تقع مؤسسة راهبات بنات القديسة حنّه، على تلة حرشية داخل قرية صفورية المهجرة الواقعة قضاء الناصرة. ويحمل الدير اسم القديسة حَنّه نسبة إلى القديسة حنة أم السيدة العذراء عليها السلام، التي عاشت في القرية. وفيما كان الدير في السابق للصلاة تحّول مع الأيام الى ملجأ يأوي من يحتاج إلى سقف بعد أن فقد عائلته.

داخل ملجأ " القديسة حنّة" يتطوعن اربعة راهبات، وهبن حياتهن لخدمة الأطفال وتعويضهم عن حنان فقدوه بقرار الهي، ويقدمّن الراهبات الخدمات في مجال الطهي وغسل الملابس وغيرها من الخدمات للأبناء المقيمين داخل الدير. ومن المهم التنويه أن الراهبات في علاقة طيبة ومباشرة مع الأبناء المتواجدين في المؤسسة بغض النظر لانتمائهم الديني والطائفي حيث أن أغلبيتهم من أبناء الديانة الإسلامية.

نحن في موقع "بكرا" قررنا زيارة الدير والتحدث الى الأخوات اللواتي يعملن بكد على راحة الأطفال الأبرياء وللتعرف أكثر على مؤسسة راهبات بنات القديسة حنا. وفي حديث لموقع بُــكرا مع رئيسة الدير ألأُم، آنا ماريا باتسوري، التي حدثتنا بشكل موجز عن دور " دير القديسة حنّة" في صفورية، قالت: تأسس الدير على يد الام "روزا غاتورنو"، خلال القرن الماضي، التي قدمت العديد من العطاء والخدمات للفقراء والمحتاجين، ونحن نسير اليوم على خطاها، في السعي في نشر العطاء العائلي والامومي، الذي من خلاله بدأنا في تقديم الخدمة للاطفال.

وتضيف الأم باتسوري: رسمياً، بدأت الخدمة داخل الدير عام 1925م، حيث بدأت بشكل مستوصف تقدم من خلاله الخدمات العلاجية لاطفال القرية من قبل ممرضة التي كانت تقوم بواجبها بتقديم المساعدات لهم.

ولاحقا توسع عمل راهبات في داخل القرية الذي حسب ما قيل لنا انه بني على ارض قدمت هدية من اهل القرية للراهبات، استمر الدير في استقبال أبناء القرية وتعليمهم المجالات المختلفة لغاية يوم احتلال القرية سنة 1948 على يد اليهود.

وتضيف الام باتسوري، ان كل المتواجدين في الدير في ذلك العهد رفضوا الخروج من الدير وإخلائه تحت ضغط الحرب الذي كانوا مستعدون حينها في الموت داخل الدير وعدم الخروج منه.

ومن بين المسؤوليات الملقاة على كاهل الام باتسوري، هي مراقبة تصرفات ومتابعة وضع الأبناء المتواجدين داخل المؤسسة التعليمي والاجتماعي.

الأخت سامية: 75 طفلاً من الإسلام والمسيحيين يعيشون الطقوس الدينية المختلفة للديانتين!

وفي حديث اخر مع الأخت سامية، وهي واحدة من الراهبات المتطوعات في المؤسسة، حدثتنا عن الدور الامومي المهم الذي تقدمنه الراهبات للأبناء المتواجدين داخل مؤسسة " بنات راهبات القديسة حنّة"، في احتضان الأطفال ورعايتهم، مؤكدة لنا على العطاء المستمر 24\24 ساعة متكاملة من قبل راهبات الدير للأبناء المتواجدين فيه، الذي يتراوح عددهم 75 طفلاً، حيث لا مكان لأي تعصب ديني بين المسلم والمسيحي داخل الدير، حيث يتشارك الأبناء من المسلمين والمسيحيين في أداء نفس الطقوس التي تميز المناسبة الدينية، مثل صوم رمضان وهدايا عيد الميلاد.

وأضافت الأخت سامية: إننا نعمل وفقًا لتعاليم الام "روزا غاتورنو" مؤسسة الدير، في احترام الأخر الذي يختلف عنا، بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والطائفية.

المؤسسة هي الأولى من نوعها حيث تستقطب الأطفال من جيل مبكر

هذا وكان لنا حديثاً مع مدير المؤسسة السيد نبيل مبجيش، الذي حدثنا عن المدرسة الداخلية التي تحمل اسم القديسة حنّة، حيث قال:تعد المدرسة الداخلية من أقدم المدارس الداخلية في البلاد، في السابق كانت الداخلية تحتضن الفتيات فقط، مع مرور الوقت أصبحت تستقطب الأطفال من البنين حتى عمر 11 عاماً. وبعد قضاء العمر المحدد لهم في داخل الدير، يقوم الدير بالاهتمام برعايتهم في مبنى آخر تابع للمؤسسة في مدينة الناصرة، بينما يستمر الفتيات في المكوث داخل الدير حتى عمر 18 عاماً.

الدير يبدء في استقبال الأطفال من عمر الطفولة المبكرة ما بين سنتين وثلاثة أعوام، الذي يوفر لهم الدير كل الخدمات المتاحة، من مسكن، مأكل ومشرب، غرف تعليمية، ملعب مساحة عشبية يتواجد عليها ألعاب ترفيهية للأطفال.

ملجأ القديسة حنّه، الداخلية الوحيدة المرخصة من قبل وزارة العمل والرفاه، لاستيعاب الأطفال من عمر الطفولة المبكرة، " من جيل سنتين حتى 6 سنوات"، التي منذ ما يقارب 12 عاما وهي في هذا المجال، حيث وجهت لهم الشؤون الاجتماعية مربين ومراقبين من قبل وزارة العمل والرفاه ومن قبل قرارات قضائية من المحكمة للإطلاع على أحوالهم.
تستقطب المدرسة الداخلية الأطفال من جميع إنحاء البلاد، الذين وصلوا إلى المؤسسة من بعد مشاكل وظروف عائلية صعبة تشكل خطراً على حياة الأبناء.

وعن الطاقم التربوي قال الأستاذ مبجيش: المدرسة الداخلية مكونة من طاقم تربوي مهني مكوناً من ثلاثة عاملين اجتماعيين، بالإضافة إلى عامل اجتماعي يعمل داخل ملجأ الناصرة، مستشار تربوي، معلمات لدروس المساعدة للطلاب، وتقديم العلاجات المختلفة للأبناء المتواجدين في الدير عن طريق العلاج بالرسم وعن طريق التعامل مع الحيوانات، إضافة إلى إننا بصدد التحضير الى عيادة طبية داخل الدير. الابناء موزعون على عدة مدارس متفرقة بين مدينة الناصرة وبلدة الرينه، يتواجد العديد من البرامج والدورات التعليمية والتثقيفية للطلاب، وبرامج تعليمية بحاجتها.

بالنسبة للعطل والإجازات الرسمية في المدارس، تتلاءم مع عطل الداخلية، حسب متطلبات الوزارة، يمكن للأبناء زيارة شهرية واحدة لذويهمم، في السبت الأخير من كل شهر، وخلال العطلة الصيفية تنظم المؤسسة مخيماً يشمل عددا كبيرا من البرامج والرحلات. المدرسة الداخلية تعمل فترة 24\24 يومياً، على مدار السنة، ما يقارب 25 ابنا داخل المؤسسة لظروف مختلفة لا يمكنهم المكوث كل فترة الإجازة في منازلهم حيث يمكنهم قضاء العطلة في جو دافئ داخل المؤسسة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]