ميرا عواد، لمن لا يعرفها، اخترنا أن تُشاركنا تجربتها في عملها ورؤيتها الخاصة، اعلاميًا واقتصاديًا، وهي مُصرّة أنها لا تتحدث الينا من منطلق النُصح والمواعظ، خاصةً ان تجربتها المهنية في مجال الاقتصاد والاعلام قصيرة، على حد قولها، لا تعطيها الحَق بأن تتجاوز آخرين سبقوها في هذا المجال... باختصار، ميرا، تعتبر تجربتها قصيرة وهي ترنو الى أبعد بكثير مما وصلت اليه... لكنها سعيدة بعملها، وراضية عما وصلت اليه، متطلعةً الى أفقٌ قريب يجمعها بإدارة الأعمال، الاقتصاد والإعلام معًا... معًا... نلمس عن قُرب أجوائها المهنية... والصخب الذي يعيشه رجال الأعمال عند متابعة... سوق المال...

بطاقة شخصية

ميرا ابراهيم عواد، 23 عامًا، نصراوية، انهت تعلميها الثانوي في مدرسة مار يوسف، عملت لمدة سنة في موقع فرفش. حصلت على اللقب الأول في الاقتصاد وإدارة الأعمال من جامعة تل أبيب، بامتياز، وهي مساعدة مُحاضر في الجامعة وتعمل في موقع جلوبس.

البداية في جلوبس

كانت ميرا عواد تستعد لمواصلة تعليمها الأكاديمي للقب الثاني في الاقتصاد، مباشرةً بعد اللقب الأول، وفي هذا الوقت كان موقع وصحيفة "جلوبس" قد توجه الى قسم الاقتصاد في الجامعة باحثًا عن طُلاب متفوقين للعمل في الصحيفة، قدمت الجامعة الأسماء، ودُعي الطلبة الى "جلوبس" حيث اجريت مقابلات وامتحانات تجمع بين اللغتين العبرية والانجليزية، ومن بعدها اختيرت عواد لهذه الوظيفة.

التجربة العملية في الصحيفة

"في الموقع والصحيفة نحو 11 قسم، من بين الأقسام: سوق المال والبورصة، الهايتك، الاستثمارات... وما الى ذلك. تتمركز وظيفتي في نقل الأخبار الاقتصادية بالتركيز أسواق المال العالمية من البورصة المحلية وصولاً الى وول ستريت. عملي هذا يتطلب أن أكون جاهزة وفي أية لحظة لنقل التأثيرات على الأسهم عبر الموقع. في الصحيفة شاشات كبيرة تنقل تحركات البورصة الاسرائيلية، وما يجري اسواق المال العالمية مباشرةً"...

"صحيفة جلوبس، تضع في رأس مهامها، الإجابة عن تساؤلات الجميع، بمن فيهم الشركات، رجال الأعمال، المستثمرين/ القُراء، ماذا يُتوقَع؟ ماذا يجري في البورصة؟ ما هي التأثيرات الإيجابية والسلبية؟ اوضاع الشركات؟ اخبار يومية... بشأن تقلبات العملات... ما وضع الدولار؟ اليورو؟.... سوق المال في امريكا... في اوروبا... تحركات رؤساء البنوك الاوروبية والعالمية... باختصار مهمتهنا رصد الأخبار الاقتصادية العالمية من قلب الحدث.... التأثيرات الجانبية... القلق والتخوف... الاسرائيلي والعالمي... التوقعات والحقائق"

وماذا بعد؟!

"في نطاق عملي أتابع ما يقوله المحللون الاقتصاديون، استمع الى اللقاءات المذاعة والمتلفزة في وسائل الاعلام المسموعة والمتلفزة، كما نتواصل مع الآخرين عبر الإيملات، تصلنا أخبار رسميّة وغير رسميّة الى بريدنا الالكتروني، لكننا لا نأخذ الأخبار كما هي، بل نتحقق من صحتها ونحرص على الحصول على ردود الناطقين الاعلاميين أو رد لأصحاب الشركات التي تطالهم أخبارنا".

"تأثير الميديا رهيب"

أيُ صورةٍ قادرة على وصف ما يجري، عندما ترتفع الأسهم في البورصة، "هل يكفي ان ترفع حاجبيك مشدوهًا؟!"، فإذا ما انخفضت أسعار الأسهم "هل تقف دقاتُ قلبك خوفًا؟!"، أما المشهد الذي تعيشه ميرا في عملها، فلا يمكن وصفه بأكثر من كلمة "رهيب"... "مشهد رهيب، وإعلام رهيب أيضًا"... إنّ التحركات والتأثيرات العالمية التي تجري كفيلة بأن تغيّر بين اللحظة والأخيرة سوق المال العالمي مِن القمة الى الحضيض، لا يمكن ان يلمسه الا اولئك الذين يعيشون اللحظة بتفاصيلها.... "تأثيرات درامية، تقوم ولا تقعد بفعل خبر، هذا يعني أنّ تأثير الميديا رهيب".

لا تقف ميرا عند هذا الوصف بل تتابع: "من هُنا علينا توخي الحذر فتأثير الاخبار في هذا المجال مُضاعَف، فبالاضافة للتأثير على الرأي العام، للاخبار تأثير على سوق المال واسعار الاسهم. عليّنا ان نأتي بالمعلومات بدقة، ولا نعطي لأنفسنا حرية التحليل والاستنتاج، لا ندعي ما لا واقع حقيقي وراءه من ما يصل من اخبار واشاعات، لمجرد أن نأتي بسبق صحفي".

الصحافة العربية والعبرية والتعامل مع المعلنين!

عكس ما يجري في صحافتنا ومواقعنا الالكترونية العربية، مِن احتياج للمعلنين ولإعلاناتهم، الأمر الذي يدفع بكثيرين الى التقيّد بنشر ما هو ايجابي والتخوف من انّ النشر السلبي قد يؤدي الى خسارة الزبون، المُعلن وشركته... عكس هذا الذي تحياه وسائلنا الاعلامية، تحدثنا ميرا، إذ تقول وبكلمات مُنتقاة ومُختارة تحسبًا من ان يُساء الفهم: "لم أكن اعرف انّ هناك تهديد بإلغاء اعلان، اذا ما كُتب عن الشركة بشكلٍ سلبي. لقد تفاجأت عندما سمعت عن هذه الظاهرة من خلال اللقاء الذي أجراه مركز إعلام. ما استطيع التحدث عنه هو ما يخص تجربتي انا في "جلوبس"، وهناك لم اسمع عن تهديد بالحرمان من اعلان على خلفية النشر، لم نمر، على الاقل على حد معرفتي، بإشكالية من هذا النوع. عندما ننشر أي خبر او نقد لشركة او شخصية عامة، كما سبق وأشرت، نمنح حق الرّد لهذه الشخصية أو الناطق الرسمي للشركة الذي يطالها الخبر، الأمر الذي يُجنبنا الالتباس القانوني ونُحافظ على علاقتنا بالزبون أيًا كان...".

الحاجة الى الاقتصاد "الاجتماعي"، وضرورة الاقتصاد "الربحي"!

تؤكد ميرا عواد انّ الاقتصاد "الاجتماعي"، أي الاقتصاد الذي يصف الواقع الاقتصادي الذي نعيشه في الدولة وحاجتنا الماسة الى إظهار التمييز ضدنا، والحاجة الى التعريف بحقوقنا ومستحقاتنا والمطالبة بِما هو ضروري ومهم. ولكن بالاضافة الى هذا الجانب، تشدّد ميرا على انّ هناك حاجة ماسة لتعزيز الوعي الاقتصادي واستغلاله لتطوير مجتمعنا، وعليه فإنّ المجتمع بكامله عليه الاطلاع على نقاط القوة لدينا وتطويرها عبر توسيع آفاقنا ومداركنا، واستغلال قدراتنا المهنية والمادية من اجل تطورنا جميعًا.

وتتابع عواد: "علينا اقتحام الصعاب والخروج بمقترحات جديّة لتطور مجتمعنا ولا يتم ذلك الا عبر الاطلاع والقراءة وتوسيع المدارك ومعرفة ما يجري في العالم الخارجي وفي البلاد ايضًا".

العلاقة بين جلوبس والعرب!

تشير ميرا عواد انّ موقع وصحيفة "جلوبس" يتطلعان بإيجابية الى المجتمع العربي. الأمر يسير بصورة تدريجية، بشكل اساسي أعمل في قسم الاون لاين ولكني أهتم ايضًا بالتقارير المكتوبة في جلوبس خاصة فيما يخص الوسط العربي، نهتم بتغطية المؤتمرات في الوسط العربي ويهم الصحيفة تناول اخبار رجال أعمال وشركات عربية.

ميرا تشير الى أن احد العوائق الاساسية في نقل أخبار عن رجال الاعمال في الوسط العربي هو نقص المعطيات الرسمية من قبل هذه الشركات العربية لكونها جميعا تعمل في المجال الخاص وليست ملزمة بتصريحات رسمية.

العلاقة بين الصحافة والاقتصاد!

تعترف عواد أنها واحدة ممن تعلم نظريات خلال دراستها للقب الأول، الا انها استفادت من تجربتها في العمل الصحفي، صارت تجمع بين النظرية والتطبيق، صارت تجمع بين المحلي والعالمي، بين الاقتصاد والصحافة، بين الاقتصاد والتجارة وعالم الأعمال... وترى ايضًا انّ الصحافي لا يتطور ولا يوسّع مداركه دون اللجوء الى القراءة والاطلاع على العالم الواسع.

الصحافة قادرة على التغيير والتأثير

تعتقد ميرا انّ للصحافة دور كبير في النمو الاقتصادي. تقول ميرا: "لا يعني انني اريد الجميع ان يتجه للاستثمار في البورصة، لكن اطلاعنا على مجالات أخرى غير تلك المألوفة في مجتمعنا، من شانها مثلا ان تكشفنا على نقص في تخصصات مهنية بمجالات معينة ".
وتؤكد ميرا ان الصحافة قادرة على التغيير كما هي كفيلة بالتأثير، وهي تتوقع انّ من شأن تغطية إعلامية عربية، تتطرق الى اخبارنا الاقتصادية وما يجري في شركاتنا وعن اخبار المبادرات التجارية، أن تعود بالفائدة على المجتمع العربي بشكل خاص".

القراءة... ثقافة معرفة وتوسيع آفاق

أربع كلماتٍ هي مُلخَص ما حدثتنا به ميرا عواد، تكشف عن نجاح اي انسان، سواء أكان صحافيًا اقتصاديًا أم رجل أعمال ناجح... الكلمات هي: "القراءة، الثقافة، المعرفة وتوسيع الآفاق".

وتلخص عواد تجربتها الشخصية التي أفادتها وجعلتها تستخلص هذه النتيجة، إذ تقول: "لا أُنكر ان تعليمي أوصلني الى "جلوبس"، لكن القراءة والثقافة والصحف، قراءة الأخبار ومنها الاقتصادية، دعمني، وهذا الأمر يحتاجه أيُ شخص وخاصة طلاب الثانوية، الذين يحتارون في مستقبلهم، وإذا ما تابعوا القراءة والثقافة، سيؤدي بهم الطريق الى معرفة المزيد من الواقع وتوسيع مداركهم واستكشاف مكنونات انفسهم وسبيلهم الى النجاح".

ميرا متفائلة خيرًا... بالتطور الاقتصادي العربي

تعترف ميرا انّ هناك فوارق بين الاقتصاد العربي واليهودي، وانّ الشركات اليهودية والمبادرات اليهودية تجاوزت الواقع الاقتصادي في الوسط العربي بدرجات، الا انّ "ما يجري من تطور في المجتمع العربي، أمرٌ لافت للنظر، وتقدمٌ ملموس تمّ الكشف عنه من خلال المؤتمرات الاقتصادية التي جرت مؤخرًا... هذا التطور دفع برجال اعمال يهود ومسؤولين في الحكومة للأخذ هذا التقدم بعين الاعتبار الذي مِن شأنه ان يعود بالفائدة على جميع الشرائح... ومن هُنا أتت مبادرات جديدة كفيلة بفتح الطريق أمام مقترحاتٍ ومبادرات جدية قادمة، ومنها صندوق الاستثمار "البوادر" الذي خصص مبلغ يقارب الـ 700 مليون شيكل للاستثمارات في الوسط العربي".

طموح ميرا عواد؟!

ميرا سعيدة بعملها في "جلوبس"، لم تكن تحلم ان تكون صحافية ولكن لطالما شدّها مجال الإعلام. كانت تتخيَل ان تكون هي مَن يَقرأ الخبر لا مَن ينقله وبالرغم من ذلك تقول: "يعجبني الدمج بين الاقتصاد والاعلام في عملي الحالي".
وتنظر ميرا عواد بجدية الى استكمال لقبها الثاني إلى جانب الصحافة والإعلام، ومن هناك ستنطلق نحو إدارة الأعمال، وتطمح ان تكون هي المُبادرة لإقامة مشروعها القادم، الذي ستجمع فيه بين الإدارة، الاقتصاد والإعلام!
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]