عقدت بلدية الطيرة مساء الثلاتاء اجتماعا طارئا للتداول في الحوادث المتتالية التي أسفرت عن حرق عدة مركبات لمعلمين من مدرسة الثانوية عمال 1 في الطيرة، والتي لاقت الشجب والاستنكار الشديدين في المدينة من جميع القطاعات.

ترأس الجلسة رئيس البلدية المحامي مأمون عبد الحي، كما حضر القائم بأعمال البلدية الشيخ عبد السلام قشوع ونائبا الرئيس المحامي سامح عراقي ود. وليد ناصر ومدير قسم المعارف في الطيرة د. خالد مطر والمحامي فؤاد سلطاني رئيس لجنة أمور الطلاب المركزية، كما تواجد في الجلسة العديد من أعضاء البلدية وغالبية مدراء المدارس في الطيرة وبعض المربين والمربيات، وبعض المهتمين والمعنيين بشؤون الطلاب، وقد كان مدير مدرسة عمال السيد مزهر فضيلي الذي تعرض هو أيضاً للاعتداء على رأس المشاركين بالإضافة إلى القائم بأعمال المدير المربية غدير عراقي ورئيس مجلس الطلاب في الثانوية الطالب محمد منصور.

 الموضوع خطير ولن يمر مرور الكرام 

رئيس بلدية الطيرة مأمون عبد الحي كانت له كلمة افتتاحية شكر فيها جميع الحضور مُشدداُ على مناسبة عقد هذا الاجتماع الذي أتى بعد أحداث مؤسفة تعرض خلالها بعض المربين في ثانوية عمال لاعتداءات متتالية تمثلت بحرق لمركباتهم وترويع لعائلاتهم، وقد شجب تلك الأعمال التي وصف مُرتكبيها بأنهم في قمة النذالة، موضحاً أنّ السكوت هو أعطاء الدعم والموافقة على استمرارها، وقد وصف من قاموا بهذه الجريمة بحق المعلمين بخفافيش الليل الذين لا يستطيعون المواجهة في ضوء النهار. 

وذكر الرئيس بأن بلدية الطيرة توجهت لشرطة إسرائيل بأن تأخذ دورها وتضع هذا الموضوع في سلم الأولويات لكشف الجناة ومعاقبتهم لأن الموضوع خطير ولن يمر مرور الكرام، وقد ذكر أن هناك من يريد تعطيل التقدم والنجاح في مدارسنا مشدداً على دعم جميع المدراء والمدارس للوقوف أمام محاربة تلك الظواهر الخطيرة، وطالب إدارة عمال بالاستمرار في انتهاج مبدأ الانضباط الذي هو معيار النجاح والتقدم فيها، وذكر أن الأمر لا يخلو من وجود بعض المشاغبين الذين لا يروق لهم تلك الصورة الجديدة من التعامل، وقد تطرق الى مسألة الإضراب الذي اتخذته ثانوية عمال بعد تلك الاعتداءات موضحاً أن اجتماع اليوم هو للوقوف سنداً قوياً مع جميع مدراء ومعلمي مدارس الطيرة، وللاستماع لجميع الآراء والمقترحات التي تساهم في محاربة تلك الظواهر السلبية.

نبذ العنف وتعميق ثقافة التسامح

بعد الاستماع لكلمة رئيس البلدية بدأ النقاش والتحاور وطرح وجهات النظر المتعددة من قبل السادة الحضور حيث بدأ مدير المدرسة الإعدادية السيد أمين منصور بالقول بأنه ضد الإضراب وأنه يمكن للفعاليات داخل الصفوف أن تفعل فعلها في توعية الطلاب، أما مدير مدرسة النجاح الابتدائية السيد يوسف بشارة فقد اقترح أن يناقش موضوع العنف الحصة الخامسة ليوم غد كما شدد على إيجاد دوريات للحراسة لوضع حد لهؤلاء الناس. 

السيد صالح منصور ذكر بأن الشرطة موجودة ولكن خلال العشر سنين الماضية لم يعاقب أحد وأنُ المواطن لا يثق بالشرطة التي لا تكشف اية حادثة وأنه يحمل جهاز الشرطة ورئيس البلدية المسؤولية عن ما يجري، وأنه مع إقامة دوريات حراسة من البلد. أما السيد محمد دعاس فقد اقترح بالإضافة للإضراب أن يتم طرح موضوع العنف للمناقشة بين الطالب والمعلم لمدة أسبوعين داخل المدارس. 

دعوة  للحراك ضد العنف على مدار السنة

المحامي فؤاد سلطاني رئيس لجنة أمور الطلاب المركزية أكد وقوفهم الثابت بجانب المعلمين في هذه المحنة التي يمرون بها، وقال: "اجتمعنا كثيراً في مثل هذه المناسبات وكنا ننتظر دائماً الحالة القادمة وهذا شيء غير طبيعي، المفروض أن يكون هناك حراك ضد العنف على مدار السنة"، وقد أبدى سلطاني تضامنه مع إعلان الإضراب لأنه نوع من الاحتجاج السلمي وصرخة ضد العمل نفسه، ودعا لإيجاد مختصين ووضع برنامج لمعالجة هذه الظاهرة الخطيرة، ذاكراً أن أحد أسباب الخلل في سلك التعليم يكمن في فقدان هيبة المعلم، وقد ذكر أننا نعتبر من المجتمعات الفريدة التي لا يوجد لها حماية مطالباً الشرطة أن تحمي هذا المجتمع.

المشكلة أوسع من ان تكون مع الطلاب فقط

المربية غدير عراقي القائم بأعمال مدير ثانوية عمال أعطت صورة عن التغير الكلي الذي حدث من الشهر الرابع حيث تمّ السيطرة على العنف من خلال خطة عمل بمشاركة جميع المعلمين، وقد نبهت إلى أنّ المشكلة ليست مع الطلاب بل هي أوسع من ذلك والذي قام بفعلته تلك إنما قام بها كدليل على التغيير الذي أحدثناه من خلال النظام والدراسة الجديّة المتبعة. 

أمّا المربية سامية أبو خيط في المدرسة الثانوية عمال فقد شددت على التركيز في معالجة ظاهرة العنف، حيثُ اقترحت أن تستمر تلك الفعاليات طيلة ايام السنة بالإضافة لإعداد برنامج تثقيفي موسع.

دعوة للاضراب والتظاهر السلمي امام مقر الشرطة

السيد حسني سلطاني سكرتير المنطقة عن التجمع الوطني الديمقراطي أبدى تضامنه مع المعلمين الذين تعرضوا لإرهاب وأعمال الزعرنة مشدداً على أنّ الجميع سيقف سنداً قوياً له، وقد ذكر سلطاني بأن أحد أسباب العنف في الطيرة هو تراخي الجميع أمامه من الرئيس مروراً بالكل.. وقال أنّ بدون قوة الردع لا تستطيع محاربة أية ظاهرة سلبية في المجتمع، وأنّ ظاهرة عدم كشف الجرائم تُشجع مرتكبها على التمادي والتحدي، وتساءل عن دور الشرطة التي تُستقبل في البيوت والمدارس والمؤسسات وعن تفسير عدم اكتشاف الجرائم التي تُرتكب، ودعا إلى الإضراب كوسيلة ردع والتوجه إلى مركز الشرطة للتظاهر السلمي كتعبير عن حالة الغضب والإحباط المنتشر بين الناس. 

أمّا السيد يوسف فضيلي فركّز في مداخلته على قضية احترام المعلم والحالة التي وصل إليها من إهانة وتهديد وحالة القلق التي يعيشها مع أفراد أسرته، كما طالب بتوجيه رسائل للشرطة والجهات المعنية الأخرى لوضعهم في صورة ما يحدث هنا.

السيد مزهر فضيلي مدير مدرسة الثانوية عمال 1 شكر الجميع على مساندتهم ووقوفهم بجانب المعلمين، كما شكر مجلس الطلاب الذي بادر بشكل سريع للوقوف إلى جانبهم. تطرق المدير إلى فئات معينة كانت قد راهنت على فشلهم كإدارة للمدرسة ولكن سرعان ما أتضح أنّ الأمور سارت بعكس ما يعتقدون مما جعلهم يفقدون صوابهم، وما حدث لهو تعبير عن يأسهم وفشلهم، وقد ركّز السيد فضيلي على الدور المهم الذي يلعبه أئمة المساجد من خلال خطبهم يوم الجمعة لمعالجة هذه الظواهر السلبية. 

مكتب حراسة ومدينة بلا عنف

الشيخ تميم عراقي طالب بإقامة مكتب الحراسة الذي تمّ اقراره في جلسة بلدية، وتساءل عن المانع من تشكيل هذه القوة عن طريق التطوع نظراً لتأخر مشروع مدينة بلا عنف.

السيد راضي قاسم مدير مدرسة الإعدادية (أ) اقترح أمرين الأول للمدى البعيد من خلال تدخل تربوي في صيرورة في الطيرة كلها مثل رجال الدين ومحاميين وقضاة وغيرهم لبناء مجتمع صحي بدون عنف، أما الأمر الثاني تقسيم الطيرة لعشرة أحياء مع دوريات حراسة لاستتباب الأمن. السيد غسان فضيلي مدير المدرسة الثانوية "توماشن" عبّر عن تضامنه مع المعلمين والمدراء وأوضح بأن اقتراحه الوحيد هو إعادة كرامة كل المؤسسات التربوية. السيد نورس سلطان مدير مدرسة الغزالي الابتدائية اقترح أن يتم إنشاء لجنة خاصة في البلدية لمعالجة العنف، لأنه ينقص اقتراحات عملية واسعة على الأرض وهذه مرحلة حاسمة تحتاج لهذه اللجنة.

مسؤولية الاهل في تربية جيل متسامح غير عنيف

السيد سامح عراقي نائب رئيس بلدية الطيرة دعا إلى عدم التسليم لهذه الظاهرة وكأنها أصبحت جزء من الواقع، وأن العنف منتشر في كل مكان وليس فقط في المدارس، وطالب بحل سريع عبر التعرف على هؤلاء الناس الذين هم أيضاً ضحايا نتيجة إهمال الأهل والمجتمع لهم، والتوجه إلى أهاليهم للتحدث معهم ومعالجة الموضوع بشكل جذري، وركز في نهاية حديثه عن دور الشرطة الكبير لحل هذه القضايا، واقترح التظاهر السلمي أمام مركز الشرطة. 

المهندس عبد العزيز سمارة طالب بمعالجة الموضوع في مسارين، الأول في داخل المدارس والثاني في الشارع، ورأى أن حفظ الأمن يحتاج لدوريات مرخصة وممولة بشكل رسمي.

الشيخ عبد السلام قشوع القائم بأعمال رئيس البلدية طالب بإدخال رجال الصلح في البلد الذين كان لهم دور ناجح وكبير في حقن الدماء، كما أوضح بأن الإضراب يضر أكثر مما ينفع والمسيرة التعليمية يجب أن تستمر، وأنّ لكل خطوة ناجحة مخاطر معينة والنجاح لا يأتي بسهولة.

المربي تميم قاسم تكلم عن التشويش القانوني الذي حدث في الثانوية بعد إجتماع المعلمين للتضامن مع أقرانهم الذين تعرضوا للاعتداء، كما تحدث عن التحريض الذي يتم ضد المدرسة، واقترح تشكيل لجنة بشكل فوري للتوجه إلى أهالي الطلاب العنيفين من أجل إنهاء مثل تلك الظواهر. 

خطة لمواجهة العنف

د. خالد مطر مدير قسم المعارف ذكر أنّ هذه الأحداث جاءت مع افتتاح المدارس، وأنّ هناك موجة كبيرة من العنف بدأت تعلو وتظهر ولذلك يجب أن نبني خطة اليوم لمواجهة هذه الموجة، وقد تحدث عن الاقتراح التضامني الذي سيتم في كل المدارس يوم غد في أول حصة يتم التحدث عن ميثاق شرف للطلاب وفي آخر حصة يتم إجراء فعاليات ضد العنف. 

مطالبة بسماع مشاكل الطلاب

الطالب محمد منصور رئيس مجلس الطلاب في ثانوية عمال تحدث عن رفع الشعارات الذي سيتم في الصباح من قبل الطلاب أنفسهم والخطوة الثانية هي توزيع منشور تضامني من قبل المجلس يندد بما جرى ويطالب الجميع بالوقوف صفاً واحداً لمحاربة ظاهرة العنف، والخطوة الأخيرة هي إدخال ممثلين من المجلس إلى كل صف لسماع مشاكل الطلاب لإيجاد حلول مناسبة له من قبلنا.

بيان وقرارات

في نهاية الاجتماع شكر رئيس البلدية مأمون عبد الحي جميع من شارك بهذا اللقاء ولخّص مجموعة من القرارات أولها صدور بيان استنكار شامل من قبل المشاركين ومن قبل البلدية ومن قبل المدارس ضد هذه الأعمال، وطالب أهالي الطلاب بمراقبة أولادهم والعمل على منع هذه الظواهر، كما حيا جميع مدراء ومعلمي المدارس على المجهود الذي يبذلونه، كما وطالب بوضع مشروع سنوي تربوي شامل للمدارس والبدء بتنفيذه خلال أيام. ومطالبة الشرطة بمكتوب رسمي للكشف عن الجناة. ومناشدة أئمة المساجد بالانخراط لمعالجة هذه الظواهر الخطيرة من خلال خطب الجوامع.






 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]