صادف أمس الأحد، الذكرى الـ لإستشهاد مؤسس حركة المقاومة الإسلامية "حماس" الشيخ أحمد ياسين، في يوم الاثنين غرة صفر 1425هـ الموافق 22 مارس عام 2004م، حين قامت الطائرات الإسرائيلية بإطلاق عدة صواريخ استهدفت الشيخ ياسين بينما كان عائداً من أداء صلاة الفجر في مسجد المجمع القريب من منزله في حي صبرا في غزة، في عملية أشرف عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرئيل شارون.

النشأة

ولد أحمد إسماعيل ياسين في قرية تاريخية عريقة تسمى جورة عسقلان التابعة لقضاء مدينة المجدل - التي تقع علي بعد 20 كيلو متر شمالي غزة، في شهر يونيو من عام 1936 وهو العام الذي شهد أول ثورة مسلحة ضد النفوذ الصهيوني المتزايد داخل الأراضي الفلسطينية مات والده وعمره لم يتجاوز ثلاث سنوات وكني في طفولته بأحمد سعدة نسبة إلى أمه السيدة سعدة عبد الله الهبيل لتمييزه عن أقرانه الكثر من عائلة ياسين الذين يحملون اسم أحمد. كان يبلغ أحمد ياسين من العمر 12 عاماً حين وقعت نكبة فلسطين عام 1948 هاجرت أسرته إلى غزة مع عشرات الآف الأسر التي طردتها العصابات الصهيونية. تعرض وهو في السادسة عشرة من عمره لحادثة أثرت في حياته كلها، فقد أصيب بكسر في فقرات العنق إثر مصارعة ودية بينه وبين أحد زملائه عام 1371هـ - 1952 وبعد 45 يوماً من وضع رقبته داخل جبيرة من الجبس اتضح بعدها أنه مصاب بشلل رباعي.

ولم يخبر أحمد ياسين أحداً ولا حتى أسرته، بأنه أصيب أثناء مصارعة أحد رفاقه - عبد الله الخطيب - خوفاً من حدوث مشاكل عائلية بين أسرته وأسرة الخطيب، ولم يكشف عن ذلك إلا عام 1989. ونتيجة لذلك كان أحمد ياسين لا يقدر على تحريك الأشياء إلا بلسانه فقط.

وبعد إصابته بالشلل كرس أحمد ياسين شبابه لطلب العلوم الإسلامية، حيث درس في جامعة الأزهر في القاهرة. وكانت القاهرة هي المكان الذي تشكل فيه إيمان أحمد ياسين بأن فلسطين أرض إسلامية حتى يوم القيامة، وليس لأي زعيم عربي الحق في التخلي عن أي جزء من هذه الأرض. ورغم تعرضه إلى شلل شبه كامل في جسده تطور لاحقاً إلى شلل كامل إلا أنه لم يثنه الشلل عن مواصلة تعليمه وصولاً إلى العمل مدرساً للغة العربية والتربية الإسلامية في مدارس وكالة الغوث بقطاع غزة. وانتظم الشيخ ياسين في صفوف جناح المقاومة الفلسطيني، ولكنه لم يشتهر إلا في الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي اندلعت عام 1987 حيث أصبح رئيساً لتنظيم إسلامي جديد هو حركة المقاومة الإسلامية أو اختصاراً حماس.

تأسيس حركة "حماس"

اتفق أحمد ياسين عام 1987 مع مجموعة من قادة العمل الإسلامي الذين يعتنقون أفكار الإخوان المسلمين في قطاع غزة على تكوين تنظيم إسلامي لمحاربة إسرائيل بغية تحرير فلسطين أطلقوا عليه اسم حركة المقاومة الإسلامية المعروف اختصاراً باسم حماس.

وكان لها دور مهم في الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت آنذاك والتي اشتهرت بانتفاضة المساجد ومنذ ذلك الوقت وأحمد ياسين اعتبر الزعيم الروحي لتلك الحركة.

كان تأسيس حركة حماس مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية عام 1987 نقلة نوعية في حياة أحمد ياسين وفي تاريخ القضية الفلسطينية حيث قلبت الحركة المعادلة من خلال تنظيمها القوي، نجح ياسين في نشر فكرة الحركة الإسلامية في كافة أنحاء دول العالم من خلال مواقفه وإصراره على حقوق الشعب الفلسطيني في الوطن ولم الشتات حتى وصل الأمر بخروج العديد من القادة السياسيين وغيرهم عن صمتهم والإعراب عن إعجابهم بأحمد ياسين وبطريقته في عرض القضية الفلسطينية وحقوق شعبه وهموم الناس. بل أيقظ همة الأمة وأعاد الاعتبار للجهاد في فلسطين وأحيا هذه الفريضة التي كادت أن تموت.

إغتياله

وقال أحمد ياسين في آخر مقابلة تلفزيونية معه:"إننا طلاب شهادة لسنا نحرص على هذه الحياة، هذه الحياة تافهة رخيصة، نحن نسعى إلى الحياة الأبدية."، حقق أحمد ياسين أمنيته الكبرى في الانضمام إلى مواكب الشهداء.

ففي يوم 13 يونيو عام 2003 أعلنت المصادر الإسرائيلية أن أحمد ياسين لا يتمتع بحصانة وأنه عُرضة لأي عمل عسكري إسرائيلي. فتعرض في 6 سبتمبر عام 2003م الموافق يوم السبت لمحاولة اغتيال إسرائيلية حين استهدفت مروحيات الجيش الإسرائيلي شقة في حي الدرج شمال مدينة غزة بقنبلة زنة ربع طن، كان يوجد بها أحمد ياسين وكان يرافقه إسماعيل هنية نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، حيث حلقت طائرة مقاتلة إسرائيلية من طراز اف 16 وأخرى من طراز اباتشي على مستوى منخفض في سماء المنطقة، وأطلقت قذيفة صاروخية على منزل مروان أبو رأس المحاضر في الجامعة الإسلامية المقرب من حركة حماس. سقطت القذيفة بعد لحظات من مغادرة ياسين والقيادي في الحركة إسماعيل هنية المنزل.

أصيب ثلاثة فلسطينيين على الأقل بجراح في الهجوم. أصاب الصاروخ شقة في عمارة سكنية من ثلاث طوابق مما أدى إلى تدميرها بشكل كامل.

إلا أن أحمد ياسين خرج منها سالماً رغم الدمار الهائل الذي لحق بالبيت. وقد خرج ياسين من هذه المحاولة أيضاً أشد إصراراً على مواصلة المسيرة الجهادية،حيث لم تكن إصاباته إلا بجروح طفيفة في ذراعه الأيمن بالقاتلة.

وفي يوم الاثنين غرة صفر 1425هـ الموافق 22 مارس عام 2004م قامت الطائرات الإسرائيلية بإطلاق عدة صواريخ استهدفت أحمد ياسين بينما كان ياسين عائداً من أداء صلاة الفجر في مسجد المجمع القريب من منزله في حي صبرا في غزة بعملية أشرف عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرئيل شارون.

قامت مروحيات الأباتشي الإسرائيلية التابعة الجيش الإسرائيلي بإطلاق 3 صواريخ تجاه ياسين المقعد وهو في طريقه إلى سيارته مدفوعاً على كرسيه المتحرك من قبل مساعديه، فسقط ياسين شهيداً في لحظتها وجرح اثنان من أبنائه في العملية وقتل معه سبعه من مرافقيه.

وقد تناثرت أجزاء الكرسي المتحرك الذي كان ينتقل عليه ياسين في أرجاء مكان الهجوم الذي تلطخ بدمائه ومرافقيه خارج المسجد. مما أدى أيضاً إلى تناثر جسده وتحويله إلى أشلاء وهنا ارتقت روحه إلى بارئها ومات كما كان يتمنى.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]