حقيقةً، وعندما اخط كلماتي عن الزيارة المباركة لمقام النبي شعيب (ع)، ينتابني شعور بالاعتزاز والتعالي، لأن اصدق الكلمات ليس بمقدورها أن تعبر عن أهمية هذا الحدث والمكان.ودائما تعود بنا الذاكرة إلى منطقة حطين، التي تطل على البحيرة ألجميله، والجبال الساحرة، المكسوّة بأجمل الزهور البريّة والأشجار المزهرة، ثم إلى موقع المقام الشريف والنبع، وخاصّة في ساعات الغروب، حيث تتسلل أشعة الشمس الدافئة الشاحبة نحو المغيب رويدًا رويدًا، وتسلط بقايا إشعاعها، على رحاب المقام الشريف، مما يزرع في داخلي كما هو الحال عند كل مواطن درزي، الاطمئنان، الأمن والأمان والخشوع.

المقام الشريف

يتمتع مقام النّبي شعيب عليه السلام، بأهمية بالغة لدى أبناء الطائفة الدرزية خاصة، وباقي الطوائف عامّة، وقد تحوَّل إلى أهم واكبر رمز ديني، وأصبح مكانا مقصودًا، نتيجة لمكانته العزيزة على قلب كل درزي زمنيًا، كان أو متدينا. وهو عبارة عن أقدم موقع ديني للدروز في البلاد، حيث كان وجوده قبل عهد صلاح الدين الأيوبي، وقبل انتشار الدعوة الخاصة بالإيمان الدرزي، لكن صلاح الدين بنى المقام حول الضريح بعد انتصاره في معركة حطين.

النبي شعيب عليه السلام

شخصيّه تاريخيه كبيرة، لها أهميتها ووزنها، لعبت دورًا في حوادث الأيام، وخاصّة في الدور الكبير الذي قام به، بدعمه وإرشاده للنّبي موسى عليه السلام، حيث علمه قواعد وأصول الإدارة، وتنظيم صفوف شعبه، كما رافقه عندما تسلم الوصايا العشرة، وحين نزلت عليه النبوءة، وبهذا الصدد لا بد أن نذكر موقفه من شعب مدين الذي عمل بصورة غير صحيحة ودقيقه في المعاملات التجارية، ودعوته إياهم إلى التعامل بأمانه وإخلاص وبما يرضي الله تعالى. ومما لا شك فيه، أن النبي شعيب عليه السلام، حظي ويحظى عند كافة الأديان والطوائف ورجال التاريخ والفكر والثقافة بمكانة تاريخيّة عظيمة.

نداء صريح من الصميم في عيد النبي شعيب (ع)


وبهذه المناسبة العطرة، وفي هذه الأجواء الاحتفالية الأخوية، أدعو إلى صفاء القلوب، وإلى التوعية، وأوجه من على هذا المنبر، نداء من الأعماق، إلى كل درزي، على المستوى الشخصي، والقيادة الدينية والسّياسية، أن نعمل معًا وسوية، بشفافية تامة، لنكون موحّدين، لمواجهة المشاكل والصُعوبات، ولتجنيد كل الطاقات العلمية والفكرية، وبكل الطرق والوسائل، تاركين المصالح والصّراعات الشخصية جانبًا، من اجل مستقبل أفضل لفلذات أكبادنا والأجيال الصاعدة، كي نكون لهم القدوة والمثال، ولندب فيهم العزيمة والأمل والآمال ألكفيله، لتحقيق طموحاتهم وآمالهم المرجوّة، ولنواصل معًا مسيرة الدعم والعمران، وليكن حوارنا داخليًا، وليس عن طريق وسائل الإعلام، ومحطّات ومواقع التواصل الاجتماعي، وبعيدًا عن التجريح الشخصي، وتبادل الاتهامات والتصريحات، وللعزوف عن كافة مظاهر وظواهر التلوُّن، ولتبني نهج التآخي، وسياسة التعاطف والمحبة والتسامح والرفق واللين.

وعلينا في نفس الوقت الحث والمطالبة، بل وإلزام المؤسّسات الحكومية، الاهتمام بحل مشاكل القرى الدرزية عامّة، والجنود المسرحين خاصّة قولا وفعلاً ،وعدم الاكتفاء، وكما هو الحال اليوم، بالتصريحات، وقطع العهود والوعود، والتّباهي والافتخار بالعلاقات الحميمة، وبما يسمى رباط الدم وإسدال الستار عن هذا المشهد الممل .

مع تمنياتي للأسرة المعروفية بزيارة مقبولة وغد أفضل...

 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]