رغم انّ العيد فرحة للجميع، الا انّه لم يكن حافلاً بالخيرات لجميع البشر، فهناك من يستقبل العيد والخير كل الخير في ما يملكه، وآخرون يحيْون بحثًا عن لقمة العيش، في العيد هناك من يحتاج الى الأساسيات كالأكل والشرب والملبس وإن كان هناك ما يزيد فمن حق الأطفال ان ينعموا بالفواكه والحلوى وباللعب.

وللحديث عن الفقر، خاصة بعد اصدار تقرير التأمين الوطني، والذي عرض بيانات شاسعة حول ما وصل اليه الفقر في مجتمعنا.

زار مراسل موقع بكرا سعيد عاصلة، من قرية عرابة البطوف لديه ثلاثة اولاد وابنتان، له زوجة توفيت بالسرطان، وتزوج أخرى لترعى الاولاد والبيت.

سعيد عاصلة يروي لنا قصته الطويلة مع الوحش الذي يلازمه منذ سنين طوال، أنه الفقر.

البيت، ثلاثة غرف، اكبرهم غرفة بمترين

سعيد عاصلة منذ نشأته ولد فقيرا من بيت فقير، سكن عند زواجه في كونتينر (حاوية) بطول ثلاثة امتار وعرض اقل من مترين، فكان من أجل الدخول الى المراحيض يحتاج للخروج الى خارج " البيت" وبمرأى الجميع!.

تزوج سعيد وانجب خمسة اولاد، خلال هذه الفترة عمل على تطوير بيته المكون من الكونتنر ليبني ثلاثة غرف، الاولى عبارة عن الكونتنر، الثاني بطول وعرض مترين، المطبخ كذلك والحمام الذي لا يتعد عرضه وطوله المتر الواحد ويشمل المرحاض ومكان الاغتسال.

مرّ سعيد وزوجته بامراض خطيرة، فكانا يحصلان على معاش من التأمين الوطني لا يتعد ال 3000 شاقل، فيحتاج سعيد الى 1500 ش شهريا لتمويل ادويته، ومبلغ مماثل من لزوجته لعلاجها من السرطان. رحلت الزوجة بعد صراع طويل مع المرض، وبعد تحسن حالة سعيد تزوج امرأة لترعى اولاده وبيته، طريق الحمام عبر المطبخ حيث ينام الزوجان اضطرارا لعدم اتساع البيت، والاطفال حين يدخلون الحمام بحاجة للعبور عبر اجسادهما.

مراسل موقع بكرا التقى مع المواطن سعيد للاطلاع عن كثب حول نموذج من معاناة الفقراء والحياة الاقتصادية الصعبة، بل المهينة. تحدث سعيد عن زوجته التي رحلت فيقول انه بداية كانت زوجته المرحومة تعمل على تحصيل مساعدات ومنح من أجل شراء الكتب والاغراض التي يحتاجها الاولاد في التعليم واماكن اخرى فكانت تزور قسم الشؤون الاجتماعية والمجلس المحلي والمسؤولين ولجنة الزكاة وغيرها فكانوا كل فترة يقدمون مساعدات انسانية.اليوم رحلت زوجته فاصبح يقوم بملاحقة الجهات بنفسه.

ويضيف: " رغم الوضع الاقتصادي المتردي، المأساوي فأنني لم أحرم يوما ابنا لدي من كتاب تعليم او غرض احتاجه للمدرسة وكنت انفجر عندما يطلب مني احد ابنائي غرض واخاف من عدم امكانية تلبية الطلب، ابنتي خلال مرحلة مرضها تأخرت جدا بالدارسة فاحتاجت ان تعيد مرحلة الرابع الابتدائي مرة أخرى".

يشير سعيد الى ان الابنتين تنامان في الغرفة الصغيرة، ومن ثم الاولاد الثلاثة في الغرفة الاخرى، وتكاد لا تسعهم ليضطر الاب وزوجته ان يناما في المطبخ.

ويضيف: " طريق الحمام والمرحاض عبر المطبخ، والمطبخ بالكاد يسع لمكانين للنوم فيضطر الابناء مجبرين على ان يعبروا من فوق اجسامنا الى المرحاض!".

وعن اقتراب العيد حدث ولا حرج!، معاش اقل من ثلاثة الاف شواقل يتلقاها الاب سعيد، هذا المبلغ سيقوم من خلاله توفير الادوية المطلوبة، ابسط الحاجيات وارخصها، وايضا السؤال هل سيحصل سعيد على المبلغ قبل العيد؟

وماذا ان لم يحصل عليه؟

فما الحل؟!!.

يضيف سعيد: " اذا تلقيت المبلغ قبل العيد فانه لن يكفي لشراء ابسط حاجية للعيد وارخصها، الاولاد بحاجة الى ملابس العيد، اللحمة والدجاج لا يدخلان بيتنا سوى بالمناسبات من تبرعات من لجنة الزكاة ومؤسسات خيرية اخرى، احيانا تمر شهور دون وجود قطعة لحم أو دجاج.. إبني يسألني ويقول انه يريد اللحم فاشعر ان قلبي سينفجر كيف سأحضر اللحم؟".

الاطفال ينتظرون الملابس، اللحم والدعوات الطيبة للمرحومة والدتهم، لكنهم لا يعرفون ان والدهم يوفر لهم ملابس ولحم العيد من جهات خيرية.

مروة، في الصف الرابع ابنة سعيد قالت في سؤال حول علاماتها بالامتحان قالت انها نسيت علاماتها في السنة الدراسية السابقة في اشارة الى خجلها التحدث عن تراجعا في التعليم بعد مرض والديها، وتشير الى ان والدها يعمل دائما على تحضير اللوازم باي ثمن. وعن العيد تطمح الابنة بشراء ملابس جديدة وتناول اللحم، وايضا لن تنسى دعوتها الطيبة للمرحومة امها يوم العيد صباحا.

هاني بالصف الثالث قال انه ينام في غرفة اخرى بسبب ضيق الغرفة ولعدم اتساعها لاكثر من شخصين، هاني ايضا ينتظر العيد بفارغ الصبر فهو يعرف ان للعيد ايام قليلة، يقول ان والده لا يقصر ويقوم بشراء ملابس العيد له، يطمح بتناول اللحم ايضا في العيد، علما ان الاطفال لا يعرفون بان ملابس العيد واللحوم تأتيهم بمساعدات خيرية ومتبرعين مهتمين!.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]