بسمِ اللهِ، الحمدُ للهِ، وَالصّلاةُ وَالسّلامُ على رسولِ اللهِ، وَآلهِ وَصحبِه وَمنْ والاهُ..

وَبعدُ ..

إِنَّ الناظرَ في شعائرِ الحجِّ يجدُ لها ارتباطاً وثيقاً بنبيِّ اللهِ إبراهيمَ -عليهِ السّلامُ-، وَفي القرآنِ الكريمِ حثٌّ متكررٌ بِاتباعِ ملّةِ إبراهيمَ -عليهِ السلامُ-، إذ قالَ اللهُ سبحانَه (قُلْ صَدَقَ اللهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)، وَهذا التلازمُ يشعرُ بِمدى أهميتِها وَضرورةِ الوقوفِ على معانيها، وَعندَما تمعنُ النّظرَ في هذهِ الشّعائرِ تجدُ هذه الصلةَ وثيقةً فمثلا:

- إذا بدأتَ بِالكعبةِ المشرفةِ، وجدْتَ أنَّ نبيَّ اللهِ إبراهيمَ وَابنَهُ إسماعيلَ -عليهما السلامُ-، هما منْ قاما بِرفعِ قواعدِهِا (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ (.

- وَمقامُ إبراهيمَ عندَ الكعبةِ (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ . فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا)

- وَالسّعيُ بين الصفا والمروة يذكرُنا بِاستجابةِ هذا النبيِّ لِربِّهِ، إِذ أمرَهُ بِوضعِ زوجِهِ وابنِهِ في صحراءَ قاحلةٍ، وَلذلكَ أصبحَ السعيُ بينهما منْ شعائرِ الإسلامِ، قالَ تعالى (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ).

- وَماءُ زمزمَ يذكرُنا بِنتيجةِ الاستجابةِ لِأمرِ اللهِ، إذْ فاضَتْ رحمْتُ اللهِ عليْهم منْ تحتِ أقدامِ ابنِه إسماعيلَ عليهِ السّلامُ .

- وَالأُضحيةُ تذكرُّنا بِأمرِ اللهِ الموجهِ لهذا النبيِّ أنْ يذبحَ ابنَهُ إسماعيلَ -عليهِ السّلامُ- قالَ تعالى (وَفديناه بِذبحٍ عظيمٍ).

- وَرميُ الجمراتِ تذكرُنا بهِ إذْ رجمَ إبليسَ في ذاتِ الموضعِ.

- وَالحجُّ كلُّه بِالجملةِ هوَ استجابةٌ لِنداءِ إبراهيمَ -عليهِ السّلامُ-، إذْ أمرَه اللهُ تعالى فقالَ (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ(

إذاً فَأيامُ الحجِّ هيَ استحضارٌ لِأيامِ أبي الأنبياءِ، خليلِ الرّحمنِ، إبراهيمَ -عليهِ السّلامُ-.

وَإذا رُحْتَ تبحثُ عنْ سرِّ ذلكَ، علمتَ أنَّ سببَ ذلكَ هوَ أنَّ أيامَه –عليهِ السّلامُ- وَدعوتُهُ هيَ التطبيقُ العمليُّ لِكلمةِ التّوحيدِ (لا إله إلا الله)، فَهوَ إمامُ الموحدينَ، صحيحٌ أنَّه قدِ اجْتمعَ الأنبياءُ كلُّهم على هذِه الكلمةِ، إِلّا أنَّ دعوتَهم كانَ فيها جوانبُ أخرى معَ التّوحيدِ، كَمكافحةِ ظلمِ الفراعنةِ وَإبطالِ السحرِ وَفسادِ بني إسرائيلَ في قصةِ موسى -عليهِ السّلامُ-، وَمكافحةِ فسادِ الشّذوذِ في قصةِ لوطٍ -عليهِ السَلامُ-، وَمكافحةِ الفسادِ بِكلِّ أنواعِهِ في دعوةِ نبيِّنا محمدٍ صلى اللهُ عليْه وسلّمَ، وَهكذا ..

أمّا إبراهيمُ -عليهِ السّلامُ- فَامتازَتْ دعوتُهُ بِإظهارِ معاني التوحيدِ خالصةً بِشكلٍ عمليٍّ، وَإبرازِ معاني (لا إله إلا الله) وَمقاصدِها بِشكلِها الصحيحِ.

فَهذِهِ الكلمةُ العظيمةُ ليسَتْ مجرّدَ كلمةٍ خاليةٍ منَ المضامينِ، تُرَدَّدُ بِالألسنِ كَما يُظَنُّ..

فَهي مكونةٌ منْ شطرينِ: (لا إلهَ) وَ (إلّا اللهُ).

الأولى بِاصطلاحِ القرآنِ هيَ الكفرُ بِالطّاغوتِ، وَالثانيةُ بِاصطلاحِهِ هيَ الإيمانُ بِاللهِ وحدَهُ، وَدليلُها في كتابِ اللهِ قولُه تعالى (قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انفِصَامَ لَهَا)، قالَ ابنُ عباس وَسعيدُ بنُ جبيرٍ وَالضّحاكُ في المقصودِ بِالعروةِ الوثقى: يعني (لا إله إلا الله).

وهاكَ بيانَها وصلتَها بِشعائرِ الحجِّ وملةِ إبراهيمَ –عليه السلامُ-:

1- الكفرُ بِالطاغوتِ، وَهوَ شطرُ "لا إلهَ".

يَظهرُ هذا الجانبُ منْ حياةِ الخليلِ إبراهيمَ -عليهِ السّلامُ- وَمنْ أعمالِ الحجِّ، في هدمِهِ الأصنامَ، وَرميِ الْجمراتِ، وَرفضِهِ الحلولَ التي تقفُ بينَ الإسلامِ وَالكفرِ لِإرضاءِ الطرفينِ، بلْ كانَتْ دعوتُهُ البراءةَ التّامّةَ منْ مناهجِهم، بلْ وَالبراءةَ منْهم ومنْ والدِهُ الّذي رضيَ لِنفسِهِ الكفرَ، بلْ وَأظهرَ العداوةَ وَالبغضاءَ لهمْ وَأعلنَها صريحةً مدوّيَةً ولم يخفِها، قالَ تعالى (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ)، فانظرْ كيفَ جعلَ اللهُ فيه الأسوةَ الحسنةَ، لأنّه أظهرَ المفاصلةَ التّامّةَ بينَ منهاجِ الرّحمنِ وَمنهاجِ الشّيطانِ، ثمَّ أتبعَ اللهُ سبحانَهُ بِقولِهِ (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)، فَمنْ يتولّى عنْ شرعِ اللهِ الّذي ارتضاهُ، وَعنْ هذا المنهجِ فَإنَّ اللهَ غنيٌّ عنْهِ وعنْ العالمينَ.

وَلاحظْ –حفظَكَ اللهُ- أنَّ الطاغوتُ كما في القرآنِ يَدخلُ بهِ كلُّ حكمٍ غيرِ شرعِ اللهِ، إذْ قالَ الحقُّ سبحانَه ( يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً) فَليسَ الطّاغوتُ هوَ الأصنامُ الّتي كانَت تعبدُ مِنْ دونِ اللهِ فقطْ، بلْ يدخلُ بِها كلُّ قانونٍ مخالفٍ لِقانونِ السّماءِ، وَكلُّ مصلحةٍ أوْ هوًى أوْ وليٍّ منْ دونِ اللهِ، كلُّ ذلكَ يُعَرِّفُهُ القرآنُ بِاسمِ الطاغوتِ، قالَ تعالى (وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ)، والأهواءُ آلهةٌ طواغيتُ إنْ خالفَت شرعَ اللهِ (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ) وَقِسْ على ذلكَ طواغيتَ الأرضِ الّتي يجبُ أنْ نكفرَ بِها، وَنعلنَ معاداتِنا لَها، وَكلمةُ الطاغوتِ منَ الطغيانِ أيْ محاوزةِ الحدّ، قالَ ابنُ القيّم -رحمَه اللهُ- في تعريفِها: " الطاغوتُ: كلُّ ما تجاوزَ به العبدُ حدَّه من معبودٍ أوْ متبوعٍ أو مطاعٍ، فَطاغوتُ كلِّ قومٍ منْ يتحاكمونَ إليهِ غير اللهِ وَرسولِه، أو يعبدونَه من دونِ اللهِ، أو يتبعونَه على غيرِ بصيرةٍ منَ اللهِ، أو يطيعونَه فيما لا يعلمونَ أنّه طاعةٌ للهِ"

فَهذِه المعاني لا بدَّ أنْ تكونَ مِنْ أهمِّ مَا يَرجعُ بهِ الحاجُّ منْ بلادِ اللهِ الحرامِ.

2- الإيمانُ بِاللهِ وَهوَ شطرُ (إِلّا اللهُ)

فَتظهرُ هنا أيضاً معانٍ جليلةٌ مهمةٌ، يجبُ عليْنا الوقوفُ عندَها، وَالإمعانُ بِها طويلاً، لِنعودَ منْ الحجِّ كَيومِ وَلدتْنا أمهاتُنا:

- ففي ملابسِ الإحرامِ خلعٌ لكلِّ الدنيا وَمتعلقاتِها الدّنِيَّةِ.

- وَالطّوافُ حولَ بيتٍ منْ الحجارةِ لا ينفعُ وَلا يضرُّ، وَلا عظمةَ لَهُ وَلا قُدسيّةَ إلّا بِكلمةٍ مِنَ اللهِ سبحانَهُ، لا بِحجمِهِ وَلا زينتِهِ وَلا ستارِهِ، بَلْ ارتضيناهُ وَعظّمناهُ وَقدّسناهُ لِأنَّ اللهَ ارتضاهُ وَعظّمَهُ فقطْ.

- ثمَّ السعيُ بينَ الصّفا وَالمروةَ يجعلُنا نستعيدُ مشهداً عظيماً منَ العبوديةِ، وَثقةِ الإيمانِ، وَحسنِ الظنِّ بِاللهِ، إذْ يعيدُنا السّعيُ بينَ الصفا وَالمروةِ إلى مشهدِ ذاكَ النبيُّ الّذي يرزقُ طفلاً بعدَ أنْ بلغَ منَ العمرُ عتيّا، وَبعدَ أنْ قطعَ سِنَّ اليأسِ من الانجابِ، فَإذا بِاللهِ سبحانَهُ يأمرُهُ -وَهو في لهفتِه وَفرحتِه بِابنِهِ-، أنْ يلقيَ ولدَه وَزوجَهُ في وادٍ غيرِ ذي زرعٍ، في صحراءَ قاحلةٍ، لا ماءَ فيها ولا بشرَ، فَإذا بِخليلِ الرحمانِ يَنزعُ عواطفَهُ جانباً، وَيطيرُ مستجيباً لِربِّهِ، منْ غيرِ إعمالٍ لِفلسفةٍ باردةٍ لِلتحايلِ على أمرِ اللهِ، أوْ بحثٍ عنْ مصلحةٍ معتبرةٍ، أو منفذٍ يفرُّ بهِ منْ هذا التكليفِ، بلْ يرسلُها إلى حيثُ الموتُ المؤكدُ بِحساباتِ النّاسِ، لكنَّ لسانَ حالِهِ يقولُ أينَما يكونُ أمرُ اللهِ فَثَمَّ المصلحةُ وَالخيرُ وَلا بدَّ، فَهوَ تجردٌ صادقٌ عجيبٌ للهِ .. وَلكَ تخيّلُ المشهدِ حينَها، أيُّ إيمانٍ وَثقةٍ بِربِّهِ تلكَ التي أمكنتهُ فعلَ ذلكَ ؟

فَيُنبعُ اللهُ الماءَ مِنْ تحتِ أقدامِ ولدِهِ لِيومِنا هذا، وَيجعلُ تلكَ البقعةَ القاحلةَ منَ الأرضِ قِبلةً للعالمينَ، فَسبحانَ اللهِ الذي يَصدقُ عبدَهُ إِنْ صدقَهُ ..

- ثمّ يأتي امتحانٌ آخرَ لِإيمانِهِ، إِذْ يأمرُه ربُّه هذِه المرةَ، بِأمرٍ أعظمَ وَأشدَّ، لا تطيقُ استيعابَهُ نفسٌ لمْ تذقْ معنى الإيمانِ، فَيأمرُهُ بِأنْ يذبحَ إِنساناً !! وَأيُّ إنسانٍ ؟ ليسَ بِغريبٍ بلْ قريبٍ، بلْ هوَ ابنُه، وَابنُه الّذي جاءَ بعدَ طولِ مدّةٍ، وَابنُهُ هذا مَا كانَ جباراً عصيّاً، بلْ خيرُ ابنٍ وَخيرُ فتىً صالحٍ وَنبيٌّ، وَابنُهُ الذي بلغَ الأشدَّ وَإذ كان هوَ عجوزٌ بِحاجتِهِ ..

- ويوجّهُ اللهُ أمرَه إلى نبيِّهِ بِأضعفِ أساليبِ الخطابِ، وَهوَ المنامُ (قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ)، رغمَ ذلكَ لم يردّهُ هاجسٌ لِيقولَ: "هذا حلمٌ منَ الشّيطانِ"، وَلمْ يتّهمِ النّفسَ ليقولَ: "لَعلّي توهّمت ذلك"، بلْ لمْ يترددْ، وخلعَ مرةً أخرى كلَّ أصنامِ "المصلحةِ" المتوهمةِ، وَأبعدَ كلَّ مناقشةٍ وَجدلٍ، وَانطلقَ إلى أمرِ ربّهِ مذعناً مشفقاً منْ معصيتِه، (فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ . وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ . قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ . إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاء الْمُبِينُ . وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ(.

هذِه المعاني العظيمةِ التي لا بدَّ أنْ نستجلبَها عندَ ذبحِ الأضحيةِ، وَعندَ أداءَ شعائرِ الحجِّ، وَلا تغفلْها يا منْ تظن أنّك وصلْتَ الغايةَ في الإيمانِ ببضعِ ركعاتٍ وَطقطقاتٍ !

وَلذلكَ كانَ لِملةِ إبراهيمَ في كتابِ اللهِ اهتمامٌ خاصٌّ..

- فَأوجبَ اللهُ عليْنا اتّباعَها، فقالَ (اتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)..

- وَهيَ الأسوةُ الحسنةُ وَالقدوةُ العليا، قال تعالى (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَة حَسَنَة فِي إِبْرَاهِيم وَاَلَّذِينَ مَعَهُ) ..

- وَالمعرضُ عنْ هذهِ الملةِ، الباحثُ عن حلولِ الوسطِ بينَ الإسلامِ وَالكفرِ سفيهٌ، قال تعالى (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ)..

- وَهيَ التي بعثَ الله ُبها كلَّ الأنبياءِ منْ قبلُ (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ)..

- وَهيَ التي جاءَ بها دينُنا الإسلامُ (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)، وَقالَ سبحانَهُ (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)..

- وَهيَ وصيّةُ الأنبياءِ لِبنيهم (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)..

- وَهوَ أحسنُ دينٍ (وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا )..

- وَهيَ الصّراطُ المستقيمُ ( قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم دِينًا قِيَمًا مِلَّة إِبْرَاهِيم حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ)..

- وَهيَ إيحاءُ اللهِ إلى نبيِّنا صلى اللهُ عليهِ وَسلّمَ (ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ) .. والآياتُ في هذا البابِ كثيرةٌ ..

فَلا بُدَّ أنْ نتذكرَ معاني التجردِ للهِ وَالكفرِ بِالطّاغوتِ، وَأنْ نعلمَ أنَّها هيَ لبُّ الدّينِ، وَهيَ (لا إلهَ إلّا اللهُ)، فَينبغي أنْ نفهمَها وَنعيشَها بِحقٍّ، خاصةً في هذهِ الأيامِ، وَلنتذكرْ وجوبَ براءَتِنا مِنْ مناهجِ الانحرافِ، المعاصرةِ منْها وَالقديمةِ، وَإنْ كانَت بِأسماءٍ حديثةٍ مبتدعةٍ، فَتعددَتِ الأسماءُ وَالانحرافُ واحدٌ، وَلا بُدَّ أنْ نتبرّأَ منَ الكفّارِ، إلّا فيما أذن به الله، وَإنْ كانوا مِنْ جلدتِنا أو أقربائنا كما تبرأ الخليلُ –عليه السلامُ- منْ والدِه لمّا تبيّنَ لَهُ حالُه، وَنظهرَ لهم بغضَنا وعداوتَنا لكلِّ ما خالفَ دينَه، سواءً سمّوهُ ديمقراطيةً أوْ شيوعيةً أوْ علمانيّة، أوْ حريّةً أوَتنوراً.

فَلنْ نرضى –وَاللهِ- إلّا أنْ يكونَ الدّينُ كلّه للهِ، مِلّةَ أبينا إبراهيمَ حنيفاً مسلماً وَما كانَ منَ المشركينَ.

وَالحمدُ للهِ رَبِّ العالمينَ

العاشرُ منْ ذي الحجةِ لِعامِ 1434

الموافق ل 15/10/2013

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]