أبدت السعودية معارضتها على توصيات البيان الختامي الذي صدر عن مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي الـ29، المنعقد، اليوم الإثنين، في العاصمة الأردنية عمان، والمتعلقة بالتطبيع مع إسرائيل، واعتبرت مسألة التطبيع مسألة سياسية يتداولها السياسيون وليست من اختصاص البرلمانيين.

وطالب الاتحاد البرلماني العربي، في بيانه الختامي، بوقف التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، مشددا على أن “واحدة من أهم خطوات دعم الفلسطينيين، تتطلب وقف كافة أشكال التقارب والتطبيع مع المحتل الإسرائيلي، وبناء عليه ندعو إلى موقف الحزم والثبات بصد كل أبواب التطبيع”.

وأكد المشاركون، على مركزية القضية الفلسطينية، بصفتها أولوية تتقدم القضايا العربية، وأن أي حل يتجاوز الحقوق الفلسطينية المنصوص عليها في قرارات الشرعية الدولية، والمتوافق عليها في المبادرة العربية للسلام، هو حل غير قابل للحياة.

السعودية تعترض: التطبيع مسألة سياسية

وأثار هذا البند حفيظة مندوب الرياض، رئيس مجلس الشورى السعودي، عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ، الذي اعترض خلال تلاوة البيان، ودعا إلى إزالة هذه التوصية باعتبارها صيغت بشكل دبلوماسي، وقال إن هذا الموضوع من مسؤولية السياسيين وليس البرلمانيين.

وشهد المؤتمر، يوما ساخنا، سيطر عليه الجدل بشأن قضية التطبيع مع إسرائيل. حيث أكدت المصادر أن النقاش حول التطبيع العربي مع إسرائيل سيطر على الجلسة الصباحية المفتوحة للمؤتمر خلال يومه الثاني.

وركزت الجلسة على مناقشة بنود مسودة البيان الختامي، قبل اعتماد صيغته النهائية، وفي مقدمتها البند الـ13 المتعلق بوقف التطبيع مع إسرائيل، والذي ينص على أن “واحدة من أهم خطوات دعم الأشقاء الفلسطينيين، تتطلب وقف كافة أشكال التقارب والتطبيع مع المحتل الإسرائيلي، وعليه ندعو إلى موقف الحزم والثبات بصد كل أبواب التطبيع مع إسرائيل”.

ودفع تصريح آل الشيخ حول التطبيع مع إسرائيل، رئيس مجلس النواب الأردني، الذي انتخب رئيسًا للاتحاد البرلماني العربي، عاطف الطراونة، ورؤساء برلمانات آخرين إلى الرد عليه، والتأكيد على ضرورة رفض جميع أشكال التطبيع مع إسرائيل.

وتمسك الطراونة، بنص بند وقف التطبيع الوارد في مسودة البيان الختامي، بعد أن طالب رئيس مجلس الشورى السعودي، ورئيس مجلس النواب المصري، علي عبد العال، بمراجعة صياغة هذا البند.

ولم يتضح على الفور شكل الصيغة التي يقترحها رئيسا البرلمانين المصري والسعودي لهذا البند، لكن الإمارات قدمت ورقة تلاها عبد العال دعت إلى صياغة بند وقف التطبيع وفق قرارات الجامعة العربية.

“دعم صمود الفلسطينيين هو ثابت عربي”

ورأى البيان الختامي للمؤتمر أن “إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، وإعادة الأمن والاستقرار إلى المنطقة، لن يتأتى إلا عبر إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، والمضي قدمًا في عملية سياسية أساسها التسوية العادلة لقضايا الوضع النهائي، وتوصلنا في نهاية المطاف لإعلان قيام دولة فلسطين العربية وعاصمتها القدس الشريف، على حدود الرابع من حزيران من العام 1967، وضمان حق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين”.

وأضاف البيان أن “دعم صمود الفلسطينيين في نضالهم التاريخي، والدفاع عن حقوقهم، هو ثابت عربي، وعلى البرلمانات العربية مواصلة العمل في تقديم الدعم السياسي المطلوب لحشد التأييد الدولي لمناصرة الأشقاء الفلسطينيين، وعدالة قضيتهم وصون مستقبل الأجيال”.

ووصف البيان “استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، ومحاولات الاحتلال المستمرة لطمس معالم المدينة المقدسة، من خلال المساس بالوضع التاريخي القائم”، بـ”الاستفزاز لمشاعر العرب والمسلمين، وينذر بمرحلة أكثر تعقيدا”ً، مشيراً إلى أن المطلوب “العمل قدماً لحماية القدس المحتلة من أي محاولات تستهدف العبث بهويتها التاريخية بصفتها مهبط الرسالات السماوية، ولحملها هوية إسلامية تمثل أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين”.

وأكد الاتحاد البرلماني العربي دعمه لـ”جهود الأردن في الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية، والجهود التي يبذلها العاهل الأردني عبد الله الثاني في دعم صمود المقدسيين في وجه غطرسة الاحتلال الإسرائيلي، بما يخدم فرص التمسك بالقدس كعاصمة أبدية لفلسطين، لتجسد المدينة قيم العيش المشترك بين الأديان، وقيم تعاليم الدين الإسلامي السمحة والتي تلتزم بالاعتدال والتسامح كمبادئ وثوابت”.

وشدد البيان على أن “التمسك بالمبادرة العربية للسلام كإطار مرجعي لأي تسوية نهائية للقضية الفلسطينية، هو الطريق الوحيد لمواجهة غياب الإرادة الدولية في ضمان الحل العادل لحقوق الشعب الفلسطيني، والتمسك بالموقف الثابت الذي سبق أن اتخذه الاتحاد في المؤتمر الطارئ في الرباط باعتبار الولايات المتحدة الأميركية دولة منحازة، ولم تعد وسيطاً نزيهاً في عملية السلام، ما دامت تنتهج سياسة أحادية في قراراتها، وغير محايدة تصب في الانحياز لصالح المحتل الإسرائيلي، وآخرها القرار غير الشرعي والأرعن المتعلق بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، والذي سيجعل عملية السلام في الشرق الأوسط في مهب الريح، ويفتح المنطقة على مستقبل مظلم يتهدده العنف والتطرف الفكري والعقائدي والنزعات الدموية العمياء”.

وأضاف البيان أن “الإجراءات الإسرائيلية الأحادية المتمثلة بالتوسع بمشروعها الاستيطاني عبر مصادرة الأراضي الفلسطينية ومحاولات فرض مبدأ يهودية الدولة، هو مخطط يرمي لفرض سياسة الأمر الواقع، ما يتطلب جهداً عربياً في وضع حد لهذا الانتهاك الخطير، والتأكيد على أن الحق الإسلامي والمسيحي في القدس وسواها هو حق أبديّ وتاريخيٌ وخالد، ولن نقبل المساس به”.

وأكد البيان “دعم جهود المصالحة الفلسطينية، لتشكيل لجنة برلمانية عربية تبحث مع الأطراف الفلسطينية سبل المصالحة، وإنهاء الخلافات في ما بينهم، ودعم الاتحاد المقترح الذي ستتقدم به شعبة مجلس النواب الكويتي في الاتحاد البرلماني الدولي الذي سينعقد في الدوحة مطلع الشهر المقبل، والذي سيتضمن المطالبة بتحصيل دعم دولي يكفل حماية الشعب الفلسطيني من مسلسل الاعتداءات الإسرائيلية، ويصون للأجيال القادمة مستقبلهم أمام آلة الاحتلال الغاشم”.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]