مع اقتراب مسيرة العودة الى قرية الكويكات المهجرة ،لا يمكن الحديث عن هذه القرية دون التطرق الى رموز اصبحت بعد ذلك اعلاما في الرواية الفلسطينية ( جفرا وعزيز) .في عام 1987،وفي مخيم الراشدية بلبنان، كان طلبه الاخير وهو يحتضر على فراش الموت ،رؤية حبيبته جفرا قبل رحيله عن الدنيا . فراق دام 47 سنة في الشتات، لم يطفئ نار الشاعر الفلسطيني احمد عبد العزيز الحسن ابن قرية الكويكات المهجرة ، والتي من المتوقع أن تحتضن مسيرة العودة الـ15.

من هو عزيز المتيم

الشاعر الزجال احمد عبد العزيز الحسن من مواليد عام 1915 في قرية الكويكات المهجرة ،عام 1939 تقدم لخطبة ابنة عمه جفرا واسمها الحقيقي رفيقة نايف الحسن ،وكانت وحيدة اهلها ،سمراء ،ناعمة البشرة ورشيقة ،وكانت والدتها شفيقة اسماعيل تحرص عليها شديد الحرص ،وبما ان ابن العم كان الاولى بابنة عمه فقد تقدم لخطبتها وتمت الموافقة ،في "ليلة الدخلة"،جرت العادة قديما ان يقوم العريس بترهيب عروسه وذلك من خلال حركة عنيفة لفرض هيمنته عليها وإطاعته طاعة عمياء ،وبالفعل فقد اوسعها ضربا ما جعلها تهرب من بيته الى منزل عائلتها ،لم يرق هذا الحال لوالدتها التي اصرت على طلاق ابنتها وتم ذلك في الحال ،لكن عزيز كان مولعا بها الى حد كبير وحاول اعادتها لكنها رفضت وتزوجت من ابن خالتها محمد ابراهيم ،كان عزيز يراقب جفرا وهي في طريقها الى عين الماء ،وكان يقول فيها شعرا كلما راها ...

جفرا ويا هالربع نزلت على العين جرتها فضة وذهب وحملتها للزين
جفرا ويا هالربع ريتك تقبريني وتدعسي على قبري يطلع ميرامية
وقد عرف الشاعر الشعبي بصوته الشجي الحنون ومن اشعاره ايضا لجفرا..
جفرا ويا هالربع بتصيح يا اعمامي
ما باخذ بنيكم لو تطحنوا عظامي
وان كان الجيزة غصب بالشرع الاسلامي
لرمي حالي في البحر للسمك في المية

مراسل بكرا التقى بأزهار ابنة جفرا ،وهي متزوجة في قرية ابو سنان ،أزهار قدمت من مخيم الراشدية في لبنان قبل ثلاثين عاما وتزوجت في ابو سنان ...

جفرا مندوبة التراث الفلسطيني بلبنان

تقول ازهار:" حين تم تهجير اهالي قرية الكويكات في عام النكبة ، فقد غادرت عائلتي الى لبنان وسكنوا في مخيم برج البراجنة ،كانت ايام "ذل ومعاناة لا توصف" ،لكن قدرنا الطيب ان والدتي جفرا كانت خياطة ماهرة وقد اكتسبت مهارتها في التطريز وتعلمت هذه المهنة في صغرها من والدتها ،فأنشأت مشغلا صغيرا وزاولت عملها فيه ،ومن ثم كبر المشغل والتحقت به أكثر من 15 فتاة للعمل ،كان المشغل مزارا للسياح ،حيث انبهروا بفن جفرا بالتطريز وصناعة الملابس التراثية الفلسطينية .الجالية الفلسطينية في بيروت كانت تكرم والدتي في كل عام وكانت بمثابة مندوبة فلسطين في الشتات للتراث الفلسطيني" .

حبات زيتون ،وحفنة تراب من الكويكات

وتضيف أزهار:" لقد سمحت الحكومة الاسرائيلية في عام 1973 لوالدتي بزيارة قرية الكويكات المهجرة ،وبالفعل فقد وصلت والدتي القرية عن طريق معبر الناقورة ،اقاربها سكنوا في قرية ابو سنان منذ الترحيل ،لكنها اصرت دخول الكويكات قبل لقائها مع اقاربها ،وما ان وطأت قدميها تراب الكويكات حتى ابتلت وجنتيها بالبكاء ،ووصلت الى حيث كان منزل عائلتها ،وما تبقى من اثاره تلك الزيتونة الرومية الشامخة التي دلت على "عروبة المكان" ،فقامت جفرا بقطف دلو من الزيتون ولم تخرج من هناك الا ومعها ايضا حفنة كبيرة من تراب "الوطن" الذي اخذته معها الى لبنان".

بقي مولعا بجفرا وهو على فراش الموت

وأنهت أزهار:"بعد ثلاث سنوات من السكن في مخيم برج البراجنة ،تحسن وضعنا الاقتصادي وابتعنا منزلا فسيحا في حارة "حريك " ببيروت ،وخلال كل هذه الفترة بلبنان لم يشاهد احمد عبد العزيز والدتي بتاتا ،لكن في عام 1987 وحين كان عزيز يحتضر على فراش الموت في منزله بمخيم الراشدية ،فقد طلب من ابناءه رؤية جفرا قبل رحيله عن الدنيا ،تقول ازهار : بالفعل فقد حضر احد ابناءه الينا مناشدا ومتوسلا تنفيذ طلب الوالد ،لم تكن والدتي قاسية وكانت طيبة ،ولا ننسى ان عزيز ابن عمها ،وبالفعل فقد لبت طلبه وذهبت اليه لتراه عن قرب بعد انقطاع دام لأكثر من اربعة عقود ... بقي ان نذكر ان جفرا رحلت عن الدنيا في عام 2007 ".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]