مسح حديث للمحامي قيس يوسف ناصر عن عدد الأعضاء والفنيّين العرب في لجان التنظيم والبناء القطرية واللوائية في اسرائيل.
تدل المعطيات على انعدام شبه تام لوجود العرب، كأعضاء لجان وكمستشارين فنيّين مؤثرين، في اللجان القطرية واللوائية للتنظيم والبناء وهي اللجان التي تصمّم سياسات التخطيط العليا في اسرائيل التي تسيطر على تخطيط بلداتنا العربية في شتى مجالات الحياة.
بقلم: المحامي قيس يوسف ناصر*
يسيطر المجلس القطري للتنظيم والبناء ولجان التخطيط القطرية الموازية له على التخطيط الهيكلي القطري واللوائي في اسرائيل وهو التخطيط الذي يبنى عليه ووفقا له تخطيط البلدات في اسرائيل لا سيما تخطيط البلدات العربية التي تعاني من أزمة سكن وعمرانٍ خانقة. كما ان للّجان اللوائية للتنظيم والبناء، وعلى رأس كل لواء من الألوية الست في اسرائيل لجنة كهذه، دورا كبيرا في تحريك وتصميم المخططات الهيكلية الشاملة للبلدات والقرى، وهي تعمل ايضا في تصميم سياسات التخطيط اللوائية والقطرية التي تحدد تخطيط البلدات وتطويرها. ومن هذا المنطلق، من المهم في نظري ان نتحرى عن عدد الأعضاء العرب الموجودين في المؤسسات القطرية واللوائية للتنظيم والبناء وعن عدد الفنيين العرب الموجودين في الطواقم والأقسام الفنية لهذه المؤسسات كالمخططين والهندسيين والمستشارين والمخمنين وغيرهم من الفنيّين المؤثرين.
وللأسف، ان مسحا حديثا أجريته لتركيبة لجان التنظيم والبناء القطرية واللوائية وطواقمها الفنية يدلّ على غياب شبه تام للأعضاء والفنيين العرب من هذه المؤسسات ومن الوظائف الرئيسية والمؤثرة في هذه المؤسسات. فيما يلي ملخص المعطيات:
1) في مديرية التخطيط العليا وهي الطاقم الفني الأعلى في اسرائيل المسؤول عن التخطيط القطري واللوائي في البلاد لا يوجد اي عربي كرئيس او عضو هيئة ادارة او مخطط او رئيس اي قسم من أقسام المديرية. ولا يشغل اي عربي منصب مستشار فنيّ مؤثر في المديرية كمخطط او نائب مخطط او مستشار قضائي (فيما يلي: "مستشار فني").
2) في المجلس القطري للتنظيم والبناء وهو الهيئة التي تصمم وتنشر سياسات التخطيط والمخططات القطرية واللوائية، لا يوجد سوى عضوين عربييّن من اصل 36 عضوا. ولا يوجد اي مستشار فني عربي مؤثر للمجلس.
3) في اللجان الفرعية التابعة للمجلس القطري للتنظيم والبناء:
- اللجنة الفرعية للقضايا الاساسية والتي تتمع بصلاحيات واسعة لتحريك المخططات الهيكلية القطرية واللوائية لا يوجد سوى عضو عربي واحد من اصل 15 عضوا. ولا يوجد اي مستشار فني عربي مؤثر للّجنة.
- في اللجنة الفرعية لتحريك المخططات الهيكلية وهي التي تقوم بتحريك المخططات عند تقصير اللجنة اللوائية في تحريكها، لا يوجد سوى عضو عربي واحد من اصل 9 اعضاء. ولا يوجد اي مستشار فني عربي مؤثر للّجنة.
- في اللجنة الفرعية للتسهيلات في مجال المواصلات وهي المخوّلة باعطاء التسهيلات الخاصة بمخططات المواصلات القطرية لا يوجد اي عضو عربي من اصل 3 اعضاء. ولا يوجد اي مستشار فني عربي مؤثر للّجنة.
- في اللجنة الفرعية للبناء والاحكام وهي المسؤولة عن تصميم ونشر أنظمة واحكام البناء، لا يوجد اي عضو عربي من اصل 6 اعضاء. ولا يوجد اي مستشار فني عربي مؤثر للّجنة.
- في لجان الاستئناف الفرعية وهي التي تنظر في استئنافات على قرارات اللجان اللوائية للتنظيم والبناء وقراراتها مؤثرة جدا على تخطيط البلدات لا يوجد اي عضو عربي. يرأس كل لجنة استئناف (ولها تركيبات مختلفة) محامٍ ولم يشغل عربيّ يوما منصب رئيس اللجنة. ولا يوجد اي مستشار فني عربي مؤثر في اي لجنة.
4) في اللجنة القطرية للمناطق المفضلة للسكن (فتمال) لا يوجد اي عضو عربي من اصل 18 عضوا. ولا يوجد اي مستشار فني عربي مؤثر للّجنة.
5) في اللجنة القطرية للحفاظ على المناطق الساحلية لا يوجد سوى عضو عربي من اصل 14 عضوا، وهذا العضو هو ممثل وزير الداخلية في اللجنة. ولا يوجد اي مستشار فني عربي مؤثر للّجنة.
6) في اللجنة القطرية للحفاظ على الأراضي الزراعية والمفتوحة وهي اللجنة التي تطلب موافقتها على المخططات الهيكلية وطلبات رخص البناء في الأراضي الزراعية والمفتوحة، لا يوجد اي عضو عربي من اصل 12 عضوا. ولا يوجد اي مستشار فني عربي مؤثر للّجنة.
7) في اللجنة القطرية للبنى التحتية القومية وهي اللجنة المختصة في تحريك مخططات ومشاريع البنى التحتية القطرية كالشوارع وغيرها، لا يوجد اي عضو عربي من اصل 18 عضوا. ولا يوجد اي مستشار فني عربي مؤثر للّجنة.
8) في اللجان اللوائية للتنظيم والبناء الست في البلاد (لجنة لواء الشمال، لواء حيفا، لواء المركز، لواء القدس ولواء الجنوب) لا يوجد اي مستشار فني عربي مؤثر للّجنة.
اذن، تدل المعطيات على انعدام شبه تام لوجود العرب، كأعضاء لجان او كفنيين مؤثرين، في اللجان القطرية واللوائية للتنظيم والبناء وهي اللجان التي تصمّم وتنفذ سياسات التخطيط العليا في اسرائيل التي تؤثر وتسيطر على تخطيط بلداتنا العربية. ومع اني لا أجزم ان وجود تمثيل لائق ومناسب للمجتمع العربي في لجان التخطيط والبناء القطرية واللوائية يفضي وحده الى تغيير جذريّ وملموس في سياسات التخطيط الممارسة بحق البلدات العربية، إلا اني مع ذلك أرى المعطيات المذكورة مؤشرا لا يستهان به على مدى تأثير المجتمع العربي في البلاد، والأصح انعدام التأُثير، على القرارات والسياسات التخطيطية المؤثرة على البلدات العربية. تدلّ المعطيات على ان المجتمع العربي مبعدٌ عن دوائر اتخاذ القرارات التخطيطية وان تخطيط البلدات العربية يقاد ويحرك من قبل لجان وطواقم لا تشتمل على تمثيل نوعيّ ومؤثر للمجتمع العربي. ان هذه المعطيات تعبّر ايضا عن رغبة الحكم المركزي ممثلا بالحكومة والوزارات ان يحافظ على سيطرته على تطور وتوسع البلدات العربية وان يحوّل المجتمع العربي الى كيان محايدٍ وغير مبادرٍ ينفّذ فقط ما يملى عليه من سياسات التخطيط والبناء العليا. من هذا المنطلق لا استهجن ايضا الشعور الذي تضمره شريحة واسعة من المواطنين العرب التي تنظر الى مؤسسات التخطيط القطرية واللوائية لا كمؤسسات للتخطيط والتطوير العمراني بل كمؤسسات تستعمل التخطيط كغطاء وقناعٍ لسياسات السيطرة والقمع والحصار التي تمارس بحق العرب في البلاد. إنها حالة غير قانونية وغير ديموقراطية لأن من حقنا كمواطنين عرب ان نكون اسيادا على مصائر أراضينا وبلداتنا وهذا يحتّم ان نكون شركاء ومؤثرين حقيقيين على سياسات التخطيط العليا في البلاد. ان تعيين ممثلين وفنيين عرب أكفاء وشرفاء في المؤسسات القطرية واللوائية هو حق أساسيّ ومطلب ضروريّ. ويحتّم تحقيق هذا المطلب تغيير المنظومة المتبعة حتى اليوم لتعيين الاعضاء والفنيين في لجان التخطيط القطرية واللوائية، وهذا يحتاج الى عمل سياسيّ وشعبي وحقوقيّ جاد من قبل المجتمع العربي كنوّاب وسلطات محلية ومؤسسات مدنية.
* مرشح للقب الدكتوراة في القانون من جامعة تل ابيب. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]