يثير موقع صبايا حائرات على الفيس بوك الذي افتتح مؤخرا ويضم حاليا قرابة 2000 فتاة وإمرأة من الضفة الغربية وقطاع غزة إضافة إلى العديد من الشباب ورجال الأعمال وشخصيات فلسطينية بارزة، جدلا حادا في الشارع الفلسطيني حول النظرة للمرأة الفلسطينية وما تتعرض له من اضطهاد.
ويعقد الموقع الفيسبوكي نقاشات وحوارات إلكترونية مفتوحة مع صحفيين ورجال دين وسياسيين كبار أيضا إضافة إلى النساء الفلسطينيين للنقاش قضايا تخص المرأة، ويوسع إشراك المختلفة.
وتقول بثينة حمدان مؤسسة المجموعة لــ"بكرا"، الموقع جاء من أجل نقاش قضايا المرأة المختلفة في الضفة الغربية وقطاع غزة وما تتعرض له المرأة الفلسطينية عموما، والنقاش الأخير كان للمرأة هل هي جسد؟".
وتضيف حمدان "نحن مجموعة من الصبايا والشباب الحائرون من هذا المجتمع الذي يطالب بالتحرر من الاحتلال الإسرائيلي بينما تعاني النساء من قسوة المجتمع والقوانين الجائرة فلا يوجد قانون ينصف المرأة سواء الطلاق، النفقة، الحضانة، الوصاية على الابناء حتى عقوبة الاغتصاب والقتل على خلفية الشرف.. هذا عدا عن عدم انصافها في العمل والبيت والشارع فالكل يتجرأ عليه".
وتتابع حديثها "وجدنا أيضا لنسمع صوتنا ونحكي قصصنا وهمومنا ونطالب بالتغيير الذي لم تستطع لا وزارة شؤون المرأة ولا اتحاد المرأة ولا المؤسسات النسوية أن تقر حتى الآن أي قانون ينصف المرأة، بينما تكتفي هذه المؤسسات بعمل ورش عمل ومؤتمرات لم تغير شيء على الصعيد الاجتماعي ولا على صعيد التشريعات وهذا جزء من ظلم المرأة المرأة،فالمرأة تنشئ أجيالاً تمارس التمييز ضدها".

لماذا حائرات؟ وكيف يعملن
وتشير حمدان أن الهدف العام من المجموعة هو إرسال صوت المرأة للمسؤولين والمجتمع بجميع فئاته وبكافة الوسائل المتوفرة، وخلق حوا، وعدم التمييز بين الجنسين، والقيام بنشاطات إنسانية لدعم النساء المظلومات، وعرض قضايا وقصص نسائية تعرضت للظلم
وعن آلية العمل تقول حمدان، يجري تحديد موعد شهري لنقاش قضايا رئيسة تخص النساء وإعداد ورقة تلخص أهم أفكار النقاش وتعميمها على وسائل الإعلام، ويتم إعداد أوراق عمل حول: مطالب المرأة في التغيير سواء على صعيد المجتمع أو التشريعات ودور المؤسسات النسوية والمؤسسات الحكومية في دعم المرأة، كما يتم القيام بنشاطات إنسانية لدعم نساء مقهورات، ويعقد لقاء دوري لفريق إدارة صبايا حائرات والذي يتشكل حالياً، ولقاء دوري عام كل 3 شهور لكل أعضاء المجموعة الموجودين في فلسطين.
وتقول حمدان الموقع نجح في خلق حوار جريء وقوي بين أعضاء المجموعة حول قضايا تهم المرأة تتضمن التوعية والمعلومات والحقائق وقصص حقيقية، وفي تدريب أفراد المجموعة على الالتزام بقوانينها التي صنعوها، سواء فيما يتعلق بالحوار الحضاري والصبر عدم استخدام ألفاظ نابية واي شخص يخل بقوانين المجموعة تحذف مشاركته وقد تلغى عضويته في بعض الحالات.

ضيوف الصبايا
وعن ضيف الموقع تقول حمدان "تستضيف المجموعة شهريا شخصية اعتبارية وتطرح المجموعة عليها عدد من الأسئلة لها علاقة بالمرأة، حيث تعلن المجموعة على صفحتها اسم الشخصية ويتهافت الأعضاء لطرح أسئلتهم، ثم ترسل للضيف للاجابة عليها، أو يقوم الضيف بالدخول على المجموعة والاجابة مباشرة، وتطرح المجموعة شهريا قضية رئيسة للنقاش على الفيسبوك.

الرجل وجسد المرأة
وإحدى المواضيع المطروحة للنقاش حاليا هي جسد المرأة، وهنا تقول "حين ينظر الرجال إلى امرأة تمر بالشارع أو تصعد المصعد، او تركب السيارة.. دائما ينظر الرجل إلى أي امرأة تمر... في العمل وفي كل مكان هي محط نظره، هل هذا يعني أن المرأة مجرد "جسد"، هل تمثل له جسد أنثى، إذا كان الجواب لا لماذا إذن يلاحقها بنظراته وتساؤلاته؟ لماذا لا تستطيع الفتاة السير وسط البلد إلا ناقمة وفي حلقها غصة ومتضايقة من كل ما يجري حولها من كلمات بعضها بذيء وبعضها غزل في غير محله ونظرات نافذة؟ ولا يهم عند الشاب إذا كانت الفتاة ترتدي الخمار والحجاب لأنها تتعرض إلى نفس المعاملة؟ هل المرأة جسد؟".

تشير حمدان إلى أن "البعض رأى أن الشباب فعلا ينظرون إلى المرأة على أنها مجرد جسد ولا يمتلكون أدنى معايير الدماثة ولا يغارون على أخواتهم حين يعتدون على حرية أخريات، في حين رأى آخرون أن المرأة هي التي تدفع بلباسها الشاب على مغازلتها، وأنها تكون سعيدة بهذه المعاكسة".
أسامة علي أحد أعضاء المجموعة كتب على الموقع أن هناك أمور متداخلة في هذه القضية كالعادات والتقاليد ولباس المرأة وثقافة المجتمع وحرمان الشباب، في حين تسائل المدون المعروف محمد أبو علان: "هل القضية ظاهرة تستحق النقاش؟ وهل انتهت قضايا المرأة الأخرى لنناقش هذه القضية؟".
وبقيت هناك آراء تعتقد أن المرأة مخلوق جميل من الطبيعي معاكسته مقابل آراء تؤكد أن المرأة عقل وفكر وأن استباحة النظر إليها ومغازلتها في الشارع وفي كل مكان دون أن يعرفها الرجل ودون أن يتعرف إلى روحها وعقلها شيء مبتذل ويجعل المرأة مبتذلة، لاسيما أن الشباب لا يكتفون بالمغازلة بل ولا يترددون بقول كلمات بذيئة تخدش حياء المرأة، وأن أول ما ينظرون إليه هو جسد المرأة.
بدورها أوضحت بثينة حمدان، أن هذه النظرة التي تتخذ من جسد المرأة محوراً أساسياً نابعة من نمط تفكير سيء تجاه المرأة بحيث تنتهك خصوصية المرأة وتستبيحها، وتجعل العلاقة معها مبنية على شكليات".
وأضافت في الوقت نفسه أن هناك فتيات رضين لأنفسهن ويعدن بالمغازلات التي يسمعنها لكنها أوضحت أن هذا القبول الغير منطقي بالنسبة لها ولكثيرات نابع أيضاً من مجتمع يكبت الحريات فيجعل المرأة تبحث أو تقبل بما يقال لها في الشارع.

الحوار الساخن والموقع
لم يكن حوار جسد المرأة هو الحوار الساخن الوحيد على الفسبوك بل دارت حوارات ساخنة أخرى أبرزها ما نشر على خلفية قضية قتل الشابة أية بردعية على خلفية ما يسمى "شرف العائلة".
إذ تجمّعت شابات الموقع معاً لمناقشة هذه الجريمة البشعة على صفحة الفيسبوك، وارتفع مستوى الصخب نتيجة للتغطية الإعلامية المحلية والعالمية، ما أدى إلى تعديل قانون كان يسمح بعقوبة مخففة للرجال الذين يقتلون قريباتهم حفاظاً على شرف العائلة. ويعتبر تعديل هذا القانون ذا أهمية ملحوظة، بغض النظر عن تجاهله في قطاع غزة الذي تحكمه حركة "حماس" التي تحدّ بشدة من حرّية المرأة وحقوقها هناك.
ورغم الأهمية التي يمثلها تغير التشريعات، فإن التقاليد الاجتماعية داخل المناطق الفلسطينية تقف أحياناً كثيرة كحجر عثرة أمام تحقيق تقدّم في هذا المجال. ومن هنا تأتي أهمية التثقيف والحوار اللذين يساهمان في تحدّي التقاليد والثقافة المحافِظة.
ويتجه مديرو صفحة "صبايا حائرات" أحياناً إلى رجال الدين للحصول على النصح والدعم، لكنهم ليسوا وحدهم الذين يفعلون ذلك، ففي مجتمعٍ مثل المجتمع الفلسطيني، تعتمد الجمعيات النسائية على أئمة للتعامل مع العنف ضد المرأة وقضايا مثل حقوق الميراث من خلال خطبة صلاة الجمعة.

لمشاهدة المجموعة:
http://www.facebook.com/groups/188347841209745/


 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]