"اليوم المجتمع الإسرائيلي يحاسبنا على ما يفكر وليس فقط على ما نحن نفكر" علقت ناشطة من اللد بعدما كتبت عما حصل معها قبل يومين، حين كانت بسيارتها ومعها والدتها وجارتها، وكلتاهما تضعان الحجاب، إذ اقتربت منها مركبة تقودها اسيدة إسرائيلية وبدأت بالضغط على الفرامل ومحاولة اغلاق الطريق أمامهن، وبعد أن نشرت هذه القصة في الفيسبوك، علقت عدد من الشابات العربيات، أن أمورًا مشابهة حصلت لهن، إذ قالت إحداهن أنها وبعد عودتها من وردية المساء، مرت مركبة يقودها شاب بجانبها، وبعد أن شاهدها عربية ومحجبة بدأ بمضايقتها وإغلاق الطريق أمامها.

ليس سهلًا أن تكون عربيًا في إسرائيل في هذه الأيام، فانت في نظر الكثير من المواطنين الاسرائيليين، عدو، وهنالك شعور بأن التحريض عليك واستهدافك بات شرعيًا ومريحًا، فكم بالحري عندما تكون هويتك واضحة في الشارع العام، يعني أن يعبر شكلك ولبسك بأن عربي، أمام الجميع، كأن تكوني شابة عربية تضع الحجاب على رأسها مثلًا؟

تروي الناشطة ما حصل معها في الأيام الأخيرة: "دخلت مع والدتي إلى محل لبيع الأدوات الكهربائية في حولون، وعندما شاهدنا صاحب المحل، وشاهد والدتي المحجبة، بدأ يصرخ "نحن لا نبيع لغزة"، لم يكن أمامنا إلا أن نخرج. وفي اللد دخلنا ومعي ابن اخي الذي يبلغ من العمر 4 سنوات إلى دكان، فقال البائع "أنا لا أبيع للعرب"، فطلبت منه أن يشرح هذا للطفل البالغ من العمر 4 سنوات الذي جاء ليشتري الشوكلاته، فلم يجد ما يقوله.

قبل أيام، تعرضت سيدة عربية لاعتداء في نتانيا، في أحد المستشفيات ورغم كونها حامل، لأنها تحدثت بالعربية.

تشرح معلمة مدرسة محجبة تعلم في مدرسة يهودية بمنطقة المركز (وفضلت أن تبقي اسمها مخفيًا): "في الأسابيع الأولى للحرب علمنا عن طريق الجوجل ميت، لم أشعر بأي تغيير، ربما مرة واحدة ظهرت بجانبي كلمات بالعربية فاحتج أحد الطلاب لكني أجبته، ولكن في الأسبوع الأخيرة عدنا إلى المدرسة، وكانت لدي مخاوف كبيرة، وأبلغت إدارة المدرسة بذلك لكنهم أكدوا لي أنني جزء عائلة المدرسة وأن العلاقات داخل المدرسة لن تتغير وفعلًا المدرسة تدعمنا بشكل كبير".
"اهتممت أن اغلق المركبة من الداخل، حتى النوافذ، أشعر بنظرات الناس في الشارع، لم اتعرض لاعتداء لفظي أو جسدي لكن النظرات تقول الكثير كوني شابة محجبة، يعني أن هويتي واضحة، لكني مثلًا كنت معتادة أن أتوجه كل صباح لأحد المقاهي لشراء القهوة، لم أعد أقوم بذلك، كنت أذهب إلى الشاطئ أو إلى أحد المنتزهات لممارسة المشي، لم أعد أقوم بذلك، توقفت عن الذهاب لأي مكان باستثناء العمل".

وحول الأجواء في المدرسة، تقول المعلمة: " الشعور غريب، فالحديث مثلًا بين المعلمين طوال الوقت عن الحرب ودعم الجيش، ولا يمكنني أن أقول رأيي، حتى عندما قلت أني ضد الحرب، أجابتني إحدى الزميلات "هل تقصدين أن نترك حماس تنتصر علينا"، وقتها قررت ألا أتحدث وأن أبتعد وأخرج قبل بدء أي نقاش أو حديث رغم أن هذا لا يشبهني ولا يشبه شخصيتي، عملت لسنوات عديدة في مدارس عربية وفي الأعوام الأخيرة أعمل في مدارس يهودية واعتدت دائمًا التعبير عن رأيي وموقفي، الآن نحن نعيش واقعًا مختلفًا، وهو متعب ومخيف جدًا".

وتؤكد المعلمة أن التغيير في الشارع لا يمكن تجاهله: "سمعت عن مدارس أخرى تم التوجه للإدارة فيها للمطالبة بعدم استمرار عمل المعلمين العرب، هذا لم يحصل في مدرستي، حتى الآن على الأقل، لكن واضح أن الأمور تغيرت، والشعور بالخوف متبادل، سمعت إحدى المعلمات تقول أنها تتخوف الآن من العرب في إسرائيل ولن تذهب إلى المنتزهات حيث يتواجدون، باعتقادي بعد نهاية الحرب، لن تعود الأمور كما كانت، هنالك شيء تغيّر، وليس من قبلنا نحن العرب، فنحن معتادون على شن إسرائيل حروب على الفلسطينيين والعرب مثلنا، الذي تغير هذه المرة أن الشارع الإسرائيلي تلقى ضربة صعبة ورد الفعل فيه لا بد أن يشملنا حتى لو ادعوا غير ذلك"


"في وجودي واستمراري بالتعليم رسالة مهمة اني معلمة عربية متدينة وموجودة بينهم وقادرة أظهر انسانيتي، واستمر بالتعليم بصدق ومهنية ولا اتأثر من أي أحداث، وحتى عندما اسمع عبارات عن مسح غزة أقول أنهم لا يفهمون ما يقولونه وأن هذا سيتغير، ولا تتأثر مشاعري أبدًا من هذا الحديث رغم أنه موجع بشدة"

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]