتراف بنا في قريتنا او اعتبارنا حارة من ديمونا".

غالبية سكان أم رتام هم من عائلة المحذي، وجميعهم يملكون أراضي القرية وتوارثوها من ابائهم وأجدادهم، إلا ان ذلك لا يقنع السلطات الاسرائيلية التي تسعى جاهدة لانتزاعها منهم وتهجيرهم منها، كما ان هنالم دعاوى قضائية على ملكية الأراضي، فحسب خطة مدينة بئر السبع تقسم القرية إلى منطقتين: منطقة منظر صحراوي (منطقة تعدين ومحاجر)، والقسم الثاني منظر ريفي زراعي مختلط، وعلى ذلك فقط جزء من القرية سيتم الاعتراف به، لكن حتى الآن لم يكن أي تأكيد من الدولة حول ذلك.

احد سكان القرية يدعى عطية محمد المحذي قال خلال استفسارنا حول مخطط الشارع الجديد:" هذا الشارع سوق يقطع أوصال قريتنا ويهدم البيوت في حال تم تنفيذه، الموضوع في ظاهرة شارع لكن في باطنه هنالك هدف هو القضاء على قرية أم رتام ومصادرة اراضيها وافراغها من اهلها، حتى الان نحن نتحدث عن مخططات ولم يبدأ العمل فعليا على الأرض، لم يسبق أن تعرضنا لحالة مشابهة، عادة كنا ولا نزال نعاني من اوامر الهدم، وبالتالي هذه المرة توجهنا للقضاء للتصدي لهذا المخطط العنصري التهجيري من هلال القضاء والقانون، جميع سكان القرية متحدون في التصدي لهذا المخطط ونأمل أن نتمكن من ايقافه قانونيا".

مسار قانوني 

مركز عدالة تقدم مسبقا باعتراض على هذا المخطط بهدف ايقافه ومنع تنفيذه على الارض، وينظر المحامي مروان ابو فريح من مركز عدالة الى الامر على انه بالغ الخطورة على سكان القرية، يقول ابو فريح:" مخططات السلطات الاسرائيلية لا تنتهي، فهي تعمل منذ سنوات على تهويد النقب، وهنا في قرية ام رتام تحاول السلطات بالتعاون مع بلدية ديمونا بوضع حقائق على ارض الواقع من خلال إقامة شارع جديد لليهود فقط، وهنا ايضا هذه سابقة جديدة قديمة، ولكن أيضا في الوقت الراهن وفي العام 2022 تعتبر سابقة فريدة من نوعها بأن يقام شارع لليهود فقط! حيث أن الشروط التي وضعت في هذا المخطط ان يكون الشارع مغلقا ام قرى ام رتام والقرى العربية المجاورة، وبالتالي هو معد خصيصا للسكان اليهود في المنطقة فقط، وبالتالي هذا الشارع هو محاولة لتقسيم القرية وقطع اوصالها، وهو أيضا يحد.من تطوير وامكانية الاعتراف بقرية ام رتام مستقبلا، وهي محاولة لتهجير القرية في المستقبل، بعد تقديمنا الاعتراض نحن بانتظار الجلسة في لجنة التنظيم والبناء اللواىية في الجنوب لنرى ما سيحدث بعد.ذلك، حسب المخطط سيكون الشارع مغلقا امام العرب بإنشاء جدران وحواجز على طول الشارع الذي يبلغ حوالي خمسة كيلومترات وبعرض ثلاثين مترا على مساحة تقدر بحوالي 890دونم، وفي هذه المسافة والمساحة تسكن عائلات عربية من قرية أم رتام وهذا الشارع سيقسم قريتهم ويحد من تطورها وامكانية التنقل فيها ويهجر عددا من ساكنيها، وفي المخطط وضعت امكانية واحدة للتنقل وهي عبارة عن جسر يمر فوق وادٍ في القرية بإمكان حسب نظرة المخطط من خلاله لطلاب المدارس والسيارات المرور من خلاله، ولكن في الواقع هذا لا يمكن لان الجسر في منحدر، وهو وادي في الشتاء يغلق تماما، بالتالي نحن في عدالة قدمنا مع مؤسسة بمكوم والمجلس الاقليمي للقرى غير المعترف بها اعتراضا قبل عدة أيام على هذا المخطط، والاعتراض كان مفصلا حول المس بحقوق عرب النقب واهالي ام رتام، وان اغلاق الشارع امام العرب هو قرار عنصري بحد ذاته، وبالتعاون مع اهالي القرية وضعنا هذا الاعتراض لايقاف تنفيذ هذا المخطط بكامله".

من جانب اخر ومتابعة للمسار القانوني، توجه الاهالي الى المحامي د. قيس ناصر للاعتراض ايضا على المخطط، والذي بدوره قدم اعتراضا موسعا باسم أهالي قرية ام رتام في النقب ضد الخارطة الهيكلية التي قدمتها وزارة الإسكان وبلدية ديمونا لشق شارع للمنطقة الشمالية في ديمونا، واوضح الاعتراض أن المخطط اشتمل على شرط يقضي ان يكون الشارع مغلقا امام المواطنين البدو من البلدات العربية البدوية في المنطقة، كما طعن الاعتراض بضرورة الشارع المقترح وشرعيته حينما يقطع الشارع المقترح ام رتام ويؤدي الى هدم مجموعة من البيوت والمباني داخل القرية ويمنع إمكانيات تنظيمها مستقبلا.

وقد بيّن الاعتراض أيضا ان اشتراط المخطط ان يكون الشارع مغلقا امام البلدات العربية البدوية هو قرار عنصريّ وان اللجنة اللوائية للتنظيم والبناء في الجنوب، بصفتها مؤسسة تخطيطية، غير مخولة بإقرار مخطط من هذا النوع الذي يمس كرامة المواطنين البدو ويمس حقوقهم في حرية التنقل والتطور العمرانيّ والاقتصاديّ.

كما اكد المحامي د. قيس ناصر ان التخطيط المذكور لا يتماشى مع التخطيط الملائم للاقليات الاصلية كالمواطنين البدو والتي يحميها القانون الدولي والمواثيق الدولية من المخططات التي تهدد وجودهم وثقافتهم واستمرار حياتهم في ارضهم.

يبقى نضال اهالي ام رتام مستمرا حتى الحصول على قرار يقضي باعتراف حقيقي بقريتهم يضمن لهم العيش فيها بكرامة والحصول على كافة الخدمات، ويضمن لهم ان لا تمارس ضدهم العنصرية بحجة شق طريق او بناء جدار، فهم يرون انهم اصحاب حق في كامل اراضي ام رتام، حتى وان حاولت السلطات الاسرائيلية بكامل اذرعها ومؤسساتها السيطرة على ارضهم وانتزاعها منهم.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]