ليس هنالك ما هو أكثر تشويقاً من الجلوس أمام شخص عاش بفترات زمنية قديمة ، أن تحاوره وتستمع منه وتستمتِع بقصص وحكايات من تجربة التي لم تُدوّن بعد والتي قل من سمع بها.
الحاج محمد نايف محمد طه (أبو نايف) من بلدة كفر كنا والذي يبلغ من العمر 107 سنوات (أي من مواليد عام 1906) يعيش في بيته هو وزوجته وأبنائه وأحفاده الذين يحفظهم واحدًا واحدًا.
مع دخولنا لبيت "أبو النايف" ترى أدوات أقديمة،  ما عادت تستعمل كثيراً في عصرنا، في أيام "جيل الآيفون"..  كأباريق القهوة النحاسية والمهباج وغيرها.

وأبو النايف مرحابيً جدًا بشوش يُحب الضيف وفمه رطبٌ بالكلام الطيب وبذكر الله، ولما أراد أن يقُم من صدر بيته لكي نجري المقابلة في الداخل هم ابنه لأن يساعده على النهوض فرفض وقام لوحده داعياً إيّانا لنلحق به !
يتمتع الحاج أبو نايف بصحة جيدة ، فقد كان صائما حين زرناه فهو يصوم شهر رمضان كله ، وذاكرته الذهبية هي كنز يحتفظ ويعتز به ، وبسبب عدم تمكنه من السماع جيداً ، تواجد ابنه بجانبه، وكان يُيد عليه أسئلة المقابلة بصوت مُرتفع، وقد تحدث الحاج عن أمور عديدة منها قصص تاريخية حصلت معه أو يعرفها، وعن إختلاف الحياة في ذلك الزمن عن زمننا هذا.
موقع "بكرا": عن شهر رمضان والعيد ، كيف كان وكيف أصبح ؟

"إننا اليوم نعيش بجنات النعيم مقارنةً ما كنا نعيشه سابقاً ، اللحوم لم نكن نعرفها إلّا بالمناسبات أو بحال وقوع جمل أو ما شابه ، وقد كان الناس فقراء جداً ، وحتى في العيد من كان معه نقوداً أو مواداً للبيع كان يشتري الملابس ومن لم يكن يملك هذه الأمور، كان يدخل العيد بما عليه من ملابس قديمة ولكن في السابق كانت الأجواء الإجتماعية أكثر دفئاً ، وكان هنالك إحترام للكبار والعلاقات بين الناس أفضل وأطيب".

الحاج أبو نايف عاش بفترة العثمانيين ، وكان شاباً واعيا بفترة الإنتداب البريطاني وتسليم البلاد لليهود، وقد قال " كنت فتًا صغيراً أيام حكم العثمانيين، ولكنني أذكر جيداً تسليم البلاد من قبل البريطانيين لليهود وكيف أن العرب كلهم خانوا فلسطين ، وكيف أن الجهل كان طاغيا على الناس ".
ويتذكر الحاج ايضاً مقتل والده غدراً على يد أحد رجال الدولة التركية ، والذي قام بذلك بعد أن كان والده رافضًا للانتساب للجيش التركي، وقال الحاج أبو نايف " وقتها خرجت لمنطقة سخنين ومن ثم عكا من أجل العثور على القاتل ولكني لم أجده".

مصطلح "جنّات نعيم" هو أكثر ما ذكر خلال المقابلة حيث ولعدة مرات قام الحاج بمقارنة أيامنا بتلك الأيام، والحاج أبو نايف الذي جعلنا لا ننظر لساعاتنا خلال المقابلة من شدة التشويق يحفظ العديد من الأبيات الشعرية وقد ألقى جزء منها بأداء رائع، وهو يحفظ تفسير وتأويل كل بيت شعر.


شاهدوا الفيديو .. وأستمتعوا

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]