رغم الاختلاف على التوقيت والتقسيم والتكتيك إلا أن خبراء ومحللين سياسيين أجمعوا بانه ستكون هناك عملية ضم قريبا ولو بشكل جزئي، في الوقت الذي اكدت عدة أحزاب سياسية اسرائيلية على ضرورة ضم المستوطنات في الضفة الفلسطينية المحتلة بما فيها الأغوار كعمق استراتيجي إلى نفوذ إسرائيل.

إرضاء اليمين وتجميد حل الدولتين

د. علي أبو زيد مختص في العلاقات الدولية قال بدوره ل "بكرا": مرحلة جديدة من الصراع ستبدأ بين الفلسطينيين واسرائيل على المستوى الشعبي الجماهيري مما يؤدي إلى مظاهرات واعتصامات وعلى الاغلب مناوشات بين الشعب الفلسطيني في الضفة والقدس وبين قوات الاحتلال الإسرائيلي مما يؤدي إلى مزيد من الاغلاق ولربما الحصار بما يشابه حصار غزة على اجزاء من الضفة مثل نابلس والخليل ورام الله واجزاء من القدس الشرقية وذلك لكسر ارادة شعبنا.

اعتقد انه سيتم حل السلطة وانهاء مملكة عباس ورجاله وحل اجهزة الامن الفلسطينية بشكل رسمي والتعامل معها على مستوى مناطق منفردة وذلك من اجل فرق تسد. وسيتم تقسيم الضفة الى خمس مناطق منطقة الخليل نابلس وضواحيها رام الله طولكرم وجنين بالإضافة الى القدس. الانقسام الفلسطيني لن ينتهي وستبقى حماس في غزة تتلاعب بعقول الفلسطينيين. عملية ضم الاراضي الفلسطينية في الضفة والقدس لن تنهي الانقسام الفلسطيني بالعكس ستستمر حماس في خداع وتضليل الشعب الفلسطيني والتعامل مع قطر امريكا، ستكون هنالك موجات من إطلاق القذائف باتجاه اسرائيل للتنفس فقط، ولأيهام الشعب الفلسطيني بأن الحل هو حماس. بخصوص موقفنا عرب الداخل ستكون على المظاهرات والاحتجاجات فقط. واما عربيا لن تكون اي إجراءات ذات اهمية او تأثير على اسرائيل او على قضيتنا وسيقتصر الأمر على سحب السفراء الاردني والمصري للمشاورات. ولربما تجميد للعلاقات لفترة قصيرة. اسرائيلياً سيتم ارضاء اليمين المتطرف والمستوطنين لضم أجزاء من الضفة والقدس العربية وتجميد حل الدولتين.

انتفاضة عارمة

بينما خالفه المحلل والخبير السياسي عبد اللطيف حصري الرأي حيث رأى بانه ستكون انتفاضة عارمة وقال بدوره ل "بكرا": يبدو شبح خسارة ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية ضاغطا على دوائر صنع القرار الصهيوني، أكثر من ردود الفعل العربية والفلسطينية بشكل خاص، لكن لا يمكن التقليل من أهمية الحراك المناهض للضم وبالتالي المناهض للاحتلال، فصفقة القرن انطلقت على ارض الواقع مع انطلاق ما سمي بالربيع العربي، فتفتيت المنطقة واسقاط الدول الممانعة للهيمنة الصهيونية والامريكية، كان يراد لها ان تكون المقدمة الحاسمة لتصفية القضية الفلسطينية. والحقيقة أن مسارات تطبيق صفقة القرن تخضع لتغييرات حسب مسارات مواجهتها والقوى الفاعلة في هذه المواجهة. فليس بكرم أخلاق يتحدث نتنياهو عن ضم الكتل الاستيطانية والقضم التدريجي، وانما نتيجة قراءة لخريطة الرد العربي محليا واقليميا، ومدى تكيف القوى العربية العميلة والمساندة لصفقة القرن مع خطوات تطبيقها. فحجم التخبط الإسرائيلي بين ضم شامل لأكثر من نصف المناطق المصنفة "ج" ويشمل الأغوار، الى ضم محسوب لمنطقة غوش عتسيون أو معاليه أدوميم أولا، هذا التخبط يشير الى جهة وحيدة قادرة على أفشال الضم وأسقاط صفقة القرن، وهي الشعب العربي الفلسطيني.

وأضاف: لا شك ان تهافت الأنظمة الخليجية للتطبيع مع الكيان الصهيوني، بات عاملا مساندا وقوة دفع خلفية لمشروع الضم وتصفية القضية الفلسطينية، وقد تستمد إسرائيل مزيدا من الدعم بسبب غياب الموقف المصري وانكفاءه تحت ضغط امريكي خليجي، لكن الأخطر هو تقاسم الأدوار وتعويل إسرائيل على محاولة دولة الامارات العربية المتحدة شراء الموقف الرسمي الفلسطيني في رام الله، ومحاولة قطر شراء موقف حماس في غزة، بهدف افراغ الرد الفلسطيني من مضمونه رسميا وشعبيا. وإن بدا رد الفعل الفلسطيني فاترا، في تصوري لا يمكن له أن يبقى كذلك اذا ما ذهبت إسرائيل الى الضم الفعلي بداية الشهر القادم، فلا السلطة في رام الله تملك ترف الصدام مع جماهيرها ولا حماس قادرة على كبح حركة الغزيين، والواقع أن إسرائيل تخشى الصدام المباشر مع الشعب بنسائه ورجاله وشيوخه وأطفاله، اكثر مما تخشى الصدام مع أجهزة السلطة أو أجهزة حماس، لذا تسعى بكل ما أوتيت من خبث سياسي لإدخال المواجهة الى مسارات تفاوضية لتغييب البعد الشعبي وقطع الطريق على انتفاضة عارمة، لن تتوقف في حدود مناطق الضم وقد تمتد على كل مساحات التواجد الفلسطيني في الداخل وفي الضفة وغزة وفي الشتات، الى أن تطيح بصفقة القرن ومشاريع الضم.

عملية الضم ستكون تدريجية وزاحفة

القيادي محمد دراوشة قال بدوره ل "بكرا": اسرائيل، وبنيامين نتنياهو خاصةً عازم على ضم مناطق فلسطينية محتلة الى اسرائيل والاستيلاء عليها ضارباً بعرض الحائط القوانين الدولية التي تمنع ذلك، متكلاً على دعم حكومة ترامب الامريكية.

عملية الضم ستكون تدريجية وزاحفة، ولكن نتنياهو يريد ان يحصل على كل الرصيد السياسي الذي قد ينتج عنها لمصلحته في اسرائيل، محاولاً ان تبقى هذه الخطة إرثه التاريخي، بدل تذكره على انه رئيس حكومة فاسد ومرتشي وخائن للأمانة. لذلك فمن المتوقع ان يقوم بترسيم خطة ضم كبيرة يتم تنفيذها على مراحل، حيث تكون الخطوات الاربعة الاولى، اولاً في معاليه أدوميم، ومنطقة شمالي البحر الميت (جنوبي اريحا)، وبعدها مستوطنات غوش عتسيون جنوبي بيت لحم، ومن ثم مدينة اريئيل والشوارع المؤدية لها. كل هذا يندرج في إطار النَهَم الاسرائيلي التوسعي الذي لا يعرف حدود، بل يتنامى في ظل الظروف المساعدة اقليمياً. فنحن نرى العالم العربي محطماً كلياً، وغير قادر على اتخاذ موقف موحد يمكن ان يكون له اعتبار وتقدير. انعدام الوحدة الفلسطينية واستمرار الانقسام الفلسطيني يساهم كثيراً في عدم اكتراث العالم العربي، وحتى الجمهور الفلسطيني في المناطق المحتلة وفي الداخل ايضاً.

وأشار بانه من سيقرر حجم الردع لإسرائيل هو تحرك الشارع الفلسطيني، فاذا كان الرد فاترًا فسيتم تسريع وتيرة تنفيذ مراحل الاستيلاء والضم، وفرض السيادة الاسرائيلية على مناطق اضافية، ولن تجدي الاعتراضات الفلسطينية، او العربية، او الاوروبية، ولا دول العالم الاخرى. اما اذا كان الرد حازماً وموجعاً لإسرائيل، محملاً اياها ثمنًا باهظا ومؤلماً للخطوات الاولى لهذا المشروع، فمن المتوقع ان تتباطأ اسرائيل في التنفيذ، وربما تتراجع عنه مرحلياً، وربما تضطر الى الدخول في مفاوضات مع الفلسطينيين على اسس مقبولة فلسطينياً، وليس عَلى اساس خطة ترامب.

موعد الضم الذي تم الإعلان عنه لن يتم في موعده

وقال الإعلامي محمد السيد ل "بكرا": إذا ما أخذنا بالحسبان أن عملية الضم ستبدأ بعد أيام وفق التصريحات الصادرة من إسرائيل، فما يجري هو ليس فقط صمت إنما هو أشبه بالتسليم للأمر الواقع، وأن ما جرى حتى اليوم لا يختلف البتة عن المواقف التاريخية للعرب ضد الاحتلال والتوسع وبناء جدار الفصل وغير ذلك من الممارسات القمعية ضد الشعب الفلسطيني. لكن ما أراه هو ان الضم لن يتم على الأرض في الموعد الذي كثر الحديث عنه وهو مطلع تموز القادم لعدة تفسيرات أهمها ان اسرائيل تحاول التقدم في التطبيع مع العالم العربي واقناعه لاحقاً بضرورة ضم الكتل الاستيطانية الكبيرة كأمر واقع مسلم به لقاء "إعادة" أجزاء مشابهة في الكم السكاني من القرى العربية داخل الخط الأخضر لحكم السلطة الفلسطينية ، لتظهر كعملية تبادل لأن اسرائيل كدولة يهودية لا يمكنها البقاء مع اكثر من عشرين بالمائة من سكان فلسطينيين في مدن متاخمة لحدود الضفة الغربية وكافة سكانها من الفلسطينيين وهذا ما أقنعت به الإدارة الأمريكية ويسهل إقناع الأوروبيين والعرب بذلك. وبهذا تؤجل عملية ضم الأراضي في الأغوار والبحر الميت لمرحلة قادمة، وربما تفسر ذلك بأنه إبداء حسن نوايا تجاه العرب والفلسطينيين. وبهذا تربح اسرائيل الكتل الاستيطانية الضخمة وتفرغ من داخلها كم كبير من المواطنين العرب وتظهر كمن استجابت لمواقف دول اوروبية وعربية. اعتقد ان اسرائيل تبذل جهوداً الآن في عملية تبادل لأسرى فلسطينيين مع اسرائيليين في غزة، وتكثف البناء في المستوطنات خاصة الأغوار لفرض الأمر الواقع في المستقبل. لذلك أكاد أجزم ان موعد الضم الذي تم الإعلان عنه لن يتم في موعده ولا حتى في الأشهر القليلة القادمة.

أخطر مؤامرة والقيادة الفلسطينية في رام الله لم تستفق في الوقت المناسب

الخبير في الشؤون السياسية د. وائل كريم قال بدوره: مما لا شك فيه اننا على اعتاب أخطر مؤامرة تحاك ضد الشعب الفلسطيني، هي بمثابة النكبة الثالثة بعد نكبتين سابقتين كارثيتين افرزتا واقعا مريرا من التهجير وتقسيم الشعب الواحد الى مجموعات متفرقه تخضع لتحديات يوميه مختلفة تمنعها من الالتفات الى حجم المؤامرة التي تحاك ضدها. النكبة الاولى قسمتنا الى المجموعة القابعة تحت الاحتلال والثانية المهجرة في بلدان مجاوره ليس لاحد من الطرفين حق التواصل مع الاخر. اما النكبة الثانية فقسمت من تبقى الى داخل الخط الاخضر وخارجه، وفِي مرحلة متقدمة استطاعت اسرائيل بناء قوة حماس في غزه من اجل انتاج تقسيم اخر داخل مجموعة من هم خارج الخط الاخضر وذلك تمهيدا لتسهيل اقتناص الفريسة عندما تنضج.

وتابع: اما قرار ما يسمى سرقة القرن الذي تقدم من خلاله اسرائيل على ضم كل المناطق الاستراتيجية الفلسطينية المتبقية وابقاء التجمعات السكانية المتبقية لتصبح اشبه بمخيمات لاجئين على غرار من هجروا من الفلسطينيين على مر تاريخ الاحتلال. لتكون هذه هي الضربة القاضية التي تجهز على الحلم الفلسطيني وتبقينا مقسمين الى مجموعات سكانية ليس لها اي امل في تحقيق ذاتها والحصول على الحق الاساسي في العيش في دوله ذات سيادة كامله وحرية ومساواه كامله بين أفرادها. هذه المؤامرة التي اشترك في نسجها قوى وأطراف عده من الخارج والداخل، من العرب وغير العرب ستكون المسمار الاخير في نعش القضية. من هنا يستهجن هذا الصمت المظلم لكل القوى الوطنية والاحزاب التي رأيناها تتسابق في التصريحات والخطابات الرنانة التي سئمها هذا الشعب.

ونوه: حتى ان قوى يهودية تقوم بمسيرات احتجاجيه كل يوم في اسرائيل دون ان تشاركها القوى التي تدعي الوطنية من شعبنا الفلسطيني في الداخل، الذين تنازلوا بشكل كامل عن التفكير الجمعي واستطاعت الصهيونية ان تشغلهم في امور كثيره وعلى رأسها العنف والفقر اللذان ولدا تغليب العقل الفردي على الجمعي. اما حماس التي التزمت غزه كمقر لها أصبح ما يعنيها هي بضع دولارات تتلقاها قياداتها من الاموال الخليجية وهذا الفتات يكفيها للتخلي عما هو اكبر من ذلك لانشغالها في تثبيت حكمها واتمام سيطرتها على الشارع الغزاوي.

وختاما: القيادة الفلسطينية في رام الله لم تستفق في الوقت المناسب كي تجعل من هذه الخطة الرافعة الأساسية التي تحرك الشارعين الفلسطيني والاسرائيلي ضد الضم، حتى باتت القوى اليسارية الإسرائيلية تتوسل التحرك الفلسطيني الجدي لإنقاذهم من تداعيات قرار الضم على كينونتهم واحتمالات بقائهم.

الحكومة الإسرائيلية تفعل ما تريد في ظل تفكك وضعف عربي عام

الكاتب السياسي علي حيدر رأى بدوره ان مشروع تعميق الاحتلال ليس مشروعا جديدا، وتابع: ما يسمى بخطة "الضم" أو "فرض السيادة" الإسرائيلية على جزء من مناطق الضفة الغربية هو تكريس للواقع وشرعتنه من وجهة نظر إسرائيلية. وإن كانت خطوة الضم الحالية تستند على ما يسمى بصفقة القرن" خطة ترامب" فقد نُظر لها وكُتب عنها من قبل وهذا هو بالحقيقة مشروع نتنياهو السياسي والمدعوم من غالبية المستوطنين.

ونوه: المؤسف أن الحكومة الإسرائيلية تفعل ما تريد في ظل تفكك وضعف عربي عام وانهيار بعض الدول، ورغبة بالتطبيع من قبل دول أخرى، وفي ظل انقسام فلسطيني، وضعف المؤسسات الدولية وانشغال الرأي العام العالمي بقضايا أخرى. الحكومة الإسرائيلية تريد استثمار كل لحظة متبقية من فترة حكم الرئيس الأمريكي اليميني المتطرف ترامب من أجل تمرير مخطط الضم وفرض واقع جديد كما فعلت بضم القدس والجولان سابقا. على ضوء هذا الوضع، وإن كنت أعتقد ذلك من قبل، ينبغي على الفلسطينيين فحص وتبني سيناريوهات أخرى غير حل الدولتين، مثل حل الدولة الواحدة ثنائية القومية، ويجب إحياء وإعادة بناء م. ت. ف. واقتصار دور السلطة على الأمور الحياتية اليومية. في الوقت الراهن لا يمكن للفلسطيني إلا الاعتماد على الذات.

الضوء الاخضر الأمريكي في عملية الضم جاء بموافقة واضحة على مرحلتين

الكاتب والمحلل الفلسطيني الأمريكي حسين الديك قال: تتزاحم الملفات الساخنة في الشرق الاوسط في هذه الفترة ويبرز الكثير من اللاعبين الجدد الفاعلين وخاصة اللاعب الروسي والتركي والايراني ، ولكن فيما يتعلق بملف الصراع الفلسطيني الاسرائيلي يبقى اللاعب الامريكي يحتكر هذا الملف ويتصرف بكل وضوح في دعم وتأييد الموقف الاسرائيلي في كافة الخطوات التي تفرضها الحكومة الإسرائيلية على ارض الواقع ومن هنا فان خطة رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو تلقى اذانا صاغية في واشنطن ودعما قويا خاصة من البيت الابيض ممثلا بالرئيس ترامب وطاقمه ومن محلس الشيوخ ذو الاغلبية الجمهورية وتحلى ذلك في عريضة وقعها اعضاء جمهوريين من محلس الشيوخ في تأييد عملية الضم ، يأتي ذلك بعد سلسلة من مواقف واشنطن الداعمة والمؤيدة لإسرائيل بكل وضوخ خلال السنوات الثلاث الماضية ، ولكن الضوء الاخضر الأمريكي في عملية الضم جاء بموافقة واضحة على مرحلتين وهذا ما نشر امس في الصحافة الامريكية ، مرحلة اولى ضم 10% وهي تجمعات استيطانية ثلاثة كبرى تجمع مستوطنات غوش عتصيون ، تجمع مستوطنات ارئيل ، وتجمع مستوطنات معاليه ادوميم ، ومرحلة ثانية بعد ستة اشهر بضم 20 % الباقي بنا فيها غور الاردن. ان تأجيل ضم غور الاردن في المرحلة الاولى هو ارضاء للأردن وحفاظا عل المصالح المشتركة، الموقف العربي متردد ورمادي من الضم نستثني من ذلك موقف الاردن الرافض للضم.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]