يجلس الطالب نجم الدين الدبور (25 عامًا)، على شاشة التلفاز يتابع ما يجري في مدينته صفد التي خرج منها جده إبان احتلالها وطرد سكانها مع قيام دولة إسرائيل قبل أكثر من ستين عامًا، ينظر إلى ما يتعرض له الطلبة العرب من اضطهاد متواصل على أيدي الإسرائيليين المتطرفين الذين يقطنون البيوت العربية التي شردوا أهلها منها، وبينها بيت جده الذي كان يسمى "الخان"، يتابع نجم تصريحات الراب إلياهو المتطرف الذي دعا إلى عدم تأجير الطلبة العرب المنازل في مدينة صفد وإلى طرد العرب منها.

ويقول نجم لمراسل موقع "بكرا" أشعر بحزن لما يجري في المدينة، ويتساءل كيف يمكن أن تساهم هذه التصريحات والاعتداءات التي يتعرض لها العرب في صفد في تحقيق التعايش والديمقراطية بين اليهود والعرب؟!"

يقول نجم بمرارة، في حديث خاص بـ"بكرا" "إذا كان لكم أنتم الإسرائيليين حاليًا الحق القانوني من دولة إسرائيل للإقامة في صفد فعليكم أن تتذكروا أنكم قمتم بطرد أهلها الأصليين منها واحتلالها، وأن الحق القانوني لكم جاء على أنقاض أعمالكم غير القانونية التي تسببت في معاناة الكثيرين من أبناء الشعب الفلسطيني الذين هاجروا من مدنهم وقراهم وبينهم جدي نجم الدين الدبور"، الذي لا يزال بيته ومكان عمله موجودًا إلى اليوم وسط مدينة صفد التي توصف على أنها مدينة يسيطر عليها المتدينون والمتطرفون الإسرائيليون".

ويتحدث نجم الدين دبور الذي قام والده بتسميته على اسم جده "نجم الدين الدبور"، الذي يعمل في إحدى المؤسسات العامة بمدينة رام الله عن زيارته الأولى إلى مدينة صفد والآثار العربية التي لا تزال موجودة هناك والتي تؤكد أن المدينة عربية، وهي للعرب، وأن القادمين إليها من الإسرائيليين مجرد محتلين رغم أنهم يتواجدون بشكل قانوني فيها ونحن نمنع من الدخول إليها، ولكننا في المقابل لن نتنازل عن حقنا في العودة إليها في حال الوصول إلى أي اتفاق سلام مع الإسرائيليين يقضي بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي شردوا منها".

نجم الأمريكي يعود إلى صفد

ويقول دبور:" أنا مواطن أحمل الجواز الأميركي ولكنني أصنف نفسي على أنني فلسطيني يحمل الجنسية الأمريكية، كنت معجبًا جدًا بزيارتي إلى مدينتي صفد التي حدثني عنها والدي الذي لم يراها كثيرًا، كذلك استمعت للكثير عن بيتنا ومكان تواجدنا في المدينة إلى أن حصلنا جميعًا على الجنسية الأمريكية وحضرت إليها مع أمي الأمريكية وشاهدت مسقط رأس والده الذي عاش في سوريا وتوفي فيها وهو ينتظر اللحظة التي سيعود فيها إلى مدينته التي شرد منها".

ويتحدث دبور عن معاناة عائلته التي بدأت بالخروج من صفد مرورًا بلبنان ثم إلى سوريا والحياة هناك بضع سنوات لجده وأطفاله، إلى أن تمكن والده الذي كان في العقد الأول من عمره من الذهاب للكويت للعمل كمدرس هناك، ومنها إلى الولايات المتحدة الأميركية بحثًا عن طريقة للعودة إلى فلسطين، إلى أن تمكن من الحصول على الجنسية الأميركية بعد أن تزوج والدته، وعاشا سويًا في الولايات المتحدة إلى أن سمح لهم بالعودة في العام 2005 إلى البلاد حيث ذهب أباه فور وصوله إلى مدينته صفد لتفقدها والبحث عن بيته الذي لم يجده لكنه وجد الخان الذي كان يعمل فيه جده في رعاية الخيول في المدينة.

لم يكن الخان كما تركه بل عاد ووجده قد تحول إلى مرقص ليلي بعد أن جرى القيام ببعض التعديلات التي زادت جمال المبنى، لكنه كان حزينًا جدًا بما شاهد، هو ما دفعني، قال نجم،  للعمل من أجل العودة إلى البلاد والعمل على مساعدة أبناء شعبي والعمل معهم في خدمة السلام والديمقراطية، ولإيصال المعاناة الفلسطينية إلى العالم الذي لا يعرفها خصوصًا في القارة الأمريكية.

جدة نجم سعدة....ساعدت اليهود

ويروي نجم عن والده وعن جده حكايات من التعايش بين اليهود العرب جسدتها جدته "سعدة الدبور" التي كانت تقوم برعاية أبناء جيرانها اليهود في حال غيابهم عن المنزل، وكيف كانت الحياة الاجتماعية الرائعة التي كانت تجمعهم بعيدًا عن التطرف الديني الوطني المنتشر حاليا في صفد لمن يسمون أنفسهم بـ"الوطنين الإسرائيليين".

ويختم نجم الدين قوله " في المستقبل أن وجدت طريقة للعيش في صفد فلم أتردد في ذلك أبدا، سأحضر وأعيش في مدينتي الحقيقة التي طرد منها اجدادي، ولعل ذلك من أجمل الاحلام التي تراودي، ان أتزوج وأسكن في صفد وأنجب أبنائي هناك، وإن لم اتمكن من ذلك فأتحدث كثيرا لأبنائي عن صفد قريتهم وسأدعوهم للعيش فيها متى تمكنوا من ذلك".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]