أصدر مركز مساعدة ضحايا الاعتداءات الجنسيّة والجسديّة في جمعية نساء ضد العنف التقرير السنوي لعام 2016، حيث جُمِع وأعدّ اعتمادًا على توجهات لنساء وفتيات قررن الحَد من العنف الموجه ضدّهن، وأوضح التقرير ان وصل إلى مركز المساعدة في العام المنصرم 746 توجّه، بينها 353 متعلقة بالاعتداءات والتحرشات الجنسية و393 توجه لقضايا عنف جسدي ونفسي.

ويظهر من هذه المعطيات ارتفاع خطير في عدد توجهات الاعتداءات الجنسية والتحرشات بنسبة 16% عن عام 2015، حيث سجّل المركز العام الماضي 304 توجّه، ما يعكس وعيًا للخدمات التي يقدمها المركز من جهة، ومن جهة أخرى ارتفاعًا في الكشف عن قضايا التحرشات الجنسية في مجتمعنا والمحاولات الحثيثة لتغيير هذا الواقع العنيف.

كما كشف التقرير عن الاحصائيات التالية: 56% من توجهات العنف الجنسي كانت اغتصابًا او محاولة اغتصاب داخل العائلة، 44% من توجهات العنف الجنسي كانت تحرشات، أعمال مشينة، ونشر صور25% من بين توجهات التحرشات والأعمال المشينة كانت في مكان العمل أو التعليم 50% من مجمل التحرشات والاعتداءات الجنسيّة كانت في بيت المعتدى عليها أو سكن مشترك و90% من المعتدين هم اشخاص معروفين للضحية وقريبين منها اما نسبة 82% فهي من المتوجهات التي وصلت الى المركز لم تتوجه الى الشرطة.

سمر سمارة: للجميع دور هام بخلق جو يحد من ظاهرة العنف بشكل عام ومن العنف ضد النساء خاص

الناشطة النسائية والاجتماعية سمر سمارة قالت معقبة على هذه المعطيات: انا لست متفاجئة من هذه المعطيات ، حيث ان هذه الظاهرة بتزايد وارتفاع بنسبه عالية في مجتمعنا خاصة في السنوات الأخيرة، الاعتداءات الجنسية والاغتصابات تعتبر ظاهرة من ظواهر العنف المستشري في مجتمعنا فهو عنف يحوي العنف الكلامي والجنسي والاذلال والتحقير واجتياز الحدود للجسد وحرمته.

وتابعت: معظم ضحايا الاعتداءات الجنسية هم من النساء والاطفال كونهم الشريحة المستضعفة في المجتمع . هذه المعطيات والارقام تعتبر صرخة بحد ذاتها في اذن ووجه المجتمع ، وعلينا جميعاً التصدي ومناهضة هذه الظاهرة من قبل النساء والرجال والأحزاب والحركات السياسية، الثقافية والاجتماعية من قيادات دينية ،ومؤسسات إعلامية ورسمية، والعمل معاً من اجل الحد من هذه الظاهرة ومناهضة العنف الجنسي وكذلك تسليط الضوء على مدى انتشار هذه الظاهرة وخطورتها على المجتمع وامن نسائه واطفاله، وكذلك الضغط عليهم جميعاً وحثهم على القيام بواجبهم بمناهضة هذه الظاهرة وان تكون في سلم اولوياتهم واهتماماتهم .

وأضافت قائلة: ارى ان مجتمعنا مسؤول عن الدفاع عن حق المرأة والطفل العيش بكرامة اجتماعية وجسدية ونفسية لان الصمت هو جريمة بحقهم وبحق القيم والأخلاق، لا يمكن ان يكون هناك أسباب لأنه بهذه الحالة اعطي شرعيه لهذا العمل المشين والمجرم من قبل المعتدي ويجب التنويه هنا بان المعتدي ليس بالضرورة ان يكون مريض نفسي او مختل عقلي فممكن ان يكون رجل عادي جداً. والصمت وعدم مواجهة هذه الظاهرة تعني عدم معاقبة المعتدي وتفاقم الازمة النفسية لدى المعتدى عليهم من النساء والاطفال. وعلينا ايضاً تذويت بعض المصطلحات في المجتمع للتصدي لهذه الظاهرة بأنه - هو اللي لازم يخاف مش انت، العنف ضد المرأة بكل اشكاله هو وصمة عار في سجل الانسانية. للجميع دور هام بخلق جو يحد من ظاهرة العنف بشكل عام ومن العنف ضد النساء بشكل خاص وبتوفير جو آمن للأطفال والنساء.

منال شلبي: انصح كل امرأة تتعرض لممارسات غير مقبولة بأن تخرج من دائرة الصمت وأن تتوجه لجهات ممكن ان تساعدها


الباحثة الاكاديمية والنسوية منال شلبي قالت لـ"بـُكرا": بعيدا عن الارقام التي لا تنقص كثيرا من عام لعام، ظاهرة العنف والاعتداءات الجنسية والمضايقات والاعتداءات في اماكن العمل هي ظاهرة خطيرة ومتفشية بشكل كبير، يكفي ان يكون لدينا 1% من النساء تتعرض للاعتداءات الجنسية سواء في البيت او العمل لتقلقنا وتخيفنا، فكم بالحري عندما يدور الحديث عن نسب عالية كـ 56% في البيت و25% في اماكن العمل!

وتابعت: ما يجب التشديد عليه دائما وابدا ان الاعتداءات الجنسية والاغتصاب هي جرائم، كل من يرتكبها هو مجرم وكل من يعرف عنها ولا يحاول مساعدة الضحية او توجيهها للجهات المختصة هو مشارك او مشاركة بالجريمة بشكل غير مباشر.

ونوهت: ان معطى نسبة 90% من المعتدين هم معروفون للضحية و56% من الاعتداءات تحدث داخل العائلة تنفي الأفكار المسبقة التي تقول بأن الاغتصاب يحدث في الشارع ومن قبل شخص غريب او في مكان مظلم وان الفتاة والمرأة هي السبب والمسبب للاعتداء. الاغتصاب وخاصة التي تحدث في العائلة هي جريمة مخطط لها تبدأ بممارسات مشينة دون علاقة لما تفعله او لما تلبسه او ما تقوله الفتاة. هذه اعتداءات وجرائم قامعة تقع مسؤوليتها على المعتدي وحده.

اود ان اقول لكل فتاة أو امرأة تتعرض لممارسات غير مقبولة عليها سواء في البيت او العمل او المدرسة ان تستشير، تشارك وتحاول ان تستعين بأشخاص لمساعدتها لأنها حتما ستجد من يصغي لها ويحاول توجيهها ومساعدتها. إذا لم تتكلم الضحية لن تخرج من هذه الدائرة.

عربية منصور: هناك حلقة استغلال للنساء العربيات اللواتي يصلن لمراكز الشرطة

بدورها عربية منصور مستشارة اسرية قالت ل"بكرا": قراءة المعطيات من البحث الذي اجرته جمعية نساء ضد العنف الملفت بها ان النساء بدأت تكسر حاجز الصمت. والتحية كل التحية للنساء في المؤسسات النسوية العاملة على خلق مكان ومناخ آمن للضحايا لتحكي وتتطلب المساعدة، من المتداول في الاطر الأكاديمية والأطر التطبيقية العاملة في داخل المجتمع، ان العنف بأشكاله المتعددة ضد النساء ليس ظاهرة جديدة وهي موجودة بكل زمان ومكان. الجديد في العقدين الاخيرين ان النساء وبتشجيع الاطر النسوية تحديدا ومع زيادة وعي النساء من خلال برامج التمكين بدأت تحكي تجارب قهرها والعنف الجسدي والجنسي الممارس ضدها. 

وأضافت قائلة: ما اود إضافته هنا بان المعطى حول نسبة الظاهرة في أماكن العمل وتحديدا في مجال التعليم هو معطى من الضروري بحثه اولا لأن اسوار المدرسة بدأت تتكسر ولكن ليس بالشكل المطلوب وهناك الكثير من العمل الذي يجب ان نقوم به كأطر نسوية حتى تشعر العاملات في هذا القطاع بالأمان الواقع ان هناك سلطات ومتمكنة، تحسب المرأة العاملة لها ألف حساب قبل ان تفكر بالشكوى فتحاول بطرق هادئة حماية نفسها ولن اطيل بهذا المجال.

وتابعت: اما بالنسبة للمعطى حول قلة الشكاوى الموجهة للشرطة فلا استغرب ذلك لان جهاز الشرطة ليس معد بالشكل الصحيح او الكافي لمعالجة قضايا العنف بشكل عام فما بالك بالعنف الجنسي. الشرطة كما هي ليست العنوان المباشر. بتقديري المتواضع الطريقة الأكثر أمنًا هي التوجه للمؤسسات النسوية مثل جمعية نساء ضد العنف وبالتالي المرافقة المهنية من قبل الجمعية في وصول القضايا للشرطة. وانا اعلم ان هناك حلقة استغلال للنساء العربيات اللواتي يصلن لمراكز الشرطة. أقول ذلك بحذر شديد لأنها أمور تسمع وتتداول ولم تعلن او تصاغ رسميا.

ونوهت: من اجل كسر ثقافة الإسكات اقترح على الجمعيات وعلى الزميلة عايدة توما كرئيسة لجنه مكانة المرأة في الكنيست، ان تسعى لبناء دائرة خاصة في مكاتب الرفاه الاجتماعي تعنى فقط بهذه القضية، تشكل مع المؤسسات النسوية دائرة مجتمعية ليس فقط للعلاج وإنما لرسم خطة عمل للتوعية في المدارس وأماكن العمل الاخرى وفِي كل مجال يسمح بذلك، من المعروف ان هناك من يعمل على الموضوع في مكاتب الرفاه، ولكن ذلك ضمن أعمالهن ومهامهن الاخرى كعاملات اجتماعيات. وليكن عنوان الثامن من اذار هذا العام هو "تسكتيش" كتصعيد لحملة تشجع النساء على كسر ثقافة المثل "غلب بستيره ولا غلب بفضيحة" ويجب محاسبة المعتدي وردع امثاله، وليس على الضحية ان تخجل.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]