إستقبل الأسير المقدسي المحرر خالد محيسن عيد الاضحى هذا العام بشكل مختلف..فأكثر من 50 عيداً على مدار 25 عاماً استقبله داخل سجون الاحتلال، تاركاً خلفه زوجة وجنينها (فداء) وطفلته (أمينة) التي كانت عاماً ونصف العام.

هذا العام إشترى الأسير المحرر خالد محيسن ثياب العيد لزوجته وابنتيه واحفاده الثمانية –الذين لم يكن يعرفهم سوى من الصور التذكارية-، كما انه لم يظهر في بدلته بنية اللون التي ارتداها لسنوات داخل السجون الاسرائيلية.

فداء وامينة على أحر من الجمر بانتظار عيد الأضحى

اما فداء وامينة فكانتا على أحر من الجمر بانتظار ان يحل عيد الاضحى هذا العام ليكون والدهما بين أبرز المهنئين والزائرين في العيد.

الزوجة مفيدة..

من جهتها قالت زوجته السيدة مفيدة محيسن :"هذا العيد غير..واعتبره عيدي السعيد الأول منذ سنوات طويلة، فكنت اقضي أول أيام العيد عند اهلي، وفي اليوم التالي تزوراني "فداء وامينة" وأزواجهن وأبنائهن..لكن هذه السنة زوجي قد تحرر وقمت باعداد الحلويات وطبخت في منزلي المنسف الفلسطيني فرحا لتواجده معي، بعد أن كان العيد لي مأساة"، وتضيف :"لقد اشترى لي سيارة هدية العيد".

شعور الأسير المحرر في العيد..

اما الأسير المحرر محيسن (46 عاما الذي افرج عنه ضمن صفقة "شاليط" بعد قضائه 26 عاما في السجون) فيشعر بأنه ولد من جديد.. فالحياة تغيرت بأكملها ..عاداتها وتقاليدها وها هو يتأقلم تدريجيا معها، وقال والدموع تذرف من عينيه :"نصفي الآخر تركته بالأسر..والفرحة تكاد تكون معدومة لأني تركت العديد من الأسرى الذين عشت معهم أكثر من 20 عاما"، وتساءل الأسير المحرر محيسن :"لماذا لم تشمل الصفقة أسرى أمضوا في السجون 20-29 عاما؟؟ ومتى سيفرج عنهم؟؟ فهذه الصفقة كانت أملهم الوحيد".

وأضاف :"عائلتي التي تركتها قبل 26 عاماً ليست كالتي وجدتها اليوم..فعندما اعتقلت كان عمر ابنتي أمينة عام ونصف فقط، وزوجتي حامل بفداء وكان عمرها 19 عاما، وهذه كانت فترة صعبة عليها لاحقاً، تربية طفلتين والعناية بوالدتي، وقد استطاعت زوجتي تحمل ذلك العبء، ولنا اليوم 8 أحفاد لم أكن أعرفهم الا عن طريق الصور، التي تعلق بجانبي في غرفة الاعتقال وفي قلبي".

سنوات الأسر القاسية..

وأضاف محيسن :"السجن ليس منتجعاً ومكاناً سياحياً، لكنه بإردتنا وايماننا بعدالة القضية جعلناه جامعات ومدارس، فجميع الاسرى تعلموا وفرضوا على السجان العيش حياة كريمة".

وعن المقاومة والنضال قال محيسن :"مجموعتنا كانت تتكون من 12 فرداً ابرزهم علاء البازيان، عصام جندل، علي المسلماني، فواز بختان..اضافة الى أسرى قضوا أحكاماً خفيفة وانهوا محكومياتهم، حيث كانت التهم الموجة لي المشاركة في عمليات عسكرية باغتيال إسرائيلية وبريطاني، واصابة عملاء وأجانب وذلك قبل الانتفاضة الاولى حيث اعتقلت عام 1986 في ظل أوضاع صعبة وصعوبة توفر السلاح".

تفاؤل بالافراج وإخفاقات..

وحول الأجواء الأولى ما بعد اعتقاله قال محيسن :"في بداية أوسلو كنا متفائلين، ومعظم الأسرى كانوا مع اتفاق أوسلو ومع القيادة والثورة، وكان الامل بأن نكون جزءاً من أوسلو، وقد وعدتنا القيادة الفلسطينية والاخ عرفات بذلك، لكن للأسف لم يكن الا كلاماً فارغاً، فلم يكن أي بند بالاتفاقية خاص بالاسرى".

وأضاف :"يعتبر ذلك اخفاقاً كبيراً جداً بحقنا، فترك الاسرى خاصة الذين عملوا عمليات عسكرية، الذين كانوا الحجارة لبناء وانشاء الدولة، فقد قصرت القيادة بشكل كبير عندما تركتنا بالسجون ولم تستطع الافراج عن أسير واحد خلال 18 عاما..".

وقال :"وجهنا عدة رسائل وكانت هناك تحركات ونشاطات لاهالي الاسرى عند القيادة الفلسطينية لاسماع صوتنا لكن للاسف كل افراج كان يتجاوز أسرى، لكن لبّ القضية والأسرى بقوا في السجون، حتى جاءت صفقة التبادل وافرجت عن جزء منهم لكن ما زال هناك آخرون".

الصفقة إنجاز وطني..

ووصف الأسير المحرر محيسن صفقة شاليط بأنها "انجاز وطني" مضيفاً أن السلطة اقتنعت (للأسف) بما يقوله الاسرائيلييون عن أسرى قاموا بعمل عسكري بأن اياديهم (ملطخمة بالدماء)، وان اسرى القدس والـ 48 هم اسرائيلييون، وقد استجابت السلطة للمعايير الإسرائيلية.

وأكد محيسن على الأمل بالمفاوض الفلسطيني والرئيس محمود عباس، وقال :"نتمنى منه أن يعدل أخطاء الماضي ويعمل عن طريق المفاوضات لإطلاق سراح الأسرى القدامى وأقدمهم الأسير كريم يونس"، واستهجن بقاء الأسير نائل البرغوثي منذ 34 عاماً بالأسر".

وأوضح محيسن التخوف الكبير طوال فترة مفاوضات التبادل لأنه لم يتم ابلاغهم بأسماء الاسرى المنوي الافراج عنهم، وقال :"تم عزلنا عن العالم منذ الاعلان الصفقة بشكل كامل ولم نعرف ماذا يدور حولنا..فكان اليوم بسنة".

وحول ابعاد الأسرى الى الخارج قال :"لم يجبر أي أحد على الابعاد".

وقال :"وقعنا على ورقة بحضور السفير المصري قال انها جزء من الاتفاق هي نبذ الارهاب وعدم المشاركة بأي اعمال تنظيمية والحفاظ على أمن اسرائيل، وهناك أسرى رفضوا التوقيع وأفرج عنهم، حيث وعدهم المخابرات الاسرائيلية بالملاحقة".

وختم محيسن حديثه وقال :"اتمنى الحرية لكل سجين وكل أم فلسطينية ان تعيش هذه الفرحة..وان يكون لهم عرس فلسطيني واستقبال جماهيري".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]