تعتبر مدينة أريحا الواقعة على الضفة الغربية لنهر الأردن إلى الشمال من القدس أقدم مدينة في فلسطين وربما في العالم، حيث يرجع تاريخ إنشائها إلى العصر الحجري، وذلك منذ نحو عشرة آلاف عام.

وفي أريحا معالم أثرية هامة مثل تل أريحا أو أريحا القديمة ودير القرنطل وعين السلطان وقصر هشام الذي ما زالت أطلاله وأعمدته ومحراب مسجده ومدخله الرئيسي وحمام الخليفة قائمة حتي اليوم في موقعه على مسافة كيلومترين إلى الشمال من وسط أريحا.

ويقع قصر هشام على الضفة الشمالية لوادي نويعمة في وادي الأردن ويعرف موقعه بأطلال خربة المفجر، ونسب بناء هذا القصر إلى هشام بن عبد الملك، وذلك على ضوء دلائل كتابية اكتشفت في الموقع، ولكن يعتقد أن القصر تم تشييده على مراحل إبان عهد هشام الذي حكم الدولة الأموية عشرين عاما (723 - 743 م) والوليد بن يزيد الذي حكم عاما واحدا (743 - 744م) ولهذا فقد غلبت نسبته إلى هشام.

ولم يكن هذا القصر المقر الرسمي للخليفة هشام الذي يعتبر آخر الخلفاء الأمويين الكبار الذين حكموا دولة كبرى امتدت من حدود الصين شرقا إلى حدود فرنسا غربا، ولكنه كان قصرا شتويا للراحة والاستجمام على أطراف بادية الشام.

ودمر هذا القصر في زلزال عنيف ضرب المنطقة عام 749 للميلاد/131 من الهجرة، أي بعد بنائه ببضع سنين، وأعيد استخدامه بصورة جزئية في العهدين العباسي والأيوبي.

ويتكون قصر هشام من بناء مربع مشيد من طابقين تحيط به أبراج دائرية عند الزوايا، وغرف القصر مرتبة حول ساحة مركزية بها بلاط حجري تحيط بها أربعة أروقة بأعمدة. ويقع المدخل الرئيسي للقصر في الجهة الشرقية، وهو عبارة عن ممر معقود تحيط به مقاعد حجرية للحراس ومزين بزخارف حجرية.

ويضم الطابق الأرضي قاعة لاستقبال الضيوف وأماكن لسكنى الخدم ومصلى صغيرا للخليفة
يتجه محرابه إلى القبلة.

وفي الجزء الغربي من الساحة المركزية درج حجري يفضي إلى السرداب (الحمام البارد) الذي ما زال قائما.

بينما يؤدي درجان في الزاويتين الشمالية الشرقية والجنوبية الغربية للساحة إلى الطابق العلوي الذي تشير كل الدلائل إلى أنه كان الجناح السكني للخليفة. وكانت بعض غرف الطابق العلوي المطلة على الساحة من الشرق مغطاة بالرسوم الجدارية، وهي نماذج نباتية وهندسية.

وقد شيد القصر بالحجارة المشذبة المقطوعة من الحجر الرملي إلى جانب السقوف الخشبية المغطاة بالقرميد. وكانت الأرضيات مرصوفة بحجارة من منطقة النبي موسى إلى جانب الفسيفساء.

وفيما يتعلق باكتشاف هذا القصر فإن دائرة الآثار الفلسطينية قامت بالتنقيب في موقعه في الفترة بين عام 1935 وعام 1946 تحت إشراف ديمتري برامكي وروبرت هاملتون. وتجددت عمليات التنقيب عام 2006 تحت إشراف دكتور حمدان طه في موقع هذا القصر الذي كان يضم مسجدا وحماما كبيرا ونافورة وساحات وحدائق يحيط بها سور خارجي.

وكان قصر هشام يزود بالمياه من نبعي الديوك والنويعمة أسفل جبل قرنطل على مسافة 4 كيلومترات إلى الغرب، وذلك بواسطة قناة مشكوفة.

وقامت دائرة الآثار الفلسطينية بأعمال ترميم وتأهيل واسعة في هذا الموقع منذ عام 1995 شملت الأرضيات والجدران والطريق المؤدية إلى القصر.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]