ما زالت اليابان تلملم جراحها وتبحث عن ضحاياها في كل ناحية وزاوية، وما زالت هذه الدولة المتقدمة اقتصاديا (والتي تعتبر من الدول الأكثر تطورا في العالم) تحاول تفادي كارثة جديدة من الممكن أن تصيبها إذا انهارت المفاعلات النووي بعد أن أصيبت بشكل بالغ، رغم بنائها بشكل ملائم لمواجهة الهزات الأرضية والزلازل.
وعلى ما يبدو، فإن القيادة اليابانية تتستر (حسب المعلومات) على ما لانفجار هذه المفاعلات من إسقاطات على اليابان وعلى العالم. وليس صدفة أن أمرت العديد من دول العالم رعاياها بالرحيل عن "طوكيو" بالتحديد، على الرغم من أن مواطني هذه الدولة، وعبر تاريخها الحافل، اعتادت على الكوارث وأخذت بعين الاعتبار، سلفا، أنها موجودة في منطقة هزات أرضية. من أجل تسليط الضوء على هذا الموضوع، التقى مراسل موقع "بكرا" مع المختص بعلوم الجيولوجيا، الدكتور ثابت أبو راس..

التقاء صفيحتين تكتونيتين ادت إلى الهزة الارضية في المحيط الهادئ
يقول أبو راس: "الهزة الأرضية التي حصلت في اليابان، ناتجة عن التقاء صفيحتين "تكتونيتين"، حيث يؤدي تصادم هذه الصفائح واحتكاكها ببعضها إلى هذه الهزة. وتعتبر الصفيحة الرئيسية في العالم (وأكبرها) في منطقة المحيط الهادئ، أما الصفيحة الثانية والتي لا تقل أهمية عن الأول،ى فهي في قارة آسيا (على اليابسة)، وهناك عشرات الصفائح الثانوية ومنها على سبيل المثال في منطقتنا ما يسمى بـ "الشق السوري الإفريقي"، الذي يبدأ من جبال "تنوروس" وصولا إلى إثيوبيا والبحر الأحمر جنوبا.
وقعت الهزة الأرضية في اليابان بالتحديد في نقطة الالتقاء بين صفيحة المحيط الهادئ واسيا اليابسة. وما يميز هذه الهزة ويزيد من قوتها هو قربها من سطح البحر. فكلما كانت الصفيحة أعمق، كلما كان ضررها أقل. وعلى سبيل المثال فإن الهزة الأرضية في اليابان كانت على عمق نحو 9 كيلومتر، بينما الهزة الأرضية في هايتي قبل عام كانت على عمق 2 كيلومتر فقط. لكن الفرق في الأضرار بين الهزتين هو قرب الهزة في "هايتي" من مناطق مأهولة في السكان حيث ضربت الهزة الأرضية العاصمة، أما في اليابان، فكانت الهزة بعيدة عن المناطق السكنية.
العامل الثاني الذي لعب دورا بحجم الأضرار الناجمة عن زلزال اليابان وإسقاطاته، كان مدتها الزمنية الطويلة. فأحيانا تكون الهزة لـ10 ثوان، وأحيانا تصل لدقيقة كاملة. أما العامل الثالث فهي الهزات الارتدادية التي تسبب أضرارا فيما بعد".
وأضاف: "الهزة الأرضية في اليابان لم تحدث أضرارا حقيقية إذا ما قارناها مع قوتها الكبيرة، (أي 8.9 في سلم رختير)، ويعود ذلك إلى جاهزية هذه الدولة للهزات الأرضية، والتي أصبحت جزءا من حياتهم. لكن ما حصل في اليابان وأدى إلى هذه الخسائر الفادحة في الأرواح والممتلكات كانت ظاهرة "التسونامي" (أمواج المد البحري)، من حيث حجم الموج وسرعته، فالمحيط الهادئ هو محيط واسع، وفي حال حدوث هزة أرضية بداخله فان مساحة الموج وارتفاعه يكونان كبيرين جدا، حيث وصل ارتفاع الموج إلى 10 أمتار

الموج سيكون بارتفاع3 امتار وسيغمر حيفا وعكا ونهاريا ومنطقة الكريوت

وعند سؤالنا له عن إمكانية حدوث هزة أرضية في منطقتنا تكون من بين إسقاطاتها أمواج "تسونامي"، قال الدكتور ثابت أبو راس: "حتى الآن لم يحصل تسونامي في منطقة الحوض المتوسط، والمتوقع أن تتعرض تركيا واليونان (وهما من دول البحر المتوسط) إلى هزة أرضية قوية، لكن لا يمكن مقارنتها بما حصل في المحيط الهادئ. وفي حال حصوله في منطقة البحر المتوسط، فقد يصل ارتفاع الموج إلى 3 أمتار، مع الأخذ بعين الاعتبار أن البحر المتوسط صغير مقارنة بالمحيط الهادئ. وإذا كان لي أن أتوقع المناطق التي ستغمرها مياه البحر، فإن منطقة "الكيشون " في حيفا ومدن نهاريا وعكا والكريوت قد تغمر بالمياه".
وأضاف: "توقع العلماء في البلاد، أن مرة كل 90 عاما تحصل هزة أرضية في الشق السوري الإفريقي، وحسب التوقعات فنحن نتواجد الآن في هذه الفترة".

إسرائيل لم تكن جاهزة لحريق مثل الكرمل فكيف تكون جاهزة لهزة أرضية؟!!

وحول جاهزية البلاد لمثل هذه الهزة الأرضية، إن حدثت، قال أبو راس: "نحن لسنا مثل اليابان، خاصة في القرى والمدن العربية في البلاد. فدولة إسرائيل غير جاهزة بصورة كافية لهزة أرضية، كما لم تكن جاهزة لحريق مثل حريق الكرمل. وأنا لا اعتقد أنها جاهزة لهزة أرضية تكون قوتها لدرجة قد تسبب أضرارا بالممتلكات والأرواح. ومؤخرا كانت هناك جلسة خاصة للحكومة، واتخذت الأخيرة قرارات في محاولة للوقوف عن كثب على إمكانيات وقوع هزة أرضية قوية، حيث تعتبر خطة "تاما88" القطرية التي تتحدث بالتفصيل عن ضرورة تقوية المباني وجهوزيتها لمثل هذه الحالات، جزء من الاستعدادات الحكومية لمثل هذا السيناريو".

مفاعل ديمونا النووي قد يصاب لقربه من الشق السوري الافريقي

الدكتور ثابت أبو راس أجرى مقارنة بين ما يحصل في اليابان من حيث الأضرار الناتجة عن المفاعلات النووية التي أقيمت للأغراض السلمية وتزويد الكهرباء والطاقة للسكان هناك، وبين وجود المفاعل النووي في "ديمونا" في البلاد. وقال: "مفاعل ديمونا موجود على بعد 15 كلم من الشق السوري الإفريقي، وأي هزة أرضية قد تحصل في المنطقة ستشكل خطرا مباشرا وكبيرا على سكان البلاد، خاصة ونحن نتحدث عن مفاعل نووي أقيم في سنوات الخمسين من القرن الماضي. أي أنه غير محمي بصورة كافة ووفقا للتقنيات الحديثة المتبعة اليوم في هذا المجال".
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]