لكل إنسان مواهبه وتطلعاته، الشاب طلال جمعه محمد أبو هدوبة (غنيم)،( 32 عاما) من سكان خشم جبيل (عوجان) جنوبي اللقية، كأي شاب كان يحمل أملا وتطلعات لمستقبله، فمنذ نشأته في الثانوية، كان يحلم في أن يدرس ويكمل مشواره الدراسي، إلا أن عقبات غير إرادية، وغير متوقعة بدأت تظهر وتلوح في الأفق منذ أن كان طلال في الثانوية، إلا أن طلال لم يمل، ولم ييأس وعند نهاية فترة الثانوية بدأ بالعمل على تنفيذ حلمه في دراسة الشريعة الإسلامية، إلا أن المخابرات الإسرائيلية كانت تضع له العراقيل تلو العراقيل، ليس في إسرائيل فحسب بل في الخارج، فسجن طلال مدة خمس سنوات ونصف بتهم أمنية، من اصل ست سنوات ونصف، وهو إجمالي ما حكم عليه، واتهم بتهم من النوع الثقيل الملفق كما يقول، إلا أن طلال لم يكل ولم ييأس، وخرج من السجن بمعنويات عالية، وقد التقيناه، وسرد لنا طلال قصة معاناته، والتي تجسد حال المظلوم.

الملاحقة الأمنية من قبل المخابرات... للتثبيط

الشاب طلال استدعي للتحقيق الروتيني في المخابرات الإسرائيلية منذ أن كان في الصف الثاني عشر (التوجيهي)، عام 1997، وبدأت تصله مكالمات من رجال المخابرات عن طريق الهاتف لاستدعائه إلى التحقيق، مرارا، ولان الاستدعاءات ليست بشكل قانوني، كما هو متبع، بإرسال استدعاء خطي للبيت، لم يستجب طلال لهذه الاستدعاءات غير القانونية كما يقول طلال.

فكر طلال أن يدرس العلم الشرعي، كونه مفقودا في تلك الايام في إسرائيل، وأراد أن يدرسه في المملكة العربية السعودية، حيث سجل في جامعة المدينة المنورة، وفي إطار رحلة العمرة، ذهب إلى هناك واجرى امتحان القبول، وجاءه رد بأنه قُبل، إلا أن المخابرات الإسرائيلية كما يقول طلال منعته من ذلك، ولم ييأس طلال وتوجه للدراسة ضمن مجموعة الـ 48، في جامعة الخليل، وبالفعل بدأ الدراسة، إلا أن إصابات طلال في حادث سير منعته من مواصلة مشواره التعليمي، وحاول بعد عامين بعد أن استرد عافيته التوجه إلى الأردن لإكمال دراسة العلم الشرعي، إلا أن عقبات كانت تختلقها الجامعة في الأردن لمنعي من التعليم، تارة بحجة أن أوراقي مزورة، وتارة بحجج أخرى، ترددت على الجامعة في الأردن ثلاث سنوات، وكل مرة يختلقون لي مشكلة، وفي النهاية حصلت على جواب نهائي إنني ممنوع من التعليم امنيا.... من قبل المخابرات الأردنية، فملاحقة المخابرات الإسرائيلية استمرت حتى في الأردن، وفشل المشروع، كما إنني حاولت أن أعود للدراسة في جامعة الخليل، وواجهت عقبات كذلك، إلى أن جاء الاعتقال.

ويضيف طلال قائلا:" في السجن بدأت الدراسة في الجامعة المفتوحة، ومنعت كذلك من قبل المخابرات، واستمرت ملاحقتي والتضييق علي حتى بعد أن قاربت محكوميتي على الانتهاء، بهدم بيتي في عوجان الذي كنت آمل أن أتزوج فيه، وابني حياتي، إلا أن سجنهم لم ولن يخيفني، ولم يثبطني، فمعنوياتي عالية أكثر مما كنت عليه قبل السجن، والحمد لله.

استدعاء للشرطة في قضية سير واعتقال من قبل المخابرات الإسرائيلية في قضية أمنية!

يقول طلال بتاريخ 19/04/2005، تم استدعائي من قبل الشرطة في قضية حادث سير، وفوجئت باعتقالي في مركز شرطة البلدات من قبل المخابرات، وهذا دليل على أن ليس لدي أي مخالفات أمنية، كما وصفوا، فالإنسان المتهم بتهم أمنية، كما اتهمت يعتقل من البيت، وليس في مركز للشرطة، وهذا دليل على كذب الاتهامات التي وجهت لي.

معاناة في التحقيق، وتلفيق تهم وصلت الى حد الارتباط بالقاعدة في العراق والجهاد الإسلامي، ونية التفجير وخطف جنود.

اقتيد طلال إلى التحقيق من قبل المخابرات في عسقلان، حيث كان يحقق مع طلال 20 ساعة بدون ان ينام الا دقائق معدودة لمدة الشهر الأول، وفي الشهر الثاني كان يسمح له بالنوم ساعات قليلة جدا، بين 3-4 ساعات، حيث استمر التحقيق مع طلال فترة قاربت الثلاثة اشهر، وكان عندما يحقق معه يشبح على كرسي صلب، مثبت في الأرض، ومربوط الأرجل والأيدي خلف ظهره، والعذاب كما يقول طلال نفسي.

وحول التهم الموجهة إلى طلال، تبين بأنها تهم غير معقولة أصلا، وإنها مضخمة، ومن التهم، الانتماء لتنظيم القاعدة في العراق، ومحاولة الذهاب للجهاد مهم هماك، الانتماء للجهاد الإسلامية، نية خطف جنود من عسقلان، ومتسبي رامون، النية القيام بعمليات تفجير في بئر السبع وتل أبيب، تفجير القطار في بئر السبع وتل أبيب، بيع سلاح، الانتماء لخلية في الخليل، وهذه تهم لا أصل لها، ولم اعترف بأي تهمة، كما لم يضبطوا أي محظور في بيتي، لا من بعيد ولا من قريب، والدليل مواد سرية، الأمر الذي يعانيه المساجين الأمنيين عادة، وهذه مواد كاذبة أصلا، ولو كانت حقيقية لقدمت علنا.

ويقول طلال عن التهم، انفيها جملة وتفصيلا، ولو كانت حقيقية لاعترفت بها، إلا أنها ملفقة، لذا لم اعترف على حرف واحد مما جاء فيها، وجاءت لكسر إرادتي، ومنعي من عبادة الله، والتمسك بدين الاسلام.
ويضيف طلال:" الاتهامات باطلة، لا اصل لها، وجاءت لعدم تجاوبي لاستدعاءاتهم، وأنا لا أخشاهم، لأنني أولا لم افعل شيء مخالف للقانون، والتهم ملفقة، والاعتقال والاتهامات الباطلة جاءت لردعي عن عبادة الله، ولكسر عزيمتي، فانا على علم أن موقفي الإسلامي والتزامي بديني هو سبب الاعتقال، وليس التهم التي لا اصل لها.

حيث كانوا يهددوني للتثبيط بأنني سأعتقل 20 عاما، اذكر إنني قلت لهم زيدوها 20 عاما أخرى، سجنكم لا ولن يخيفني، سجنهم يزيدني صلابة في ديني".

وبين طلال ان "البوسطة" وهي نقل المساجين هي من اكثر وسائل التعذيب الجسدي، حيث كانوا ينقلونني من سجن الى اخر، كل فترة وجيزة، وأحيانا يستمر نقلي 4 - 5 ايام حتى اصل السجن المراد إيصالي إليه، علما ان كراسي سيارة ما يسمى بالبوسطة حديدية، ومغلقة تماما، واجلس فيها مكبل اليدين والرجلين، حيث تدور سيارة النقل على أكثر من ثلاثة واربع سجون، وانا في داخلها، عندما يتم إنزالي في الليل انزل للزنزانه. تنقل طلال وقضى محكوميته في ثلاثة سجون، منها: عسقلان، سجن بئر السبع (اوهلي كيدا)، وسجن النقب (كتسيعوت).
ومنعت عنه الزيارات كما منعت عن السجناء الأمنيين من الضفة، في أحداث شليط، كما توفي ابي، وعمي وعمتي، اثناء السجن ورفضوا ان اشارك في جنازاتهم، كما هدموا بيتي الذي بنيته قبل 10 سنوات، وجاء الهدم قبل ان اخرج من السجن بشهر، وبين طلال، ان هذا التصرف لا يصدر الا من حقير، وإنسان نذل، وهذا استمرار للمضايقة علي حتى آخر لحظة، إلا أنني أعيد واكرر إنني بعزيمة قوية، وافتخر بإسلامي.

يجب أن تصدق تسريبات الشاباك في الصحف

يوجه طلال عناية القراء، الى عدم تصديق اي تسريبات عن القضايا الأمنية للصحف، فالنشر اصلا من قبل الشاباك في القضايا الأمنية له اهداف، وهذا معروف، اما للتغطية على ظلم، او للتغطية على فشل المخابرات، او لتسويد سمعة شخص ما، او لردع الآخرين، في تهويل الأمور.
يوسف ابو جديع أخي وصديقي أرادوا تسويد سمعته.

اعتقل ضمن قضية طلال ثلاثة أصدقاء له، كانوا يتدربون الكراتيه لدى المدرب المشهور يوسف ابو جديع من اللقية، وهم: المدرب يوسف ابو جديع، كايد النباري، وصالح ابو مرحال، ويؤكد طلال أن اعتقالهم فقط لأنهم أصدقائي، لا غير.
حيث تم اطلاق يوسف بعد 18 يوما من الاعتقال، ويوسف النباري بعد شهرين، وصالح ابو مرحال بعد ثلاث سنوات، وهذا الحكم ليس في هذه القضية وانما على ملفات كانت لصالح في السابق.

وفي تقرير صحافي في "يديعوت احرونوت" في عام 2005، عن قضيتي، كان العنوان بالفنط الكبير أن بدوي من النقب ينوي التجند للقاعدة، وهولوا الامور والتهم في الصحيفة، وذكروا هناك ان اخي وصديقي يوسف ابو جديع اعترف علي، الامر الذي اعلمه ويعلمه الجميع انه عار عن الصحة، وأرادوا تسويد صفحة أخي يوسف، إلا انه صفحته بيضاء لا غبار عليها، فهم ابن اصل وشريف، ولو كانت أصلا التهم الموجة إلي يعلم بها يوسف لما أطلق سراحه بعد 18 يوما من الاعتقال، ولن يستطيع احد بإذن الله أولا أن يفرق بيني وبين أخي يوسف وأصدقائي.
فالإعلان في الصحف وما يسرب في قضايا أمنية يكون موجه، وله أهداف عديدة، فيجب أن لا يأخذ بهذه التسريبات.

تعرض السجناء الأمنيين لعقاب جماعي

يتعرض السجناء الامنيين كما يقول طلال غالبا الى العقاب الجماعي، فعندما تحدث اي مشكلة بين شخص واحد السجانين، او غيرها، يكون العقاب جماعي على جميع القسم، الامر المخالف لكل القوانين.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]