على أطراف قرية بيرزيت شمال رام الله يقطن المواطن غالب النوري الستيني، عندما زرته كان يترقب هلال شهر شوال وحلول عيد الفطر السعيد ولكن بطريقة أخرى غير تلك المعتادة بالنسبة لكل الفلسطينيين، فغالب يعيش وحيدا بعيد عن عائلته.

استغرقت الطريق بعد النزول من السيارة التي كانت تقلنا إلى البلدة حتى الوصول إلى منزل غالب النوري قرابة 10 دقائق سيرا على الأقدام في طريق وعر يمله الغبار في جميع أطرافه، قبل أن نصل إلى منزل مصنوع من الطوب لا تتوفر فيه أبسط سبل الحياة.

غالب يقول إنه جزء من جماعة النور الذين قدموا من خارج فلسطين قبل عقود واستقروا في مناطق متعددة من فلسطين، ومارسوا مهنة الحدادة والأشغال الشاقة أو التسول، وأنه جزء من عائلة كبيرة تعيش حياة كريمة بالقرب منه لكن أهله يرفضون التعرف عليه مرارا لذا يقضي العيد وحيدا.

بعض الأدوات المطبخية المتسخة داخل المنزل هي كل ما يملك غالب في بيته المكون من غرفة واحدة في العراء لا تقيه حر الصيب ولا برد الشتاء، وبعض الفراش المتسخ هو أبرز ما يمز حياته، ويعتاش على مساعدات يقدمها له جيرانه كما يقول.

ويضيف حياتي قاسية جدا اليوم بعد أن قام أخواتي بطردي من المنزل لامتلاكهن وقاموا بتسجيل الأرض باسمهم لم يعطوني شيئا منها رغم أننا عملنا سويا في السابق وأنا طفل من اجل شرائها والحياة بشكل كريم كما كل البشر.

يضيف غالب" هم ضربوني في العصاي, واجو هون وعملوا مناوشات فيما بينهم, والحق على الأب، لا الأب نشلني ولا الأم نشلتني وخلوني شحاد."

أم العبد إلى جانب غالب...

ام العبد هي حاجة تقطن بالقرب من بيت غالب، بعد أن وجدته يحيا هذه الحياة الصعبة قامت ببناء غرفة من الطوب له ليسكن بها، خصوصا بعد أن قام إخوته بإحراق سريه وغطائه، وتبدو أحلامه بسيطة في الحصول على مسكن ومؤوى مناسب.

قول غالب إنه لم يتسول يوما لكن حصل على بعض المساعدات من جيرانه، ليتمكن من البقاء على قيد الحياة رغم الغناء الفاحش للكثير من جيرانه واقاربه.

رغم ذلك لم يتوقف غالب عن محاولة التواصل مع أخوته والتوجه إلى بيوتهم لكنه يردون عليه بالرفض، ويقول غالب:"انا ما بكرهمش إخوتي من أمي وأبوي، بس بحكيلهم صباح الخير بحكولي شو جاي أتسوي هون هاي منطقة عسكرية ممنوع الاقتراب".

بيت غالب سجن كبير...

والناظر لغرفة غالب من بعيد تجدها مصنوعة من الطوب، فهي سجن صغير لا كهرباء ولا ماء، وتفتقر أيضا إلى الجو الصحي الملائم للسكن، خاصة وان غالب يعاني من مشاكل سمعية وبصرية وبسبب قلة الاهتمام به تكالبت عليه الأمراض الأخرى .

عجوز فقيد الأهل والمسكن وكذلك الهوية ، لا يملك سوى اسم ينادى به، لا يملك سوى أيام قاسية تذكره بأخوته عندما كانوا يقدمون له الطعام على الأرض في كيس بلاستيكي صغير، فهذه حياته نقص في الرعاية والعناية ، يقضي أوقاته في النوم فنهاره وليله عنده سواء، يتناول طعامه ومن ثم يشرب القهوة المفضلة لديه وينام
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]